الأحد 20 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«الربيع العربى» صرخة شعب لم تؤت أكلها

«الربيع العربى» صرخة شعب لم تؤت أكلها
«الربيع العربى» صرخة شعب لم تؤت أكلها


فترة كتابية طويلة عمرها أربعون عاماً.
 الصمود والمقاومة.. أهم ما يميز كتابات الروائي الفلسطينى، ووزير الثقافة الأسبق يحيي يخلف.. الذي ترك الوظيفة بعد 1967 ليلتحق بالعمل الفدائى.
ذهبت إليه في مدينة الشيخ زايد بعيدا عن صخب القاهرة وشوارعها، قلت له: سنتحدث عن الأدب وعن السياسة.

فابتسم قائلا: السياسة تفسد الأدب فى إشارة إلى أنه يحب أن يبدأ بالحديث عن الروايات والإبداع، رغم أنه طوع العمل السياسى لخدمة الثقافة فى فلسطين.. ولد فى «سمخ» فى فلسطين.. شغل منصب أمين عام اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، وكان وزير الثقافة والإعلام فى السلطة الوطنية الفلسطينية. ورئيس المجلس الأعلى للتربية والثقافة فى منظمة التحرير الفلسطينية.
انتخبته مؤخراً لجنة الإعلام والثقافة والشئون الفكرية المنبثقة عن المؤتمر العام السادس لحركة فتح رئيساً لها.
ثلاثية الكفاح
• أربعون عاما فى الرواية والكتابة الصحفية ما أهم المحطات؟
- المحطة الأولي: فى النصف الثانى من الستينيات، عندما بدأت الكتابة وكنت أنشر خربشاتى الأولى فى مجلة كانت تصدر فى القدس، بعنوان الأفق الجديد وكانت تلعب دورا كبيرا فى الأدب فى فلسطين والأردن، وبعد نكسة 1967 تركت الوظيفة والتحقت بالعمل الفدائي..
التحقنا بالثورة الفلسطينية أنا وأبناء جيلى ونشرت قصصا كثيرة فى مجلة الأدب، التى كانت تصدر من بيروت، ولعبت دورًا كبيرًا فى التحديث والتجديد فى الأدب المعاصر، وكان من كتابها أحمد عبدالمعطى حجازى وإبراهيم أبوسنة وأمل دنقل.
المحطة الثانية: كانت صدور روايتى الأولي، نجران تحت الصفر، التى استقبلت بحفاوة كبيرة وتحدثت عن المسكوت عنه فى الجزيرة العربية، وكنت أعمل وقتها مدرسا خلال الحرب الأولى فى اليمن.. المحطة الثالثة: عندما اخترت العمل الثقافى وانتخبت أمينا عاما لاتحاد الكتاب الفلسطينيين، وعملت مع عمالقة فى الأدب أمثال محمود درويش وغيره من الكتاب..
المحطة الرابعة: إصدارى مشروعًا من ثلاث روايات «بحيرة وراء الريح، وماء السماء، جنة ونار» ثلاثية لمست فيها قلمى بمداد كفاح الشعب الفلسطيني، وهى صفحات من كفاح الفلسطينيين.
أما المحطة الأساسية فى رحلتي، فهى كتابتى (نهر يستحم فى البحيرة) عن مرحلة ما بعد العودة واتفاقيه أوسلو، أما روايتى الجديدة (اليد الدافئة) فتتحدث عن الوضع الراهن فى فلسطين من خلال شخصيات فى مجالات مختلفة، وستصدر قريبا من القاهرة عن الدار المصرية اللبنانية.
• قلت إنه لا ثورة بلا أدب.. فما تقييمك للأدب عقب ثورات الربيع العربي؟
- لا ثورة بدون أدب، أعنى بها الثورة الفلسطينية، لكن ما حدث فى الوطن العربي، هزة، صرخة شعب، لم تؤت أكلها فى معظم الوطن العربي، جاءت قوى منظمة وتحولت لحرب أهلية، واختلطت الأمور بدخول داعش والنصرة والمتطرفين وغيرهم، باستثناء ثورتى 25 يناير -30يونيو.. وعادة أى ثورة لا يمكن أن تجد صداها على الفور، يجب أن يمر زمن طويل كى يهضمها المثقف ويستطيع أن يكتب عنها، فى فلسطين عبر أدباء عن الثورة بشكل إبداعى أمثال غسان كنعانى وإميل خليفة وسحر خليفة.. لثورة لا تصنع أديبا، لكن معظم الثورات تأتى نتيجة فكر ثقافى أو فكر سياسي، والأدب مهد للثورة الفلسطينية قبل انطلاقها.
