نساء العبقرى .. بيكاسو

مودي حكيم
الإعجاب هو أن تقف خمس ساعات أمام لوحة جميلة فى المتحف
الحب هو أن تقف خمس دقائق فقط.. وتذهب ثم تعود لسرقتها
بابلو بيكاسو
مقولة لبيكاسو تحدد معالم تفكير العبقرى فى ذكراه الخامسة والأربعين بعد رحيله عن 91 عاماً، واحتفالاً به أنتجت مجموعة قنوات «ناشيونال جيوجرافيك» بالتعاون مع فوكس القرن الواحد والعشرين مسلسلاً تليفزيونياً فى عشر حلقات تحت عنوان «العبقرى - بيكاسو»، وهو ضمن خطة طموحة للشركتين العملاقتين لإنتاج مجموعة مسلسلات تليفزيونية عن العباقرة، وهو العمل الثانى بعد أن قدمت من قبل مسلسلاً عن العبقرى إينشتاين ضمن حلقات سيرة ذاتية ودراما عن حياة أشهر العلماء والشخصيات المؤثرة عالمياً، فقدمت فى الموسم الأول قصة حياة عالم الفيزياء الألمانى الشهير والحاصل على نوبل «إلبرت أينشتاين» من سنوات حياته الأولى مروراً بفترة عمله كموظف فى هيئة تسجيل براءات الاختراع وحتى أواخر سنواته كفيزيائى والفترة التى أسس فيها نظريته عن «النسبية»..العبقرى - بيكاسو يكشف النقاب عن الارتباط الوثيق بين طبيعة بابلو بيكاسو - الفنان الإسبانى - العاطفية الانفعالية وحماسه المبدع وبين حياته المضطربة التى تتمحور حول زيجاته وعلاقاته النسائية المتعددة والتغييرات السياسية المستمرة فى عصره وعبر عنها بالرسم، حيث عالج ما وقع من أحداث تاريخية والتزم قلباً وقالباً بالنضال ضد الفاشية.. واحد من أكثر رسامى القرن العشرين نفوذاً وشهرة متخيلاً ومصوراً للعالم بطرق وأساليب جديدة وغير تقليدية.
مسلسل تألق فيه أنطونيو بانديراس فى دور بيكاسو فى المرحلة العمرية المتقدمة، ويلعب الدور فى مرحلة الشباب الممثل إليكس ريتشى، من إخراج رون هودارد وبريان برازر وصورت أحداثه فى مدينتى بودابست ومالجا.. مسلسل يلقى الضوء على حياته وسعيه الدائم للابتكار وإعادة اكتشاف نفسه بشكل مستمر وما أحدثه من نقلة نوعية فى أعماله الفنية، ما أكسبه شهرة عالمية فوصف بالعبقرى، وأنتج ما يقدر بخمسين ألف عمل فنى.
كان بابلو بيكاسو يعشق الليل وكان غالباً ما يرسم فى جنحه وعشقه، حيث كان يمنحه تصوراً خافتاً خاصاً للأضواء والظلال، وبالتالى كان يدنو من ملامسة الواقع واشتهر بأعماله النحتية التى كان معظمها من اللون الأبيض، لأنه كان اللون المفضل لديه عند نحته لوجوه النساء ورؤوسهن.
نساء بيكاسو
من النساء التى لعبت دوراً مميزاً فى حياته الرسامة والكاتبة الفرنسية فرانسوا جيلوت وتلعبه الممثلة الفرنسية كليمانس بويزى.
فرانسوا ارتبطت عاطفياً ببيكاسو وأنجبت له طفلين هما كلود وبالوما تعرفت عليه عام 1943 فى أحد المطاعم واستمرت العلاقة بينهما عشر سنوات وأصدرت ثلاثة مجلدات عن حياتهما «حياتى مع بيكاسو» وهى أول من كشفت عن حياة بيكاسو بوجهيها الظاهر والخفى، الفنى والإنسانى، وتصفه بأنه رجل عبقرى فصيح اللسان، أنانى متقلب لا يخشى من أحد ولا يعترف بالأعراف والتقاليد، وفوضوى.
