السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

مياه الكلور ..تقتلنا بلا رحمة

مياه الكلور ..تقتلنا بلا رحمة
مياه الكلور ..تقتلنا بلا رحمة


المحزن جدا أن (الكلور)  شيطان يغتال حياتنا وصحتنا كل يوم وكل لحظة بلا رحمة، ورغم هذه الجريمة البشعة وأن الخطر يحيط بنا جميعا وأنها قضية قومية، إلا أنه للأسف لم يتحرك أى مسئول ولا مانع من البطء واللامبالاة  حتى يمرض ويموت المزيد من المصريين، فالكلور مادة كيميائية سامة جدا ، ورغم هذه الكارثة المروعة يتم استخدامها للأسف فى تعقيم مياه الشرب فى بلادنا، فإذا ملأت الكوب بالماء ووجدت بها (كلور) فلا تشرب، لأن المرعب أن الأبحاث العلمية أثبتت  وحذرت كثيرا أن (الكلور) يتصدر المواد المسرطنة وغالبا ما يكون مميتا ولكن لا حياة لمن تنادى!!
 
قلنا إن (الكلور) مادة كيميائية شديدة السمية ، ولهذا نادرا ما نجد عالما فى الدول المتقدمة يتعامل مع الكلور بدون استخدام القفازات وبشرط أن يتم ذلك فى أماكن جيدة التهوية، أما عندنا فى بلاد الأونطة فإن عامة الناس للأسف يستخدمون الكلور بصورة يومية فى كل مكان وبشكل واسع النطاق، وبطريقة خاطئة وبدون اكتراث وبإهمال شديد جدا، وكأنهم يمسكون «سندوتش»!!
 
خاصة فى أعمال التنظيف والاستحمام وغسل الملابس وأطباق الطعام وغيرها.
 
الكارثة أن للكلور تاريخاً أسود  فى الحضارة الإنسانية، لأنه أول مادة استخدمت فى تصنيع الأسلحة الكيميائية  كواحد من أسلحة الدمار الشامل، ومن أشهر كوارثه المأساوية عندما استخدمه (الجنود الألمان) عام 1915  ضد القوات الفرنسية ومات منهم الآلاف، كما تشير أصابع الاتهام إلى (كيمياء الكلور) وما تسببه منتجاته من حوادث إنسانية مفجعة مثل (مبيد  د.د. ت) و(الدايوكسين)  وحادثة (بوبال الهندية) ليست عنا ببعيد والتى مات فيها نحو (3 آلاف شخص على الفور)،  وحوادث مأساوية أخرى كثيرة.
 
 قاتل مع سبق الإصرار
 
السؤال المهم الآن : ألا تستحق حياة الإنسان المصرى أن نحميها ونحافظ عليها، خاصة أن (مصر) هى البلد الوحيد الذى يستخدم (الكلور) فى تعقيم مياه الشرب مع ما قد يسبب ذلك من خطر كبير على صحة وحياة المصرى ؟!!
 
 حيث أكدت الأبحاث العالمية أن إضافة (الكلور) إلى مياه  الشرب والغسيل وحمامات السباحة  قد تسبب الإصابة بالسرطان،  فقد حذرت دراسة إسبانية مهمة من خطورة شرب الماء المحتوى على الكلور أو الاستحمام أو السباحة فيه مما يرفع من معدلات الإصابة (بسرطان المثانة)، وهو ما أكدته الدكتورة (كريستينا فييلا نيوفيا)  من مؤسسة  ميونسيبال للأبحاث الطبية فى برشلونة من  أن  إضافة الكلور إلى مياه الشرب يؤدى إلى حدوث تفاعلات وظهور مركبات كيميائية سامة مثل مركب (تى. إتش. إم.  T.H.Mوالذى يدخل الجسم عبر الاستنشاق أو الامتصاص من خلال الجلد مما يؤدى إلى الإصابة بالسرطان وخاصة (سرطان المثانة).
 
كما حذر الباحثون الكنديون من جامعة لافال فى كيوبيك  بكندا، من أن وجود (الكلور) فى مياه الشرب يؤدى إلى ظهور مركبات كيميائية ضارة مثل إتش إيه إيه..(H.A.A) والتى يعتقد الباحثون أنها تسبب سرطان الكبد والمثانة والكلى، والمشكلة الخطيرة فى تعقيم مياه الشرب بالكلور أنه مادة شديدة السمية للإنسان، حيث يتفاعل مع المواد العضوية والطبيعية فى المياه مثل المواد الحيوانية وبقايا الأشجار المتحللة، ويكون مركبات ضارة مثل (تى إتش إم - إتش إيه إيه)، وهى مواد تصنفها وكالة حماية البيئة الأمريكية بأنها مسببة للسرطان ومن الضرورى حماية الإنسان منها.
 
∎ تصلب الشرايين.. والفشل الكلوى
 كما يحذر الباحثون فى مجلس الجودة البيئية بأمريكا من أن استنشاق  أو شرب مياه الكلور يسبب (أكسدة) الكوليسترول  فى الدم، وبالتالى يترسب الكوليسترول  المتأكسد على جدار الشرايين التاجية للقلب ومن ثم الإصابة بتصلب الشرايين، كما يكشف العلماء الأمريكان عن ارتفاع الإصابة بمرض السرطان بنسبة 44٪ لمن يشربون أو يستحمون أو يستخدمون مياه الكلور، ولهذا لم يكن غريبا أن تشير الإحصائيات الطبية العالمية إلى الازدياد المستمر فى الإصابة بالسرطان وتصلب الشرايين بشكل وبائى منذ إضافة (الكلور) للماء فى أوائل القرن العشرين.
 
