وزارة الصناعة فتحت باب الاستيراد للأجانب !!

صباح الخير
قرار كالصاعقة هبط على صغار المستوردين والتجار بسبب التعديلات التى أجرتها وزارة الصناعة ووافق عليها مجلس الوزراء برفع رءوس الأموال للشركات التى ترغب فى الحصول على بطاقات استيرادية كما استحدث حالة غريبة بالسماح للأجانب بالاستيراد شأنهم شأن المصريين.
ورغم أن غالبية الدول لا تسمح للأجانب بالاستيراد المباشر إلا أن وزارة الصناعة قررت منحهم أفضلية كى يزاحموا المصريين وصغار المستوردين فى سوق الاستيراد مما ساهم فى زياد حدة الغضب داخل الاتحاد العام للمستوردين.
• التعديلات
قرر وزير الصناعة رفع الحد الأدنى للقيد فى سجلات المستوردين بالنسبة إلى شركات الأشخاص الطبيعيين من 10 آلاف جنيه فى القانون الحالى إلى ما لا يقل عن 500 ألف جنيه، أما بالنسبة إلى الشركات ذات المسئولية المحدودة فرفع رأس مالها من 15 ألف جنيه إلى ما لا يقل عن 2 مليون جنيه فى التعديل الجديد و5 ملايين جنيه على الأقل بالنسبة للشركات المساهمة مع منح جميع المستوردين فترة سماح لمدة ستة أشهر لتوفيق أوضاعهم وفقا للتعديلات الجديدة.
كما اتخذ وزير الصناعة قرارا برفع قيمة التأمين النقدى الذى يشترط إيداعه عند القيد فى السجل من ثلاثة آلاف جنيه إلى 50 ألف جنيه للأشخاص الطبيعيين و200 ألف جنيه للأشخاص الاعتباريين.. وسمحت وزارة الصناعة للأجانب بالحصول على بطاقة استيرادية شأنهم شأن المصريين بعد أن كان محظورا عليهم الدخول فى هذا المجال وقصره على المواطنين فقط مما جعل الكثير من التجار خاصة الصغار منهم يقولون بأن هناك من سيزاحمهم فى أعمالهم.
واشترطت وزارة الصناعة اجتياز المستورد لدورة تدريبية لضمان الإلمام بقواعد وأصول عمليات الاستيراد، وذلك لمن يعمل فى المجال.
ووضعت وزارة الصناعة تعديلا يسمح بإيقاف المستورد عن طريق الوزير المختص بشئون التجارة الخارجية لمدة عام إذا ما خالف اشتراطات صحة وسلامة المستهلك وحقوق الملكية الفكرية.
• الاحتكار ينتصر
يبلغ عدد المقيدين فى سجل المستوردين حوالى 850 ألف مستورد ولا يمكن لغالبيتهم أن يوفق أوضاعه وفقا لقرارات وزير الصناعة ويرفع رأس مال شركاته وفقا للأرقام التى جرى الإعلان عنها مما يعنى إقصاء أعداد كبيرة من صغار المستوردين والتجار الذين تقوم أعمالهم على الاستيراد.. وكان الكثير من أصحاب السلاسل التجارية الكبرى يضغطون من أجل فتح باب الاستيراد بالنسبة لهم خاصة أن أغلبهم من العرب والأجانب ونظرا لأن القانون السابق كان لا يسمح لغير المصريين بالحصول على بطاقة استيرادية فقد شهدت التعديلات الجديدة منح أصحاب الجنسيات الأخرى هذا الحق.. وتأتى هذه الخطوة لتزيد من القوى الاحتكارية داخل الأسواق التى استقبلت القرار بترحاب كبير خاصة أنها ستستعد لالتهام الأسماك الصغيرة التى كانت تحاول البحث فقط عن قوت يومها.. وفى المقابل فإن صغار التجار والمستوردين لن يكون بمقدورهم تنفيذ اشتراطات وزارة الصناعة الخاصة برفع رأس مال شركتهم مما يعنى الخروج المفاجئ من الأسواق.
• المستوردون غاضبون
اعتبر أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بغرفة تجارة القاهرة أن قرار وزير الصناعة يعمق الممارسات الاحتكارية داخل السوق ويسمح للكبار فقط بالعمل عكس توجيهات رئيس الجمهورية بضرورة الاهتمام بالصناعات الصغيرة والمتوسطة لاسيما أن الكثير منها يحتاج إلى مواد خام من الخارج مما يعنى حرمانهم من الاستيراد وفقا للقواعد الجديدة وسيتجهون إلى الكبار من أجل الحصول على حاجتهم.
وأضاف شيحة أن قرارات وزير الصناعة غير دستورية لأنها تفرق بشكل واضح بين الغنى والفقير من خلال قرار رفع رأس مال الشركات التى ترغب فى القيد داخل سجل المستوردين مما يسهم فى ترك الكثير من الفقراء لأعمالهم التجارية المتواضعة.
