قمـــة إحيـــاء الســـلام
ياسمين خلف
لقدر مصر التاريخى أن تكون راعية وشريكة رئيسية فى عملية سلام الشرق الأوسط، وبالأخص فى العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية، استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى كلا من جلالة الملك عبدالله الثانى ملك الأردن والرئيس محمود عباس «أبومازن» رئيس دولة فلسطين، لعقد قمة ثلاثية بمقر رئاسة الجمهورية بقصر الاتحادية.. لبحث القضايا المشتركة وتنسيق المواقف حيال دعم القضية الفلسطينية وتعزيز جهود إحياء عملية السلام. وقبل انعقاد القمة الثلاثية التقى الرئيس السيسى فى لقاءين منفصلين بالملك عبدالله والرئيس أبومازن.
اللقاء مع الرئيس الفلسطينى تناول التباحث بشأن آخر مستجدات القضية الفلسطينية وعملية السلام فى الشرق الأوسط، حيث أكد الرئيس السيسى استمرار مصر فى جهودها الدؤوبة فى كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ومساعدة الشعب الفلسطينى على استعادة حقوقه المشروعة وفق مرجعيات الشرعية الدولية، مشدداً على أهمية تكاتف جميع الجهود من أجل دعم الموقف الفلسطينى تجاه التسوية السياسية، والدفع نحو استئناف المفاوضات، فضلاً عن تثبيت الهدنة بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، بالتوازى مع العمل على تحقيق وحدة الصف الفلسطينى بإتمام عملية المصالحة بين جميع القوى والفصائل الفلسطينية، ودعم السلطة الفلسطينية ودورها فى قطاع غزة، وتحسين الأوضاع الإنسانية والمعيشية والاقتصادية بالقطاع.
واتفق الرئيسان على مواصلة التشاور والتنسيق المكثف بينهما إزاء مختلف الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، لمتابعة الخطوات المقبلة فى مختلف المحافل وعلى جميع الأصعدة.
وفى لقائه مع الملك عبدالله، أشاد الرئيس السيسى بالعلاقات الأخوية المتينة بين مصر والأردن، وما بلغته من مستوى متقدم على مختلف الأصعدة، معرباً عن التطلع لتعزيزها بما يساهم فى تحقيق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، على الصعيد الثنائى أو فى إطار آلية التعاون الثلاثى مع العراق الشقيق، لاسيما على المستويين الاقتصادى والتجارى، ومثمناً الجهود التى تبذلها الحكومة الأردنية فى إطار رعاية الجالية المصرية المتواجدة فى الأردن.
وشهد اللقاء استعراضاً لمجمل العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث تم الإعراب عن الارتياح لمستوى التنسيق القائم بين الجانبين، مع تأكيد أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية وزيادة التبادل التجارى بما يرقى إلى مستوى العلاقات السياسية والروابط التاريخية التى تجمع الشعبين الشقيقين، فضلاً عن دفع التعاون بين الجهات المختصة فى البلدين فيما يتعلق بمواجهة تداعيات جائحة كورونا.
كما شهدت المباحثات كذلك استعراض آخر مستجدات الأوضاع فى المنطقة، خاصةً الوضع فى لبنان، فضلاً عن تبادل الرؤى فيما يخص تطورات عملية السلام فى الشرق الأوسط، والتنسيق القائم بين البلدين فى هذا الإطار، وأكد الجانبان أهمية العمل على تكثيف الجهود الدولية بهدف حلحلة عملية السلام واستئناف المفاوضات، سعياً نحو تسوية الأزمة الفلسطينية استناداً لقرارات الشرعية الدولية.
أعمال القمة
وعقب اللقاءين، بدأت أعمال القمة الثلاثية بجلسة مباحثات مغلقة، تلتها جلسة ضمت وفود الدول الثلاث، لتنسيق المواقف والرؤى إزاء عدد من الموضوعات المرتبطة بالقضية الفلسطينية، والتى تمثل الأساس الحقيقى لاستقرار المنطقة وتحظى بالأولوية لدى كل الشعوب العربية، أخذاً فى الاعتبار المستجدات التى طرأت خلال الفترة الأخيرة، خاصةً ما يتعلق بعملية السلام وسبل تثبيت التهدئة عقب التصعيد فى الأراضى الفلسطينية فى شهر مايو الماضى.
واستعرض الرئيس السيسى رؤية مصر لكيفية إحياء عملية السلام، وتثبيت التهدئة فى قطاع غزة، وإعادة إعمار القطاع، مع التأكيد فى على أن تحقيق آمال الشعب الفلسطينى فى الدولة المستقلة لن يتأتى إلا من خلال توحيد الصف وإنهاء الانقسام الذى طال أمده بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتوجه الزعيمان الفلسطينى والأردنى بالشكر إلى الرئيس على المبادرة بعقد هذه القمة المهمة، والتى تأتى فى توقيت حيوى فى أعقاب الأحداث الأخيرة، مع الإشادة فى هذا الخصوص بالجهود المصرية المخلصة والحثيثة تجاه القضية الفلسطينية، وآخرها إنفاذ وتثبيت التهدئة وإعادة الإعمار فى قطاع غزة للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية لسكان القطاع، مؤكدين على ما تمثله أعمال هذه القمة من فرصة سانحة للنقاش وتبادل وجهات النظر حول السبيل الأمثل لدفع العملية السلمية، وكيفية إعادة وضع قضية الشعب الفلسطينى على قمة أولويات المجتمع الدولى مجدداً.