الخطير فعلا هو تفاعل الكلور مع المواد العضوية الموجودة فى الماء مثل المواد الحيوانية وبقايا الأشجار المتحللة ،حيث ينتج عنه أملاح عضوية ذات ذرات نشيطة تؤدى إلى تدمير خلايا الكلية، مما يؤدى إلى الفشل الكلوى، كما ينتج عن هذا التفاعل مواد (كلوروهيدروجين)  تزيد من نسبة الشوادر  الحرة المسرطنة فى جسم الإنسان  مما يؤدى إلى الإصابة بالأورام الخبيثة وسرطانات  الكبد والكلية والمثانة، كما أن زيادة الكلور فى مياه الشرب تؤدى إلى زيادة إفراز الأحماض فى بول  الإنسان وهو ما يؤدى إلى ترسيب الأملاح فى الكلية، وبالتالى الإصابة بالحصوات البولية خاصة حصوات حمض البوليك وما لها من مضاعفات مؤلمة، كما تؤدى (الشوارد الحرة) إلى تصلب الشرايين وإلى تحطيم فيتامين (E) الضرورى لمواجهة تلك الشوادر وحماية الجسم من أخطارها.
 
 ∎ طوق النجاة
التحذير كل التحذير من  شرب الماء مباشرة من الصنبور (الحنفية)، ويستحسن تركها لمدة ساعة على الأقل قبل تناولها حتى يتطاير الكلور القاتل، كما ينبه العلماء الكنديون إلى أن حفظ الماء لمدة 84 ساعة فى الثلاجة أى (تبريده) يقلل بنسبة 03٪ من مادة (تى إتش إم)، فى حين أن (غلى) الماء أولا ثم (تبريده) لمدة يومين يقلل بنسبة78٪ من وجود هذه المادة الضارة، ولأن هذه الطريقة مرهقة وغير عملية للكثيرين فى المنازل لتنقية المياه، فإن استخدام (فلاتر) مياه مزودة بطبقة من الكربون النشط تؤدى إلى تقليل مادة (تى إتش إم) الضارة بنسبة تتجاوز 92٪، ويقلل أيضا مادة (إتش إيه إيه) بنسبة 66٪، فى حين أن غلى الماء ثم تبريده لا تأثير إيجابى لهذه الطريقة على الإطلاق فى تقليل نسبة مادة (إتش إيه إيه) الضارة جدا.
 
العجيب أن معظم دول العالم ومنذ أكثر من 20 سنة تخلت عن الكلور القاتل فى تعقيم مياه الشرب وتستخدم أنظمة حديثة صحية، ولكن للأسف فإن (مصر)  هى البلد الوحيد الذى مازال يستخدم (الكلور) للقضاء على البكتيريا وتطهير مياه الشرب من الملوثات، ولكن المحزن جدا أن الأبحاث العالمية أثبتت أن  للكلور أخطاره المدمرة والمميتة على صحة وحياة الإنسان وإصابته بالسرطان والفشل الكلوى والكبدى وتصلب الشرايين وغير  ذلك من الأمراض المميتة، وأمام هذا الخطر القاتل بدأت دول العالم ومنذ سنوات طويلة فى استخدام وسائل جديدة لتعقيم مياه الشرب بعيدا عن الكلور، ومن أكثر وأشهر  وأحدث النظم العالمية لتعقيم مياه الشرب على مستوى العالم استخدام (الأشعة فوق البنفسجية) وهى الأكثر أمانا والأقل تكلفة، وهى عبارة عن مجموعة من اللمبات تشبه إلى حد كبير (لمبات النيون) التى يتم توجيهها بحسابات معينة إلى تيار المياه المار أمامها للقضاء على البكتيريا، وقد أثبتت كفاءة أعلى فى التخلص من البكتيريا والفيروسات والكائنات الحية الدقيقة  التى تلوث المياه، ليس  هذا فقط بل إن نظام التعقيم بالأشعة فوق البنفسجية يتميز بسهولة النقل والتداول ورخص تكلفة استهلاك الكهرباء، كما أن تركيب محطات التعقيم بالأشعة فوق البنفسجية أسرع وأسهل فى الصيانة.. فهل يستطيع أحد أن ينكر أن الماء الصحى مطلب حيوى لسلامة الإنسان المصرى ومحافظته على صحته وحياته بدلا من الكلور القاتل ؟!!
 
 
 وبعد..
 هل تذكرون قصيدة (قارئة الفنجان) للشاعر العظيم (نزار قبانى) عندما قال فى خاتمتها (وستعرف بعد رحيل العمر أنك كنت تطارد خيط دخان).. هذا هو حالى للأسف الشديد لأكثر من 03 سنة فى الصحافة!!، حيث  كنت فى البداية أنبه ثم أرجو ثم أناشد ثم أحذر ثم أطالب ثم أنصح ثم أصرخ، ثم اكتشف النهاية المؤلمة أننى كنت أخاطب أشباحا من دخان! فيا عزيزى القارئ لا تحزن لأنك فى عالمنا العربى تولد فى دخان وتعيش فى دخان وتموت فى دخان!!
 فلا حياة لمن تنادى!! لأن الأموات لا يستجيبون!! والكارثة أننا سنظل نشرب المياه بالكلور القاتل!! ولا حول ولا قوة إلا بالله.