فرانسوا درست الفنون والرسم وعلمها بيكاسو الرسم وتقنياته، فكانت المنفذ والمساعد لكثير من لوحاته، سواء فى الاستنساخ أو ملء الأشكال بالألوان وكرست كل وقتها للرسم، وهى والموديل المفضلة لدى بيكاسو، ولكن صديقات بيكاسو القديمات كارثة أفزعت مضجعها ووترت العلاقة بينهما وخاصة الرسائل اليومية من صديقته القديمة مارى تيريسا، وكان يحبها كثيراً ويعتبرها فينوس صاحبة الإلهام والجمال، ولكن بيكاسو ذو طبيعة متقلبة ليس له صديقة دائمة، وإنما فن دائم وهو الذى قال: «الفن يمسح عن الروح غبار الحياة اليومية».. مارى تيريسا وتمثل الإشراقة والبهجة فى حياته ومعها وصل إلى المجد والثروة وعاشت معه فى حب 30 سنة، شقراء فاتنة جذابة من أصل سويدى، جاءت إلی باريس للعمل واكتساب الثقافة، تعرف عليها فى جاليرى Lafayette فى باريس عام 1927 وكان عمرها (147) عاماً وبيكاسو فى السادسة والأربعين، وقبلت دعوة بيكاسو لرسمها، ثم تكررت الزيارات وتعمقت العلاقة السرية، ثم انكشفت من خلال حضور مارى فى لوحاته.. واشترى بيكاسو قلعة Boisgeloup على بعد 6 كم من باريس وأهداها إلى مارى وحولها إلى مقر عمل وراحة واستجمام وحب، تألق بيكاسو فى حياته الفنية من خلال حبه لمارى الذى جعله فى حركة نشاط دءوبة يبدع فيها ويخلق، فكانت لوحاته في سنوات انعزاله مع مارى يرسمها بنهم ورغبة عارمة، فرسمها بأوضاع مختلفة وأشكال متنوعة ومواد وتقنيات حديثة.. لعبت دور مارى تيريسا عارضة الأزياء البريطانية بوبى ديلفين، بيكاسو أنجب من مارى طفلة اسماها مايا كانت حاضرة فى الكثير من لوحاته، وعندما كبرت كانت البنت الوحيدة المدافعة عن أبيها أمام الصحافة، والنقاد والتشويهات التى لحقت به، والحارسة على مجموعة كبيرة من اللوحات التى ورثتها عن أبيها.. لكن العلاقة مع مارى تيريسا انتهت عندما أقام معرضًا لأعماله فى باريس وحضرت زوجته الروسية أولجا ورأت امرأة عارية فى لوحاته فانهارت، مما أدى إلى انفصالها عن بيكاسو.. وكان بيكاسو قد تعرف على أولجا وهى تعمل كراقصة باليه، تعرف عليها أثناء رحلته إلى إيطاليا، وكانت ضمن فرقة باليه روسية فى جولة أوروبية، وانتهت العلاقة بالزواج عام 1918، وهو لم يتزوج فى حياته إلا بامرأتين فقط هما أولجا وجاكلين روكى، أما باقى العلاقات فكانت معاشرة رغم أنه أنجب منهن أولادًا وبناتًا، وأثناء زواجهما عمل كرسام لديكورات فرقة الباليه، وكانت أولجا متدينة ملتزمة تغار على بيكاسو وتراقبه وتحاسبه على علاقاته الطائشة مع الفتيات، مما حول حياة بيكاسو إلى جحيم وأثنائها تعرف على مارى تيريسا، فأهملها وتركها وانتهت بمرض السرطان وماتت بعد أن أنجبت له ولداً باول.
الزوجة الثانية كانت جاكلين روكى، وهى آخر زوجات بيكاسو تزوجها فى سن السابعة والعشرين، بينما كان عمر بيكاسو 72 عاماً كانت فاتنة الجمال لها عينان خضراوان ساحرتان وملامح غربية شرقية المظهر، كانت متزوجة من مهندس فرنسى والتقت ببيكاسو عندما كان يعيش مع صديقته فرانسوا جيلوت، فطلبت الطلاق من زوجها لتتزوج من بيكاسو، واستطاعت دراسة الوضع النفسى لبيكاسو، فنجحت فى امتلاكه بدلاً من أن يمتلكها، وقد اختزلت جاكلين حب كل النساء التى مر بها بيكاسو فى نفسها وجسدت فى حبها له، وكانت تخاطبه بـ«سيدى» فكانت المحرك لبيكاسو فى الإبداع والخلق وعزلته من الفوضى وهلوسة النساء وأعطته جرعة مهدئة ومسكنًا واستقرارًا، فكانت آخر حب لبيكاسو.. كان أقرب الأصدقاء لبيكاسو الشاعر الإسبانى كارلوس كازاجيماز الذى لعب دوره الممثل الإيرلندى روبرت شيهان.
وفى حوار أجراه الممثل أنطونيو بانديراس مع موقع USA Today أنه كان يحلم بأن يلعب هذا الدور، وأن بيكاسو كان جزءاً مهماً فى حياته، ففى طفولته كان يذهب إلى المدرسة القريبة من الشارع الذى ولد فيه بيكاسو، فى مدينة فرانكو بإسبانيا، وكان بيكاسو مثله الأعلى ومصدر إلهامه. وقال إنه عانى من تعب يومى لحضوره موقع التصوير فى الرابعة صباحاً ليبدأ عملية الماكياج لمدة أربع ساعات واضطر لحلق حاجبيه وتبييض شعره حتى يصبح شبيهاً بالرسام الشهير.. واختتم فى أكتوبر الماضى النجم انطونيو بانديراس تصوير مسلسل العبقرى بيكاسو بمشهد موت الفنان الإسبانى الشهير فى عام 1973 داخل فيللته المعروفة باسم نوتردام دى فى، وذلك فى إحدى ضواحى العاصمة المجرية بودابست. •