وعكست المباحثات مدى التقارب فى وجهات النظر بين البلدان الثلاثة حيال مجمل القضايا، كما أكدت على المواقف الثابتة لمصر والأردن فى دعم دولة فلسطين والرئيس أبومازن إزاء أية تحركات أو إجراءات من شأنها المساس بثوابت القضية الفلسطينية، أو إحداث أى تغيير أحادى على الأرض من شأنه المساس بحق الشعب الفلسطينى فى الحصول على دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ومن ثم أهمية تكاتف جميع الجهود من الأشقاء والشركاء للعمل على إحياء عملية السلام واستئناف المفاوضات وفق مرجعيات الشرعية الدولية، أخذاً فى الاعتبار التبعات الجسيمة من عدم حل القضية الفلسطينية على أمن واستقرار المنطقة بالكامل.
البيان الختامى
وفى ختام المباحثات صدر بيان مشترك أكد على توثيق العلاقات الاستراتيجية التى تجمع البلدان الثلاثة، انطلاقا من الإرادة المشتركة لتكثيف مستوى التنسيق المستمر بين الدول الثلاثة إزاء المستجدات والتحديات التى تواجه القضية الفلسطينية، وسعيا لتحقيق جميع حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة وآماله وطموحاته.
وقال البيان الختامى إن الرئيس السيسى والملك عبدالله أكدا مركزية القضية الفلسطينية القضية العربية الأولى وعلى ومواقف مصر والأردن الثابتة فى دعم الشعب الفلسطينى الشقيق وحقوقه العادلة والمشروعة، وفى مقدمها حقه فى تجسيد دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفق القانون الدولى، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.
وأشار إلى أن القمة تناولت الاتصالات والتحركات الأخيرة التى قامت بها البلدان الثلاثة على المستويين الإقليمى والدولى، لا سيما تلك المستهدفة إيجاد أفق سياسى حقيقى لإعادة بذل جهود فاعلة لحل الصراع على أساس حل الدولتين سبيلا وحيدا لتحقيق السلام الشامل والعادل. وأكد القادة أن هذا السلام العادل والشامل والدائم يشكل خيارا استراتيجيا وضرورة للأمن والسلم الإقليميين والدوليين يجب أن تتكاتف جميع الجهود لتحقيقه.
ووجه القادة المسئولون فى الدول الثلاثة العمل معا من أجل بلورة تصور لتفعيل الجهود الرامية لاستئناف المفاوضات، والعمل مع الأشقاء والشركاء لإحياء عملية السلام، وفقا لقرارات الشرعية الدولية، وبرعاية الرباعية الدولية، على أن يتم استعراض هذا التصور خلال القمة الثلاثية المقبلة.
وأكد القادة رفضهم الإجراءات الإسرائيلية اللاشرعية التى تقوض حل الدولتين، وبما فيها بناء المستوطنات وتوسعتها فى الضفة الغربية المحتلة وبما فيها القدس الشرقية، ومصادرة الأراضى وهدم المنازل وتهجير الفلسطينيين من بيوتهم. وشددوا على ضرورة منع طرد الفلسطينيين من أحياء القدس وبخاصة حيى الشيخ جراح وسلوان، ووقف جميع الإجراءات احادية الجانب التى تقوض جهود السلام وحل الدولتين وفق الشرعية الدولية.
كما أكد القادة على ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخى والقانونى القائم فى القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، ورفض جميع الممارسات التى تستهدف المساس بهذا الوضع. كما أكدوا على أهمية الوصاية الهاشمية التاريخية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية فى القدس، ودورها فى حماية هذه المقدسات وهويتها العربية الإسلامية والمسيحية.
ودعا القادة المجتمع الدولى لبذل جهوده لتخفيف الأزمة الإنسانية فى قطاع غزة، من خلال المشاركة فى جهود الإعمار، وحث إسرائيل على التجاوب مع الاحتياجات الأساسية والإنسانية لأهل القطاع اتساقا مع مسؤولياتها وفقا للقانون الدولى.
وأكد المجتمعون أهمية الاستمرار فى العمل على تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، وتشاوروا حول الأفكار المطروحة فى هذا السياق. واكدو على أهمية تجاوب جميع الأطراف الفلسطينية مع الجهود التى تبذلها جمهورية مصر العربية، والقيادة الفلسطينية، وإعلاء المصلحة العليا للشعب الفلسطينى.
كما أكدوا على أهمية استمرار المجتمع الدولى فى دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وضرورة توفير الدعم المالى الذى تحتاجه للحفاظ على قدرتها وتقديم الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين.