سيد درويش والرسم بالموسيقى
د.عزة بدر
ونحن نحتفل بمئوية سيد درويش (1892 - 1923) نحتفل أيضًا برموز الفكر والأدب والفن الذين نذروا أعمالهم لإبراز الطابع المصرى، وتصوير الشخصية المصرية.
وسيد درويش الفنان الذى استلهم ألحانه من الناس فملأت حياتهم حبًا وبهجة، كان يؤلف الأغانى فهو الذى كتب وقام بتلحين نشيد «بلادى.. بلادى، لك حبى وفؤادى».
وازدهرت رحلته الفنية عندما التقى ببديع خيرى الذى كتب له العديد من الأغنيات منها: «طلعت يا محلا نورها»، و«اجرى لرزقك خليها على الله»، و«يا ورد على فل وياسمين»، كما كتب له أيضًا العديد من الروايات المسرحية.
وقد كان سيد درويش من أهم الشخصيات المبدعة التى ارتبطت بثورة 1919 فكانت موهبته ظاهرة من تجلياتها الفنية، ففى الشعر تألق بيرم التونسى، ومحمود طاهر لاشين ومحمد ومحمود تيمور فى القصة القصيرة، ومحمود مختار فى فن النحت.
وكانت المهمة التى نذروا أنفسهم لها هى إبراز الطابع المصرى والشعور الوطنى فى أعمالهم.
وتضافر فن محمد تيمور مع فن سيد درويش، فى مسرحية «العشرة الطيبة» التی مارست النقد الاجتماعى والسياسى من خلال أقنعة رمزية فرضتها الظروف فى ذلك الوقت.
ومضى سيد درويش مؤيدًا لثورة 1919 وظهر هذا واضحًا فى مسرحية «شهرزاد» التى كتبها عزيز عيد، وكتب كلمات أغنياتها بيرم التونسى ليتغنى الناس مع بطلها: «أنا المصرى كريم العنصرين/ بنيت المجد بين الأهرامين».. «حسب موسوعة أعلام الموسيقى العربية الصادرة عن مركز توثيق التراث الحضارى والطبيعى، وطبعتها دار الشروق».
ولم تكن ألحان سيد درويش معبرة عن عواطف الشعب وطوائفه فحسب، لكنه استطاع أن ينقل الموسيقى العربية نقلة مهمة من التطريب إلى النزعة التعبيرية كما يقول يحيى حقى فى كتابه: «تعال معى إلى الكونسير» - الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ويرى: «أن الكاريكاتير عند سيد درويش صرح ضخم مشتعل بذاته، يدل على قلب كبير، وروح ثرية».
وأن هذه العبقرية تحققت بلقائه مع بديع خيرى ونجيب الريحانى على المسرح وتعبيرهم عن وفود وطوائف المجتمع، ولكنى أرى أن هذا اللقاء لم يكن وحده المفجر لعبقرية سيد درويش، فهو قد مارس تأليف الأغانى نصًا وتلحينًا، كما كان يحمل فكرًا حقيقيًا خلف ألحانه، بل كان أول مدون لأغانى الشعب على النوتة وفق عقد بينه وبين المهندس إميل عريان مبتكر البيانو الشرقى لتأسيس شركة لتدوين الأغانى المتداولة، وكان تاريخ هذا العقد «أول أغسطس عام 1923».
وقد استكمل سيد درويش رحلته الفنية مع عدة فرق مسرحية منها فرقة على الكسار، وفرقة منيرة المهدية، وفرقة أولاد عكاشة، وكتب له الأغانى أمين صدقى، وإبراهيم فوزى.
وكان لسيد درويش أيضًا فرقته الخاصة، لكن هذا التعاون الخلَّاق مع مبدعى عصره كان وراء براعة ألحانه التى أخذت على عاتقها تصوير الحياة المصرية، وهو ما جعل سيد درويش فنان الشعب.