الإثنين 11 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

المواجهة مع الأنظمة وليسـت الشعـوب

المواجهة مع الأنظمة  وليسـت الشعـوب
المواجهة مع الأنظمة وليسـت الشعـوب


بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة سقط القناع عن الكثير من رؤساء دول الاتحاد الأوروبى، وظهر موقفهم العدائى من مصر.. وكان من بين هذه المواقف، موقف رئيس الوزراء التركى «رجب طيب أردوغان» الذى كشف عن وجهه الآخر وميوله الإخوانية ودعمه الصريح لجماعة الإخوان فى مصر والذى ظهر بشكل ملحوظ بعد خروج المعزول «محمد مرسى» وسقوط جماعته.. وهنا بدأت الموازين تنقلب بين البلدين «مصر وتركيا» وبدأ «أردوغان» يكشر عن أنيابه، وقد ظهر ذلك من خلال تصريحاته الأخيرة التى صرح من خلالها بإلغاء التدريبات والمناورات العسكرية بين البلدين.. وسحب السفير التركى من مصر.
 
بالإضافة إلى استضافته للتنظيم الدولى للإخوان فى تركيا ودعوتهم لدعم الإخوان فى مصر.. وإعلان الجهاد المقدس ضد الجيش المصرى.. وأن قطر هى دولة الخير والسلام وتركيا هى دولة الخلافة العائدة.. وتحريضهم على أن ما يحدث فى مصر ما هو إلا انقلاب عسكرى.. وأن النظام المصرى تلقى 16 مليار دولار لدعم هذا الانقلاب!!.. لكن السؤال الأهم الآن هو ما مصير العلاقات السياسية بين البلدين هل سيكون هذا بداية انقطاع الصلة؟!.. وهل سحب السفراء من كلا البلدين يعتبر تمهيدا لقطع العلاقات؟!.. وهل سيؤثر ذلك على العلاقات الثقافية والاقتصادية بين البلدين؟!
 
تحدثنا مع محللين سياسيين كى يحللوا لنا الوضع السياسى بين البلدين.
 
∎مطامع أردوغان
 
يقول الدكتور هانئ رسلان الباحث السياسى بالأهرام الاستراتيجى:
 
لا أعتقد أن العلاقة بين البلدين من الممكن أن تنقطع !! لأن هذه المواقف هى خاصة بـ«رجب طيب أردوغان» وبحزب العدالة والتنمية التركى الذى كان يقول إنه حزب علمانى وإنه معتدل ويركز فقط على إحياء الثقافة الإسلامية فى تركيا.. لكنه كشف الآن عن وجه أيديولوجى متعصب وإنه جزء من التنظيم الدولى للإخوان المسلمين.. ومواقفه هذه بالكامل لا تعبر عن مصالح الدولة التركية بقدر ما تعبر عن مواقف أيديولوجية لرجب طيب أردوغان .. وأيضا مطامعه فى أن يقود عثمانية جديدة فى المنطقة بالاعتماد على الحكم الهش والمتدنى للإخوان المسلمين فى مصر والذين كانوا ينظرون إليه كزعيم كبير، كل هذه الأشياء ذهبت أدراج الرياح!!.. ولكنه الآن يتآمر هو على مصر وأيضا يسمح باستخدام الأراضى التركية بعمل اجتماعات من أطراف غير مصرية تتآمر هى أيضا على مصر وهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلا.. ويجب ألا ينسى رجب طيب أردوغاننفسه وأعتقد أنه امتداد لسلاطين العثمانيين.. فقد هزمناهم شر هزيمة وهزمه الجيش المصرى هزيمة فادحة ومخزية فى عام 1839. حينما عبرنا جبال توروس بقيادة إبراهيم باشا وهذا قبل قرنين من الزمان.. فليتذكر أردوغان هذا ويلتزم حدوده ويعرف حجمه.. أما عن مصير العلاقات فيوضح الدكتور رسلان قائلا: إن العلاقة الآن تمر بمرحلة فتور شديد على المستوى الاقتصادى والعلاقات الدبلوماسية والثقافية وأيضا مرحلة توتر.. وإذا استمر أردوغان فى هذا الخط المحرض والمتآمر على مصر فسوف نذهب معه إلى آخر الشوط وهو لا يعنينا كثيرا!! أما عن حجب المسلسلات فيقول: إن المسلسلات يعتبر تسويقاً لنمط الحياة التركى والتاريخ التركى والثقافة التركية ولا يجب أن نقبل ذلك.. ونحن لسنا جمهورا لتركيا.. فليبحث عن مناطق أخرى تعانى من فراغ ثقافى أو فراغ حضارى ليسوق فيها هذه المسلسلات..
 
