الخميس 7 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
التابعى ورحلة المجد مع روزاليوسف!

التابعى ورحلة المجد مع روزاليوسف!

لا يمكن الكتابة عن السيدة العظيمة «روزاليوسف» بغير الكتابة والحديث عن الأستاذ «محمد التابعي» شريك رحلة النجاح طوال تسع سنوات من العمل فى روزاليوسف مؤسسًا وكاتبًا ورئيسًا للتحرير حتى عام 1934.



لقد عشت سنوات من عمرى ألتهم بنهم وشغف مجلدات روزاليوسف، وأتابع مقالات الأستاذ التابعى على صفحاتها، وما أكثر المرات التى كتبت فيها عنه سواء فى صباح الخير أو روزاليوسف.

 

وهذا الأسبوع عدت أعيش مع الأستاذ «التابعي» من جديد وبنفس الشغف والاهتمام عبر صفحات كتاب المبدع والكاتب الرائع الأستاذ «شهدى عطية»، وكتابه الممتع والمهم «المجدد صاحب الجلالة محمد التابعي» (ريشة للنشر والتوزيع- 301 صفحة)

وشهدى عطية صديق اكتشفته من خلال الفيس بوك ورحت أتتبع مقالاته فى عدد من الصحف والمواقع، كما قرأت كتابه الرائع «حدث فى شارع الصحافة.. أوراق ومعارك».

 

 

 

يعترف شهدى بأن كتابه ليس سيرة ذاتية للأستاذ الكبير محمد التابعى، فقد يكون هناك من هو أجدر بهذه المهمة، ولكن هذا الكتاب لمحات مضيئة من حياته الثرية ومحطات مهمة فى مسيرته الصحفية الكبيرة والغزيرة ومحاولة لرد الجميل لهذا الصحفى الذى استطاع بقلمه أن يصنع ثورة فى الكتابة بالصحافة فى القرن العشرين، حتى أن الصحافة تقسم إلى ما قبل «محمد التابعي» وما بعد «محمد التابعي»، فحق علينا أن نسميه «المجدد».

عبر أحد عشر فصلًا يرسم شهدى عطية بقلمه البديع وأسلوبه الرشيق صورة لمسيرة التابعى، والفصول هي: سنوات التكوين، رحلة المجد مع روزاليوسف، مذكرات سعد زغلول، ميلاد آخر ساعة، المحاكمة الأخيرة للتابعى، «صاروخان» معجزة اكتشفها «التابعي» الفرسان الثلاثة يصدرون جريدة المصرى، مذكرات التابعى، فن حرامية آخر المعارك الكبرى لمحمد التابعى، بريد التابعى ومقالاته، صفحة من دفتر أحوال مصر، محمد التابعى وثورة يوليو».

وبصفتى أحد أبناء وتلامذة مدرسة روزاليوسف العظيمة التى تحتفل خلال شهور بعيدها المئوى حيث صدرت فى 26 أكتوبر سنة 1925، سأتوقف أمام ما رصده «شهدي» عن رحلة المجد مع روزاليوسف وكيفية اختيار السيدة روزاليوسف له ليشاركها إصدار المجلة منذ العدد الأول، وبدأ يخوض غمار الكتابة السياسية منذ عام 1926 لكن دون توقيع لأنه كأنه لا يزال موظفًا فى مجلس النواب والقانون يحظر ذلك!

وحققت روزاليوسف نجاحًا مذهلًا، وأصبحت حديث المدينة وكافة الأوساط الصحفية والسياسية عندما بدأ التابعى فى نشر سلسلة مقالات بعنوان «ملوك وملكات أوروبا تحت ستار الظلام»، طوال عشرة أسابيع، وعندما نشر مقال «الخديو إسماعيل والملكة فيكتوريا.. معلومات لذيذة لم يسبق نشرها»، وكان ذلك فى العدد رقم 110 (15 ديسمبر سنة 1927) رأى فيه الملك فؤاد مساسًا بوالده الخديو إسماعيل، وهو ما تسبب فى محاكمة التابعى وسجنه ثم أفرج عنه بكفالة خمسين جنيهًا دفعها صديقه اللدود الفنان «يوسف وهبي» كما أصدرت المحكمة قرارًا بوقف المجلة إلى أن تختار السيدة روزاليوسف مديرًا جديدًا مسئولاً عنها!! وعادت المجلة للصدور بعد احتجاب أربعة أسابيع برئاسة تحرير جديدة وهو «محمد عبدالعزيز الصدر».

