عنــــف طــــلاب الإخــوان وراءتقديم موعد امتحانات الجامعات
هبة محمد وريشة خضر حسن
أقصر فصل دراسى شهدته الجامعات هو الفصل الدراسى الحالى الذى ستجرى امتحاناته مطلع الشهر القادم، بعد قرار المجلس الأعلى للجامعات بتقديم الامتحانات فى الجامعات ليبدأ العملى منها فى الثالث من مايو القادم، اى بعد أقل من شهر ونصف من بداية الدراسة فى الثامن من مارس الماضى.
يبدو أن حالة التخبط التى سادت الجامعات منذ اليوم الأول والناجمة عن عدم القدرة على التصدى للمظاهرات الطلابية قد أثرت بشكل ملحوظ على المشهد ككل، فعدم القدرة على اتخاذ موقف واضح تجاه دخول الشرطة من عدمه إلى الحرم الجامعى، يليه تطور الأساليب الإرهابية بزرع قنابل فى محيط الجامعات، ثم مشهد تقديم امتحانات لطلاب لم يحضر معظمهم من الأساس إلى الجامعة خوفا من العنف الدائر بها، بالإضافة إلى اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، وخوف الدولة من الظهور فى مشهد غير القادر على الإمساك بزمام الأمور، كل ذلك يرسخ مشهدا عبثيا عنوانه الرئيسى هو دولة ضعيفة غير قادرة على السيطرة، فآثرت السلامة وانهت الدراسة وليذهب تحصيل الطلاب العلمى إلى الجحيم.
أساتذة وطلاب وعمداء كان لهم الحق فى أن يدلوا بأرائهم فى السطور التالية، خاصة وقد بدت بشائر الرفض فى مظاهرات قام بها طلاب بعض الجامعات بعد صدور القرار، لكن الأمر أعمق من كونه مجرد رأى، فهناك العديد من الأسئلة التى بحثنا فى داخل ردودهم عن إجابة لها، فهل سيتم إلقاء محاضرات إضافية فى الفترة الوجيزة القادمة لتحصيل أكبر قدر من المنهج؟، وهل الطالب مهيأ نفسيا لدخول الامتحانات هذه الأيام؟، وماذا عن العملى وعن مواد تم توفير كتبها منذ أيام ولم يحاضر أساتذتها اى محاضرة للطلاب منذ بداية الدراسة؟.
∎ مجلس فاشل
فى البداية يقول دكتور محمد كمال أستاذ علم الأخلاق بجامعة بنى سويف والمتحدث باسم مؤتمر 31 مارس لأعضاء هيئة التدريس: كنت من أوائل الناس التى علمت بالقرار، واتصلت بالعديد من الصحفيين ليتأكدوا بدورهم من صحته، لكن المجلس للأسف ظل يماطل ويكذب، حتى تم إعلان الخبر رسميا نهاية الأسبوع الماضى، وتفسيرى لإخفائهم الإعلان عن القرار يكمن فى خوفهم من ردة فعل الأساتذة والطلاب على حد سواء حياله، فكلاهما رافض للقرار، فالطالب غير مهيأ نفسيا لإجراء أى امتحان، والحالة الأمنية المتردية التى كانت عليها غالبية الجامعات حالت بين حضور كثير منهم للمحاضرات، بل لدى علم أن هناك أساتذة لم يدخلوا للطلبة أى محاضرة حتى الآن، فهل سيتم امتحانهم فى اسم المادة واسم الأستاذ الذى يقوم بتدريسها!، حتى مقترح دخول محاضرات إضافية فى محاولة لتحصيل أى جزء من المنهج يمكن إمتحان الطلبة فيه، هو مقترح غير منطقى، فهناك جداول مقررة لكل أستاذ منذ بداية العام، ومحاضرة إضافية لأى أستاذ تعنى الجور على حق أستاذ آخر، ورغم أن الكثيرين كانوا مع مقترح إلغاء الفصل الدراسى الحالى، والاكتفاء بنتيجة الفصل الدراسى الأول فى نجاح الطالب، على أن يتم توزيع مواده على باقى السنوات الدراسية، إلا أن هذا المقترح فى رأيى كان غير واقعى أيضا، فهناك طلبة بكالوريوس فلأى سنة سيتم ترحيل موادهم؟، مشيرا إلى أن الدولة ظهرت فى مظهر الضعيف من البداية عندما أجلت الدراسة لمدة شهر ونصف بحجة إعداد الأمن الإدارى، والحقيقة أننا اكتشفنا أن شراء سترات جديدة لهم هو المقصود بالإعداد المزعوم، فالحل الجذرى من وجهة نظرى لو تم تطبيقه من اليوم الاول ما كنا وصلنا إلى المشهد الحالى، فقد كان يجب أن تمنع المظاهرات تماما وأى طالب يخالف ذلك يفصل نهائيا ويمنع من دخول الجامعة، لكننا للأسف نمتلك مجلس أعلى متخبطا يمكن وصفه بالفاشل، ليس فقط فيما يتعلق بقراراته الخاصة بالطلاب، بل امتد الأمر أيضا فيما يتعلق بالأساتذة، فقانون تنظيم الجامعات الذى يعكف المجلس على إعداده الآن، حتى يتمكن من تقديمه لرئيس الجمهورية القادم بمجرد توليه المنصب يعد بمثابة إهانة لأعضاء هيئات التدريس، مشيرا إلى انه أمر يثير التعجب عندما يقرر ستة عشر عضوا حصلوا على مناصبهم بالانتخاب أن تكون أول قراراتهم فى قانون تنظيم الجامعات الجديد هو إلغاء الانتخابات، مؤكدا أن ذلك يعد إعترافا ضمنيا لهم بعدم قانونية وجودهم فى مناصبهم.
