الأحد 20 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

استبعاد قضاة الإخوان للحفـاظ على استقـلال القضـاء!

استبعاد قضاة الإخوان للحفـاظ على استقـلال القضـاء!
استبعاد قضاة الإخوان للحفـاظ على استقـلال القضـاء!


 
تعرضت مؤسسة القضاء للعديد من الاعتداءات والتجاوزات خلال فترات الحكم المختلفة، ولكن ما تعرضوا له فى ظل حكم الرئيس المعزول محمد مرسى لم يحدث من قبل، ففى ظل حكم الإخوان تصاعدت الهجمات على القضاء والقضاة بشكل غير مسبوق.
 
 
 فبعد وصول جماعة الإخوان التى ناصرها القضاة ووقفوا إلى جانبها أثناء فترة حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك إلى الحكم تصاعدت الاعتداءات على القضاة من الإخوان أنفسهم، فكانت هناك خطة لعزل 3500 قاض، وهذا العدد يمثل أكثر من ثلث القوة القضائية الحالية، وذلك حتى يتم تمهيد الطريق لقضاة السمع والطاعة لتلبية رغبات حزب الحرية والعدالة أثناء الإشراف على الانتخابات القادمة كما كان يخطط لها الإخوان.
 
وكان الاعتداء على القضاء ورجاله واضحاً منذ انتخاب أعضاء جماعة الإخوان المسلمين فى البرلمان، وانتخاب الرئيس المعزول محمد مرسى، حيث وقعت الهجمات العدائية بصورة مبالغ فيها ضد القضاة والمحاكم
 
ووصلــــت الهجمــــات إلـــى إصدار مرسوم رئاسى لإقالة النائب العام على الرغم من حصانته الدستورية، كما رفضوا دعم قرار المحكمة بإعادة النائب العام، هذا إلى جانب السخرية المستمرة والممنهجة من قرارات المحاكم والأحكام فى محاولة لاستقطاب الجمهور ضد السلطة القضائية.
 
هذه الأحداث تجعلنا نتساءل: هل تم اختراق المؤسسة القضائية بالفعل من جانب جماعة الإخوان؟ الإجابة على هذا السؤال الآن ليست بالأمر الصعب، فقد طلب المستشار «محمد شرين فهمى» قاضى التحقيق بإيقاف ائتلافات «قضاة من أجل مصر»، و«قضاة تيار الاستقلال»، و«قضاة جبهة الضمير» عن العمل، وهم معروف عنهم أنهم قضاة الإخوان، حيث عملوا على مناهضة ثورة 30 يونيو، ومساندة الرئيس المعزول محمد مرسى فى مواجهة الجيش المصرى، والأغرب من ذلك أنهم مازالوا ينتظرون عودة الرئيس المعزول مرسى من جديد، ومن الأدلة التى توضح عملية التمكين أيضاً قضية «التنصت بمكتب النائب العام» المتهم فيها المستشار طلعت عبدالله النائب العام الإخوانى السابق، ومن المتوقع أن يتم استدعاؤه للتحقيق فى هذه القضية عقب انتهاء إجازة عيد الأضحى المبارك، بالإضافة إلى حصول وزير العدل الأسبق المستشار أحمد مكى على 1200 درجة خالية لمساعدى نيابة لتعيينهم فى النيابة العامة، وكان المقرر استخدام هذه الدرجات الوظيفية فى أخونة السلطة القضائية، والغريب أن هذه الدرجات ما زالت موجودة بوزارة العدل، وهو ما يتطلب النظر فيها جيداً قبل إقرارها، هذا إلى جانب استبعاد 70 معاون نيابة ينتمون جميعاً إلى جماعة الإخوان من تعيينات النيابة العامة من بينهم نجل وزير العدل السابق المستشار أحمد سليمان.
 
والأن يبقى السؤال الأهم، كيف نعيد للقضاء استقلاله بعد عملية الاختراق التى بدأ تنفيذ مخططها أثناء فترة حكم الإخوان؟.
 
