الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

نـاس علـى الهامـش!

نـاس علـى الهامـش!
نـاس علـى الهامـش!


[if gte mso 9]>

Normal
0


false
false
false







MicrosoftInternetExplorer4

[if gte mso 9]>




 


عايشين ومش عايشين الاسم  بنى آدمين.. لكن واقعهم لا يدل على ذلك.. يعيشون فى الشارع، يأكلون من أكوام الزبالة، ينامون فى كوخ صغير يقولون عليه أنه مسكنهم.. يحمدون الله إذا وجدوا ماء فى بيوتهم.. والكهرباء دائما ما تكون مسروقة من أعمدة النور فى الشارع الرئيسى وعن الصرف الصحى حدث ولاحرج.. فهذا شىء لم يصل إليهم بعد.. لكنهم ليسوا ناقمين على حياتهم فقد تعودوا عليها كذلك.. استوطنوا الجبل وجعلوا منه موطنا لهم ولأولادهم.. واكتفوا بأربعة جدران وسقف يعيشون بداخله حتى لو كان من الخوص.. التعليم والصحة وحقوق الإنسان رفاهية بالنسبة لهم.. كل هذا فى عشوائية من مئات العشوائيات الموجودة فى مصر وهى منشأة ناصر.. عن طريق جمعية نهوض وتنمية المرأة والتى تهتم بحال المرأة داخل العشوائيات وتسعى لتجعل المرأة تحقق ذاتها وتحصل على آدميتها.. للتغلب على المأساة التى يعيشونها.
 
 
 
هى منطقة آيلة للسقوط.. وغير صالحة للعيش الآدمى.. رغم تكدس الناس بها رغما عن أنفسهم.. شوارعها غارقة فى مجاريها تشبه حمام السباحة لكنه أسود اللون تأكل فى جدران البيوت.. والرائحة تحوم حول المنطقة من الخارج.
 
وذلك بالإضافة إلى أكوام الزبالة التى استقبلتنا عند مدخل المنطقة.. أما بالنسبة للبيوت فهى عبارة عن أشباح مرعبة.. لا مياه  ولا كهرباء.. الهواء بداخلها يكاد يكون منعدما.. ومعظم البيوت نصفها مهدود والنصف الآخر آيل للسقوط والبعض الآخر سقط على أهله.. بل لايخافون فهم يسكنون بداخلها ويأمنون على أرواحهم فيها لأنهم لا يجدون بديلا يعوضهم عن هذه الحياة غير الآدمية.
 
∎  نفسى أحس إنى بنت بجد..
نجلاء ــ 16 سنة - والتى تسكن فى غرفة مع 7 أخوات.. هى الخامسة بينهم.. تصف نجلاء شكل البيت الذى تسكن فيه قائلة: بيتنا فوق الجبل مكون من أربع حيطان وسقف متغطى بالخشب.. مفيش ميه ولامجارى وكل يوم أنزل من فوق علشان أجيب ميه حوالى خمس مرات وبعد كده أروح شغلى.. وأكثر حاجة مضايقانى معاملة اخواتى الولاد لى.. يعنى مثلا وإحنا بناكل يفضلوا يطلبوا منى طلبات كثيرة ومابعرفش آكل لأنى لما بخلص طلباتهم مابلاقيش أكل يفضلّى ولو اشتكيت فى يوم لأبويا بيضربنى ويقول لى: طلبات اخواتك أوامر.. وبصراحة كتر الحزن بيعلم البكا ومعاملة اخواتى وأبويا  ليا خلتنى أتعامل مع الناس وحش خاصة زملائى فى الشغل.. ثم سرحت لثوانى وقالت: دايما كنت بكدب على أبويا وبفرح قوى لما بكدب عليه وبحس أنى بفش غلّى فيه لما بكدب عليه وكمان بشوف صورة أبويا فى صاحب المصنع اللى بشتغل فيه.. وعشان كده دايما برد عليه وبصراحة كده أنا كرهت كل الرجالة قوى وبشوفهم كأنهم وحوش وكمان حاسة إن البنات ملهمش حظ زى الأولاد بيعملوا كل اللى عايزينه من غير ما حد يعاقبهم.. ثم تضيف نجلاء:  نفسى حد يقول لى كلمة حلوة  ويحسسنى إنى بنت بجد.


