الخميس 24 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الاقتصاد تاه وبلا هوية!!

الاقتصاد تاه وبلا هوية!!
الاقتصاد تاه وبلا هوية!!


كاريكاتير: خضر حسن
لقمة العيش.. حياة كريمة.. مطالب شرعية لشعب دفع حياته ثمنا للحصول عليها، فشكل الاقتصاد مبهم ومجهل للمرة الثانية على التوالى فى الدستور رغم أن لجنة الخمسين أعلنت عن مواد وألغت مواد وتجاهلت مواد إلا أنه مازال هناك العديد من الأسئلة.. ما شكل الاقتصاد فى المرحلة المقبلة؟ وما هوية مصر الاقتصادية التى تلبى مطالب المصريين فى الحياة الكريمة وتكافؤ الفرص؟.. فى ظل أن الدستور يجب أن ينص على أن الاقتصاد الحر تحت إشراف الدولة هو نظام الدولة. أثارت مواد الاقتصاد فى الدستور الجديد العديد من التساؤلات بالرغم من أن اللجنة وضعت العديد من المواد واستحدثت مواد جديدة لضمان حياة كريمة للبسطاء وكانت أهم هذه المواد..
مادة «32» يقوم الاقتصاد الوطنى على تنمية النشاط الاقتصادى، وتشجيع الاستثمار، وتعمل الدولة على زيادة الدخل القومى وتحقيق العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل لعوائد التنمية.. ورفع مستوى المعيشة والقضاء على الفقر والبطالة وزيادة فرص العمل والإنتاج والمحافظة على حقوق العمال، وحماية حقوق المستهلك ومنع الممارسات الاحتكارية وكفالة الأنواع المختلفة للملكية، وتقريب الفوارق بين الدخول من خلال وضع حد أدنى للأجور والمعاشات بما يكفل حياة كريمة لكل مواطن.. وحدا أقصى فى أجهزة الدولة، وشركات القطاع العام، وقطاع الأعمال العام لا يستثنى منه.. ومن أهم المواد التى تم استحداثها تشير أنه يعتمد الاقتصاد الوطنى فى تحقيق أهدافه على آليات السوق المنضبط، وتلتزم الدولة بإدارة المنظومة الاقتصادية بشفافية وبما يحقق الصالح العام والكفاءة الاقتصادية والتنافسية والتوازن بين مصالح الأطراف المختلفة، بالإضافة إلى مادة أخرى الزراعة مقوم أساسى للاقتصاد الوطنى وتلتزم الدولة بحماية الرقعة الزراعية وزيادتها وتعمل على تنمية المحاصيل والأصناف النباتية والسلالات الحيوانية والثروة السمكية وحمايتها وتحقيق الأمن الغذائى وتوفير متطلبات الإنتاج الزراعى وحسن إدارته وتسويقه.. ودعم الصناعات الزراعية.. وينظم القانون استخدام أراضى الدولة، بما يحقق العدالة الاجتماعية.. ويحمى الفلاح والعامل الزراعى من الاستغلال وعلى الدولة تحديد الملكية الزراعية فى الأراضى الجديدة.. والمستصلحة لتحقيق المساحة الاقتصادية المثلى للإنتاج الزراعى، ولتأكيد عدالة التوزيع.
مادة «42» الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية والخدمية، مقومات أساسية للاقتصاد الوطنى، وتلتزم الدولة بحمايتها وتوفير المناخ الجاذب للاستثمار فيها وتولى الدولة الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة فى جميع الحالات وتعمل على تنظيم القطاع غير الرسمى.. مادة «52» تضمن الدولة، المدخرات وفقًا للقانون وتحمى الادخار والاستثمار من أجل تحقيق التنمية المتكاملة.
مادة «62» الموارد الطبيعية للدولة ملك للشعب، تلتزم الدولة بالحفاظ عليها وحسن استغلالها، وعوائدها حق له مراعاة حقوق الأجيال القادمة فيها. ولايجوز التصرف فى الأملاك العامة للدولة ويكون منح امتياز استغلالها أو التزام مرفق عام بقانون ولمدة محددة. ويحدد القانون أحكام التصرف فى أملاك الدولة الخاصة والقواعد والإجراءات المنظمة لذلك.
