رسالة فى حب مصر
من العراق الأشم.. من بغداد الرشيد..
إلى مصر العروبة.. إلى قاهرة المعز..
من دبلوماسى عربى.. عراقى المنبت.. فلسطينى القضية.. يمانى الأصل.. مصرى الهوى.. مغاربى العشق.. عربى الانتماء.
أزجى أبهى تحياتى.. تحملها نسيمات دجلة والفرات العذاب.. إلى قلب العروبة النابض ونيلها الخالد.. من زقورة «أور» سومر وأسد بابل وجنائنها المعلقة.. إلى أهرام «طيبة» وأبوهولها الشامخ.. من أرض سيدنا إبراهيم.. إلى أرض سيدتنا هاجر «عليهما السلام».. وسلام من الله ومنى على أهل الكنانة خير أجناد الأرض.
ومن موطن الأنبياء.. أرض السواد.. حيث خُطَّ أول حرف.. ودارت العجلة.. فبدأ التاريخ.. إلى عبق المجد التليد، ومنارته الشماء، أم الدنيا.. أرض القبط الحمراء.. حيث فتح الله أبوابها ليوسف.. وفلق بحرها لموسى وكلمه تكليمًا، وأناخ راحلة إدريس فيها «عليهم السلام».. أهدى لأهلى فيها.. شعب «ممفيس» العظيم.. حبًا مقرونًا بالإجلال لمقامهم الذى يتسامق فوق جبال المحروسة وسحاباتها التى تروى ضمأ من يروم الأمان ملاذًا فيها، حيث قال تعالى: «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين».
ومن مدينة الزوراء.. حاضرة المنصور.. التى قال عنها الشاعر المصرى الكبير محمود حسن إسماعيل، وصدحت بها «كوكب الشرق» أم كلثوم:
بغداد يا قلعة الأسود.... يا كعبة المجد والخلود
يا جبهة الشمس للوجود
سمعت فى فجرك الوليد.. توهج النار فى القيود
ويبرق النصر من جديد..... يعود فى ساحة الرشيد
إلى قبلة العرب.. وحصنهم المنيع.. التى قال عنها الشاعر العراقى الكبير عبدالرازق عبدالواحد فى قصيدته «هذى ذرى مصر»:
رَتِّلْ قَصيدَكَ كالآياتِ تَرتيلا واجعَلْ حروفَكَ مِن ضَوءٍ قَناديلا
وَقَبِّل ِالأرضَ كلَّ الأرض تَقبيلا فأنتَ تَستَقبِلُ الأهرامَ والنِّيلا
هذى ذ ُرى مصر كَى تَدنُو لِهَيْبَتِها أنْشِدْ لَواسْطَعْتَ قُرآنا ًوإنجيلا
أسطر حروفى التائهات أمام إهاب مصر وهى تتوشح بنور الله، فما عساى أن أقول فى حضرتها.
ومن جمجمة العرب، ومخ الإسلام، ورمح الله فى الأرض.. من عشتار.. بوابة الأمة الشرقية وحماة ثغرها القصى أعالى الخليج العربى.. أرسل مع حمامنا الزاجل رسائل الحب إلى البقعة التى طهرها الله، حيث أمر كليمه أن يخلع نعليه فى واديها المقدس «طوى»، حيث يأتى مرفرفًا مغردًا يشدو:
هنا القاهرة..
هنا الليالى الباهرة.. هنا الأفراح الغامرة..
هنا الوجوه السامرة.. هنا البيوت العامرة..
هنا الرجال الكاسرة
هنا القاهرة..
هنا الأساطير الخالدة،
هنا سر الله.. هنا الرهبان العابدة..
هنا الخيل.. هنا الأيادى الساندة..
هنا مصر القائدة،
هنا القاهرة.