∎  أتمنى عيشة أفضل لأولادى..
 أما أم محمد- 38 سنة - فهى سيدة بسيطة جدا استأجرت عشة بـ150جنيهاً فى الشهر لتسكــن فيــها هــى و أولادهــا الأربعــة.. فتقــول أم محمد: تزوجت وأنا فى الرابعة عشرة من عمرى من شخص عنده 48 سنة أصر والدى على زواجى منه رغم أنه كان متزوجاً من امرأتين قبلى.. بعدما أنجبت أربعة أولاد.. تزوج بأخرى وطردنى أنا وأولادى.. فلم أجد مكاناً إلا هنا.. وأخدم الآن فى البيوت لأصرف على أولادى، حيث يرفض والدهم إعالتهم.. وعندما ذهبت مرة لأطلب منه فلوس دواء لابنه الصغير ضربنى وشتمنى.. وكاد أن يقتلنى.. أعيش الآن فى هذا المكان وأحمدالله عليه.. ولكنى أتمنى عيشة أفضل لأولادى أتمنى أن يتعلموا.. ولكن كل هذه الأحلام بعيدة عنى الآن.. وأبسط حلم الآن أن أبنى سقفاً لا تهطل منه الأمطار على أولادى فى الشتاء!.
 
∎  نفسى الناس تحس بينا
أما عائشة محمد -36 سنة - فهى تسكن فى عشة قريبة من عشة أم محمد عندها خمس بنات تزوجت وهى فى الثالثة عشرة من عمرها كانت تعمل تمرجية فى مستشفى حكومة وتعرفت على زوجها الذى كان يعمل أيضا تمرجيا فى نفس المستشفى ويكبرها بعشر سنوات بعد زواجها بسنتين اكتشفت أنه مدمن الحقن المخدرة والتى كان يسرقها من صيدلية المستشفى ثم تم القبض عليه بعد إنجابها طفلتها الخامسة وخلال هذه الفترة كان يأخذ مرتبها ولا يصرف على الأولاد وكانت تستعين بأهل الخير  للصرف على أولادها.. بعد سجنه انتقلت لهذه العشة لتكون أرخص من البيت التى كانت تسكن به فى المقطم.. تقول: فى البداية مكنتش قادرة أعيش فى المكان هنا لأنه «كان صعب جدا» لكن مع الوقت بدأت أتأقلم أنا وبناتى على العيشة هنا.. وعندما سألتها عن أحلامها قالت: نفسى أشوف بناتى متعلمين ومتجوزين  وكل واحدة فيهم بتشتغل ومكفية نفسها ومش محتاجة لحد.. وخايفة عليهم من المستقبل يكون شايل لهم مصيبة زى اللى كان شايلهالى.. نفسى الناس تحس أننا كلنا ولاد تسعة، مفيش فرق بين غنى وفقير نفسى ويتعاملوا معنا على أننا بشر مثلهم مش خدم وعبيد.. أنا نفسى المسؤولين الكبار يحققوا وعد من الوعود اللى بنسمعها على طول منهم..
 
∎  ماتت كل أحلامى
بينما الحاجة أم عبدالله ــ 45 سنة ــ وجدتها جالسة على باب بيتها وفى يدها رغيف عيش محجر على حد قولها تغمسه فى كوب من الشاى حتى تستطيع مضغه بأسنانها الضعيفة التى لم يظهر منها سوى سنتين وكام ضرس..  وأعطتنى قطعة من العيش.. أخذتها منها وجلست بجانبها.. وبدأت تروى لى قصتها قائلة: كان عندى أحلام كتيرة وأنا صغيرة لكن الحمد لله لم يتحقق منها أى شىء.. كان نفسى أتعلم وكنت بحلم أتجوز راجل كويس يحافظ على و يحمينى.. تزوجت بالفعل لكنه كان لا يعرف ربنا.. كان يضربنى ويبهدلنى حتى وأنا حامل دون رحمة.. ويقول لى أن الدين يقول أن الزوج يجب أن يربى مراته بالضرب.. ولما مات كنت بحلم ألاقى شغلانة شريفة وأقدر آخد بالى من العيال  الستة.. وكنت بحلم أعلمهم.. ولما جيت آخد المعاش عرفت أنى ساقطة قيد وأنى ماليش وجود.. كنت عاوزة اللى يقول لى أعمل بطاقة إزاى !!! ولما صاحب البيت طردنى أنا وأولادى اضطريت أعيش فى أوضة أشبه بالزريبة وكنت بحلم أشرب ميه نضيفة وآكل أكلة نضيفة.. وماتت  كل أحلامى زى ما شبابى مات ودبل وزى ما جمالى مات و دبل.
 
لملمت أوراقى ونفسى وخرجت باكتئابى من المكان  لأنهم كانوا ينظرون لى وكأننى كائن فضائى قادم من كوكب آخر ونظرات الغضب تظهر فى  أعينهم فاكرينى بأتفرج عليهم!!
سنواصل معكم ومعهم فى الأعداد القادمة الإبحار مع البشر والمكان فى دنيا العشوائيات فى مصر.∎