لماذا يكتئب الأطفال؟!

حبيبة على
اكتئاب الأطفال مشكلة صحية ونفسية، تؤثر بشكل كبير على الطفل وعائلته والمحيطين به، ما ينعكس بالسلب على حياته مستقبلًا.
وتُشير الإحصائيات إلى ارتفاع ملحوظ فى حالات الاكتئاب لدى الأطفال حول العالم، فما أسباب الإصابة بتلك الحالة؟!.. وما علاماتها؟!.. وما طرق الوقاية منها؟!.. وما العلاج؟
أعراض خفية
يقول الدكتور وليد هندي، استشارى الصحة النفسية: إن معدل انتشار اكتئاب الأطفال 3% من عددهم، ومعدل الإصابة للذكور أكثر من الإناث، ويُمكن ملاحظته من سن 4 سنين، يضيف: فى إنجلترا زاد تناول العقاقير لاكتئاب الأطفال، وتشخيص اكتئاب الأطفال أسهل نسبيًا من الكبار.
ويتابع بقوله: التشخيص يعتمد على الأهل والمعلم بالمدرسة، من خلال ملاحظة سلوك الطفل.
يقول: فترات الشفاء طويلة، وممكن يعانى الطفل من حالة الاكتئاب لمدة سنوات.
ويؤكد أن الاكتئاب لدى الأطفال والمراهقين هو حالة نفسية سلبية مصحوبة بانخفاض احترام الذات وفقدان المتعة، قد يعانى الأطفال والمراهقون من السلوك العدوانى والتدمير الذاتي، فالأطفال الذين يتعرضون للإجهاد والقلق أو الذين يعانون من اضطرابات الانتباه، أو صعوبات التعلم، أو المشكلات السلوكية هم أكثر عرضة للمعاناة من الاكتئاب.
واسترسل: يوجد 3 أشكال للاكتئاب: الاكتئاب الحاد: ويظهر بشكل مُفاجئ نتيجة فقدان شخص عزيز، الاكتئاب المزمن: ويوجد مؤشرات قبل الإصابة به، مثل التباطؤ الحركي، وغالبًا سببه وراثي، والاكتئاب المقنَّع: وتظهر فيه السلوك العدوانية، ويكون الطفل كثير الحركة.
صمت مؤلم
من جانبها قالت الدكتورة إيمان فيود، استشارى علم النفس: لا يوجد أسباب ثابتة للاكتئاب، ولكن اكتئاب الأطفال يحدث نتيجة بعض الاضطرابات المزاجية، مثل: سلب السعادة بشكل مفاجئ، تغيير المدرسة، الطلاق، الضرب، العمل فى سن مُبكر، أو وجود حالة وفاة فى الأسرة، إضافة إلى الأمراض الجسمية المزمنة، مثل: مرض السكر، أو الحوادث التى تسبب إعاقة أو تشوها، مع أساليب التنشئة الاجتماعية الخاطئة، الإهمال، تفرقة الأهل بين الأبناء.
وتلفت النظر إلى أن فقدان الحب والحنان من أهم أسباب الإصابة بالاكتئاب فضلا عن أنه قد يرجع لأسباب وراثية، أما بالنسبة للأسباب العضوية: وجود خلل فى كيميا المخ، وغالبًا مرتبط بالوراثة. وبسؤالها عن أعراض الاكتئاب:
قالت إن الاكتئاب يظهر أعراض نفسية أو أعراض جسدية، الأعراض النفسية، مثل: الانعزال، الشعور بالملل، الحزن، كثرة الانفعال، التفكير فى الانتحار، المعاناة، عدم الإحساس بمتعة الأشياء، أما بالنسبة للأعراض الجسدية: عدم رضاه عن شكله الذاتى، أو مستواه الاجتماعى، أو التعليمى، وقد يؤدى إلى تساقط الشعر، ظهور الثعلبة والأكزيما، كوابيس وأحلام مزعجة، الإقبال على أذية نفسه أو الحيوانات، ومن أخطر أسباب الإصابة: الجلوس مع أطفال يعانون من الاكتئاب؛ فيحدث نوع من أنواع المحاكاة؛ فيبدأ الطفل بالدخول فى حالة اكتئاب مثلهم.
