السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الداخلية ترفض تسليح كشافة الكنيسة

الداخلية ترفض تسليح   كشافة الكنيسة
الداخلية ترفض تسليح كشافة الكنيسة


قالت مصادر كنسية مطلعة إن وزارة الداخلية رفضت طلباً من بعض قيادات الكنيسة القبطية بتدريب الكشافة الكنسية على الأعمال القتالية وحمل السلاح، فى أعقاب حادث الاعتداء على الأقباط من زوار دير صموئيل المعترف بالمنيا الشهر الماضى.
وقالت المصادر لـ«صباح الخير» إن وزارة الداخلية عرضت تدريب الكشافة على يد «الحماية المدنية» فيما يخص تأمين المصلين فقط، وهو ما رفضته الكنيسة نهائياً، كما اعترضت الكنيسة على دخول قوات الشرطة لباحات الكنائس مشددة على أن الأمر يخص «الكشافة الكنسية» فقط، فيما يقتصر دور الشرطة على التأمين من الخارج فقط.
وأضافت أن هناك تخوفاً أمنياً من أن يتحول تدريب الكشافة على حمل السلاح، إلى صناعة لميليشيات مسلحة، لافتة إلى أن عددهم يتجاوز 10 آلاف شخص، ففى الكاتدرائية وحدها يخدم أكثر من نصف هذا العدد.
وكشفت المصادر عن بدء تنفيذ «بروتوكول أمنى» بين الداخلية والكنيسة عقب حادث تفجير الكنيسة البطرسية فى ديسمبر الماضى، والذى شمل التدريب على أعمال التأمين للكنائس والأديرة فحسب، والتى تتضمن تدريب الكشافة على أساسيات التأمين، وكيفية استخدام الأجهزة الإلكترونية التى تكشف الأسلحة والمعادن.
وأصرت الكنيسة خلال البروتوكول على رفض دخول أى شرطى داخل الكنائس، وعدم السماح لأى من القيادات الأمنية - أيا كان- بالمشاركة فى التأمين الداخلى، على أن يقتصر الأمر على الكشافة الكنسية باعتبارهم أبناء الكنيسة الذين تثق فيهم، فضلاً عن كونهم يعرفون معظم هويات المترددين على الكنائس للصلاة.
ومن جانبه، كشف الأنبا مكاريوس، الأسقف العام للمنيا، عن بعض تفاصيل لقاء الداخلية والقيادات الكنيسة، مشيراً إلى أن الأسقفية رفضت عرض مديرية الأمن تدريب مجموعات من الكشافة الكنسية لحماية الكنائس والمنشآت المسيحية.
وأضاف فى بيان، له، أن الأسقفة تلقت اقتراحًا من اللواء ممدوح عبدالمنصف مدير أمن المنيا، بترشيح مجموعة من شباب الكشافة الكنسية لتنظيم دورة تدريبية لهم من خلال هيئة الحماية المدنية، لتدريبهم على كيفية مواجهة المواقف الخاصة أثناء تأمين المصلين فى الكنائس.
وأضاف: «قد يُساء فهمه من أصحاب العقول المريضة، على أنه جناح عسكرى داخل الكنيسة، وقد يُفهم ضمنًا بالتالى أنه سيتم تسليحه بشكل أو بآخر، وهو أمر لا توافق عليه الكنيسة، فالكشافة الكنسية، الغرض الأساسى منها ليس عسكريًا ولا أمنيًا، وإنما تنظيمى فى داخل الكنيسة فقط، وبالتالى فهو ليس دورًا شرطيًا لا فى الداخل ولا فى الخارج. وفكرة الكشافة تقوم على التدرُّب على كيفية مساعدة الآخرين مجتمعيًا، واكتساب مهارات شخصية فى الاعتماد على النفس، والإبداع فى مجالات عدة، بعيدة كل البعد عن المجالات الشرطية.
