الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

هــو صغـير علـى الهم .. وهــى بنت بألف راجل!

هــو صغـير علـى الهم .. وهــى بنت بألف راجل!
هــو صغـير علـى الهم .. وهــى بنت بألف راجل!


كتبت: ابتسام كامل
أُحِبُ هذه الشابة، قُلتُها لنفسي وهي تجلس أمامي في المطعم السويسري بقلب القاهرة! لاحظتُ كيف تُطيل نظراتها لإحدى الشابات التي تضحك بصوت عالٍ أمامها، ثم التفتت إلي قائلة: سيبنا بعض!
-ببساطة هكذا؟
-تقصدين بسرعة هكذا؟ ابتسمتْ وعيناها العسليتان اللامعتان مثبتة في عيني، قائلة: منذ الشهور الأولى اكتشفتُ المقلب الذي شربته، ولكن بعد سنتين .. فاض الكيل ولم أعد أحتمل!
-قلت لها إنني واثقة في قرارها، فنظرت إليّ بدهشة، وأخبرتني أنني أكاد أكون أول من يخبرها بهذا!
-أمسكتُ يدها، فقالت: أعرف إنه اختياري، ولكن هل كان يجب ألا أخوض تجربتي لمجرد اختلافها عن تجارب الآخرين؟ أعترف أنني أخطأت، فهل كان يجب أن أتمادى في الخطأ لإرضاء أهلي، فأتعذب، وأعذب من حولي؟ وهل كان يجب أن أستمر في طريقي خوفا وتحسبا من شماتة الناس؟ أم خوفا من التبتر واحتمالية غياب الفرص -كما يحاول البعض إقناعي-؟
 قراري من رأسي
وضع الجرسون الطعام الذي طلبناه، وأنا أتأملُ حركة الشارع التي يُظهِرها زجاج المطعم، وبدون أن أنظر إليها، قلتُ: المشكلة الأزلية هي متى يجب أن يسمع الإنسان لصوت قلبه، ومتى يصبح من الحكمة أن يستمع ويستجيب لنصائح الآخرين؟
-رفعتْ الشوكة بيدها، وقالت: ما لاحظتهُ هو أننا ننصح بعض بناء على تجاربنا الشخصية؛ فمعظم صديقاتي شجعنني على الزاواج منه لأنه صيدلي وسنه صغير، وبعض أفراد أسرتي كانوا يحلمون بالعمل مع والده الغني، وبعض زميلاتي قالوا لي "هو حد لاقي"؟ حتى رجل الدين الذي سألته قال لي: البنت الشاطرة هي التي تغير زوجها! أما أمي فكانت سعيدة بزواجي لأفتح الباب لإخوتي! الوحيد الذي ترك لي حرية الاختيار كان أبي ... ولكنه يلومني الآن ويراني متسرعة، وقراري من رأسي!
بالورقة والقلم
وأنتِ،كيف ترين نفسِك؟ وأين الحب والعواطف في هذه القصة؟ 
 أنا أراني سعيدة لإنني اتخذت قراري، وتحديت الأصوات التي تراعي جميع الاعتبارات ماعدا حياتي!
أما الحب، وضعت رأسها فوق أنامل يدها اليمنى وأطلقت نظرة بعيدة، قائلة:أعتقد أننا نعطيه أسماء أخرى .. "عشان نقضيها"!  
ثم بدأتْ تروي لي: منذ اليوم الأول طلب أن أسلمه راتبي ليعطيني مصروفي..فأطعته، وأن أقطع علاقتي بأصدقائي لأنه غيور، وأن أتقبل تدخلات أهله في قراراتنا! تقبلت -في البداية- كل ما أتى منه ظنا أنني أستطيع تغيير ذلك حينما أريد! حتى بدأ يخبرني أنه لا يريد أطفالا! فتحولت علاقتنا الخاصة لجحيم، حيث كل شئ في رأسه يدور بالورقة والقلم!
سألتها كيف لم تلحظ العلامات؟ فبالتأكيد أخبرها بذلك!
فأجابتني: وهل تتخيلين أنه أظهر آراءه هذه قبل الزواج؟ لا طبعا، فقد كان ذكيا وعرف أنه سيخسرني إن أظهر معتقداته وطباعه مثلما حدث ذات مرة، فابتعدتُ وانسحبتُ، فبكى وترجاني أن أمنحه فرصة أخرى لأنني أفضل ما حدث في حياته- بعد التجارب التي مر بها رغم أنه لم يتعد السادسة والعشرين، كما كان يقول!
التقطتُ قولها، وأخبرتها: هذا هو السر إذن، يبحث عن امرأة يثق بها، ولكن تجاربه تعيقه عن التمتع بحياة طبيعية، فيفقد كل شئ!
 وكأنها كانت تفسر قولي داخلها، ثم قالت: كان يجب أن أتعرف على أسرته قبل الزواج، تخيلي أنه صورة من والده الذي بإسم الحب اعتقل أمه منذ أول يوم زواج، ولم يعد لها دور في الحياة سوى أنها زوجته؟
صغير على الهم
لم أشتكِ في البداية، تستطرد: وعاهدتُ نفسي أن أحتمل وأخوض الأمر لنهايته، حتى اكتشفت أنني حامل، فأقام الدنيا وطلب أن أجهض الطفل لأنه "لسة صغير على الهم والمسئولية" ويريد أن أتفرغ له ويستمتع بحياته! وافقتْ أسرته على رأيه وحاولوا إقناعي بطاعته، وكتمتْ أسرتي غيظها لئلا يخربون بيتي! أما أصحابي فالتزموا الصمت لعلمهم أن حلم الأمومة متأصل بكياني، أما رجل الدين فبدأ يتهرب مني، لئلا يتحمل مسئولية قراري، حيث كان حائرا هل يشجعني ضد زوجي ويدفعني لكسر طاعته، أم يجعلني أغضب الله وأقتل روحا في أحشائي؟وكان هذا عاملا في اتخاذ قراري بنفسي، لأنني شعرت أن الحق ملتوي في هذا الزمان "اللي البنت فيه بألف راجل"!
عرفتُ منها أنها فقدت جنينها بعد أيام نتيجة لسوء حالتها الصحية، مما زاد تمسكها بالرغبة في الانفصال عن زوجها الذي لم تتعب كثيرا في إقناعه بضرورة ذلك، بل أخذ يسرع في الإجراءات لئلا يعطيها الفرصة للشكوى منه فتضطر لفضح أمره بأنه رجل أناني -كما كان يتباهى بقوله ذلك عن نفسه دائما-! 
بعد ساعات من اللقاء، كانت صورتها وكلماتها وشجاعتها تملؤني، فأرسلت لها رسالة على الواتس آب، قلت لها فيها: نادين .. أشكرك للقوة والإرادة اللتين ألهمتني بهما اليوم!