الأربعاء 6 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
التابعى ومصطفى وعلى أمين بقلم عقرب الصحافة!

التابعى ومصطفى وعلى أمين بقلم عقرب الصحافة!

عندما يكتب الأستاذ الكبير «محمد التابعى» مقدمة كتاب لواحد من تلاميذه الذين عملوا معه فى مجلة آخر ساعة، فهذا وحده سبب كاف لأن تقرأ الكتاب وتستمتع به، والكتاب هو «شخصيات بلا رتوش» للأستاذ «صلاح عبدالجيد».



بقلم رشيق وساحر وساخر تناول صلاح عبدالجيد «حوالى ستين شخصية من نجوم السياسة والصحافة والفن مع رسوم كاريكاتورية لكل شخصية بريشة الرسام «فوزى». وكتب «صلاح عبدالجيد» مقدمة طريفة ومهمة عنوانها «مقدمة بلا رتوش» قال فيها: «هذه فكرة تراودنى - منذ عامين - وقد دفعنى إلى تنفيذها إنها فكرة جديدة والجديد دائما يستهوى القارئ المصرى بصرف النظر عن طبيعة هذا الجديد.

ومن حق القارئ الفاضل أن أوكد له أننى ترددت ألف مرة فى إعداد هذا الكتاب، فقد بدأ لى أننى سأحرق كل مراكبى إذا أردت إرضاء الحقيقة، وتذكرت قول الفيلسوف الفرنسى القديم: إن قول الحق لم يدع لى صديقًا!

ولكنى اتجهت بأفكارى بعدها إلى مخلوق صغير أحبه لأنه قطعة من نفسى وخيل إليّ أنه سيطالع هذه السطور بعد أعوام طويلة ليقول بعدها لأترابه: حسبى إنه كان شجاعًا لا يعنيه ما يقوله الناس طالما كان مؤمنًا بهذا الذى يقوله!

والكتاب الذى أقدمه لك اليوم يعتمد على الكاريكاتير الذى يقوم على المبالغة والتهويل ولكنى حرصت على ألا تتسرب المبالغة إلى سطوره، وقد ذكرت الحسنات والعيوب دون أن أتصدى للحكم، فما كان لبشر أن يتصدى لأمر هو من صميم أعمال التاريخ.

وعلى من استهواهم المديح أن يشكروا الله لأننى لم ألمس عيوبهم لأسباب خارجة عن إرادتى وعلى من فشلت فى إرضائهم أن يعذرونى لأن الظروف حالت بينى وبين إدراك محاسنهم التى لم ألمسها، وقد يتولى التاريخ عنى إنصافهم بعد عمر!

وبعد فلمن أهدى هذا الكتاب؟ إن التجديد الذى اتسمت به سطور الكتاب يأبى إلا أن يتسم به الإهداء ذلك إننى أهديه إلى ثلاثة:

إسماعيل صدقى، ومحمد التابعى وللدكتور سيد أبوالنجا.

أما الأول فقد حمانى منذ عرفنى وعرفته من الانزلاق مع الحزبية التى تستهدف كل شيء إلا الصالح العام، وقد قيل لى إنه مات ولكنى لا أصدق أن مثله يمكن أن يموت، ومن تعاليمه ومن صورته التى لا تفارقنى سأستمد القوة والاستقلال فى الرأى والبعد عن الأحزاب حتى ألحق به!

أما الثانى - محمد التابعى - فقد علمنى كيف أكتب وكيف أقول ما أريد دون أن يستدعينى النائب العام ليأمر بعدها باعتقالى على ذمة التحقيق.

أما الثالث - د.سيد أبوالنجا - فقد علمنى أن النجاح توأم الصبر والنظام والثقة بالنفس!».

انتهت مقدمة صلاح عبدالجيد وفى نهايتها نشر سطرًا للشاعر «بتمان» يقول فيه: ليس هذا الذى تلمسه كتابًا، إنك إذ تلمسه تلمس إنسانًا».

••

والآن إلى الشخصيات وكما رسمها بريشته وقلمه، وفى البداية نقرأ ما كتبه عن الأستاذ «محمد التابعى» فيقول:

«عندما ابتدع خطته البارعة اعتبرها الجميع خطة شاذة.. وقد عاش ليرى الناس وهم يعتبرون كل ما عداها شاذًا.. الكثرة الغالبة من الصحفيين والكتاب تقرأ.. ولكن قلائل هم الذين يهضمون ما يقرأون والتابعى فى المقدمة.

يهاجم فلا يشعر بمرارة هجومه على حقيقته إلا من يهاجمه لأنه يعرف أين يضرب.. ومتى يضرب.. ذاق حلاوة الرفاهية فما عاد يطيق بعدها مرارة الكفاح والنضال ولو تزعم كتاب الساسة المكافحين المناضلين لكسبت مصر على يديه الكثير ولعله يفعل!