∎خائف من الثورة المصرية
 
بينما يقول الدكتور محمد السعيد إدريس ـ عضو الأمانة العامة للمؤتمر القومى العربى:
 
إن موقف رجب طيب أردوغان رئيس الحكومة التركية نابع من مصدرين، المصدر الأول داخلى والمصدر الثانى خارجى.. المصدر الداخلى ينقسم إلى أمرين .. الأول هو خوف أردوغان من النموذج المصرى للثورة «النموذج الشعبى».. شعب يخرج بالملايين يسقط من يحكمه.. وهذا يعتبر تجاوزاً للمفهوم التقليدى للتغيير عن طريق الصناديق.. الشعب المصرى قام بعمل شىء جديد وهو تطوير فى علم السياسة.. عندما تعجز الطرق الديمقراطية التقليدية أو ما يسمى بـ«الديمقراطية التمثيلية» التى نعيش فيها من خلال الصناديق .. فيخرج الشعب ليعلن كلمته.. هذا نموذج أردوغان «هندسة الأوضاع» داخل تركيا بطريقة كما فعل الإخوان وأصبح يعرف طريقه لصناديق الاختراع داخل تركيا متفوقا على الأحزاب الأخرى.. ولذلك عندما اقترح النموذج المصرى للثورة أصيب بحالة هلع وبدأ يحاربه.. أما الأمر الثانى فهو أن الجيش المصرى انحاز إلى الإرادة الشعبية وأعاد مجددا الاعتبار للجيش الوطنى.. أردوغان منذ فتره طويلة يحاول أن يسىء إلى وجود الجيش التركى فى السياسة .. وقام بتوريط قيادات الجيش التركى فى مؤامرة.. وقدمها للمحاكمة وكبار القادة أخذوا أحكاماً مشددة.. وبدأ يغير فى الدستور وفى القوانين بما يجعل دور الجيش مقيدا ليس له أى دور فى السياسة نهائيا .. وإن الجيش دوره محصور فقط فى الدفاع عن أى اعتداء خارجى على تركيا .. تحسبا إن الجيش ممكن أن ينقلب عليه أو على حكمه.. ولذلك هو ظل على موقفه أن ما حدث فى مصر هو انقلاب.. وأظهر كل العداء للجيش المصرى ولدور الجيش المصرى.. أما بالنسبة للمصدر الخارجى فيقول: السبب الخارجى الذى تأكد به اليقين هو أن حزب العدالة والتنمية هو فرع أساسى من فروع التنظيم الدولى للإخوان المسلمين.. هو من يستضيف هذا التنظيم ويصرف عليه وينسق عمله.. وبالتالى موقف أردوغان هو موقف نابع من سقوط المشروعالإخوانى الذى كان متصورا إنه سيعيد الخلافة الإسلامية مرة أخرى .. وبما إنه خلافة إخوانية لديه تصور أن الخلافة الإسلامية ستعود مرة أخرى إلى عاصمتها الحقيقية وهى الاستانة «إسطنبول».. وأنه سيكون هو أمير المؤمنين فى هذا الوقت.. وبالتالى بدأ يمارس دور العداء الشديد للدولة المصرية والعداء الشديد للجيش المصرى.. والإصرار بنفس الدرجة على ضرورة عودة محمد مرسى وعودة الإخوان المسلمين دون أى إساءة والتعامل على أن ما حدث هو انقلاب ويجب محاسبة من قاموا بهذا الانقلاب.. ثم يوضح الدكتور السعيد موقف مصر قائلا: نحن كمصر يجب أن نميز بين الحكومة التركية وبين الشعب التركى.. الحكومات تذهب وتأتى لكن الشعوب هى الباقية.
 
نحن يجب ألا نسيئ للشعب التركى ولا نسىء للعلاقات التركية المصرية.. ولكن نحصر المواجهة مع حكومة رجب طيب أردوغان ولانسمح له أن يتطاول على مصر ولا ثورة مصر ولا الشعب المصرى.
 
