الأربعاء 30 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

من الجبــل الأصفر.. لبرلين

من مصر حيث ولدت إلى ألمانيا.. رحلة قهرت فيها الكثير من الصعوبات والمعوقات.. حتى أصبحت اسمًًا دوليًا فى مجال البيئة وهندسة المياه. 



وفى ألمانيا، حيث أكملت قصة النجاح رفضت الحصول على الجنسية الألمانية، لأن الشرط كان التنازل عن المصرية.

عن سبب الرفض قالت: لا أستطيع أن أتنازل عن جنسية مصر.. مصر دايمًا فيها حاجة حلوة، ويكفى الغربة.. لكن لن تكون الغربة وفقدان الجنسية أيضًا. 

بدأت قصة نجاح إيرينى عيد من الجبل الأصفر فى مصر، حيث شاركت فى إنشاء أضخم مشروع للصرف الصحى فى الشرق الأوسط. 

ومن هناك، انتقلت إلى برلين، حيث بدأت العمل فى الهيئة الألمانية للهندسة والمشاركة فى مشروعات فى الصين وتركيا والبوسنة، وهناك نفذت مشروعها الأكبر، حيث استطاعت تقديم خطة وتصور، ثم تنفيذ تحويل محطة كانت تستخدم لغسل الدبابات الأمريكية خلال الحرب العالمية لمحطة مياه عادية تعمل بكامل طاقتها.. وهو المشروع الذى أبهر الألمان.

إيرينى تحدثت لصباح الخير عن رحلتها.. وإنجازاتها.. وعن حياتها فى ألمانيا، حيث الحنين الدائم فى الغربة إلى مصر. 

 

 

 

عن بدايتها قالت: «نشأت فى أسرة مكونة من أربع بنات وسط عائلة محافظة وبشكل تلقائى لا يوجد مكان للغصب كل منا يختار ما يناسبه فى التعليم وفى تحديد المستقبل.. وكونى البنت الكبيرة علمنى أبى تحمل المسئولية وكان يعتمد علىَّ بشكل كبير فى أمور كثيرة فى الحياة».

تكمل: «بدأت رحلتى التعليمية بمدرسة السلام الخاصة حتى وصلت إلى كلية الهندسة قسم مدنى شعبة أشغال عامة وتخصصت فى هندسة صحية». 

عن مرحلة وقرار السفر لألمانيا قالت: «سفرى كان صدفة.. وقد سافرت رغم أننى لم أكن أفضل ترك البلد على الإطلاق». 

تسترسل: «بدأت رحلة الشغل بعد إنهاء دراستى الجامعية.. وبعد الجامعة عملت بأحد مكاتب الهندسة الاستشارية، مما أكسبنى خبرة كبيرة، ثم بدأت فى فكرة اكتساب خبرة جديدة بالتعامل مع المشاريع الأجنبية فى مصر.. وبدأت علاقتى فى أحد المشاريع مع الألمان.. وبعدها تعاملت مع شركات أمريكية وإيطالية».

تقول إيرينى: «فى وقت ما شعرت بأنى حققت إنجازاتى فى مصر وحان وقت زواجى وكان زوجى يعمل فى ألمانيا.. ومن هنا جاء الانتقال». 

فى بلاد الأجانب

فى ألمانيا.. قابلت إيرينى كثيرًا من المصاعب، أولها الجهد الكبير الذى كان عليها أن تبذله للتكيف مع الحياة الجديدة، والتحدى الأكبر كان الحفاظ على هويتها الثقافية وروح الانتماء لبلدها، إضافة إلى نقل هذه المشاعر لأبنائها.. خصوصًا أنهم يعيشون فى مناخ وبيئة شديدة الاختلاف. 

نجحت إيرينى.. وما زالت تحاول أن تضيف إلى النجاح نجاحًا.. وتظل قصة محطة الدبابات.. على رأس قوائم إنجازاتها فى بلاد الألمان.

 وتحكى هى عنها: «بعد الحرب كانت ألمانيا تستخدم مساحة كبيرة جدًا لغسل الدبابات وصلت 300 متر مكعب وسحب المياه كان بنسبة عالية من النهر.. وعند قدومى كانت المحطة مغلقة لم يتم استخدامها منذ فترة.. وكانوا يفكرون بعد أكثر من محاولة لإيجاد حل لإعادة استغلالها.. لكنهم لأكثر من سبب فنى فشلوا».