وتم إلغاء مادة «43» لايجوز التأميم إلا باعتبارات الصالح العام وبقانون ومقابل تعويض عادل.. وقد نصت مادة «23» على أن يكون النظام الضريبى وغيره من الرسوم تصاعديا يهدف لتحقيق العدالة الاجتماعية وأدائها واجب وفقا للقانون والتهرب من أداء الضريبة جريمة فى حق المجتمع والدولة. ولا يكون فرض الضرائب العامة أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون.. ولايعفى أحد من أدائها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون، وينظم القانون طريقة تحصيل الضرائب بصورة محكمة وميسرة.
∎ الأخطاء !
وفى هذا الاطار أكد الدكتور على لطفى ـ رئيس وزراء مصر سابقاً أن التعديلات الدستورية كانت تحتاج لتحديد نوعية وهوية النظام الاقتصادى فى الدستور فى مواد المقومات الاقتصادية ويرى أن أفضل الأنظمة لمصر هو الاقتصاد الحر الاجتماعى، والحر يعنى أن يقوم الاقتصاد على القطاع الخاص والمنافسة، والاجتماعى الذى يراعى الدخل القومى ويراعى نصيب ودخل الفرد الذى يوفر الحياة الكريمة له.
يضيف أن التعديلات غيرت كثيرا من المواد فى الدستور المعطل مثل إلغاء ربط الأجر بالإنتاج لأنه من الصعب تحقيق ذلك خاصة فى الأجهزة الخدمية وترك ذلك لكل مؤسسة وهيئة ووزارة وشركة لتحقيق المساواة بين العاملين.. يشير إلى أن التعديلات أيضاً ذكرت لفظ الملكية العامة وحرمتها التى يجب على الدولة والمواطنين حمايتها وفقاً للقانون وألغت كلمة «الأموال العامة» والتى ذكرها الدستور المعطل لأن لفظ الملكية العامة أكثر شمولاً وتشمل الأموال والأصول والعقارات من المبانى والحدائق والمدارس والمستشفيات وغيرها.. أوضح أن مواد الدستور وتعديلاته ليست هى آخر المطاف وتحقيق الآمال لكل مواطن لأن العبرة بتفعيلها عن طريق سن مجموعة من التشريعات والقوانين التى تحدد العوامل والحوافز والامتيازات التى تساعد وتسهل تنفيذ النصوص الجامدة والقوانين التى تفسرها.
∎ الفخ !
وأشار الخبير الاقتصادى الدكتور فخرى الفقى - إلى أن التعديلات الدستورية وقبلها دستور 2102 المعطل لم تحدد نوعية النظام الاقتصادى الذى تحتاج إليه البلاد فى ظل الظروف الحالية عقب ثورتى يناير 1102 و03 يونيو 3102 وما تشهده مصر من انهيار اقتصادى.. ويطالب بضرورة أن يحدد الدستور الجديد نوعية النظام الاقتصادى والذى يرى أن أفضلها نظام السوق الاجتماعى الذى يراعى المواطن الفقير قبل الغنى.. وأن يحدد القانون آليات تنفيذ هذا النظام.. مضيفا: إن التعديلات طالبت بالاهتمام برفع الأجور فقط والدستور المعطل ربط الأجر بالإنتاج والأفضل من وجهة نظره ربط الأجر بتكلفة المعيشة الاجتماعية وأسعار السلع وأيضاً ربطه بإنتاجية العامل لتحسين الأجور والرواتب.
يرى أن أنواع الملكية الثلاثة التى ذكرتها التعديلات الدستورية فى المادة «82» من ملكية عامة وتعاونية وخاصة تحتاج إلى النوع الرابع من الملكية التى نص عليها الدستور المعطل وهى ملكية الوقف الخيرى.. وقال إن هذه الملكية يجب الاهتمام بها لأنها مفيدة لتحويل الأنشطة الاجتماعية من رعاية الأسر الفقيرة والتعليم والصحة بإقامة المدارس والمستشفيات وغيرها من الأنشطة الخيرية بشرط أن تكون تحت رقابة الحكومة.. وأوضح أن هناك العديد من القضايا لم تحسمها التعديلات الدستورية مثلها مثل دستور 2102 المعطل والتى تحتاج لنصوص واضحة وحاسمة ليس بها أى مراوغات أو مصطلحات مطاطة لها أكثر من معنى وتحتمل سوء الفهم والالتباس.. وخاصة فى المقومات الاقتصادية.