∎ حالة هستيريا
 
أما الدكتور عمر هاشم ربيع- الخبير السياسى والاستراتيجى بمركز الأهرام- فيقول:
 
إن ما حدث فى مصر أصاب تركيا وبالأخص حزب العدالة والتنمية بحالة هستيريا لأن استقطاب الهوية الإسلامية التى كان يرتقيها والتى بدأت من حكم الإخوان فى مصر «الدولة الكبرى» الدولة المركزية وانتقلت إلى تونس ثم سوريا ثم ليبيا ثم انهارت بعدذلك بعد عام من ولادتها فى مصر.. وهذا ارتبط أيضا بالاتحاد الأوروبى لأنه كان يراهن بين التركية وباقى الأحزاب الأخرى على الدخول فى الاتحاد الأوروبى منذ أكثر من عشر سنوات وانهارت هذه الفكرة مع موقف فرنسا وألمانيا تحديدا.. لأنهما كانا رافضين دخول تركيا الاتحاد الأوروبى.. وبالتالى تعلقت كل هموم هذا الحزب على مسألة استحضار الهوية الإسلامية وحكمها واستعادة دولة «الخلافة التركية» مرة أخرى.. فسقطت أيضا، وهذا جعله فى حالة عدم اتزان.. وبالتالى سيظل هذا الموضوع فى الذهن حتى رحيل هذا الحزب.. وبمجرد سقوطه فى الانتخابات سينتهى هذا الحزب تماما!!.. فالموضوع حزبى أكثر من كونه يتعلق بالشعب المصرى والشعب التركى.. لذلك ستتعلق العلاقات بين البلدين وسينتج عنه خسارة وضرر لتبادل المصالح بين البلدين.. لذلك ستتأثر العلاقات فترة طويلة لحين الانتهاء من هذه الأزمة.. أو إلى أن تبادر تركيا أو يحدث تغيير فى النظام السياسى نتيجة انتخابات تطيح بحزب العدالة والتنمية.
 
بينما أكد الدكتور نجاد البرعى- المحامى والناشط الحقوقى أيضا على تجمد العلاقات بين البلدين لحين سقوط سياسة أردوغان أو الرجوع عن موقفه و عدم التدخل فى شئون مصر الداخلية وسياستها.. والاهتمام بمصلحة بلده.. كما أنه أضاف إن سحب السفير التركى لا يعنى بتر العلاقات بين البلدين بل حتى تهدأ الأوضاع السياسية بين البلدين وستعود المياه إلى مجاريها.. مثلما يحدث فى كل ثورة.. وهذا الموقف ليس موقف تركيا وحده بل موقف أمريكا والاتحاد الأوروبى والاتحاد الإفريقى أيضا.. فالعلاقات لم تنقطع بينهم حتى الآن!!
 
الشعب الأمريكى:
 
إدارة أوبامـا مجنونـة!
 
 بعد الموقف الذى اتخذته الإدارة الأمريكية من الثورة المصرية يوم 30-6 والذى اعتبروه انقلابا عسكريا رغم نزول ملايين المصريين اعتراضا على حكم الاخوان الذى استبد بالحكم واضطهد الأقليات وأهمل فى تلبية حاجات شعبه.. وأصبح كل تركيزه على الاستيطان فى السلطة وأخونة كل مؤسسات الدولة دون النظر للكفاءة أو المهنية.. كما تسبب فى التفريق بين المواطنين وإشاعة الفتنة والعنصرية فى المجتمع..
 
إلا أن السياسة الأمريكية أبت أن تعترف بكل هذا وأخذت تسير فى مساعٍ لإخراج الإخوان من أزمتهم..
 
 كما قام جانب منها بزيارة خيرت الشاطر ومرسى فى سجنهما بل الأكثر من ذلك هددت بقطع المعونة عن مصر.. وعدم المشاركة مع الجيش فى أى تدريبات حربية مرة أخرى !
 
 وسط كل هذا ومن شدة الموقف الذى تتخذه الإدارة الأمريكية برئاسة أوباما.. انتابنى القلق على أصدقاء لى هاجروا لأمريكا هاربين من الطغيان الإخوانى.. فتحدثت إليهم لأطمئن عليهم وهل هم متأثرون بما يحدث أو أن الاضطهاد وصل لهم هناك عندما يعلمون أنهم مصريون مؤيدون لما يسمونه (انقلابا )..
 
 إلا أننى وجدتهم يقولون لى إن الشعب الأمريكى يرى الوضع أكثر وضوحا من إدارته ولا يتفق معها !!
 
 فقررت أن أتحدث مع مجموعة من الشعب الأمريكى لأرى ما رأيهم فيما يحدث فى مصر.. وهل يرون فعلا أن ما يحدث فى مصر انقلاب أم إرادة شعبية ؟!
 