∎ مؤامرة
 
المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق أكد أن جماعة الإخوان قد وضعت خطة أثناء حكم الرئيس المعزول محمد مرسى أقل ما يقال عنها أنها «مؤامرة» للسيطرة على مؤسسة القضاء، وأوضح أن عملية التمكين التى حاول مكتب الإرشاد القيام بها داخل المؤسسة القضائية قد بدأت منذ 30 يونيو2012  حينما تولى الدكتور محمد مرسى منصب رئيس الجمهورية، وقبلها بأيام كان قد صدر حكم المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب، وهو الأمر الذى أغضب أعضاء مكتب الإرشاد ولذا وضعوا فى حساباتهم ضرورة السيطرة على القضاء بزرع قضاة تابعين للجماعة حتى لا تعيقهم الأحكام القضائية الصادرة ضدهم فيما بعد من قضاة غير منتمين للجماعة.
 
وأضاف «الجمل» إن كلا من الشرطة، والجيش والإعلام، والقضاء كانوا مستهدفين لتطبيق خطة تمكين الجماعة، وبالنسبة للقضاء فمشروع قانون السلطة القضائية قدمه أحد أعضاء حزب الوسط المتحالف مع الإخوان بهدف إزاحة كبار أعضاء السلطة القضائية وشيوخ القضاة، وذلك بالنص الخاص بتخفيض سن المعاش إلى 65 سنة لتخلو هذه الأماكن ويملؤها محامون منتمون للإخوان.
 
وأوضح «الجمل» أن جماعة الإخوان كانت تهدف لتسكين ما بين 3500 - 4000 فرد جديد فى مؤسسة القضاء، ليكونوا فيما بعد رؤساء اللجان الانتخابية الفرعية سواء فى انتخابات الرئاسة، أو الانتخابات التشريعية القادمة، بالإضافة إلى أن هؤلاء الأفراد سيخضعون لمبدأ السمع والطاعة، وإصدار الأحكام التى ترضى مكتب الإرشاد، وكان ذلك واضحاً جدا بعد عزل النائب العام السابق المستشار عبدالمجيد محمود بإعلانات دستورية بحسب قرار المحكمة الدستورية العليا الذى تجاهلوه.
 
وتابع رئيس مجلس الدولة الأسبق أن الإخوان كانوا يريدون الهيمنة الكاملة على كل أجهزة الدولة، وفرض مبادئهم الخاصة بإنشاء دولة الخلافة، وفرض ما يرونه من فهم للدين الإسلامى على المجتمع بأكمله، ولا تعنيهم الشرعية السياسية أو الدستورية، ولا يخشون من الشعب المصرى لو عارضهم بأكمله، ويعتمدون بالفعل على شرعية الشوارع وحشد مناصريهم والمأجورين فى المظاهرات ليرفعوا شعارات باطلة تتضمن السب والقذف والإهانة للقضاة وغير القضاة، مؤكدا أننا فى ظل حكم الإخوان كنا نعيش فى دولة اللا قانون.
 
وطالب رئيس مجلس الدولة الأسبق بالتحقيق مع كل من كان لهم دور فى أخونة القضاء، ومحاولة تسييسه، والعمل على عدم استقلاله لصالح جماعة بعينها، وهو الأمر الذى أثر على هيبة القضاء وحياده، خاصة ممن ينتمون لجبهة «قضاة من أجل مصر» التى ظهر أعضاؤها باعتصام رابعة العدوية، وكذلك من وقعوا على وثيقة «قضاة الاستقلال» مؤكداً أن التحقيق معهم ما هو إلا تطهير للقضاء من الداخل.
 