∎ إلغاء أعمال السنة
رأى دكتور محمد لم يختلف كثيرا عن رأى منى يوسف،الطالبة بالسنة الثالثة بكلية تجارة عين شمس قسم اللغة الإنجليزية، التى تقول: ماحدث أن الجامعة تخفى فشلها فى القرار، والأساتذة يسابقون الزمن لإعطائنا أكبر كم، حتى لو على حساب استيعابنا، هذا بخلاف نسبة الحضور الضعيفة نتيجة تفاقم الوضع الأمنى، فالحقيقة نحن لانفرق مع أحد، ولا أقصد بذلك الفشل التأمينى فقط، بل أيضا فشل احتواء الموقف من البداية، فقد قالوا لنا إن إلغاء الفصل الدراسى غير ممكن لأن هناك مواد مهمة لابد من أن ندرسها، وأنا اليوم أسألهم هل بهذا الشكل درسنا تلك المواد المهمة؟، والكارثة هى إلغاؤهم للامتحانات الفصلية التى كنا نحصل من خلالها على درجات أعمال السنة، ليس داخل تجارة فحسب، بل فى كل الكليات التى كانت تعتمد على هذا النظام، أى أن اعتمادنا الكلى سيكون على ورقة الإمتحان.
∎ إهمال الجانب العملى
أما نور مدحت الطالبة بالفرقة الأولى بكلية التربية بجامعة عين شمس، فتقول كليتى مقرها روكسى، أى أننى خارج الحرم الجامعى، ولا نعانى من أى مظاهرات أو اضطرابات، لذلك فالدراسة منتظمة داخلها، ونسبة الحضور بها عالية، لكننا أوذينا بالقرار بلا داعى أو مبرر، فبمجرد اعلان القرار بدأ الأساتذة فى تكثيف المحاضرات بشكل يصعب تحمله، وبالطبع لم نتمكن من مذاكرة أى مادة بعد، والكارثة الأكبر فى العملى، فلدينا ثلاث مواد عملية المفترض أن نقوم من خلالهما بالتشريح وعمل التجارب، لكن الأساتذة يركزون فى الجزء النظرى، ويقولون لنا أنهم سينتهون من العملى كله فى الأسبوع الأخير، رغم أننا كنا نطمح أن نأخذ وقتنا فى عمل التجارب والأبحاث، لأنها كانت ستعم علينا بالفائدة فى حياتنا العملية فيما بعد.
∎ انعدام المناخ المناسب
رأى الطالبتين السابقتين لم يختلف كثيراً عن رأى أحمد خلف رئيس اتحاد طلاب كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، الذى يقول: بصفتنا كلية ليس بها عملى فستبدأ امتحاناتنا فى السابع عشر من مايو، حتى العشرين من يونيو، لكن المنتج العلمى يظل قليلا جدا، بالمقارنة بالسنوات الماضية، فلم نشعر بمناخ دراسة حقيقى خلال هذا الفصل، والمظاهرات عرقلت بشكل كبير من حصولنا على محاضراتنا كاملة بل من حضورنا إلى الجامعة أيضا، ففشل المنظومة ككل أثر أكثر ما أثر على الحلقة الأضعف فى القضية وهو الطالب.