 ∎إرادة شعبية
 
اول من تحدثت معه كان شابا من أصل ألبانى يعمل مهندسا ويحمل الجنسية الأمريكية منذ مولده هناك واسمه ( كين جريانى ) قال لى إنه لا يعرف الكثير من المعلومات إلا أنه على حد ما يقرأه أن هناك من لا يريد مرسى وأن هناك من يريده.. ووصف ما حدث فى مصر أنه إرادة شعبية تم فرضها بقرار عسكرى أى أنها ثورة أيدها الجيش..
 
 كما أنه يرى أن الجيش قد قام بما يراه فى مصلحة شعبه الذى بصـــورة أو بأخــرى ( استنجـــد ) ask for help به ليخلعه من حكم اكتشف أنه استبدادى وغير ديمقراطى أما بالنسبة لموقفه أو رأيه فى الإدارة الأمريكية فهو يرى أنها للأسف إرهابية terrorist
أما ( جونيدا لير ) وهى ربة منزل فترى أن الناس فى مصر تتقاتل لأن هناك من يريد مرسى الرئيس المنتخب ديمقراطيا وهذا على حد تعبيرها..
 
وهناك من لا يريده.. لكنها لا ترى أن الوضع وضع أغلبية وأقلية بل هى ترى أنه انقسام والغلبة كانت لمن وقف الجيش خلفه وأيده لذا ترى أن الجانب الأقوى بالجيش..
 
 كما أنها كمواطنة أمريكية لم تكن لتحب أن يحكمها جماعة متطرفة دينيا وأيضا تحمل السلاح. إلا أنها أبدت تعجبها واستغرابها من كيفية نجاحهم فى انتخابات جاءت بعد ثورة وانتخابات حرة.. وتساءلت هل تم خداع كل هؤلاء ؟!!!
 
∎الإدارة المجنونة
 
 أما ( باولا ) وهى سيدة من أصل إسبانى فى الستين من عمرها وتحمل الجنسية الأمريكية.. فترى أن ( مرسى ) كان أول رئيس مصرى منتخب فى بادرة ديمقراطية.. لكنه بدأ بعد توليه فى تغيير الدستور كما بدأ هو وجماعته ( الإخوان ) فى محاولة السيطرة على البلد لكن الشعب المصرى بأغلبيته لم يقبل بحكم الإسلاميين المتطرفين وهى تصف الإخوان بـ muslimo extreemsto .. كما أنها وصفت الإدارة الأمريكية بـ ( الإدارة المجنونة ) crazy admistraion وهذا يرجع لإدارة أوباما.. لذا هى ترى أن فرصة أوباما فى الانتخابات القادمة ضعيفة جدا!!
 
أما (مايكل جون رى) فهو أمريكى الأصل والجنسية ويعمل فى سوبر ماركت ويقول انه لا يعرف شيئا عن مصر لكن فى الأحداث الأخيرة يرى أن ما حدث هو انقلاب شعبى.. وهو حدث لم يحدث من قبل فى أى دولة أو ثورة فى العالم.. إنها ثورة يكملها أو يتسبب فى نجاحها الجيش.. ويعتقد أنه سوف يتكرر ويدرس فى الدول التى يحكمها استبداديون.. وهذا إن كان فعلا الجيش ولاؤه للشعب.. ويضيف إن ما يحدث فى مصر تصر الإدارة الأمريكية أنه يخص أمريكا.. إلا أن حقيقة الأمر أنه شأن يخص الشعب المصرى وما يريدونه.. فهم رغم أنهم مسلمون فإنهم رفضوا أن تتحول دولتهم إلى دولة دينية.. وأغلبيتهم مسلمون مسالمون لا يروقهم العنف والتشدد.
 
هذا باختصار رأى نماذج متنوعة من الشعب الأمريكى الذى استطعت التحدث معهم عن طريق sky b .. لكن ما تعجبت له حقا.. هو خوفهم الشديد من إبداء رأيهم، كما أنهم رفضوا الإفصاح عن انتمائهم السياسى !!
 
 وجميعهم رفضوا إرسال صور لهم.. منهم من قال مبررات غير مقنعة ومنهم من رفض دون إبداء أسباب.. أى أن الأمريكان رغم ما يتمتعون به من حرية.. إلا أنهم يرفضون بل يخافون من الإعلان عن اتجاههم السياسى.. مما أعطانى الإحساس أننا كشعب مصرى حقا (وحوش ) وندافع عن حريتنا بدمائنا.. كما أننى أحسست أن الديمقراطية ليست منهجا يمليه علينا الغرب.. الديمقراطية بالنسبة لنا هدف سنصل له مهما كان الثمن.