الجمعة 4 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

قانون التأمين الصحى الجديد: بوابة جديدة لخصخصة المستشفيات

قانون التأمين الصحى الجديد: بوابة جديدة  لخصخصة المستشفيات
قانون التأمين الصحى الجديد: بوابة جديدة لخصخصة المستشفيات


ألغاز حقيقية كشفت عنها مسودة قانون التأمين الصحى التى وافق عليها مجلس الوزراء وبدأت السير فى دورتها الطبيعية كى تذهب إلى البرلمان تمهيدا للموافقة عليها بعد مناقشتها وسط مخاوف عديدة سواء من جانب المرضى أو الأطباء أو المستشفيات الحكومية.
يعتمد قانون التأمين الصحى الجديد على وجود ثلاث هيئات واحدة منها غير هادفة للربح وهى الهيئة العامة للتأمين الصحى الاجتماعى الشامل، بينما هناك هيئتان صمت عنهما القانون بشأن غرضهما من الربح وهما هيئة الرعاية الصحية وهيئة الجودة والاعتماد، ومن هنا بدأت سلسلة ألغاز مسودة القانون.
وللعلم فإن القانون سيجرى تطبيقه على خمس مراحل بعد إقراره، حيث سيشمل خمس محافظات فى المرحلة الأولى وهى السويس وبورسعيد وشمال سيناء وجنوب سيناء والإسماعيلية وهى مواقع تتسم بقلة عدد السكان وذلك لسهولة قياس آثار القانون.
خصخصة الصحة
مع إقرار القانون ستئول جميع المستشفيات التابعة للدولة حتى الجامعية منها إلى هيئة الرعاية الصحية، إضافة إلى إمكانية التعاقد مع مستشفيات القطاع الخاص بشرط أن تجتاز اشتراطات الرقابة والجودة وهذا دور الهيئة الثالثة التى تسمى الجودة والاعتماد.. وتأتى الأزمة الحقيقية إذا خالف أى من المستشفيات الحكومية أى شرط من شروط الجودة والاعتماد التى سيجرى اعتمادها بعد ذلك فما هو مصيرها؟ هل ستظل كما هى أم سيجرى بيعها؟.. وأين سيذهب الأطباء وطاقم التمريض والإداريون والعاملون فيها مادام لن يجرى استخدامهم؟ ويثير ذلك المخاوف من إمكانية الاستغناء عنهم بسبب مخالفة معايير الجودة ويجب أن تكون جميع نصوص المواد واضحة لاسيما أن مسودة القانون أغفلت أن تكون هيئة الرعاية الصحية غير هادفة للربح.. وجاء فى القانون الجديد وضع 50 قرشا على كل علبة سجائر مباعة سواء كانت محلية أو أجنبية وتخصص لمشروع التأمين الصحى من أجل وضع مصادر دخل جديدة وهو رقم مخالف للمسودة السابقة للقانون التى تصل فيها الحصيلة الموجهة للصحة إلى 15% من قيمة بيع كل علبة سجائر سواء كانت محلية أو أجنبية، بينما الحكومة تجمع 44 مليار جنيه من السجائر كضرائب، إضافة إلى تحصيل نفس القيمة من وحدات التبغ الأخرى مثل المعسل أو السيجار أو تبغ البايب وهو ما غفل عنه مشروع القانون الجديد.
وفى مسودة القانون القديم كان هناك رسوم بمقدار 5% من قيمة كل طن أسمنت أو طن حديد مُصنع، مباع بالسوق المحلية سواء كان محليا أو أجنبيا الإنتاج إضافة إلى 3% من قيمة كل كيلوجرام مباع من الكيماويات الزراعية أو من المبيدات الحشرية.. كما كانت هناك مصادر أخرى للدخل فى المسودة القديمة  مثل 5% من مجمل إيرادات أندية القُمار والسَبَق المرخص بها و 3% من بيع تذاكر دور الترفيه ورسم عن كل ليلة سياحية قدرها دولاران أمريكيان يتحملها السائح  و5% من قيمة الضريبة على حيازة أو ملكية أراض زراعية لأكثر من خمسة أفدنة  و5% من قيمة الضريبة العقارية المُجتمعية ونسبة 2% إضافية على أى ضريبة مبيعات إضافية لما يستجد فرضه مُستقبلاً، وذلك قبل تغيير القانون إلى القيمة المضافة و10% عند استخراج رخصة القيادة لأول مرة وعند تجديدها كل مرة و10% عند استخراج أو التجديد السنوى لرخصة تسيير السيارات التى تزيد سعتها اللترية على لترين و20% من قيمة الرُسوم المُحصلة عن مرور كل مركبة على الطرق السريعة التى تخضع لنظام تحصيل الرسوم.
وأغلب هذه المقترحات جرى إزالتها من مسودة القانون الحالى وهو ما يضع الحصيلة الخاصة بالتأمين الصحى فى مأزق خطير فى الوقت الذى حدد فيه القانون ضرورة أن يكون الإنفاق على الصحة داخل الموازنة العامة للدولة 3% من الناتج القومى تتصاعد تدريجيا لتصل إلى النسبة العالمية وذلك وفقا للمادة 18 من الدستور المصرى.
