الأحد 4 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

ليس لدينا تعديلات معلبة

ليس لدينا تعديلات معلبة
ليس لدينا تعديلات معلبة


عقدت اللجنة التشريعية والدستورية  بمجلس النواب، برئاسة الدكتور على عبد العال جلسات استماع على مدار أسبوعين من خلال ست جلسات امتدت لما يقرب من 20 ساعة، دارت خلالها  نقاشات بناءة تميزت بالاتزان وحرية الرأى وتبادل الرؤى  حول التعديلات الدستورية المقترحة، وكان الدكتور على عبد العال يستمع بآذان صاغية وصدر رحب للجميع، المعارض قبل المؤيد، وكان حريصا على الرد بشكل واف ومباشر.

وكانت أبرز المواد التى دارت حولها المناقشات عودة مجلس الشورى من جديد تحت مسمى مجلس الشيوخ، بصلاحيات تفعل من دوره فى الحياة السياسية،  حيث  نصت المادة  المستحدثة أن يتكون المجلس من عدد لا يقل عن «250» عضوا يتم انتخاب الثلثين ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقى.
أيضا كان هناك اقتراح بتعديل الفقرتين الأولى والثالثة من المادة «102» التى تعمل على  ترسيخ تمثيل المرأة فى مقاعد البرلمان وتكون لها حصة محجوزة دستوريا لا تقل عن الربع أى 25 %، وقد اتفقت جلسات الحوار فى معظمها على ضرورة زيادة نسبة المرأة فى التمثيل البرلمانى وأكد المشاركين  فى جلسات الحوارعلى أنه يجوز تعديل  الدستور وهو الأمر الذى ليس فيه أى مخالفة للمادة  226 فهو ليس قرآنا أو إنجيلا، بينما اعترض البعض على وجود مادة انتقالية تمس شخص الرئيس، مقترحين ضمها للمادة 140حيث يستهدف اقتراح تعديل الفقرة الأولى من المادة «140» إلى زيادة مدة تولى منصب رئاسة الجمهورية لتصبح ست سنوات بدلاً من أربع سنوات.
وأكد عدد كبير من المشاركين على أهمية دور القوات المسلحة فى حماية الوطن،  مرحبين بتعديل الفقرة الأولى  من المادة 200 إعادة صياغة مهمة القوات المسلحة وترسيخ دورها فى حماية الدستور ومبادئ الديمقراطية والحفاظ على مدنية الدولة، وأشاد كل من شارك خلال الجلسات  باستحداث مادة  خاصة بتعيين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية لمعاونته فى القيام بمهامه واختصاصاته، واستمعت  الجلسات إلى رجال الدين، ورجال الإعلام، والقضاء، ورؤساء الأحزاب، والشخصيات العامة، والمجتمع المدنى،  ورجال المال والأعمال والمؤسسات المالية والاقتصادية والمجالس القومية المتخصصة.
 طموح متواضع
فى جلسة مميزة توافقت مع عيد الأم 21 مارس،  استمع الدكتور على عبد العال لرأى المجالس القومية المتخصصة والنقابات المهنية  ولصوت المرأة بشكل خاص، حيث كان الوجود مكثفا من عضوات المجلس القومى للمرأة وفيها تم طرح  زيادة نسبة التمثيل البرلمانى عن النسبة المقترحة،  وقدمت الدكتورة مايا مرسى رئيس المجلس القومى للمرأة خريطة للدكتور على عبدالعال بنسب تمثيل النساء فى المجالس النيابية حول العالم وأكدت فى كلمتها أن  نظام كوتة المرأة نظام دستورى معمول به فى   أغلب دول العالم، وعدد الدول التى تطبق نظام الكوتة 149 دولة، بينما تصنف مصر بالنسبة لسيدات البرلمان رقم 12 على مستوى الدول العربية، حيث تمثل دولة الإمارات العربية الترتيب الأول على مستوى الدول العربية بـ50 % مشاركة وتحتل مصر  رقم 31 من بين 46 دولة بأفريقيا فى تمثيل المرأة، مشيرة إلى أن نسبة الـ25 % هى طموح متواضع للنساء المصريات وأن تطبيقها سينقل مصر للترتيب الرابع عربيا فى تمثيل المرأة.
