الأفعى الحسناء
شريف الدواخلي وريشة الفنان سامح سمير
لم يشعر بسريان سمها الزعاف يجرى فى عروقه إلا بعد فوات الأوان.
دقائق قليلة عاشها بين الحياة والموت، بعد أن ظن أنه يعيش جنة الله على أرضه بين أحضانها.. لم يكن يدرى وهو يلثم شفتيها أن كل قبلة ستتحول إلى لعنة تطارد مدى الزمن.
لم يكن يدرى أن كل هدية أحضرتها له ستكون سبة على جبينه لن يستطيع أن يمحوها الزمن.
البداية.. كانت نظرة طموحة، فتاة بارعة الحسن، جميلة المحيا، رقيقة الملمس، عذباء الصوت، هادئة الملامح.. كانت أقرب لحلم كان يود لو يمد يده ليمسك به، وإذا بها تهبط من أعلى سطح القمر، لتهتف بحياته وتعده بحياة فى الجنة بين جنباتها.
سهلت له العسير.. أطمعته من جوع.. كسته من عرى.. فتحت له حساباً فى البنك وهو لم يكن يدرى كيف تعمل ATM من الأساس.. أذاقته من كل ما لذ وطاب والذى طالما حرم منه لظروفه المادية القاسية.. حتى السيارة التى كانت تملكها كانت له وقتما أرادها وهاتف iphone 6 الذى يتباهى به كانت هى من أهدته بها، ناهيك عن برفان «kevin klein» الذى بات أكثر من يميزه، والنظارة (Ray-Ban).. والكثير والكثير.
اقتربت منه أكثر حتى احتلت فؤاده، لم يكن يطيق أن يمر يوم دون أن يراها دون أن يلمسها دون أن يقترب منها..
سريعاً ما تمت خطبتهما بـ«دبلة twins» لم تتجاوز الخمسة آلاف تكفل هو بهما، وفى حفل صغير ارتدى دبلتها وارتدت دبلته، وأعلنا زواجهما للعالم كله.
وبعد عدة أسابيع.. ظهر وجه آخر لها.. صحيح لم ينقص حبها وإنما كان يزداد يوماً تلو الآخر لكنه كان يشعر شيئا فشيئا أنها صارت تتحكم فيه، فهى من تختار ماذا يرتدى، ومتى يتقابلان، وما الذى تسمح به فى علاقتهما ومتى وكيف.. وهو مجرد تابع لها فقط يروى ظمأ حرمانه من نعيم جسدها ورقة ملمسها.
كانت أقرب لأفعى حسناء، لم يكن يدرى أنها سوف تلدغه لدغة الموت.. كان «يسلم لها كل شىء»، وبمجرد أن تنثر قبلاتها على وجهه كان يغيب عن الوعى بينما كانت فى الحقيقة تغرز سمها الزعاف بين أحشائه.
لم تحرمه من شىء، كانت «فرصة العمر» بالنسبة لشاب فى مقتبل حياته، حتى إنها فى ليلة مقمرة طلبت منه أن يأتى لها قبل الموعد بساعتين فى موعد لقائهما أسبوعياً فى منزلها، حيث كانت والدتها تصحو من النوم متأخراً، واشترطت عليه ألا يضرب الجرس ويكتفى برن الهاتف وهى ستقوم بفتح الباب حتى لا تستيقظ والدتها، وكان لها ما أرادت.
لم يصدق عينيه عندما رآها تفتح له الباب وهى ترتدى الثياب التى طالما حلم بها على طريقة عادل إمام فى فيلم «المنسى» الثياب الضيقة التى تظهر كامل فتنتها والصندل ذا الكعب العالى والمنديل بأوية والعيون الكحيلة السوداء.
أخذته من يده كالطفل الصغير، قررت أن تطفئ نارها.. ضمته بقوة إلى صدرها وهو يرتعش من فرط اللذة.. لم تترك «سم» واحد فى جسده دون أن تصله شفتاها وتغرز فيه أنيابها لتبث سمها القاتل، وهو كالجثة بين يدى مغسلها.
لم يدر كم من الوقت فات، لكنه استيقظ على وقع ألم فى صدره، وخربشات بلون الدماء تزين رقبته وهو لا يدرى كيف حدث ذلك، لكنه لم يجد نفسه قادراً حتى على التحدث فخشع لها وانصاع لإرادتها ومشى خلفها حتى جلس بجوارها كالتلميذ ومعلمته.
سألته هل تحبني؟، فأجاب: أنا لم أعرف الحب سوى معك.
فقالت هل يمكن أن تكون لأحد غيري؟ فسارع مجيباً لا.
فقالت أريد ضماناً لهذا.. ما رأيته اليوم مجرد «بروفة لحياتنا».
أريد أن تكون لى وحدى، فسألها كيف؟
فقالت: سوف نشترط فى عقد زواجنا ألا تتزوج بأخرى، وسوف تكون «العصمة» فى يدى، وسوف تقوم بالتوقيع على إيصال أمانة بـ200 ألف جنيه حتى أشعر معك بالأمان..
فرد مستغرباً وإن لم أفعل.. ردت قائلة «سوف أجعلك تتمنى جهنم بدلاً مما سأفعله فيك». •