السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

خالد حافظ.. بين صياغة التراث وكسر الحواجز

خالد حافظ.. بين صياغة التراث وكسر الحواجز
خالد حافظ.. بين صياغة التراث وكسر الحواجز


"نوت", "انوبيس", "حتحور".. آلهة مصرية قديمة كسر بها الفنان خالد حافظ الحواجز الزمنية والمكانية وأسقط من خلالها الحدود الضيقة لآليات العمل الفنى, حين أعاد صياغة شكل ومفهوم الآلهة التقليدية ليقدمها في صورة أخرى غير نمطية ومعاصرة، إحداها وهي تلعب الايروبكس، وأخرى في صورة عارضة أزياء، وآخر يظهر كبطل لكمال أجسام، وهكذا أعاد "حافظ" تقديم التراث في قراءة وصياغة جديدة هندسية ومحكمة بعيدة عن المسلمات، فهدفه الرئيسى هو كسر الحواجز بين الماضى والحاضر, والتعبير عن كل ما يسعى إليه البشر من الوصول إلى الكمال ومقاومة الشر والبطولة المطلقة.


• طريق الفن
انحاز خالد حافظ إلى طريق الفن بعد تخرجه من كلية الطب جامعة الأزهر فاتجه إلى دراسة الفن بالقسم الحر فى أكثر من بلد, ليحصل على ماجستير الفنون من جامعة "رينية ديكارت" بفرنسا, و ماجستير الفنون من معهد "ترانس آرت" بنيويورك, ودرجة مشتركة من "جامعة الدانوب" بالنمسا, وفى مصر تتلمذ على يد الفنانين المصريين الكبيرين "حامد ندا وزكريا الزينى"، ورغم دراسته الأكاديمية للفن اتخذ أسلوبا فنيا خاصا متفردا يجمع مابين التراث الحضارى قديما ومفردات الحياة المعاصرة، وقد بدأت تتضح معالم أسلوبه لتأخذ منحى أكثر نضجا بعد عودته من فرنسا إلى مصر عام 1995,  يرتكز في أسلوبه الفنى على تصوير أبطال خارقين معاصرين من الغرب أصبحوا أيقونات للعامة، مع آلهة أسطورية قديمة من الشرق في تلاحم فني، معبرا عنهم في مجالات فنية مختلفة ما بين فنون (التصوير, التجهيز في الفراغ والفيديو آرت).
•صدمة بصرية
سببت الصور الفوتوغرافية و الإعلانات الضخمة على جدران آلاف العمارات التى تتميز بها الدول الغربية صدمة بصرية للفنان خالد حافظ فخلقت حافزا قويا لعملية إبداعية جديدة ومختلفة فى أسلوبه الفنى، فبعد أن كان يشتغل بالتجريد اكتشف فى فرنسا ميله إلى التشخيص, وهنا كان الاصطدام بين ما هو ثوابت ومسلمات وما هو دعائى استهلاكى (كسر الحواجز بين المقدس والغير مقدس)، فأخذ من التراث وفكك ثوابته ليقدمه برؤية جديدة (ما بعد الثوابت), فأصبح يستقى من الإعلانات الغربية عناصر لوحاته مازجا بينها وبين ما تعلمه من أسلوب أكاديمى متأثرا بهويته المصرية متأثرا بجداريات الفن المصرى القديم لما لها من خصوصية السرد سواء السياسى او الدينى.
• مزيج حضارى
في معرضه بعنوان "حدث ذات مرة في عدن" المقام حاليا بقاعة "أفق 1" التابع لقطاع الفنون التشكيلية تحمل أعمال الفنان خالد حافظ رموزا ودلالات عقائدية مختلفة جمع فيها بين العناصر الآدمية والحيوانية فى تآلفات دينية عقائدية، ولأن العالم فى وعيه الجمعى جعل من الرجل مفتول العضلات والمرأة الرشيقة أيقونة ورمزا للكمال فقد بحث الفنان فى الجديد من عناصر الحضارة الاستهلاكية عما هو أسطورى أو شعبي مستعينا بصورة البطل السينمائى والإعلانى (سوبر مان، سبايدر مان، بات مان، كات وومان، وغيرها)، وحولهم إلى أبطال أسطوريىن مضفيا عليهم مسحة قدسية بأقنعة الآلهة المصرية القديمة, لتتحول المرأة إلى الإلهة "حتحور" أو الإلهة "نوت" والرجل إلى الإله "أنوبيس"، فيصبح جزءا منهم بشريا والآخر أسطوريا خارقا من خلال مزج وتهجين كل تلك العناصر وخلق حدوتة جديدة تجمع بين أبطال شرقيين وأبطال غربيين على سطح واحد فى محاولة منه لعمل مزج حضارى يكسر الحاجز بين (الشرق والغرب, الماضى والحاضر, المقدس والاستهلاكي).
• لغة عالمية
للفنان فلسفته الخاصة فالتحول بين الأبطال قديما وحديثا ليس تطورا شكليا فقط لكنه تبادل للأدوار بين بطلين، لكن لهم نفس الدور سواء فى مقاومة الشر أو حماية الكون يفصلهم عن بعض آلاف السنين لاعبا على مفهوم تأثير البث الإعلامى فى نهاية القرن الـ 21 وتشكيله لوجدان البشر. ولأن الصورة الفوتوغرافية هى وسيطه التعبيرى فى تقديم لغة تشكيلية عالمية تميز بها أسلوبه الفنى استعان فيها بصورة البطل السينمائى والإعلانى للرجال من مجلات "كمال الأجسام" والمرأة من "مجلات الموضة" لإيمانه بضرورة تقديم وصناعة لغة مرئية يمكن قراءتها من أى قارة باستخدام عناصر مفهومة لدى المشاهد مستقاة من إعلام دولى يمكن التعرف عليها وفهم لغتها.
في مجال التجهيز فى الفراغ قدم الفنان في معرضه لغة تشكيلية جديدة شكل أبجدياتها من الرموز العسكرية (قناصة, دبابة, طيارة) والتى أصبحت جزء أساسى من لغة الخطاب الغربى الآن، كما استعان الفنان في معرضه ببعض العناصر والموتيفات المتنوعة التى استوحاها من الفن المصرى القديم أو من صندوق ذكرياته القديمة.
• فيديو آرت
تميز معرض الفنان بأعمال الفيديو آرت والتى تجمع مابين فن الرسم وفن التصوير السينمائى مما ساعده على  إعطاء صورة أكبر، وتوضيح فلسفته من خلال الاستعانة فيها بأكثر من وسيط منها الصور المتحركة والموسيقى التصويرية، فاستعان بلوحاته التصويرية وحولها إلى أعمال فنية متحركة مكتملة الأركان والعناصر، ليصبح فن الفيديو جزء من البناء الكلى للعمل لنشاهد أبطال لوحاته الأسطوريين يتحركون في أداء ديناميكي متكرر يؤكد على فكرة الخلق والتجدد والأبدية، وهي صفات الأبطال المقدسين التى تناولها الفنان في لوحات معرضه ليأخذنا من الإحساس ثنائي الأبعاد (اللوحة) إلى عالم آخر أكثر تفاعلا وتجسيدا.
يذكر أن الفنان خالد حافظ شارك فى العديد من المحافل الفنية الدولية منها "بينالى القاهرة الدولى, بينالى فينسيا", وأقام الكثير من المعارض الفردية داخل مصر وخارجها, كما حصل على العديد من الجوائز المحلية والدولية, مما أهله لإدارة الكثير من الفعاليات الدولية.