السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
ميدان يوسف السباعى

ميدان يوسف السباعى

Ecology الكلمة التى وضعها العالم الألمانى أرنست هيجل Ernest Haeckel بعد دمج كلمتين يونانيتين هما Oikes ومعناها مسكن وlogos ومعناها علم، وعرّفها بأنها العلم الذى يدرس علاقة الكائنات الحية بالوسط التى تعيش فيه، وهو ما سميناه بالعربية علم البيئة، واهتمت به الدولة ضمن خريطة إنقاذ للأحياء السكنية، وتحسين المستوى المعيشى، كجزء من المبادرات المناخية لرفع مستوى معيشة الإنسان المصرى. 



مثلاً حى المقطم بجماله وبساطته ومناخه الساحر صيفًا وشتاءً، والذى كان زمان من أبرز المناطق رفاهية وسكنا لطبقة الأغنياء، ويعد أقل تلوثًا لارتفاع منسوبه عن باقى مدينة القاهرة. وجبل المقطم من الجبال التى لعبت دورًا كبيرًا خلال العصرين القبطى والإسلامى، لجأ له الزهاد والمتصوفون، اتخذوا من سفحه مقامًا ومن أوديته منامًا.

فى الستينيات من القرن العشرين وأنا أبدأ حياتى العملية بمؤسسة روزاليوسف، كان من الزملاء اللى كانوا قريبين من القلب الكاتب صالح مرسى الذى تزوج حديثًا وقرر السكن فى حى المقطم لهدوء المكان وشاعريته. وبذل جهدًا كبيرًا لإقناعى أنا وزملائى بشراء أرض لبناء مسكن، مستخدمًا وسيلة السعر الرخيص للمتر ثلاثة جنيهات، والدعوة فى كل نهاية أسبوع لسهرة صيفية فى هواء المقطم النقى بنسمته الباردة فى شهور الحر. لم يكن فى المقطم أكثر من خمسة مبان أو ستة متناثرة فى أرض الجبل الفسيح، منهم زميلنا الفنان الرسام مأمون. وبالطبع الأديب يوسف السباعى أول من سكنها وارتبطت حياته بها، وحينما فكر فى شرائها، تعرض للكثير من التحذيرات بشأن خطورة المكان.

يقول «السباعى»: «كنت فى يوم الصبح بفتح الجرنال لقيت إعلان عن قطعة أرض فى المقطم تمنها 200 جنيه، ورحت بالفلوس ودفعتهم، وأصبحت من ملاك الأراضى، مفكرتش فى بنائها، وحصل زلزال فى تلك الأثناء، وكتبت الصحف وقتها أن مركز الزلزال المقطم، وكنت عايش مع حمايا وعمى، وقالى بيع الأرض عشان دى مركز زلازل». اضطر «السباعى» وفق حديثه، إلى الاحتيال على أسرته، ليتم السماح له ببناء الأرض: «بدأت فى البناء دون معرفة حد، مراتى قالتلى أنا مش هروح أعيش هناك، المكان كان فاضى مفيهوش غير 3 أو 4 بيوت، كنت بايع فيلم ولقيت مقاول هناك، اسمه الحاج مصطفى اديتله الفلوس وبدأ يبنى، كنت مخبى على مراتى أنى ببنى، لحد مرة بالصدفة عرفت أنى ببنى، وعيشنا هناك».

ورغم عشق السباعى للأدب، فإنه اختار دراسة بعيدة عن ميوله، فالتحق بالكلية الحربية، وبعد التخرج تدرج السباعى فى العديد من الوظائف، وانتخب نقيب الصحفيين المصريين عام 1977. 

وقد تم تعيينه وزيرًا للثقافة من قِبل أنور السادات الرئيس المصرى فى ذلك الوقت، وبقى فى هذا المنصب حتى اُغتيل فى مطار لارنكا 1978 بقبرص وهو يشارك فى مؤتمر التضامن،  بسبب دعمه لمبادرة الرئيس السادات لتحقيق السلام مع إسرائيل بعد زيارته للقدس.

أتمنى أن يُطلق على ميدان النافورة بالمقطم، المكان الذى ابدع فيه أعماله الأدبية من «رد قلبى» إلى «إنى راحلة» و«بين الأطلال»، «أرض النفاق»، «نحن لانزرع الشوك».. وغيرها. اسم الرجل الذى أمتعنا بإبداعه، واستشهد من أجل سلام العالم.