الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

فن المقادير والخلطات بعيدا عن اللت والعجن السياسى

فن المقادير والخلطات  بعيدا عن اللت والعجن السياسى
فن المقادير والخلطات بعيدا عن اللت والعجن السياسى


بمئات الوصفات لألذ الأطباق العربية والعالمية تنتشر قنوات الطهى فى ظاهرة تستدعى التساؤل عن مدى قدرة هذه القنوات على النجاح والانتشار بين البيوت المصرية والعربية التى تترك اليوم «اللت والعجن السياسى» وتذهب بكامل إرادتها لمشاهدة «قنوات الطبخ» فى «لت وعجن» لأنواع الخبز والكعك والحلويات لتتقاطع البهارات والمكسرات فى الأطباق والموائد مع بهارات وتحابيش مذيعى «التوك شو» ومقدمى موائد السياسة الرحمانية.
بل الأعجب أن قنوات الأفلام والدراما باتت تنافسها قنوات الطهى بشكل حقيقى وبات «الشيف الفلانى» نجما يضاهى بخفة ظله وطريقة عرضه فى الطبخ أبطال ونجوم الدراما، بل تتعمد بعض قنوات «الطهى» اليوم إلى اختيار شيف رجل جذاب بتقاطيع مسمسمة وكاريزما ونفس الشىء يحدث عند اختيار سيدات لتقديم برامج الطهى يلجأن إلى السيدة الأنيقة صاحبة الوجه الجميل البعيدة كل البعد عن السمنة قريبة من الجسم المتناسق الجذاب أسوة فى ذلك بمقدمات برامج الطهى فى أوروبا وأمريكا.
«إيمريل لاغايس» من أشهر مقدمى برامج الطهى فى العالم وليس فى أمريكا فحسب ويتميز «إيمريل» بخفة ظله الشديدة وسرعته فى الطهى على الهواء مباشرة فى تقديم حى وسط جمهور يعشق أطباقه وطريقته.
كذلك «باولا دين» صاحبة الوجه الجميل والتاريخ الطويل فى تقديم وصفات الطهى، بالإضافة إلى جميلات المطابخ العالمية واللاتى حققن أعلى نسبة مشاهدة بداية من «جيادا دى لورينتس» الطاهية الإيطالية الجميلة وهى من أجمل نجمات برامج الطهى، وكذلك الطاهية الأمريكية «راشيل راى» والتى تتمتع بشعبية كبيرة لطريقتها المميزة والجذابة فى تقديم الوصفات الأمريكية لتنتقل هذه الوجوه إلى عالمنا العربى فى البداية إلى أن وصلت الأفكار لتقديم «قنوات كاملة مصرية» تحمل الشروط العالمية بنكهة مصرية تجذب الملايين حولها فى صراع حقيقى بين إشباع البطون الحسى وإشباع العقول والفضول المعنوى، ولا عجب أن تجد الكثير من المطاعم الشهيرة باتت تعرض فى شاشاتها برامج للطهى بدلاً من عرض مباريات كرة القدم أو برامج «التوك شو» ليجد من يدخل إلى هذه المطاعم نفسه محاصرا بما لذ وطاب أمام عينيه، وفى قاعة المطعم لتزداد الطلبات على الطعام مع شهية مفتوحة شجعتها قنوات الطهى ومناظر الأكل والحلويات، والحقيقة عندما سألت عن أسباب انجذاب المشاهد المصرى اليوم «لقنوات الطهى» والتى بالمناسبة لم تغلق أى منها حتى الآن، بل العديد من القنوات الأخرى فى الطريق إلى تلفازنا كانت الأسباب الواضحة الصريحة أن المشاهد المصرى والعربى أصابه الملل الشديد من برامج السياسة والاقتصاد التى يرى فيها المشاهد الكثير من الصراخ والاشتباك، بل الكثير من المزايدات على البلد والوطن وأيضا الكثير من التخوين والاتهامات، أما مقدمو هذه البرامج فليس لديهم أسهل من تغير المواقف واللعب على كل الموائد فى سرعة عجيبة أنفها واستنكفها المشاهد الذى يظنونه غبيا وهو صانع ثورتين أذهلتا الدنيا بأسرها ويحدثنى المخرج بإحدى القنوات الخاصة بالطهى «هيثم أبوالدهب» عن أسباب انجذاب الناس اليوم لقنوات الطهى، خاصة أنه ترك منذ شهور قناة «cbc سفرة» لينتقل إلى قناة بانوراما الطهى والتى افتتحت مؤخرا ويقول والله هذه هى طبيعة الشعب المصرى من كثرة مشاكله اليومية دائما يتابع القنوات الخفيفة التى تقدم له إعلامًا خفيفًا ومسليًا وفى بداية الألفية كانت المنوعات والأغانى هى المسيطرة على الإعلام فى ذلك الوقت، أما فى 2006 فبدأت قنوات الرياضة تنتشر الأمر الذى أدى إلى وجود ست أو سبع قنوات للرياضة فى ذات الوقت.
