الأربعاء 14 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

بعيدا عن كل أزرار التكنولوجيا‮ ‬

بعيدا عن كل أزرار التكنولوجيا‮ ‬
بعيدا عن كل أزرار التكنولوجيا‮ ‬


أشعر وكأنه الأمس القريب تتقدم قدم بينما تتأخر أخرى فى رهبة تخشى أن تتعثر فى بداية الطريق أدخل لباب الصبوحة كما كان يحلو لرساميها وصحفييها أن يطلقوا عليها بينهم هي‮ »‬صباح الخير‮« ‬المعشوقه الدلوعة هكذا بدأ حديثى مع الراحل الفنان إبراهيم عبدالملاك عندما قابلته لأول مرة،‮ ‬حيث كان هو واسطة الخير لأدخل إلى مكتب رئيس التحرير العبقرى الكاتب رءوف توفيق والذى قابلنى بابتسامة زالت معها كل مخاوفى وأعطتنى أملا كبيرا‮!‬
‬كنت مجرد فتاة صغيرة حديثة التخرج لم يبصر قلمى النور إلا من خلال محاولات أثناء الدراسة الثانوية حصلت من خلالها على عدة جوائز وتشجيع مدرسي‮.‬. أذكر جيدا أول تحقيق صحفى لى كان عنوانه‮ »‬الأدب وقلة الأدب فى كلام المثقفين‮« ‬وقتها شرفنى برسم الموضوع اثنان من فنانى صباح الكبار محمد الطراوى وجمال هلال وكان الموضوع يحقق ببساطة فى اللغة وطريقة كلام،‮ ‬وحديث المثقفين فى ذلك الوقت منذ نحو عشرين سنة،‮ ‬حيث بدأ يجتاح المجتمع لغة‮ ‬غريبة وطريقة فى الحوار لم تكن تتناسب مع مجتمع المثقفين،‮ ‬ولعل ذلك قبل انتشار الفضائيات ومواقع التواصل الافتراضى فكان تبادل الاتهامات المصحوبة بالسباب تتم عبر الصحف والمجلات،‮ ‬والتى كانت تتصيد خروج مثل هذه الاتهامات‮.‬
داخل جدران صباح الخير كان هناك تناغم وتفاهم وتكامل بين الرسام والصحفى والكتاب جميعهم فى مكاتب متراصة اتخذت من‮ ‬غرف الصبوحة القليلة ملاذا للتفنن فى إخراج مجلة السهل الصعب فى آن معا،‮ ‬كانوا جميعهم نجوما فى الخارج لكن كلهم تواضع يتحدثون دون تكلف،‮ ‬أذكر أنه كان كل أمنياتى هو أن أسلم عليهم من بعيد ولكن ها أنا ذا تضحك الدنيا لى بفم واسع وضحكة عالية أجلس وسطهم أتحدث معهم وأتعلم منهم الكثير فى مهنة المتاعب ومتاعب الحياة‮!‬
نعم كانت الصحافة منذ عشرين سنة هى مهنة المتاعب وبالتأكيد هى كذلك قبل ذلك الوقت بعشرات السنين،‮ ‬فكيف سأجرى حوارا مع سياسى أو نجم دون أن أبحث فى الأرشيف،‮ ‬أقضى ساعات لقراءة آخر حواراته وتصريحاته وأبحث فى كم كبير من النسخ والمجلات حتى أجد ما أريد‮! ‬بعيدا عن رفاهية جوجل واليوتيوب وبرامج التوك شو وبعيدا عن كل أزار التكنولوجيا‮! ‬التى لم تكن منتشرة أو مستخدمة فى ذلك الوقت وإن كانت فى بداياتها‮!‬
كان جل إحساسى بالمتعة عندما أحتضن أوراقى على مكتب استأذنت من صاحبه بعد أن‮ ‬غادره لأجلس عليه بضع ساعات أكتب موضوعى فى جلسة خاصة جدا‮.. ‬قلم وورقة وأفكار أو جهاز تسجيل بسيط يحمل حوارا يحتاج إلى نقله على الورق كل ذلك بعيدا عن أزرار التكنولوجيا،‮ ‬أنهى موضوعى أهرول سريعا لمدير التحرير أستاذى رشاد كامل أسلم أوراقى وأنظر إلى ملامحه أتفحصها لعله يبتسم،‮ ‬ولكن فى بعض الأحيان وقبل أن ينهى مقدمة الموضوع أجده يمزقه ويطلب منى العودة لكتابته من جديد وها أنا ذا أعود ليس معى نسخة أخرى لأعدلها وليس لدى أى مسودة على جهاز ما أكتب موضوعى من البداية بعيدا عن كل أزرار التكنولوجيا لأحاول بكل جهدى تجويده حتى لا يعود إلى من جديد كطفل يأبى أن يترك يد أمه وأدعو الله أن يأخذ طريقه للنشر‮!‬
لم ولن أنسى يوما فضل الصبوحة على هى من أعطت لاسمى معنى فى الدنيا بعد أن كان مجرد اسم والسلام وأعطت لى أملا فى أن ما أكتبه قد يكون لسان حال إنسان أو بسمة ومتعة لآخر،‮ ‬صباح الخير هى المتنفس الوحيد للحلم والخيال والحقيقة وهكذا كانت صباح الخير المتنفس الوحيد لكل الأفكار المتحررة العاقلة المجنونة السابقة لعصرها وأوانها قبل كل المواقع الإلكترونية المنتشرة اليوم وبعيدا عن كل أزرار التكنولوجيا‮! ‬
وفى النهاية أدعو الله كل يوم فلتعش صباح الخير نسمة عليلة لكل القلوب الشابة والعقول المتحررة‮.‬•