وأوضح شيحة أن القرارات لا تحمى الصناعة الوطنية كما يروج البعض ولكنها تعمق من الاحتكار وتضغط على صغار التجار والمستوردين وفى الوقت نفسه هناك 1000 مستورد فقط ممن لديهم القدرات المالية الكبرى للسيطرة على السوق مما يعنى أن 95% على الأقل من إجمالى المستوردين هم صغار ويتبقى فقط 5% هم من يستطيعون ضخ أموال هائلة والاستيراد من الخارج بشكل مكثف، وشدد شيحة على أن دخول الأجانب سوق الاستيراد يمثل خطرا كبيرا على الاقتصاد القومى من جانب وعلى صغار التجار من جانب آخر وعلى وزارة الصناعة سرعة إلغاء التعديلات على قانون القيد فى سجل المستوردين.
وأكد المهندس أسامة سعد جعفر مستورد وعضو مجلس إدارة اتحاد الغرف التجارية أن قرار وزير الصناعة سيسهم فى خروج عدد كبير من المستوردين من السوق وهذه أول التداعيات ومن المتوقع أن يتحرك الصغار فى اتجاه موحد من أجل جمع تأسيس شركة واحدة تضم عشرة مستوردين أو عشرين حتى يمكنهم تدبير اشتراطات رفع رأس المال للقيد فى السجل.
وأضاف جعفر أن مصر تستورد حوالى 88% من احتياجاتها لذا كان يجب أن يجرى اتخاذ القرار ومنح فترة زمنية أطول للعاملين فى المجال الاستيرادى والتجارى وألا يجرى استخدام سياسة القرارات المفاجئة التى من شأنها أن تهز السوق.
وأشار جعفر إلى أن السوق بدأت تشهد اختفاء الكثير من البضائع بسبب عدم استطلاع رأى المستوردين والتجار ومعرفة وجهة نظرهم قبل إصدار أى قرار يمسهم لأن ذلك يتسبب فى كثير من اللغط، وشدد جعفر على أنه بعد هذه القرارات سيبقى فى الأسواق فقط العلامات التجارية بينما المواطن الذى ينزل ويشترى قميصاً بسعر مخفض لا تتجاوز قيمته 40 جنيهًا فإن هذه المنتجات ستختفى وبالتالى لن يستطيع أن يتواكب مع الارتفاع الكبير فى الأسعار الذى سيصاحب هذه الخطوة.
وأشار جعفر إلى أن هناك بعض المحال الصغيرة فى الموسكى أغلقت أبوابها وأيضا فى منطقة الفجالة مما يؤكد أن السوق تغلى بسبب القرارات التى بدأت منذ فترة وتستهدف صغار التجار والمستوردين.
• المواطن هو الضحية
واعتبر أشرف هلال- مستورد - ورئيس شعبة الأدوات المنزلية أن تنظيم العملية الاستيرادية يجب أن يجرى معرفة رأى المستوردين فيه ولا يجرى اتخاذ القرارات بشكل مفاجئ يسهم فى زيادة الأزمات داخل السوق..وأضاف هلال أنه كرئيس لشعبة الأدوات المنزلية لم يجر إرسال استشارته فى هذا القرار رغم أنه يمسه ويمس الكثير من المستوردين العاملين فى السوق، والغريب أن التعديلات الآن فى طريقها إلى مجلس النواب من أجل الحصول على موافقة عليها.. وأوضح هلال أن القرار سيسهم فى رفع أسعار السلع داخل الأسواق مما يتسبب فى ضرر مباشر للمواطنين من وراء ذلك.. وأكد هلال أنه على وزارة الصناعة أن تراجع ما اتخذته من قرارات تمس الاستيراد سواء بالنسبة لسجل المستوردين أو القيود التى فرضتها على العملية الاستيرادية لأن من يتحمل فاتورة ارتفاع الأسعار هو الشعب.. ومن جهته أكد محسن التاجورى نائب رئيس الشعبة العامة للمستوردين، أن هناك حالة من الضيق أصابت صغار المستوردين من قرارات وزارة الصناعة بشأن رفع رأس مال الشركات بمختلف أنواعها للقيد فى سجل المستوردين.. وشدد التاجورى على أن الشعبة تدرس التداعيات على السوق وعلى التجار والمستوردين بشكل ملحوظ من أجل تحديد المخاطر التى ستصيبهم وتضر بالمواطنين بسبب ارتفاع الأسعار المتوقع.
• دراسة متأنية
اعتبر الدكتور هشام إبراهيم أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة أن السوق سيحتاج إلى بعض الوقت من أجل معرفة انعكاسات قرارات وزارة الصناعة بشأن التعديلات على سجل المستوردين ورفع رأس مال الشركات.
وأضاف إبراهيم أن من المبكر معرفة تأثير ذلك على الاحتكار داخل السوق، وإن كان له تواجد ملحوظ منذ فترة ويجب محاربته وإتاحة الفرصة لحرية المنافسة الكاملة كى تسهم فى تحقيق الاستفادة للمواطنين.. وأشار إبراهيم إلى أن وزارة الصناعة لديها أدواتها كى تتصدى لأى ممارسات احتكارية يمكن أن تحدث داخل السوق وتسهم فى الضغط على الأسعار وأصحاب الدخل المادى الضعيف.•