ويكمل:
حتى قامت الثورة وبالطبع لم يكن هناك صوت يعلو فوق صوت السياسة والقنوات العامة التى تقدم التغطية الإخبارية ولكن لأن المواطن المصرى ومشاكله اليومية كل ذلك جعله يمل من السياسة بعد الثورة بسنتين وبدأ المشاهد يهرب للبرامج الخفيفة وعندما كنت فى «cbc سفرة» كانت نسبة المشاهدة فيها أكبر من القنوات المصرية الأخرى وحتى أكبر من باقى قنوات  «cbc» الأمر الذى أوضح ذلك هو اتجاه الإعلانات لهذه القنوات، قنوات الطهى فى الوقت الذى حجمت هذه الشركات المعلنة إعلاناتها على باقى برامج التوك شو والسياسة، وأنا اليوم فى قناة «بانوراما فوود» وهناك عدة قنوات أخرى للطهى فى الطريق، وبات الأكل هو السلعة الرائجة وازدهرت معها الكثير من المواد والتوابل والأدوات التى باتت دخيلة على المطبخ المصرى مثل الصويا صوص ودبس الرمان والخل البلسميك وستجدى فى هايبر ماركت مثلا هناك طفرة فى إكسسوارات المطبخ وأدواته مثل الحلل والسكاكين والملاعق وأشكال الأطباق ومواد الطبخ بل الآلات الكهربائية المستخدمة فى الطهى أيضا وكل هذا لم يكن موجودًا من قبل فى المطبخ المصرى على وجه الخصوص، وبات ليس من الغريب علينا بعد ذلك أن نجد الكثير من البيوت أو أن تبحث عن ربات البيوت عن طريق عمل «الكبة والسمبوسك والمكدوس والكبسة والكبة اللبنانية والمناقيش» لأن العالم العربى والعالم كله أصبح قرية واحدة بفعل انتشار كل الثقافات والعادات والتقاليد العربية بين البلدان العربية، فى اعتقادى أن قنوات الطهى ستستمر على الأقل خمس أو ست سنوات قادمة حتى تطلع موضة جديدة وإن كنت متوقعًا أن تكون هناك قنوات للموضة والمكياج وكل ما يهم ست البيت والحقيقة أنا أرى أن المرأة المصرية هى المستهدف الأصيل أمام المعلنين هذه الفترة والسبب من وجهة نظرى أن المرأة عانت الكثير وتعبت جدا خلال السنوات الماضية، بل كانت مظلومة فى البيت والمجتمع وكانت كل القنوات تستهدف فى مادتها الإعلامية والإعلانية اهتمامات الرجل والطفل وبحسبة بسيطة وجدوا أن المرأة لها تأثير كبير فى قرار الشراء داخل البيت المصرى لذلك بدأوا فى مخاطبتها مباشرة بقنوات تهمها ثم بدو فى بث موادهم الإعلانية داخل هذه القنوات فبات من الطبيعى أن نجد إعلانات السمنة والزيت ومسحوق الغسيل ومرقة الدجاج داخل قنوات الطهى التى هى تبث للمرأة فى الأساس!!
وسألت المخرج «هيثم أبوالدهب»: هل للدولة دور فى فتح المزيد من قنوات الطهى أو التوجيه إلى فتح مثل هذه القنوات حتى يتم إلهاء الناس عن الحديث فى السياسة مثلا؟!
