.. نجمات على الطريق
شاهندة الباجورى
النجاح له مذاق خاص، ونجاحها على وجه الخصوص أجمل.. فقد رفعت المرأة راية التمرد والعصيان على مجتمعها الذكورى وقررت أن تعلن عن نفسها، وتقول: أنا الكاتبة الأديبة الشاعرة.. فمنذ أواخر القرن التاسع عشر، وقد رأت المرأة أنها مضطهدة ، إذ لا ينظر إليها إلا باعتبارها تابعا.. فإنها قررت أن تنتج ما يسمى بـ «الأدب النسوى» .. وعلى الرغم من الاعتراضات الكثيرة عليه، وتحفظى شخصيا عليه كونه يقسم الأدب على أساس جنسى، لكننا لا نستطيع إغفال المجال الواسع الذى أتاحه للأديبات.. وبطلاتنا هن نجمات شابات سطع نجمهن فى الوسط الأدبى، فإما شاعرات أو روائيات، أو قاصات .. قابلتهن وتحدثت معهن وروين لى تجاربهن، فهن نجمات على الطريق.
• سارة علام تفك أزرار الوحدة
سارة علام - شاعرة رقيقة، لم يتعد عمرها السادسة والعشرين، مؤلفة ديوان (تفك أزرار الوحدة)، الذى يتكون من 30 قصيدة تنتمى إلى قصيدة النثر، تم توقيعه فى معرض القاهرة الدولى للكتاب فى الدورة السابقة.
جدير بالذكر أن هذا ليس الديوان الأول لها، فقد سبقه ديوان (دون أثر لقبلة) عام 2012.
تحدثت مع سارة، فقالت لى: لا أحب أن يصنفنى الناس ككاتبة سيدة، بينما يصنفون الآخرين ككتاب رجال، أحب أن أصنف طبقًا لما أكتب فقط، السؤال: هل أكتب كتابة جيدة أم رديئة؟ أظن فيما أظن أن فكرة الكتابة النسوية انتهت منذ سنوات طويلة، ومع ذلك فإن الكاتبات النساء حققن نجاحا ملموسًا ونافسن بقوة فى مجال الأدب رغم قلة عددهن مقارنة بالرجال، فهناك منصورة عز الدين التى نافست على جائزة البوكر وكانت ضمن قائمتها القصيرة فى الرواية، وحصدت جائزة معرض الشارقة عن رواية أخرى، هناك أيضا نماذج أخرى كثيرة للنساء نجحن فى الأدب.
هناك أيضا الكاتبات صغيرات السن من جيلى مثلا حققن إنجازات، مثل: أريج جمال حصدت جائزة جوتة فى القصة، أسماء الشيخ حصدت جائزة محترف آفاق، كل هذه الأسماء استطاعت أن تحقق تقدمًا فى الأدب وإن كنت لا أميل إلى تصنيف الكاتب بالجائزة.
فى الشعر، جيلى كله من الشاعرات ينافسن ويكتبن ويحاولن أن يشاركن هنا وهناك، وستصل الرسالة يوما ما وسيطلع العالم كله على التجارب الحقيقية فى الأدب والكتابة بل الحياة.
• ( أسماء الشيخ .. مقهى سيلينا):
أسماء الشيخ - الفتاة السكندرية الجميلة كما يلقبها زملاؤها. بدايتها كانت قصصا قصيرة متفرقة، ثم حصلت على جائزة آفاق لـ «أفضل رواية».
حكت لى أسماء عن نفسها، قائلة: البداية كانت كتابة متفرقة للقصص القصيرة، بعد ذلك التحقت بورشة نجوى بركات لكتابة الرواية، وفى نهاية الورشة تم نشر الأعمال المنتهية ومنها روايتى مقهى سيلينا، التى حصلت على المركز الأول.
أما بخصوص الأدب النسوى، فرأيى أنه بالتأكيد أدب يتناول طبيعة المرأة ويحترم خصوصيتها، ويكون قادرا على حكى عوالمها، لكن ليس بالضرورة أن يندرج تحته كل ما تنتجه الكاتبات، ولابد أن ننتهى سريعا من تلك الخانة الحمقاء التى نصنف فيها الكاتبات، فهناك حكايات متنوعة يمكن للقلم أن يحكيها سواء أمسك به كاتب أو كاتبة.