• ولكن المثقفين فى الوطن العربى وفى مصر بالأخص متهمون بالتقصير.. فما رأيك؟
- فى مصر تحديدا الجهود الثقافية بدأت منذ قرنين بمجموعة من المثقفين التنويريين، على رأسهم طه حسين ونجيب محفوظ مهدت للثورات، فمصر لديها تاريخ ثقافى عميق من قيم الحرية والديمقراطية والمساواة، دفعت الشعب الذى انتفض فى 25 يناير والمثقف لا يلعب دورا لوحده.
المثقفون ليسوا حزب سياسيا، لكن يوجد عامل مشترك بينهم، جميعهم قدموا إبداعا وتنويرا، ومفرداتهم الموجودة فى الأدب المصرى هى التى تواجدت فى الميادين، لا أعتقد أنه كان هناك تقصير من جمال الغيطانى أو إبراهيم عبدالمجيد، كلهم مهدوا لهذه الثقافة التنويرية التى شهدت شعارات الثورة.
لكن المثقفين فى مصر كانوا فى الميادين واستعجلوا فى كتابة روايات عن الثورة، فلم تتوافر فيها العناصر الفنية، لكن رواية إبراهيم عبدالمجيد (قطط العام الفائت) بداية جيدة للكتابة عن الثورة.
السياسى والمبدع
• السياسة تفسد الأدب على حد قولك، وأنت عملت وزيرًا.. كيف استطعت الحفاظ على إبداعك؟
- بالأساس أنا مثقف وعملت بالسياسة بروح المثقف، ودائما أجمع بين السياسة والثقافة، كل مثقف يمكن أن يكون سياسيا، ليس كل سياسى مثقفا.
• حدثنا عن تجربتك وزيرًا للثقافة.. وكيف لم تفسد السياسة المبدع بداخلك؟
- كنت من الكوادر التى انضمت مبكرا للثورة الفلسطينية، التى أسهمت فى بناء مدنية الدولة، أعتبر أن الثقافة جزء لا يتجزأ من المشروع الوطني، وعندما كنت وزيرا عملنا فى ترميم التراث الفلسطينى وتشجيع الإبداع، وركزت على البنية التحتية التى لا يعتنى بها الاحتلال، وأقمنا مراكز ثقافية، وأسسنا فرقة موسيقى فى رام الله، ودعمنا السينما والمسرح والفن التشكيلى وبنينا علاقات واسعة مع كل وزارات الثقافة مع الدول العربية.
• كيف ترى مستقبل القضية الفلسطينية؟
- لم يستطع الاستعمار على مدار التاريخ بداية من سايكس بيكو وحتى الآن أن يلغى فلسطين من المشهد السياسي، ولا يستطيع الإسلاميون أن يجعلوا من قضية فلسطين قضية ثانوية، قد يبدو أن البلاد العربية انشغلت فى قضاياها الداخلية، لكن القضية الفلسطينية تتصدر المشهد الدولي، فقد استطعنا أن نحصل على عضوية كاملة فى منظمة اليونسكو عام 2011 بأصوات أفريقيا والعرب وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبى و11 دولة أوروبية، وأهم من ذلك هو وجود حركة المقاطعة (البى دى إس) من شخصيات عالمية ممثلين وشعراء وأدباء وحائزين على جوائز نوبل التى تسعى لمقاطعة إسرائيل ثقافيا واقتصاديا.
• ماذا تستطيع أن تقدم مصر للقضية الفلسطينية؟
- مصر فى كل العصور من أيام جمال عبدالناصر ومبارك والسادات - بغض النظر عن فترة حكم الإخوان التى كانت كارثية - دعمت القضية الفلسطينية ويتعين عليها أن تدعم القضية، فعندما تدافع عن فلسطين هى تدافع عن حدودها وأمنها القومي، فكل الغزوات التى دخلت مصر فى التاريخ دخلت عبر سيناء، كل فلسطينى يقدر ما قدمته مصر للقضية الفلسطينية.
والمؤسس لمنظمة التحرير الفلسطينية كان عبدالناصر، وكلف السيد أحمد الشقيرى بعقد مؤتمر فى القدس انبثقت عنه منظمة التحرير.
• ما رؤيتك لحل الدولتين؟
- حل الدولتين هو الحل الأفضل لنا ولهم، وبالأخص لهم، ولكن إسرائيل تتحدى العالم وهى معزولة عالميا، ويعتقدون أنهم يستطيعون فرض واقع، لم يعد هناك احتلال فى العالم سوى احتلال إسرائيل والعالم لن يهدأ باله، ولا يدعم إسرائيل فى الساحة الدولية رسميا سوى الولايات المتحدة.•