الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
عيادات تبيع وهم الإنجاب

عيادات تبيع وهم الإنجاب

بعيدًا عن مواجع السلالة الجديدة من كورونا التى ظهرت هنا، وبعيدًا عن أخبار اللقاح الجديد الذى ابتكره الإنجليز ويتوقعون له التفوق على مثيليه الأمريكيين.



ولو تركنا مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى التى تكشف انقسامًا واضحًا بين البريطانيين.

بعيدًا عن كل هذا، وجدت نفسى محبوسًا فى البيت بأوامر الحكومة، حيث أصبحت لندن ضمن المنطقة الأكثر خطورة فى البلاد بسبب انتشار الوباء فيها بمعدلات متسارعة ومخيفة.

 

 فما العمل؟.. ليس هناك إلامتابعة الأحوال بالتليفزيون والراديو.. والصحف التى يمكن الحصول عليها بسهولة من أقرب محل، وطبعًا التليفون والكومبيوتر.

وخلال ذلك لفتت نظرى ظاهرة تحدثت عنها الصحف ورصدها التليفزيون ولم تمنع انتشارها حالة الرعب التى تجتاح البلاد مع زيادة وفيات كورونا وعدم قدرة المستشفيات على استقبال المزيد من المرضى حتى إنهم يبقونهم فى عربات الإسعاف التى جلبتهم، ويموت بعضهم فى هذه العربات خلال الانتظار الذى يمتد لساعات طويلة.

الظاهرة ليست جديدة بالطبع، لكنها تزداد انتشارًا، وهذا ما أثار الانتباه، وهى أحد أساليب النصب على الطريقة الإنجليزية.

حيث تقوم عيادات ومستشفيات خاصة باستغلال حاجة الأزواج الجدد ممن يعانون متاعب تحول دون القدرة على الإنجاب.. فتدعى توفير العلاج اللازم وتقديم خدمة التخصيب، وتحقيق حلم أن تصبح الزوجة أمًا والزوج أبًا، بعلاج سحرى يطلقون عليه «آد أون» يقدم مقابل مبالغ طائلة دون تحذير الزوجين من أنه قد لا يكون فعالًا، ولا آمنًا، كما كشفت دراسة حديثة نشرت فى إحدى المجلات الطبية.

وتضمنت الدراسة تحقيقًا شمل 87 من عيادات التخصيب المنتشرة فى بريطانيا تبين أن ثلثى هذه العيادات تقدم علاجًا تسميه «تى. إل. آى» يكلف حوالى 800 جنيه، على الرغم من وجود تحذيرات رسمية من أنه ليست هناك أدلة مقنعة طبيًا على أن هذا الأسلوب العلاجى يُحسّن فرص إنجاب أطفال.

وطريقة نصب طبية أخرى تسمى «المساعدة على الإنجاب» تستخدمها 25 % من هذه العيادات وتصل تكلفتها إلى 600 جنيه استرلينى، وتدّعى أنها تساعد على الحمل خارج الرحم، لكنها طريقة قد تتسبب فى أذى جسماني، ولا دليل على أنها تُحسّن فرص الحمل والولادة.

ولوحظ خلال تفتيش هذه العيادات أنها لا تقدم أى معلومات لضحاياها عن المخاطر والأعراض الجانبية، ولم يُعثر على أى إرشادات أو تحذيرات من المخاطر، فى المواقع الإلكترونية لهذه العيادات.

وعلى الرغم من أن تكلفة عملية «آد أون» تصل إلى 295٫3 جنيه، فليس هناك دليل على أنها تحقق نسبة نجاح فى الخصوبة كما أعلنت الهيئة الحكومية المختصة بتقنين إجراءات التخصيب.

ولأن النصب الإنجليزى يعتمد على التلاعب بالبيانات فليس معروفًا فى كل الأحوال، كم تتكلف عمليات التخصيب هذه، لأن الأرقام تتداخل مع قيمة الضرائب وغيرها من الأعباء، ولذلك تدخلت الهيئة المختصة بمنع الاحتكار وتنظيم المنافسة فأعلنت قواعد لمنع التضليل فى هذه العمليات، تضمنت تحذير العيادات من أنها مجبرة على تقديم أدلة على كفاءة عمليات التخصيب التى تجريها.

وتقول «جويس هاربر» أستاذة علوم التخصيب فى جامعة «لندن كوليج» والمشرفة على الدراسة:

المشكلة بالنسبة إلى طريقة «آد أون» للتخصيب هى أنها تستهدف أناسًا شغوفين بالإنجاب.. ويسعون لذلك بأى طريقة، ويجب أن تكون هذه العيادات أمينة مع مرضاها عندما لا يكون هناك دليل على نجاح العملية.

أما «سارة نوركروس» رئيسة جمعية «بى. إى. ى» الخيرية فتقول: رغم أن هذه العمليات قد لا تؤذى المرضى بدنيًا، فإنها تؤذيهم ماديًا وقد تسبب لهم مشاكل كبيرة فى حال عدم القدرة على دفع تكاليف جولة أخرى من علاجات ومحاولات التخصيب والإنجاب، إذا لم تحقق المحاولة الأولى النجاح.

وتحدثت إحدى ضحايا عمليات النصب على الراغبين فى الإنجاب وهى مذيعة أخبار فى «بى. بى. سى» عمرها 39 سنة تدعى «هانا جونز» أمضت خمس سنوات فى محاولات الإنجاب ونصبت عليها عصابات الإخصاب ليس مرة واحدة، لكن 15 مرة!

قالت «هانا» إنها عندما كانت العملية تفشل فى كل مرة، تُعرض عليها أساليب أخرى للتخصيب، وتقبلها خوفًا من أن يكون رفضها سببًا فى حرمانها من حلم أن تكون أمًا، ثم تفشل العملية، فتجرّب طريقة أخرى.. وتقول إنها وزوجها الإعلامى، أنفقا 80 ألف جنيه استرلينى من مدخراتهما على هذه العمليات إلى أن تحقق لهما النجاح أخيرًا.