وأشار إلى أن تأمين دور العبادة هو مسؤولية رجال الشرطة، بالطريقة والاستعدادات التى تقررها الوزارة، بينما يقوم شباب من الكنيسة المحلية بالتنظيم الداخلى أو التمييز بين ابناء الكنيسة والغرباء عن المنطقة، لافتًا إلى أنه يُخشى من تبادل الأدوار وإلقاء اللوم عند وقوع حادث ما، على الكشافة الكنسية والشباب الذى تم تدريبه.
يذكر أن بعض فرق الكشافة الكنسية نشأت عام 1933 أى بعد تأسيس أول مجموعة كشافة مصرية بقرابة 19 عاماً، حيث تأسست أولى مجموعات الكشافة المصرية عام 1914 فى الإسكندرية على يد الأمير عمر طوسون، وانتشرت الكشافة عام 1918 بعد ظهور فرق الكشافة بشكل علنى بإحدى حفلات الجاليات الأجنبية.
وفى 1920 تأسست أول جمعية للكشافة المصرية وأُطلق عليها «جمعية الكشافة المصرية»، ومنذ تأسيسها عملت الكشافة الكنسية ضمن جمعية الكشافة المصرية.
ورغم الارتباط البنيوى للفرق الكشفية بالكنيسة، فإنه لابد من تسجيلها جميعاً فى الجمعية الإقليمية لفتيان الكشافة لتحظى بالاعتراف الرسمى.
وأنشأت الكنيسة فرق الكشافة بهدف الربط بين النشاط الكشفى ومدارس الأحد، والاهتمام بأوقات فراغ أبناء وبنات الكنيسة، وتوثيق الصلاة والروابط بين بعضهم وبعض وبينهم وبين الكنيسة وخدامها، وتدريبهم على روح العمل الجماعى والعطاء والتعاون والتضحية، وتبدأ الكشافة فى ضم الأطفال بعمر الرابعة ويُطلق عليهم البراعم، وعلى الرغم من أن المصطلحات الكشفية قد تكون مستمدة من المبادئ الكنسية، حيث كان مؤسس الحركة الكشفية العالمية بادن باول، إنجيلياً، فلا يبدو البُعد الروحى حاضراً بقدر وجوده فى الكشافة الكنسية.
ومن شروط الانضمام إلى الكشافة، أن يكّون الملتحق قد خدم بالتربية الكنسية، والأخيرة غالباً ما تتم من خلال مدارس الأحد، التى تُعد إحدى أهم وسائل تعليم الأطفال المسيحية وتعاليم الكنيسة.
ويظهر الالتزام الشديد فى تنفيذ تعليمات قائد الكشافة، فلا تقبل أى أعذار عن عدم القيام بالخدمات «الكشفية والروحية» الموكلة إلى فتيان الكشافة وفتياتها، وهناك ما يُعرف باسم «اليوم الكشفى الروحى»، وفى حالة التغيّب عنه فإنه يُحتسب ضمن أيام الغياب التى يجب ألا تتعدى 5 أيام طوال العام.
وليس سراً أن الأعمال التى تشارك بها الكشافة قد تتعدى أسوار الكنيسة؛ فالأنشطة الكشفية تتضمن معسكرات ورحلات ومهام للخدمة العامة.
وفى سياق متصل، قالت مصادر بالمقر البابوى إن القيادات الأمنية بالمحافظات طلبت من أساقفة المجمع المقدس تأجيل الرحلات التى تنظمها الكنائس إلى أجل غير مسمى حتى تستقر الأوضاع الأمنية.
وأضافت المصادر فى تصريحات خاصة لـ«صباح الخير» أن أجهزة الأمن طلبت من القائمين على الأديرة والكنائس تقليل الزيارات والاحتفالات قدر الإمكان خلال هذه الفترة الراهنة، تقديرا منهم للمخاطر التى تحدق بالحالة الأمنية فى البلاد، وهو ما لاقى قبولاً لدى القيادات الكنيسة التى أكدت ثقتها فى قوات الأمن.
