الأربعاء 30 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

أنا أخو العروسة!

أنا أخو العروسة!
أنا أخو العروسة!


 تتوافد صديقات العروس على الاحتفال الخاص بليلة الحناء، ترتدى الفتيات ما شئن من أزياء قصيرة أو عارية، فالسهرة مقصورة على النساء.. وبرنامجها موسيقى ورقص وطعام ونقش الحناء.. وضحكات وهمسات وحكايات وذكريات و.. دموع الفرحة.


وعلى الجانب الآخر تتراقص أجساد إخوة العروس «العروسة» على وقع سماعات الـ«دى جى» الضخمة فى الشارع أو فى مكان يرشحه الأصدقاء والأقارب، فى احتفال خاص أيضا، وبمشاعر خاصة تختلط فيها الذكريات بأشياء أخرى كثيرة، عادة لا يبوح بها الرجال.
• فرصة لاحتلال غرفة العروسة
بعض الإخوة ينتظرون زواج الأخت بفارغ الصبر، للاحتفال بليلة الحناء، فعمر محمد الطالب بكلية الحقوق (19 عاما)، احتل وأصدقاؤه شارعا جانبيا فى منطقة السلام للاحتفال بحنة أخته الكبرى.
يقول عمر إن أكثر شىء أسعده فى زواج أخته، كان ذلك الحفل الصاخب فى ليلة الحناء، فهو يعلم أن حفل الزفاف لن يسع كل الأصدقاء، بعكس الحنة التى لا يتقيد فيها بعدد، وقد حرص عمر على استغلال تلك الميزة.
فدون هذا العدد من الأصدقاء والجيران، لن يكون الحفل صاخبا، ودون الصخب لن يكون هناك فرح حقيقى «حسب عمر»، لم تكن تلك هى الميزة الوحيدة لزواج الأخت، فهناك غرفة أخته العروس التى سارع عمر باحتلالها فى اليوم التالى للزفاف، وانفصل عن غرفة الذكور التى كان يتشارك فيها مع أخيه الأكبر.
«أنا سعيد بزواج أختى لأنها بدأت حياتها مع زوج تحبه، لكن لزواجها منافع أخرى، فلن أضطر للقاء أصدقائى فى الشارع كما اعتدنا، وكانت أمى تمنع الزيارات الطويلة خشية على أختى».
لأول مرة فى حياته أصبحت ليالى المذاكرة فى بيت عمر، حيث أصبح هناك متسع لأن يمضى معه صديق أو اثنان الليلة للمراجعة سويا، لا يقلق عمر من الفراغ الذى ستتركه أخته فى منزل الأسرة، فسريعا سترزق الأخت بالحفيد الأول للعائلة، ويحظى باهتمام الجميع وأولهم «خاله».
عندما تتركنا آخر البنات
سعادة عمر وحفله الصاخب ليس هو السمة الغالبة على الأخوة الذكور، فمحمود محمود ماهر موظف بهيئة الثروة السمكية (43 عاما) تختلط لديه مشاعر الفرح والقلق بزواج أصغر الإخوة «آخر العنقود»، هى بالنسبة له بمثابة ابنة، فدائما ما يحصل صغير العائلة على اهتمام ورعاية، أضعاف تلك التى حظى بها بقية الإخوة، ويكون يوم زفافها فرحا كبيرا.
قلق محمود له منابع متعددة أولها وأكبرها أنه لن يكون فى المنزل من يساعد الأب والأم فى بعض التفاصيل اليومية، قد تكون مساعدات الأخت الصغرى بسيطة فى المنزل، ولكنها مهمة لأنها تذكرهم بمواعيد الدواء، وتقضى كثيرا من الطلبات البسيطة للمنزل.
يقول محمود: «فرحتى بزواج أختى الصغيرة لا توصف فهى كأول أبنائى أو أغلى، لكنى أيضا قلق من أن أبى أمى سيكونان فى المنزل وحدهما لأول مرة منذ أكثر من 35 سنة»، الأيام القليلة السابقة على الزواج كنا جميعا مشغولين فى التحضير للمنزل الجديد وتحضيرات العروسة ورغباتها فى تشطيبات شقتها وأثاثها وكيف ستظهر فى يوم زفافها والمدعوين وقوائم الطعام.. إلخ.
وكل هذا الزخم تعقبه حالة من السكون فور انتهاء زفاف أختنا الصغرى، قائلا: «بدأ أبى وأمى يتحدثان عن كيف يملأ الأبناء المنزل بهجة، وصارا ينتظران زياراتنا مع الأحفاد بشوق أكبر».
زواج البنات يخفف الحِمل
زواج الأخوات البنات فرح كبير بالنسبة لكثير من الأسر التى تعيش فى مستويات مادية متواضعة، فلا يزال البعض لا يسمحون للبنات بالخروج للعمل فيتحولن إلى عبء اقتصادى على كاهل الأسرة وعائلها، خصوصا لو كان عدد البنات أكبر من الذكور.