مقالاته لا يمكن أن تمر بها بسرعة لأنها نتيجة الكفاح والنضال وقراءة أطول، والتابعى أحد القلائل ممن تقرأ لهم بين سطور مقالاتهم أكثر مما تطالع فى سطور هذه المقالات.

ليس هذا فقط بل إنه أحد القلائل - ولعله الواحد الفرد - الذى يتحايل دائما على أن يصل إلى هدفه وغايته فى حدود القانون وبعيدًا عن نفوذ النائب العام.

يسرح إذا كتب سرحات كلها عمق.. كان يتحدث عن سيجارة فقال: وألقيها فى الماء سيجارة صنعت فى أمريكا وبيعت فى مصر ولقيت حتفها فى مياه البسفور.. ما أعجب الدنيا..».

من يستطيع أن يخلفه.. أطال الله بقاءه!

وفى نهاية المقال كتب «صلاح عبدالجيد» هذه السطور العجيبة: ولما كان يتولى تحرير مجلة روزاليوسف قام بتأليف وفبركة فصول عن ملوك وملكات أوروبا تحت ستار الظلام.. وانتهت الفصول بالكاتب البارع تحت ستار سجن مصر!!

••

وعن مصطفى أمين كتب يقول: المخبر الأول والصحفى الأول ولو كره حُساده.. جسم ضخم وبنيان متين كالفيل، ومن الفيل اكتسب صفاته فهو عنيد مقاوم.. يصر على أن يصل فيصل، رفعته الصحافة ولم ينس أن يرد لها الجميل فارتفع بها وجعل للصحفيين رصيدا فى دنيا المال ودنيا الأعمال.

يقول أعداؤه آه لو أنصف «وأقول أنا لن ينصف الغير من يحرص دائما على أن ينصف نفسه. صحفى مبتكر.. ابتكر معانى جديدة للحياد والاستقلال لا يفهمها سواه وأرجو مخلصا أن يكون لها معنى.. ذلك أن الاستقلال هو أن نسجل للمحسن حسناته وأن نحصي على المسىء أخطاءه، ولكن «مصطفى أمين» يفهم الاستقلال على أنه تجريح لحزب معين يردد عيوبه فى الماضى بمناسبة وبلا مناسبة، ثم يفهمه على أنه ترديد لما يتوقعه حزب آخر فى المستقبل الذى لا يعلمه إلا الله، والاستقلال السلبى أشنع أنواع «الاستغلال»!!

وصل أدبيًا وماديًا وعليه اليوم أن يهتم بغير نفسه، عليه أن يبتعد بصحفه عن بعض ما يأخذه عليه الغير، ولو فعل ذلك لكان له فى ميدان الرأى الحر، بكل معانى الكلمة نصيب، ولكان له فى تاريخ الصحافة ونهضتها صفحة بيضاء لأن منكر ونكير شطبا منها المساوئ كلها، وعفى الله عما مضى».

أما عن «على أمين» فقد كتب يقول:

مهندس كهرباء استطاع أن يكهرب الصحف التى عمل بها وأن يبعث النشاط فى صفحاتها، لكنه أفلت فرصة كان يمكن أن تفيد الصحافة وتفيده وهو أن يكتفى من النجاح بإصدار صحيفة ناجحة من الوجهة الصحفية بعيدًا عن إثارة الماضى مكتفيًا بما فيها من أسباب التجديد والابتكار.

ليس فينا من ينكر على «على أمين» إنه مبتكر ولكن ليس فينا من لا ينكر عليه حرصه فى إثارة أعصاب القارئ بعنوان الخبر المثير وجد أم لم يوجد!

الصحافة المصرية مدينة له ولتوأمه بالحركة التى رفعت أسهم الصحفيين فى بورصة الصحافة ولكن كان من الممكن أن يصحب النجاح توفيقا فى البعد عن «إثارة الماضى» بتأييد عهد لا لشىء إلا لأنه كان يمنع عهدًا!! الإخلاص والوفاء وحفظ الود أشياء غريبة على الوسط الصحفى، ولكن «على أمين» يخرج على هذه القاعدة ولست أعرف من يحب أصدقاءه ويغنى فى حبهم كعلى أمين، وهذه أكبر ميزاته.. أشد الناس استفادة مما يطالع فى الصحف الأجنبية وأكثرهم تمصيرًا لما يطالع ولو تحرر من بقية تفكير أوروبى لبلغ فى هذا أكثر مما بلغ.

أول توأم يخرج على قوانين التوائم فهو طيب القلب ميال للاقتناع أحيانًا!!».

لباقى الشخصيات بقية!