سألت أسماء عن العراقيل التى واجهتها، فقالت لى: طوال الوقت وخلال أى عملية إبداعية تواجهنا مشاكل، وجزء من الإبداع التغلب عليها، المشكلات الأسخف هى المتعلقة بالظروف، بمعنى أنه لا يوجد أى احترام للكتابة كمهنة فى الوطن العربى.. فالكتاب دائما يقتطعون من وقت وظيفتهم الأصلية لكى يوفروا وقتا للكتابة، أيضا من أهم وأخطر العراقيل هو النشر وآلياته، حيث إن سياسة السوق أصبح معيارها الأول أن الذى يملك الثمن هو فقط من يستطيع أن ينشر، بعكس الحال فى العالم، فالكتابة الجيدة هى التى تتحكم، وللأسف ما يحدث فى مصر سينتج على المدى البعيد تيارات فكرية شديدة فى القبح وعدم النضج نتيجة لرعونة النشر فى مصر.
• رانيا هلال.. ودوار البحر
لا يجوز لنا حصر المرأة فى الموضة والمطبخ، ثم نلومها بالانعزال عن التطور.. أمى وزوجى، وأستاذى سيد البحراوى ساعدونى كثيرا فى حياتى الأدبية، هكذا تقول موهبتنا الثالثة الكاتبة والصحفية رانيا هلال، والكتابة تعنى لها كل شىء، فقد بدأت منذ سن صغيرة جدا، حيث انتبهت والدتها فى عمر الثامنة إلى شغفها بالقراءة وسماع الحواديت، فأثرت موهبتها بالعديد من ألوان أدب الأطفال وبعض من أشعار وقصص أدب الكبار، قالت لى رانيا: أمى هى أول من انتبهت لموهبتى، وساعدتنى على تنميتها منذ الصغر ومع الوقت كانت قدرتى على التعبير واختيار الألفاظ تتضاعف، بعدها بدأت فى الاشتراك فى المسابقات الأدبية على مدار المراحل التعليمية المختلفة، حتى وصولى للجامعة التى أحرزت فيها مراكز متقدمة فى المسابقات الثقافية وتحديدا تلك البحثية والقصصية، ثم انضممت إلى جماعة أدبية ثقافية انطلقت من الجامعة ضمت العديد من شباب الأدباء فى مختلف المجالات الذين أصبحوا بعد ذلك شعراء وكتابا وقصاصين مهمين فى الوسط الثقافى، كنا نلتقى ونبدى آراءنا النقدية والانطباعية حول نصوصنا ونحاول تجويدها ونستضيف النقاد وكبار الأدباء أمثال الشاعر المخضرم فاروق شوشة، والكاتب الجميل لويس جريس، والمفكر الراحل محمود أمين العالم والناقد الكبير سيد البحراوى، بعدها بسنوات قليلة من القراءة بدأت تتبلور ملامح أول مشروع قصصى أو مجموعة قصصية فى مخيلتى وكانت هى مجموعة «دوار البحر» التى أخذت عن فكرتها آنذاك منحة تفرغ الصندوق العربى للثقافة والفنون وبعد كتابتها وطباعتها بعامين تقدمت بها لجائزة ساويرس وحصلت عنها فى عامنا هذا على جائزة ساويرس فى القصة القصيرة. الحقيقة أننى لا أستطيع أن أنسى فضل من ساعدونى إلى أن وصلت بمجموعتى القصصية الأولى لهذه الجائزة، أذكر منهم أمى- بارك الله لى فى صحتها، فهى أول من لمحت موهبتى، زوجى الناقد مصطفى رزق الذى أثرى نصوصى بملاحظاته النقدية، والدكتور سيد البحراوى الناقد الذى قدم لمجموعتى بدراسته المهمة قبل أن يعرفنى أحد على الإطلاق، فلولا مساندتهم لى لما وصلت له ولو أننى مازلت فى طور البدايات، وقد ساهم فى تشكيل رؤيتى بشكل عام للمشهد الثقافى دراستى للإدارة والثقافية وانخراطى فى العمل الثقافى فى أكثر من مكان كناشطة ثقافية وناشطة فى مجال حقوق المرأة ومحررة ثقافية لمدة 10 أعوام ما بين مركز طلعت حرب الثقافى وقصر الأمير طاز وغيرها من الأماكن الثقافية الخاصة والحكومية.
أما عن مصطلح الأدب النسوى، فلا أعترف به على الإطلاق، لأننى لا أرى على الجهة المقابلة ما يسمى بالأدب الذكورى، أرى أن مساهمة المرأة سواء فى الأدب أو الكتابة أو العلوم, والتكنولوجيا تضيف وتثرى المجتمع وتضيف لها على المستوى الشخصى, لكننا فى المقابل لا يجوز لنا حصرها فى مجالات بعينها كالموضة وصناعة الأطعمة وتربية الأبناء فقط، ثم نعود لنلوم عليها انعزالها عن التقدم والتطور المجتمعى.•