وفى الغالب لا يُسمح لهن أن يحصلن على تعليم جامعى، ففى أفضل الحالات يكون تعليمهن متوسطًا أو أقل من المتوسط، فيقلل ذلك فرصهن فى الحصول على وظائف مناسبة تساعدهن فى المساهمة فى إعالة أسرهن.
فى منطقة السيدة زينب تحمل سعيد ذكرى 38 سنة وحاصل على دبلوم صناعى نفقات زواج أخواته البنات الأكبر منه والأصغر، فهم 8 أبناء بينهم ثلاثة ذكور وخمس بنات، وسعيد ترتيبه الرابع أى أكبر الأبناء الذكور، يقول سعيد: «أنا ابن بلد وأخلاقنا ما تسمحش أننا نسيب أخواتنا البنات تنزل تشتغل عشان مصاريف البيت، خصوصا بعد وفاة والدنا».
يذكر سعيد أن أيام زفاف إخواته البنات كانت جميعها أهم من ليلة زفافه هو نفسه، يعمل سعيد مدير وردية فى إحدى المطابع الشعبية الكبرى فى السيدة زينب، ويقول: «مع كل اتفاق لزواج واحدة من أخواتى البنات، كنت أطلب من صاحب المحل تطبيق ورديتين أو ثلاثة يوميا على الأقل لمدة 6 شهور، وأجيب لكل واحدة فيهم اللى نفسها فيه فى جهازها».
بالنسبة لأسرة سعيد زواج كل واحدة من البنات الخمس كان يخفف من الأعباء المادية للأسرة ومن أعباء زواج الأخريات.
ومناسبة لاختيار عروسة
كان حفل زفاف الأخت الصغرى مناسبة مهمة للأسرة بالكامل من عمات وخالات وأصدقاء، ولا تنصب هذه الأهمية على العروس فقط، ولكن على شقيقها الأكبر الأعزب مثل كريم ربيع، المحاسب بأحد البنوك الأجنبية العاملة فى مصر ذى الـ29 عاماً.
ففى فرح الشقيقة الصغرى لكريم كان يحاول جميع أفراد الأسرة البحث عن عروسة ليبدأ كريم طريقه لليلة الزفاف، فالعمات والخالات وبعض الأصدقاء جميعهم اشترك فى اختيار بدلة كريم التى سيحضر بها الزفاف، وبدأ البعض فى تحضير قائمة بأسماء العرائس المحتملات، والذى سيكون زفاف الأخت فرصة لمقابلتهن.
فبعض المدعوات من العرائس المحتملات يبحثن عن عريس محتمل أيضا، ما يجعل الفرح مناسبة يمكن استثمارها بشكل جيد، ولا يعارض كريم هذا الاستثمار لهذه المناسبة، فوضعه المادى والاجتماعى مناسب ليبدأ هذه الخطوة، كما يرى كريم أن الزواج فى بداية الثلاثين مناسب جدا، خاصة بعد أن اطمأنت الأسرة على زواج الشقيقة الصغرى.
أختى كانت ساترة البيت
عيناه كانتا تفضحانه رغم ما كان يحاول إخفاءه من حزن، خلف تلك الابتسامة التى كان يرسمها على وجهه طوال الفرح، حتى جلس ليحكى كل تلك المشاعر بعد أسبوع واحد من رحيل الأخت الكبرى.
كانت دينا هى الأخت الكبرى، التى حصلت على وظيفة مرموقة ومرتب معتبر، قبل أن يتوفى والدها بشهور، لتجد نفسها مسئولة مع والدتها الموظفة  عن ثلاثة إخوة مازالوا فى آخر مراحل التعليم، وتمر السنوات ويتخرج الإخوة الذكور الثلاثة، ويتزوجون واحدا تلو الآخر.
«لم أكن أتصور أن أختى التى اقتربت من الأربعين ستتزوج، وتترك أمى والبيت، كانت هى من تساعدنا فى كل شىء، مصاريف التعليم، والبحث عن فرص عمل، ثم مساعدات لا تنكر فى مصاريف زواجنا» يقولها أسامة، 36 سنة، مشرف التغذية فى أحد مصانع العاشر من رمضان الكبرى.
فرح أسامة لتقدم عريس مناسب لأخته دينا، لكنه لمس حزن والدته، التى تنازعتها رغبتان، الأولى أن تتزوج دينا وتطمئن عليها، والثانية أن تبقى معا أنيسا ورفيقا وسندا، كما كانت منذ وفاة زوجها.
يقول أسامة: «طول ما أختى كانت موجودة، ماحدش كان شايل هم أى مصاريف، حتى لما كنا نحتاج فلوس عشان أى واحد فينا يشترى حاجة فى بيته أو لعياله، وناخد من ماما، كنا عارفين إن دى فلوس دينا، وإنها مش محتاجاها، دلوقتى الوضع هيختلف، ودينا ليها بيت وزوج وممكن ربنا يرزقها بالأولاد».
يكمل أسامة: «يعنى مش بس كل واحد مش هيقدر يطلب من ماما فلوس، لكن كمان هيكون مطلوب منا المساهمة فى مصاريف البيت الكبير، لأن معاش ماما يدوب يجيب لها حق الدواء وكشف الدكاترة».•