من جهته أدلى الدكتور محمد معيط نائب وزير المالية لشئون الخزانة العامة بتصريحات لمجلة «صباح الخير»، أكد خلالها أن إجمالى ما يتم توريده إلى هيئة التأمين الصحى حوالى 470 مليون جنيه فقط من حصيلة الضرائب على السجائر، بينما بعد التعديلات الجديدة سيصل الإجمالى إلى 2.2 مليار جنيه سنويا نظير تحصيل الضرائب بنسبة 50 قرشا على كل علبة مباعة.
وأكد معيط أن الضرائب على السجائر كانت تصل إلى 10 قروش على كل علبة سجائر بينما ستتضاعف هذه الحصيلة خمس مرات من وراء الضرائب على السجائر.
ورغم زيادة الحصيلة الضريبية فإن وضع سعر للضريبة على كل علبة سجائر بدلا من نسبة مئوية حرم المواطن من أى زيادة جديدة فى مصادر تمويل التأمين الصحى لأنه قد تلجأ الشركات إلى رفع أسعار السجائر دون أن يستفيد برنامج التأمين الصحى بذلك.
رفض واضح
رفض الدكتور محمد حسن خليل المنسق العام للجنة الدفاع عن الحق فى الصحة مشروع قانون التأمين الصحى الشامل لأنه سيفتح الباب أمام خصخصة المستشفيات لأنه وفقا للقانون ستئول ملكية جميع مستشفيات التأمين الصحى إلى هيئة الرعاية الصحية وفقا للقيمة الدفترية لها، وإذا ما ألغت هيئة الرقابة والاعتماد العقد مع مستشفى ما فسيكون من حقها بيعها لعدم الحاجة إليها.
وأضاف خليل أنه وفقا لمواد القانون ستتولى الدولة دفع رسوم التأمين الصحى لغير القادر، ولكن لم يتحدد بعد تعريف غير القادر، وهناك خلاف حول تعريفه فى الوقت قد يكون الحد الأدنى للأجور عاملا من عوامل التقييم، ولكن بشكل استرشادى وليس إلزاميا.
وأوضح خليل أن جوهر التأمين الصحى يجب أن يكون مبنيا على الاشتراك، ولكن فى النسخة الحالية من القانون هناك ما يسمى بالمساهمات، بحيث يدفع المواطن نسبة من الأشعة بجميع أنواعها أو الاختبارات المعملية.
وكشف خليل عن أن المواطن سيدفع بمقتضى المساهمات نحو 20% من قيمة العلاج و10% من قيمة الأشعة أيا كان نوعها و5% من قيمة التحاليل وستتوجه الحصيلة إلى هيئة الرعاية الصحية وذلك بدون حد أقصى.. ووفقا لنص القانون أوضح خليل أن أطفال الشوارع والفئات الضعيفة ستدفع نسبة هى الأخرى من المساهمات، فلو أن المواطن المؤمن دفع نسبة من المساهمات فإن هذه الفئات ستدفع 20% من قيمة ما سيدفعه المواطن.
وشدد خليل على أن أسعار الاشتراكات زادت على رب الأسرة، حيث بات يتحمل 2.5% من راتبه للزوجة غير العاملة إضافة إلى 0.75% من الراتب عن كل طفل وهو رقم قد يمثل الكثير من الأعباء على المواطنين، خاصة محدودى الدخل منهم.
وقال خليل أنه فى أغلب النظم التأمينية على الصحة تتحمل الدولة دفع اشتراك التأمين الصحى عن الأطفال حتى سن 18 عاما، حيث تضع الكثير من الدول الأولوية للأطفال لأنهم قاطرة الإنتاج فى المستقبل، فلا إنتاج بدون تعليم وصحة.
مخاوف من القانون
أكد محمود فؤاد مدير مركز الحق فى الدواء أن وجود مشروع لقانون التأمين الصحى يضع جميع المواطنين غير القادرين تحت مظلته أمر مطلوب وحيوى وجرى النضال من أجله ولكن هناك الكثير من الأزمات التى يخلفها القانون بداية من اتجاه رب الأسرة إلى إخراج ابنه من التعليم إذا ما وجد نفسه غير قادر على تسديد الاشتراك الخاص بالطفل لاسيما أن هناك الكثير من غير القادرين فى المناطق الريفية والنائية وذلك وفقا لنصوص القانون بأن التأمين الصحى إلزامى على التلاميذ.
وأكد فؤاد أن مركز الحق فى الدواء قام بدراسة للكثير من أنظمة التأمين الصحى فى العالم وكان الطفل محور اهتمام من الدولة، ولكن فى القانون الحالى يتحمل رب الأسرة دفع قيمة الاشتراك الذى قد يصل فى بعض الأحيان إلى نحو 10% تقريبا من راتبه إذا كان لديه ثلاثة أطفال ويعمل فى مهنة حرة.
وتطرق فؤاد إلى أصحاب المعاشات الذين سيتطلب منهم دفع نسبة من المساهمات فعادة ما يصاب الكثير من المواطنين الذين يتخطون سن الـ 60 عاما بالكثير من الأمراض المزمنة مثل الضغط والسكر والقلب وغيرها من الأمراض الشائعة ودفع المساهمات بخلاف الاشتراك يعنى زيادة الضغوطات المادية عليهم.•