وفى نفس الجلسة، أشاد الدكتور أشرف مرعى المشرف العام للمجلس القومى لشئون الإعاقة بالتعديلات الدستورية والتى وصفها بأنها تضمن تمثيلا مناسبا  للمعاقين  بالبرلمان بشكل دائم، حيث نصت  المادة 244 أن تعمل الدولة على تمثيل الشباب والأقباط والمصريين بالخارج والأشخاص ذوى الإعاقة بعدما كان تمثيلهم مؤقتًا لفصل تشريعى.
موازنة مستقلة
المواد الدستورية التى اختصت بشئون القضاء كان لها نصيب كبير فى المناقشات، حيث عقدت جلسة حوار رفيعة المستوى لمناقشة المواد 185 و189و193  بحضور شيوخ القضاة وأعضاء وممثلى الهيئات والجهات القضائية وتمثلت أهم مطالبهم  فى عودة الموازنة  المستقلة  لكل  الهيئات  القضائية ومد فترة ولاية النائب العام لـ6سنوات، كما طالبوا بتوضيح اختصاصات وتشكيل المجلس الأعلى للجهات والهيئات القضائية برئاسة رئيس الجمهورية، وجاءت المادة 185 لتطالب بإنشاء مجلس أعلى للهيئات القضائية للنظر فى الشئون المشتركة للجهات والهيئات القضائية يرأسه رئيس الجمهورية بوصفه رئيس الدولة ويستهدف اقتراح تعديل المادة 189 فقرة ثانية «توحيد آلية إجرائية لاختيار كل من النائب العام من بين ثلاثة يرشحهم مجلس القضاء الأعلى ويصدر بالاختيار قرار من رئيس الجمهورية».
وقال المستشار محمد عبد العزيز الشناوى نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق  وعضو لجنة العشرة لوضع مسودة دستور 2014 إن الدستور قابل للتعديل، موضحا أنه كان هناك ظروف استثنائية أثناء صياغة دستور 2014 فقد تم وضعه فى فترة زمنية قصيرة مقارنة بالدساتير الأخرى فى ظل ظروف صعبة، وسط اعتصامات ومظاهرات.
ديمقراطية وتعددية سياسية
جلسة الاستماع لرؤساء الأحزاب كانت من الجلسات التى اتسمت بالديمقراطية والثراء فى طرح الأفكار، حيث شارك فى هذه الجلسة ما يقرب من 55 حزبا تحدثوا دون أى خطوط حمراء.
الدكتور عصام خليل، رئيس حزب المصريين الأحرار، قال إنه مع التعديلات الدستورية مطالبا بتوسعة اختصاصات مجلس الشيوخ، مقترحا أن يكون عدد أعضاء مجلس الشيوخ 270 بدلا من 250 لأنه يقبل القسمة على 3  حيث سيقوم رئيس الجمهورية بتعيين ثلث الأعضاء.
وقال الدكتور ياسر الهضيبى، ممثل حزب الوفد الجديد إن أى رئيس لا يمكن أن يدير مصر فى أربع سنوات فقط  و6 سنوات هى المدة الكافية، مرحبا بعودة مجلس الشيوخ  بشرط أن تكون له صلاحيات تشريعية وأن يطلع على معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة.
ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل، قال إنه قد رفع دعوى قضائية أمام مجلس الدولة فى 23 نوفمبر 2013 ضد لجنة الخمسين مطالبا فيها بالإبقاء على مجلس الشورى، ولجنة الخمسين ألغت مجلس الشورى فى دستور 2014 بالمخالفة  للائحة التى وضعتها لنفسها والتى نصت على ضرورة التصويت بنسبة 75 % من أعضاء اللجنة لإلغاء أى مؤسسة دستورية ولم تقترح لجنة الخبراء إلغاء مجلس الشورى وكان يجب على لجنة الخمسين الالتزام بما جاء فى تقرير لجنة الخبراء ولكنها طرحت إلغاء مجلس الشورى على التصويت فى الجلسة التى حضرها 42 عضوا وافق منهم 23 على إلغاء مجلس الشورى ورفض الإلغاء 19 عضوا وهذا التصويت طبقا للائحة لجنة الخمسين التى استلزمت تصويت 38 عضوا على الإلغاء، وهذا يعنى الإبقاء على مجلس الشورى، لكن  لأسباب أخرى ليس من بينها مصلحة الوطن، أصر البعض فى لجنة الخمسين على إلغاء مجلس الشورى وعللوا يومها بتخفيض النفقات، فى حين أن آخر ميزانية للشورى بلغت 155 مليون جنيه.
وأضاف الشهابى: «أطالب بأن يكون لمجلس الشيوخ سلطات رقابية تتمثل فى حق توجيه البيان العاجل وطلب الإحاطة والسؤال كما يمنح أيضا اختصاصات تشريعية كاملة تتضمن ضرورة موافقته على كل القوانين المكملة للدستور والمواد التى يتم تعديلها فى الدستور وعلى مشروعات القوانين التى يحيلها إليه رئيس الجمهورية».
وقال الشهابي: أوافق على التعديلات الدستورية، خاصة المادة التى تخص القوات المسلحة، فالقوات المسلحة هى التى تحفظ مدنية الدولة وهى التى حافظت على الدولة فى 25 يناير و30 يونيو وحمت مصر من الأعداء وتضحيات رجالها على أرض الوطن مستمرة.
المستشار جمال التهامى، رئيس حزب حقوق الإنسان والمواطنة، قال إن وجود غرفة ثانية وهى مجلس الشيوخ يعطى فرصة لدراسة أوسع وأشمل للقوانين قبل أن تدخل مجلس النواب، فمجلس الشورى السابق كان له تقارير وكان يتصدى للموضوعات العامة وللأمن الداخلى للدولة وكان ينظم الأحزاب السياسية فكان لديه لجنة سياسية حزبية بجانب ملكيته للصحف القومية وهى الآن أوضاعها فى تردٍّ.
الدكتور محمد زكريا رئيس حزب المواجهة قال إن استحداث مادتى إنشاء مجلس الشيوخ والمادة  160 والتى تنص على وجود نائب للرئيس هما رسالة قوية للخارج بالديمقراطية الحقيقية والتعددية السياسية.
الحاضر الغائب
وفى آخر جلسات الحوار المجتمعى  كان المشهد اللافت للنظر والأكثر تأثيرا  هو رسالة الدكتور محمد غنيم عبر البريد الإلكترونى للمجلس اعتذارا منه لعدم تمكنه من الحضور نظرا لمرضه وقد أرفق بها مقال صحفى له كتبه عن رأيه فى التعديلات الدستورية، وبدوره قرأ الدكتور على عبد العال المقال تقديرا لمكانة غنيم العلمية حيث كان غنيم هو الحاضر الغائب فى الجلسات.
وفى ختام الجلسات أكد الدكتور على عبد العال أنه لا يوجد صياغات معلبة، وأن  هدف الحوار المجتمعى هو الوصول إلى صياغات منضبطة للنصوص الدستورية قائلا: نحن لا نشرع لشخص معين وبالنسبة للمادة 140 فإن من تنطبق عليه الشروط يترشح لمنصب الرئيس. فالانتخابات تتم بكل حرية وديمقراطية وضماناتها موجودة من خلال كل قاض على كل صندوق وهيئة وطنية تشرف عليها.
الجدير بالذكر أن اللجنة التشريعية والدستورية برئاسة المستشار بهاء أبو شقة ستبدأ دراسة الملاحظات والعمل على ضبط الصياغة خلال 15 يوما وستطرح اللجنة التشريعية الصياغات النهائية على المجلس فى تقرير يوم 14 أبريل.