∎ التحقيق
 
وكان نادى قضاة الإسكندرية قد أعلن أنه سيتم التحقيق فى البلاغات المقدمة من نادى قضاة مصر مع القضاة المنتمين لجبهة «قضاة من أجل مصر»، وكذلك كل من وقع على وثيقة الاستقلال ومنهم عشرة قضاة بالإسكندرية، وأكد أعضاء النادى فى بيان لهم أن التحقيق مع هؤلاء القضاة ليس خطوة لشق صف القضاة، مؤكدين أن التحقيق مع القضاة بمعرفة القضاة ما هو إلا تطهير للقضاء من الداخل بنفس رجاله حتى يبعد أى شبهة عن عدم استقلاليته ودخوله فى مهاترات سياسية بعيداً عن حفظ عدالة الوطن.. وفى هذا الشأن أوضح المستشار سعد السعدنى، وكيل نادى قضاة الإسكندرية «إن مجلس إدارة قضاة الإسكندرية اتخذ عدة قرارات من شأنها الحفاظ على استقلال القضاء، منها التحقيق الفورى مع من ينتمون لقضاة من أجل مصر، مؤكداً أن القضاة جميعاً يعملون من أجل مصر وليس من أجل نظام بعينه».
 
ورفض السعدنى أن يصف القرارات التى تم اتخاذها بشأن التحقيق مع القضاة المنتمين لجبهة «قضاة من أجل مصر» بأنها قرارات إقصائية، قائلاً «لا يوجد إقصاء لأحد فى تلك القرارات ولكنها اتخذت حتى نحافظ على استقلال القضاء».
 
ورداً على سؤال هل القضاء تم اختراقه من قبل جماعة الإخوان؟، أكد ذلك قائلا أخونة القضاء كانت قد بدأت بالفعل بسبب العجز فى عدد القضاة، فعدد القضاة وأعضاء النيابة العامة 13 ألف قاضٍ نظرون قضايا ودعاوى لـ09 مليونا، وهناك تكدس فى عدد القضايا بالمحاكم، ثم نفاجأ بقانون خفض تقاعد السن القضائى إلى 60 أو 65 عاما، واستبعاد ما يقرب من 3 آلاف قاض من شيوخ القضاة الذين يتمتعون بالخبرة، وإحلال من هم أقل منهم فى الخبرة والكفاءة وهو الأمر الذى سينعكس على مستوى القضاء.
 
وأضاف أن ورود نص فى دستور 2012 لجعل التقاضى بمحاكم الجنايات فى الدولة على درجتين أسوة بقضايا الجنح، وهو يعنى أن المطلوب زيادة أعداد القضاة فى دوائر الجنايات بـ 2000 قاضٍ، كما كان مقدم بمشروع القانون الذى تم تقديمه إلى مجلس الشورى المنحل، وهو ما يؤكد أن النية كانت مبيتة ضد القضاء، باستبعاد عدد كبير من القضاة بحجة النزول إلى السن بهدف إحداث فراغ فى السلطة القضائية، وهو ما يتطلب تعيين عدد مساوٍ لهم عند تخفيض سن تقاعد القضاة من مختلف الدرجات، مما يطلب فتح باب التعيين لمحامين من الإخوان، سواء كانوا من المحامين الخاضعين لنقابة المحاماة، أو العاملين بمختلف الإدارات القانونية بالدولة، وهى محاولة صريحة وواضحة لعملية الأخونة.. وعن انتماء عدد من القضاة للإخوان المسلمين أكد أن المُشاهد للأحداث فى الفترة الأخيرة سيعرف تماما أن هناك عددا من القضاة كانوا ينتمون إلى جماعة الإخوان سراً، ولكنهم أفصحوا عن ذلك الانتماء صراحة بعد وصول الجماعة للحكم، وأضاف نعلم جميعاً أن الفساد قد طال العديد من مؤسسات الدولة فى ظل النظام السابق إلا أنه من المؤكد أن القضاء أقل الجهات التى نخر فيها سوس الفساد وليس من المعقول شرعا ومنطقيا أن نقول كل القضاة فاسدون بسبب قلة فاسدة تعد على الأصابع ونحن نعلمهم جميعا.