تكمل: «فى التوقيت نفسه كنت قد التحقت بوظيفة فى إحدى الشركات.. وفى أول اختبار وضعوا أمامى المحطة وطلبوا منى ابتكار حلول لإرجاعها للخدمة مع تعديلات.. على أننى لن أتقاضى أى مقابل مادى نظير هذا المشروع».

تضيف: «جهزت المشروع بعد تفكير بداية من إعادة التصميم.. والمشتريات وما احتجت تعديله من تفاصيل.. ونجحت.. وكان التحدى أن أكون مصرية.. تجد حلولاً لأمر كان يراه الألمان شديد الصعوبة.. بينما أنا قمت بحله».

 

 

 

وعن تفاصيل رفض إيرينى الجنسية الألمانية قالت: «بعد مشروع المحطة.. اتعرض عليا الجنسية الألمانية مقابل تنازلى عن الجنسية المصرية وكانت الفكرة مرفوضة بالنسبة لى لأنى أفتخر بكونى مصرية وتمسكت بكرامتى كمصرية ولم أتنازل عنها رغم الحب الذى أكنه لألمانيا».

الاختلاف كبير بين المجتمع المصرى والألمانى.. تقول إيرينى أن مصر فيها روح إبداعية.. وفيها رقى.. بينما الألمان مثل الآلة.. والعلاقات فى مصر سواء الأصدقاء أو الجيران فيها شىء خاص.. فى مصر هناك ارتباط بين الأفراد يشكل جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية على عكس الألمان.. مصر فيها جاذبية فريدة.. وروح الإبداع فيها ظاهرة.. ورغم التحولات التى تحدث فى العالم تظل مصر شيئًا آخر. 

حسب إيرينى: «الحياة شديدة الاختلاف فى ألمانيا.. لذلك أصابتنى صدمة حضارية فى البداية، مثلاً وقت النوم فى ألمانيا هو الثامنة مساء، وقد واجهت صعوبات مختلفة.. مثلًا فى استخراج رخصة القيادة.. لأنى تعودت على طريقة معينة فى القيادة.. وأشياء أخرى كثيرة».

نحن المصريون لدينا موهبة كبيرة فى التأقلم.. قالت إيرينى.. وتقول: «اكتشفت هذا بعد فترة من وصولى ألمانيا».

الشغل والأسرة

 الأسرة هى رقم واحد عند إيرينى كما قالت.. وأضافت: «أسرتى تظل أساس حياتى، فعندما انفصلت عن بلدى جغرافيًا.. أصبح ترابطى مع أسرتى أكثر تماسكًا.. نحن أسرة متشاركة فى كل شىء.. لا آخذ قراراتى بمفردى.. دائمًا أعرف ما رأيهم فى مشكلة ما.. أو فى قرار أفكر فيه».

تقول: «طبعًا التوازن بين مسئولياتى الأسرية.. وحياتى العملية أمر صعب.. لكن أسرتى كانت دائمًا تدعمنى.. سواء أبنائى أو زوجى».

 

 

 

تستطرد إيرينى: «تعلمت الكثير فى ألمانيا.. من مواقف غريبة مختلفة.. أتذكر منها مثلاً مسألة العلاج بدون أدوية التى بدأت تغزو مدن أوروبا.. وأذكر أننى فى يوم مرض أحد أبنائى.. فأخذته إلى أحد الأطباء.. وكانت طبيبة امرأة.. وبعد فحصها له طلبت منى أن يتناول الماء بكثرة.. ولا علاج آخر.. لم يكن ابنى قد بلغ الثلاثة أشهر بعد.. وكنت مصدومة لأنها قالت إنها لن تكتب له دواء.. وإنها لا تجد فائدة مما سمته العلاج التقليدى بالأدوية».

تقول: «تعلمت أيضًا أن الانتماء أغلى المشاعر وأثمنها.. فالألمان لديهم تمسك غير طبيعى باللغة.. ولديهم فخر كبير ببلادهم.. وأغلبيتهم لا يتحدثون اللغة الإنجليزية وذلك لأنها لم تدرس لهم فى الجامعات». تقول: «التنوع الثقافى فى ألمانيا جعل الاختلافات الثقافية والعرقية ليست عائقًا، بل كانت مصدر إثراء للتعاون وإحداث التوازن بين الجميع».