الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

هانى عبدالله وكتابه الخطير

هانى عبدالله وكتابه الخطير
هانى عبدالله وكتابه الخطير


جميل هذا الكتاب.. جميل ومهم وخطير كتاب الأستاذ هانى عبدالله، رئيس تحرير مجلة روزاليوسف.. اسم الكتاب صنع فى واشنطون . صادر عن مؤسسة روزاليوسف جميل فى كتابته رشيق العبارة وشيق الأسلوب ومرتب الأحداث بما يدل أن كاتبه يحمل عقلًا مرتبًا منظمًا ومنتظمًا..
خطير الكتاب لأنه يحمل بين صفحاته الكثير من الأسرار التى تخص عالمنا العربى فى فترة زمنية هى الأهم والأخطر فى تاريخه الحديث.. فترة الربيع العربى.. أو كما يسميه البعض الخريف العربى. إذا قرأت الكتاب تعرف أن كاتبه الأستاذ هانى كاتب من طراز فريد.. فهو يرتدى ثوب الحياد الممزوج بالوطنية الخالصة.. يرى الأحداث التى وقعت فى تلك الفترة الزمنية بعين محلل لا بعين كاتب صحفى. فهناك فرق كبير ما بين تأليف الكتب الصحفية وما بين تأليف الكتب التى تكاد تكون مرجعًا للتاريخ وكتاب صنع فى واشنطون من الكتب المرجعية الشاهدة والمحللة للربيع العربى  تسرد الحقائق وتحللها وتبرهن عليها من خلال وثائق انفرد بها الأستاذ هانى، ليقدم لنا كتابًا مهمًا للمكتبة العربية.. كشخصية صديقى هانى الهادئة خرج هذا الكتاب.. سرد هادئ بلا عجلة وبلا تضخيم للأحداث وبلا عصبية أو تحيز.. تحيزه الوحيد الظاهر كان للدولة المصرية.. غيرته الوطنية لم تطغ على الكتابة فقد كان عقله يتدخل فى الوقت المناسب ليكون الكتاب متزنًا بلا صراخ. والصراخ فى الكتابة التى اعتاد عليها كثير من الكتاب تفقد الكتاب مصداقيته. فقارئ الكتب يتمتع بعقل متزن هادئ صعب إقناعه بالعصبية أو بالحنجورية العربية المعتادة خصوصًا عندما يمس الكتاب الأوطان . لكن الأستاذ هانى استطاع فى هذا الكتاب أن يحافظ على توازن الكتابة فأرغم القارئ على الفهم وأشاح من على عينيه غمامة تواتر الأحداث. ولأن الأستاذ هانى بداخله أديب مصرى قديم استطاع أن يكتب بطريقة الحكى التى هى نوع مهم من الكتابة كأنك تقرأ سيرة شعبية لكنها حديثة. لا تمل أبدا وأنت تقرأ . بل يأخدك الكتاب من أول كلمة حتى تنتهى منه دون عناء أو ملل أو ضغط عصبى. فى هذا الكتاب أسرار خطيرة لما تم فى العالم العربى منذ اندلاع الثورات العربية التى أطلقت عليها الماكينات الأمريكية المخصصة للدعاية الربيع العربى. فالأمريكان أساتذة فى خلق التعبيرات التى تناسب المجتمع العربى يطلقونها فتصبح قانونا. وهو ما كان يفعله الدكتور هنرى كسينجر باختراع ألفاظ سياسة كالخطوة خطوة والسلام العادل والزيارات المكوكية وغيرها. بل هم من صنعوا مصطلح ( الشرق الأوسط) لتدخل إسرائيل ضمن الوصف للمنطقة. كشف كتاب صنع فى واشنطون كيف صنعت المخابرات المركزية الأمريكية ثورات الربيع العربى التى أزاحت أنظمة شاخت فى مقاعدها ولا بد من ترتيب الشرق الأوسط من جديد بما يتوافق مع المصالح الأمريكية المستقبلية. فى هذا الكتاب كشف كاتبه عن ما تم وكيف تم وما الغرض منه ومن هم اللاعبون الرئيسيون فى تلك اللعبة الضخمة الخطرة التى ستغير وجه الشرق الأوسط كله . وكانت فصول الكتاب كاشفة ومحللة بالوثائق وبالتحليل الدقيق وكان ختام الكتاب مدهشا. إذ تجلت وطنية الأستاذ هانى وظهرت واضحة وهو يقول وعبر شواهد التصدى لمحاولات فشل الدولة والنيل منها أو حتى تحجيمها سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا. كان من بين أهل مصر من هو جدير بالاحترام والإعجاب أيضا إذ نجحت الدولة المصرية عبر سبع سنوات خلت أن تحافظ على بنيانها وتماسكها المؤسسى بصورة حجمت مخططات التقويض والتقزيم. وبامتداد السنوات السبع نفسها كان أن اعتادت مسامعنا على المطالب الضاغطة مع الملف المصرى . كما من المتوقع أن تزداد تلك النغمة مع كل تقدم تحرزه الدولة المصرية على أرض الواقع وجزما ستزداد تلك النغمة حدة كلما باتت القاهرة أكثر استقلالا . لكن فى كل مرة يحدث فيها هذا الأمر عليك أن تعاود قراءة الحكاية الواردة ببداية الكلمة. تلك كانت آخر كلمات الكتاب. ألم أقل لكم أن هذا الكتاب جميل ومهم وخطير!