يؤكد أنه يرفض وضع أى صياغات فى مواد الدستور تكون ملزمة لتنفيذ سياسات وخطط اقتصادية معينة أو نظام اقتصادى معين لأن السياسات تتغير باتجاهات الحكومة والحزب الذى تنتمى إليه.. ولكننا نحتاج لوضع رؤى اقتصادية عامة تصاغ بنصوص دستورية تجعلها ملزمة التنفيذ مثل مبدأ تحصيل الضرائب وقدسية أدائها.. وأيضاً مبدأ العدالة الاجتماعية فى توزيع الدخل.. ومبدأ الشفافية فى الأداء الاقتصادى والقضاء على سياسة التعتيم فى أى قرارات اقتصادية تتخذها الحكومة الذى يعوق النمو الاقتصادى ويضربه فى مقتل.
∎ التعميم !
ويرى الدكتور هانى سرى الدين - رئيس الهيئة العامة لسوق المال الأسبق - أن الفصل الثانى من التعديلات الدستورية الخاص بالمقومات الاقتصادية ويضم 41 مادة تبدأ من المادة 32 حتى المادة 63 وتدور حول الاقتصاد الوطنى وثرواته والملكيات وأنواعها والضرائب وغيرها.. لم تحدد طبيعة ونوعية النظام الاقتصادى الملائم لمصر فى ظل الأوضاع والأحداث الجديدة عقب ثورة يناير 1102 وثورة يونيو 3102.. يؤكد أن تحديد الدستور لنوعية الاقتصاد وآليات السوق ضرورة حتى لا يترك للسياسات المتخبطة للحكومات ويتمنى أن يكون الاقتصاد حرا يعمل طبقاً لآليات العرض والطلب وأن يكون وسطيا يجمع بين النظامين الشمولى «الاشتراكى» و«الرأسمالى» بحيث يكون دور الدولة رقابيا وسوقا حرة بضوابط وتوازن بين حق الفرد وحق المجتمع ومراعاة الفقراء.
أكد ضرورة إعادة النوع الرابع من الملكية وهو «الوقف الخيرى» الذى تم إلغاؤه من دستور 2102 المعطل بالمادة «82» حيث طالبوا بضرورة عودته والاهتمام به لأنه مصدر لتمويل المشروعات الخيرية للأسر الفقيرة.
من ناحية أخرى أشار إلى أن التعديلات بها مزايا أخرى مثل إلغاء مصطلح الملكية العامة فى المادة «92» بدلاً من الأموال العامة لأن الملكية أشمل وأعم.. وأيضاً إلغاء ربط الأجر بالإنتاج فى المادة «32» والتى كانت مثار جدل لصعوبة تنفيذها فى المؤسسات الخدمية وشددوا على ربط الأجر بمستوى المعيشة والأسعار.. وأشار إلى أن المسودة من الضرورى أن تتبنى فكر اقتصادات الدول النامية، مثل البرازيل والهند، التى تنتهج استراتيجيات مختلفة عن الاقتصاد الحر، حيث تعظم من دور الدولة القوى داخل الاقتصاد، بما يتيح للقطاع العام تحقيق جدوى اقتصادية وتنظيم منظومة الاقتصاد الكلى.. وأكد ضرورة وجود قوانين تتبع الأسس الدستورية خاصة بتحديد أسعار السلع الاستهلاكية والاحتكارية، وعدم تركها للقطاع الخاص لحماية المستهلك وطلب من الحكومة أن يكون شكل الاقتصاد فى الدستور الجديد هو اقتصاد سوق يعتمد على العدالة الاجتماعية وإعادة النظر فى بعض القوانين، مثل قانون الشراكة وقانون ضمانات وحوافز الاستثمار، وإعادة النظر فى العلاقات الخارجية، مؤكدا أن الأسواق الآسيوية والأفريقية هى الأسواق الواعدة للاقتصاد المصرى فى الفترة المقبلة.
 وقال إنه رغم المحاولات التى جرت لضم الهيئة العامة للرقابة المالية ضمن ما نص عليه الباب (الرابع) من مسودة الدستور الأولى ضمن باب الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة، إلا أن اللجنة التأسيسية تجاهلت ذلك، منوها عن أن إنشاء سلطة إدارية مستقلة يعد ضمانة أساسية من أجل ممارسة حرية عامة لهذا القطاع الحيوى، مؤكدا أن هذا المفهوم هو ما يجب أن يتبناه دستور مصر الحرة بعد الثورة، ليكون مواكبا وغير مانع من تطبيق تلك الأفكار الحديثة فى آليات الرقابة على الأسواق المالية وما قد ينشأ من أفكار أكثر تطورا، وأول ما تجب مراعاته هو صراحة النص الدستورى استقلال الهيئة فى مباشرة وظائفها أمام البرلمان.