الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

أنا ابن شاهندة وصلاح

أنا ابن شاهندة وصلاح
أنا ابن شاهندة وصلاح


يحل هذا العام عيد الأم الثانى من دون وجودك معى يا أمى الغالية ياشاهندة.
أشعر باليتم من بعدك حتى وأنا قد تجاوزت الخمسين من العمر. وأتذكرك أحيانًا مع دموعى حينما أستعيد كلمات الشاعر أحمد فؤاد نجم بصوت الشيخ إمام وهو يتغنى بنضالك وتضحياتك منشدًا: «يا شاهندة وخبرينا.. يا أم الصوت الحزين.. يا أم العيون جناين.. يرمح فيها الهجين.. إيش حال المساجين.. إيش حال الصحبة معاك نوار البساتين».

كانت القصيدة بعد اعتقالك فى حملة سبتمبر 1981، ومازالت القصيدة تتغنى بك، ومازلت أنت حية فى قلبى،  كيف قمت بتربيتنا ونحن أطفال صغار وأنت وحدك.
استشهد والدى صلاح الدين حسين وهو فى الثانية والثلاثين من عمره، وترك أمى فى عنفوان شبابها بأعوامها الثمانية والعشرين ومعها ثلاثة أطفال، أكبرهم أنا وكان عمرى سبعة أعوام ونصف، وأصغرهم لا يتجاوز عمره الأربعين يومًا.
الآن فقط أتخيل أى حمل ثقيل رفعته وحدك، على كتفيك، ومضيت به فى الحياة، لكنك كنت عنيدة ومقاتلة، منذ أن ارتبطت بوالدى رغم معارضة أسرتك لذلك الزواج، ثم عشت معه قصة كفاح ضد الإقطاع من أجل إنصاف فلاحى قريتنا «كمشيش»، وهو كفاح بلغ حد الصدام بالسلاح مع كبار الإقطاعيين فى القرية وأدى إلى استشهاد والدى فى أبريل 1966.
ولكن نضالك حصد ثماره حين أشار الزعيم جمال عبد الناصر فى خطابه السنوى بمناسبة عيد العمال إلى هذا النضال واعتبر أن استشهاد والدى: «دليلًا قاطعًا على عدم تقدير الحكومة للخطر الذى يمثله أعداء الثورة».
هذه كلها لحظات مضيئة أتذكرها كلما حل عيد الأم، وكلما تذكرتك، وكلما افتقدتك بشدة، وكلما شعرت باليتم من بعدك حتى وأنا قد تجاوزت الخمسين. وقد عشت أنت بعد استشهاد والدى تواصلين رسالته الفلاحية، وحدك، من دون أن تضعفى،  أو تتعبى،  أو تركنى للراحة.
أتذكر الآن محبتك وبيتنا المفتوح وأنت جالسة بين الأصدقاء والضيوف والمحبين تضحكين وتقدمين الشاى والطعام وتتحدثين فى هموم الوطن فأقول لنفسى إنك عشت حقًا حياة تستحق أن تروى.
كل سنة وأنت طيبة يا أمى، يا حبيبتى،  وياصديقتى،  ويا من كنت لى الأم والوالد والرفيق والطريق معًا. كل سنة وأنت طيبة. •