وتابعت أن بعض الأديرة اعتذرت عن قبول زوار خلال الشهر الجارى لحين استقرار الأوضاع، فيما حددت أديرة أخرى بعض الأيام التى لن تستقبل بها أحداً من الزوار.
ونفت المصادر إمكانية إلغاء رحلات الأديرة نهائياً مؤكدة أنها جزء من نشاط الكنيسة، لتعريف النشء الجديد بالكنيسة فى واحدة من أمجد صورها، وهى الرهبنة.
وكشفت المصادر أن الكنيسة وجهت فريق الكشافة المشرف على تنظيم الرحلات بعدم الإعلان عن خط سير الرحلات عبر وسائل التواصل الاجتماعى أو تعليقها على جدران الكنائس خشية الاستهداف، والاكتفاء بالتواصل الشخصى المباشر مع الراغبين فى زيارة الدير مع إعلامهم بموعد الزيارة قبلها بساعات قليلة، وذلك ضمن الاحتياطات الأمنية.
وقالت المصادر إن تأمين رحلات الأديرة قبل ذلك كان قاصراً على الرحلات السياحية ولم يكن هناك أى بروتوكول لتأمين رحلات الأقباط، لافتة إلى أن جميع الأديرة فتحت خطوطا للتواصل مع مديريات الأمن بالمحافظات للتنسيق معها لتأمين الرحلات.
وأصدر دير مار جرجس بالخطاطبة بياناً أعلن فيه اعتذاره عن استقبال أى زيارات للرحلات أو الأفراد فى الفترة من 24 وحتى 28 يونيو، مضيفا: أنه يرجو عدم توقع قبول أى استثناءات فى هذا الأمر.
فيما أعلن دير الأنبا صموئيل المعترف، اعتذاره عن استقبال الرحلات والأفراد فى الفترة من الجمعة 23 يونيو ولمدة أسبوع.
وشدد البيان على انه لن يتم قبول أى استثناء فى هذا الأمر، مؤكداً أنه بشكل عام يجب أن يقوم المسئولون ومنظموا الرحلات القادمة للدير بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية لترتيب عملية تأمينهم، ولم يقدم البيان أى أسباب لعدم استقبال الزوار.
وفى هذا الصدد، يشير الأنبا مكاريوس، الأسقف العام للمنيا،  فى كتابه لماذا يقبل شباب الأقباط على الرهبنة، إلى أن زيارة الأديرة تحولت مؤخراً إلى نزهة وسياحة، حيث يُفسح فيها المجال للأطفال بأن يمرحوا بألعابهم، بينما يجد ذووهم الفرصة للراحة والطعام، وأكثر من ذلك بدأت ظاهرة تأخذ فى الانتشار وهى عقد الخطوبات فى الأديرة، ما ولد الشكوى من زيارة العلمانيين للأديرة والمطالبة بتقنينها، غير أن هذا أيضًا يتم داخل إطار أكبر وهو الشعور بأن الكنيسة قد أصبحت مجتمعًا آمنًا يلوذ به الأفراد والجماعات، وهكذا وبقدر ما أصبحت زيارة الأديرة عامل جذب أصبحت معرقلاً لنمو الراهب وكسرًا للهدوء والوحدة.
وتابع «مكاريوس» أن زيارة الأديرة كانت حتى الستينيات قاصرة على الأفراد وبعض القوافل، وكانت أول سيارات عرفت الطريق إلى الأديرة (لاسيما وادى النطرون والبرية الشرقية) هى السيارات الجيب ذات القدرة على الخوض فى كثبان الرمال والطرق الوعرة غير الممهدة، وقد كان على الراغبين فى زيارة تلك الأديرة والإقامة فيها سواء من المصريين أو الأجانب، أن يقطعوا مسافة طويلة سيرًا على الأقدام.
وفى دير الأنبا صموئيل فى صحراء المنيا والفيوم كان الوصول إليه يتم عن طريق العرب الخبراء بالسير فى الجبال حيث تستغرق الرحلة ما يزيد على 40 كيلو مترًا ذهابًا ومثلها إيابًا.