وتتابع بقولها: مرضى الاكتئاب عادةً يعانوا من ألم المعدة، والقدم، والنوم الزائد عن اللزوم، أو الأرق الزائد.
ويمكن أن يؤثر الاكتئاب على ثقة الطفل بذاته، وقد يبدأ الطفل نقد نفسه، ويمكن أن يستنزف الاكتئاب طاقة الطفل؛ مما يجعله غير قادر على بذل الجهد المعتاد فى الدراسة أو حتى اللعب، ويشعر أن القيام بالمهام الصغيرة يتطلب الكثير من الجهد، فيستسلم بسهولة أو يفقد الشغف.
تكمل: يشعر الطفل بصعوبة التفكير والتركيز واتخاذ القرارات وتذكر الأشياء.

دعم أسرى
يقول الدكتور على شوشان، استشارى الصحة النفسية: ضرورى وجود لغة الحوار مع الطفل لحمايته من الإصابة بأى حالة من حالات الاكتئاب، ومهم أن الأهل لا يرفعون من توقعات الطفل، فيواجه الطفل الذى اعتاد عيش رفاهية عاطفية فى حضن والديه أو حمايته من خوض علاقات اجتماعية، فشلًا فى المستقبل، كما أن اختلاق الأكاذيب لحماية الطفل من الألم يؤدى فى الواقع لنتائج عكسية ويشوه مشاعره، وبدلًا من ذلك يمكن شرح الحدث للطفل بطريقة تناسب سنه، فلا يحتاج إلى معرفة تفاصيل الموت المؤلمة، لكنه يحتاج إلى معلومة واقعية مبسطة ومساعدته على التعامل مع مشاعره المجروحة، ويؤكد أنه من المهم أن يخصص الأهل جزءا من وقتهم للحديث مع الطفل، ليستمعوا له، وليفرغ مشاعره بارتياحية..
وحذر شوشان من التهديدات اللفظية من قِبل الآباء لأطفالهم، فرسائل الأهل القاسية تُخيف أبناءهم من التعلق بالأغراب؛ ما تسبب فى مرور المراهقين باضطرابات عاطفية ورغبات انعزالية، وتمتد نتائج التهديدات اللفظية إلى الخوف من الاختبارات والفشل فى الحياة والحوادث والأمراض ونهاية العالم.
أمل جديد
يقول الدكتور جمال فرويز، استشارى الصحة النفسية: إن العلاج يتم حسب المرحلة العمرية، الأدوية التى تُعطى تكون على حسب الموافقة من FDA، فضرورى الالتزام طبقًا لهذا المخطط، يضيف: لا يوجد علاج متوافق عليه للأطفال أقل من 4 سنين، ويوجد أدوية كثيرة لعلاج اكتئاب الأطفال، من بداية سن 14 سنة، من 80% إلى 90% يستجيبون للأدوية سريعًا، ولغة الحوار مع الطفل ضرورة فى العلاج؛ ليُسقط مشاعره السلبية، والرفع من روحه المعنوية، وهو ما يُسمى بالتنفيس الانفعالى، لتعزيز مفهومه نحو ذاته، ويوجد أنواع كثيرة للعلاج، مثل: العلاج السلوكى والمعرفى، والعلاج بالفن، العلاج بالسيكودراما، العلاج بالمحاورة، العلاج النفسى والجماعى، والعلاج بالموسيقى واللعب، و إذا كان المرض وراثيا فيظهر من سن 15 سنة إلى 25 سنة.
يلمح د.جمال إلى أنه فى حالات الاكتئاب الشديدة جدًا، قد تظهر أعراض ذهانية، مثل: الأوهام والهلاوس، وهى تحتاج إلى مضادات الذهان.