 

 

 

وعندما كانت الحكومات تغلق روزاليوسف لفترات قصيرة أو طويلة كانت السيدة روزاليوسف بمشاركة «محمد التابعي» يصدران مجلات صورة طبق الأصل من المجلة، ومنها الرقيب، وصدى الحق، والشرق الأدنى، ومصر الحرة، والبرق، وصدى الشرق، والصرخة التى صدر منها 42 عددًا، وقمنا فى روزاليوسف بإعادة إصدارها كاملة فى سلسلة تراث روزاليوسف بدعم ومساندة المهندس عبدالصادق الشوربجى رئيس مجلس الإدارة وقتها.

وتستمر رحلة محمد التابعى فى روزاليوسف ويحصل على خبطة صحفية وهو مشروع مد امتياز قناة السويس ستين سنة أخرى أى من 1968 إلى سنة 2008، وهو ما تم إحباطه بعد النشر فى روزاليوسف وقامت الدنيا ولم تقعد!

ويهاجم التابعى الحكومة بسبب موقفها من سكان قرية الحصاينة ويتم التحقيق مع التابعى وصدر الحكم بحبسه أربعة شهور وعلى روزاليوسف بغرامة خمسين جنيهًا!

وتكتب السيدة روزاليوسف مقالاً تدافع فيه عن التابعى ويكتب الأستاذ فكرى أباظة تضامنًا مع التابعي.

ويكشف «شهدى عطية» فى كتابه عن حكاية مهمة فيقول:

أثناء سجن التابعى فكرت السيدة روزاليوسف فى إصدار مطبوعة شقيقة لروزاليوسف وبالفعل أخذت ترخيصًا من وزارة الداخلية ونشرت أول إعلان عن المجلة باسم «أنا» وكان أول إعلان يقول «أنا.. أنا وحدى أقرر متى»، وإعلان آخر «أنا وحدى أصبر حتى تظهر أنا».

 

 
 
 

 

وعاتبها التابعى الذى كان لا يزال فى السجن وعاتبها على اسم «أنا» وقال فى رسالة رقيقة لها: ما دمنا شريكين فى الجهاد فأعتقد أن يكون اسم المجلة «أنا وأنت»، ووافقت روزاليوسف ونشرت إعلانًا فى سبتمبر سنة 1933 تحت اسم «أنا والجدعان وأهل الحتة» مصحوبًا برسوم لكل من التابعى ومصطفى أمين وصاروخان.

وكان قانون الصحافة وقتها يحتم على صاحب الترخيص أن يصدر مجلته بعد شهر من تقديم طلبه لإدارة المطبوعات، وانتهزت وزارة الداخلية فرصة عدم إصدار روزاليوسف لمجلتها الجديدة فألغت الوزارة ترخيص مجلة «أنا وأنت».

ويروى «شهدى عطية» قصة انفراد التابعى بنشر بعض صفحات من مذكرات سعد زغلول فى روزاليوسف سنة 1927.

وفجأة حدث ما لم يتوقعه أحد، خلافات بين روزاليوسف والتابعى وصفتها السيدة روزاليوسف بأنها تافهة، وأن الخلاف ثم الانشقاق كان طبيعيًا وحتميًا».

خرج التابعى من روزاليوسف ليصدر آخر ساعة صيف عام 1934 لكن لم ينس أبدًا السنوات التى قضاها فيها محررًا ورئيسًا للتحرير، وفى عيد ميلاد المجلة الـ31 يكتب خصيصًا للمجلة بعنوان «الصحافة بين اليوم والأمس» ختمه بقوله:

تحية لمجلة روزاليوسف منى وأقولها مخلصًا من قلبى، إنه لو كان هناك شخص آخر امرأة أو رجلاًً فى مكان الزميلة الصديقة السيدة «روزاليوسف» لكان أكبر الظن أنه يئس وأوقف المجلة عن الظهور عند عامها الأول، لو كان أقل إرادة منها بسبب المصاعب التى لاقتها ولكن عزيمتها تغلبت على كل شيء.

يا عزيزى «شهدى عطية» استمتعت بكتابك مرتين، مرة كقارئ ومرة عن مشواره مع السيدة روزاليوسف، ولا أكون مبالغًا إذا قلت إنه يسد فراغًا كبيرًا- بعد كتاب الأستاذ الكبير «صبرى أبو المجد» فى التاريخ لرجل وقلم أعطى الصحافة المجد والتجديد والثورة الصحفية واحتفظ للصحافة بهيبتها ومكانتها الرفيعة.