سر غضب «أم كلثوم» من لوحات «بهجورى»

كتب: أحمد رزق
لا يُذكر الفنان الكبير جورج البهجورى إلا وتُذكر معه لوحاته عن سيدة الغناء العربى أم كلثوم، فهى كما يتحدث الفنان عنها باعتبارها ملهمته الفنية، الذى اقتنص إبداعاتها الغنائية فى العديد من لوحاته، حتى إن البعض قال عنه إنه لم يترك لغيره من التشكيليين مساحة لرسمها، فلا يخلو معرض له من العديد من لوحاته عنها.
يقترن اسم البهجورى دائمًا باسم «روزاليوسف» الذى يعد أحد فرسان الفن والكاريكاتير بها، وأبدع على صفحاتها وصفحات مجلة «صباح الخير» وأغلفتها أروع اللوحات لأم كلثوم, التى يتمايل معها المشاهد ويردد معها:
أد إيه من عمرى قبلك راح
راح وعدى يا حبيبى
ولا شاف العمر قبلك فرحة واحدة
ولا شاف فى الدنيا غير طعم الجراح..
لبهجورى حكايات ممتدة مع أم كلثوم الذى هام بغنائها وبموسيقى أغنياتها للدرجة التى جعلته يقضى أيامًا كثيرة متواصلة مقيمًا مع فرقتها الموسيقية ليحظى بمشاهد إنسانية، واستخلاص روح أغانيها، وهو ما يظهر بوضوح فى رسومه لها، ويذكر الفنان موقفًا طريفًا معها حين غضبت من لوحة رسمها لها وهى تغنى فى إحدى حفلاتها ويظهر فى اللوحة أحد المستمعين نائمًا.
يقول بهجورى: «أنا أرسم ما أحس به وليس ما أشاهده»، وهو ما يفسر تصوره للمشهد الفنى بإظهار الانطباع العام، فأم كلثوم دائمًا فى حركة تبرز فى مركز رئيسى للمشهد بتفاصيل مختلفة، وهو الذى تأثر كثيرًا بالمدرسة التكعيبية ورائدها «بيكاسو» الذى وصفه بهجورى بأنه «أستاذ ومعلم»، وتتضح معالم التكعيبية فى رسومه لأم كلثوم، حيث يجعل وجهها فى صدر اللوحة بتضخيم تفاصيله - الأنف والفم - واستطالة الجسد برشاقة لافتة.

رغم إقامة بهجورى فى باريس لمدة زادت على أربعين عامًا فإن لوحاته تعبر عن شعبية طاغية، تملأ مساحات لوحاته، التى لخصها فى رسومه عن أم كلثوم التى تستطيع أن تستمع لها وهى تغنى «الحب كله»، و«دارت الأيام» و«الأطلال» وكلها تحمل مشاعر وذكريات يستعيدها جمهورها.
جورج البهجورى ابن قرية «بهجورة» بمحافظة المنيا والذى اكتسب اسمه منها.. جاء للقاهرة ودرس الفن بكلية الفنون الجميلة وتخرج منها ليبدأ حياته العملية والفنية بمؤسسة «روزاليوسف»، ليختاره أحمد بهاءالدين للعمل فى مجلة «صباح الخير»، ليجمل صفحاتها برسومه المتفردة، وتظهر على غلافها العديد من رسومه والكثير منها لـ «أم كلثوم»، والتى كانت من أهم أسباب تعرف متذوقى الفن له ويسافر بعدها لباريس.. ليصبح واحدًا من ألمع الفنانين.