∎ هندسة غير ملزمة
الكليات العلمية لها وضع آخر، هذا ما أكده لى دكتور شريف مراد عميد هندسة القاهرة، فالقرار كما وصل للكلية ينص على أن هندسة غير ملزمة بالقرار، ويمكنها أن تبدأ فى الوقت الذى ترغب، مشيرا إلى أن الامتحانات فى الهندسة ستبدأ فى الواحد والثلاثين من مايو، وسيحصل الطلبة على أجازة من الامتحانات فترة الانتخابات الرئاسية، على أن تستأنف الامتحانات بعد ذلك، معربا عن تفاؤله بقدرة أساتذة الكلية الانتهاء من مناهجهم خلال الفترة القادمة.
∎ تأمين مفقود
وكما الحال فى هندسة كان الحال أيضا فى طب القصر العينى: حيث يقول أحمد ممدوح، عضو اتحاد طلاب قصر العينى: سألنا العميد بمجرد صدور القرار وأكد لنا أن الكلية مستثناة من القرار كونها إحدى الكليات العلمية التى ستمتد الدراسة بها، حيث لا يمكن إجراء أى ضغط أو حذف على مناهجها، لكن حتى لو امتد الفصل الدراسى وانتهى فى موعده الطبيعى، فلدينا شعور بعدم قدرة الكلية على تأميننا، فالأسبوع الماضى وأثناء أحداث مظاهرات قصر العينى قبض على خمسة من زملائنا كانوا خارجين لتوهم من إحدى المحاضرات، ولا علاقة لهم بما يحدث خارج أسوار الكلية، ومع كل الإثباتات التى تثبت أنهم حضروا المحاضرة لم تستطع الكلية الإفراج عنهم، فهل فى هذه الأجواء يمكن أن يكون هناك تحصيل علمى طال الفصل الدراسى أو قصر؟
∎ مقرر كامل
كليات الجامعات الخاصة لا علاقة لها بالقرار أيضا، وفى ذلك سألنا الدكتور جمال نوارة، أمين مجلس الجامعات الخاصة والأهلية الذى قال: لم يتطرق الأعلى للجامعات إلى موضوع الجامعات الخاصة مطلقا، كما لم يتم دعوتنا لاجتماع مجلس طارئ مما يعنى أن الوضع سيبقى على ماهو عليه بالنسبة لنا، خاصة أنه لا يوجد أعمال عنف تذكر ترتكب فى محيط الجامعات الخاصة أو من طلابها، لذا فامتحانات طلاب الجامعات الخاصة ستعقد وفقا للمواعيد المحددة سلفا، وقد تم تعويض الطلاب عن الفترة التى تأخرت فيها الدراسة فى بداية الفصل، عن طريق محاضرات إضافية حتى يتمكن الطلاب من الحصول على المقرر كاملا دون نقصان.
∎ طلاب درجة ثانية
فى الأحوال العادية يتم امتحان طلاب التعليم المفتوح بعد انتهاء امتحانات الطلاب النظاميين مباشرة، وبما أننا فى ظرف استثنائى، فالمعاملة مع طلاب مركز التعليم المفتوح بجامعة القاهرة كانت استثنائية أيضا، حيث يقول شهاب صلاح الدين مؤسس ائتلاف طلاب التعليم المفتوح: لم تبدأ دراستنا بعد لهذا الفصل الدراسى، وقد أرسل لنا مركز التعليم المفتوح بيانا يعلمنا فيه أن الدراسة ستبدأ يوم الجمعة القادمة، على أن تكون امتحاناتنا فى أغسطس، رغم أننا فى الأحوال الطبيعية ننهى امتحاناتنا فى نهاية يوليو على أقصى تقدير، فالجامعات أسقطتنا من حساباتها، فلا يوجد أى اعتبار لظروف طارئة ستمر على البلد ولا يصلح معها الانتظام فى الدراسة، فالدولة خافت على أبنائها من الطلاب النظاميين، وقدمت لهم الامتحانات حتى لا تصطدم مواعيدها مع ظروف الانتخابات وخلافه، وتناستنا نحن، علما أن ذلك ليس بجديد، فمعاملتنا كطلاب درجة ثانية مازالت مستمرة، فليس لنا مكان فى الجامعة غير يوم الجمعة، ومازالت شهادتنا يوجد بها إمضاءات لمركز التعليم المفتوح مع أن صدر قرار من المجلس الأعلى للجامعات بزيادة أيام الدراسة لـ 3 أيام دراسية ومنح شهادة التخرج من الكلية والجامعة وليس مركز التعليم المفتوح ورئيس الجامعة دكتور جابر نصار وعدنا بتحقيق هذه القرارات، لكن كل الوعود تبخرت وبقى حالنا على ماهو عليه.