ويرد أبوالدهب طبعا ده شىء مقصود من قبل الدولة وإلهاء الشعب بالترويج للمواد السهلة الخفيفة، والطبخ هى مادة جديدة على المشاهد المصرى الذى كان يتفرج على فقرة «الطهى» فى التليفزيون المصرى بلا اهتمام وبعد الثورة تحديدا المرأة هى المقصود رقم واحد فى الإلهاء، وبعد تزايد موجات العنف والقلق والتوتر فى الشارع بفعل الأحداث السياسية أصبحت كل أسرة تخاف على أولادها من السياسة أو الدخول فيها، لذلك قنوات الطبخ تنتشر ليبتعد الناس عن السياسة ومشكلاتها وأكيد وجد المشاهد المصرى أن هذه البرامج ممتعة ومفيدة لكل أفراد الأسرة.
وعن تكاليف إنشاء قنوات الطهى وهل هى بالفعل بتكسب، يحدثنى محمد فهمى رئيس قناة «بانوراما فوود» عن هذه التكاليف وقواعد الكسب والخسارة فى هذه القنوات: وظهور قنوات الطهى كانت تجربة موجودة فى العالم كله منذ أكثر من ثلاثين سنة، فى مصر قمنا بتحضير هذه البرامج وتمصيرها لتتناسب مع المشاهد المصرى، لذلك ذهب المشاهد المصرى إلى «cbc» سفرة وتابعها لأنه وجد اللهجة المصرية والمصطلحات المصرية وحتى التوابل والمواد المتوافرة فى كل مطبخ مصرى وعند إجراء استفتاء لما يحبه المشاهد المصرى من الأطعمة وجدنا أن الأكلات العربية المختلفة مثل الأكلات من المطبخ السورى واللبنانى والخليجى كانت الأكثر طلبا لأن باتت هذه الأكلات لها مطاعم كثيرة ومشهورة فى مصر، خاصة بعد نزوح الآلاف من العراقيين والسوريين والليبيين إلى مصر إبان التغيرات فى العالم العربى وبات المشاهد المصرى يسأل كيف يصنع الأكلات العربية بأرخص الأثمان وهذا من ضمن ما نقدمه فى قناة «بانوراما فوود».
وعن التكاليف التى يتكلفها أى صاحب قناة للطهى يقول فهمى: بالطبع أى مستثمر عاوز يدفع جنيه يرجع له جنيه ونصف والحقيقة قنوات الطهى بتكسب فعلا لأن كل الدعايات الخاصة بالسمن والأرز والزيت والسكر كلها يحب المعلن أن يتم الإعلان عن هذه المنتجات داخل قنوات متخصصة للطهى أكثر من تفضيله الإعلان عنها فى قنوات مفتوحة أو عامة وداخل «قنوات بانوراما فوود» بنحاول نقدم الطهى كمنظومة حياة كاملة بأفكار جديدة وحاولنا نقرب من الناس عن طريق برامج خفيفة وغير تقليدية مثل برنامج بيعلم الست إزاى تطبخ لأولادها لأن ممكن الأولاد لا يأكلوا أكل أمهم حتى لو كانت طباخة شاطرة، واليوم أى قناة طهى بيهمها الكاريزما والتخصص لمقدم البرنامج.
وسألت محمد فهمى عن معايير النجاح لأى قناة طهى، فقال: بالطبع يأتينا تقييم الناس خلال شهر ولأننا قنوات السيدات أكثر من يشاهدنا، لذلك قنوات الطهى لا تستغرق الكثير من الوقت لمعرفة تقييم الناس لها وبعد إعجاب المشاهد يأتى المعلن الذى يطرق أبوابنا بحثا عن مكان له بين برامجنا وعن تكلفة قنوات الطبخ يقول: بالطبع الديكورات والمطابخ مكلفة للغاية ولكن ما ندفعه لمقدمى برامج الطهى لا يأتى مثل ملايين مذيعى برامج «التوك شو» إلا أن «الشيف حسن» و«الشيف شربينى» النهاردة بيطلبوا ملايين!!•