زيارة لخمسة معارض تشكيلية صُحْبة فن

زين إبراهيم
شهد الفن التشكيلى نشاطا ملحوظا فى الفترة الحالية، حيث افتتحت سلسلة من المعارض المتنوعة والمهمة والتى عبرت عن أساليب فنية متعددة.. نستعرضها معكم فى السطور المقبلة.
ففى قاعة بيكاسو يقدم معرض مهم بعنوان «الأعمال الأخيرة للفنان التشكيلى الكبير الراحل حــــسن سليمــــان»، ويستمر المعرض حتى يوم 22 ديسمبر 2016.
ويقول تلميذه الفنان سمير فؤاد فى تقديمه للمعرض الذى يضم آخر الأعمال التى نفذها سليمان بأسلوبه المميز عاد حسن سليمان إلى «طبيعته الصامتة» الأثيرة لديه ليقول فيها ومن خلالها رؤيته وإحساسه بوجوده، وحبه الباقى للحياة، خوفه ورفضه للعدم، ورغبته فى الإفصاح عن واقعه وأحاسيسه.
إن «طبيعته الصامتة» هنا- والكلام مازال لفؤاد- هى امتداد لرؤيته التى كونها وصاغها خلال حياته ولكنها تقف وحدها كمرحلة قائمة بذاتها، فيها من الاختلاف قدر مساوٍ لما فيها من الاتفاق، الآنية النحاسية، الزهور والفاكهة والطبق الوحيد رسمه من قبل عشرات المرات ولكنها هنا تطل عبر نافذة مغلقة على المدينة بعماراتها الشاهقة التى تقف كسد يحجب الرؤية أو يختزل جل رقعة السماء إلى شريط باهت ويظهر قدرا من التفاؤل فى ألوان الزهور وأغطية المائدة أصفر وأحمر وقرمزى وبرتقالى، والكثيرمن الحيوية فى الأسلوب الذى تم به وضع الألوان فى طبقات سميكة باستخدام السكين، ولكن اللون الأسود أصبح عميقًا بلا قرار، والضوء الذى يدخل من النافذة ضوء خريف أو شتاء.
• الجوار
وافتتح معرض للفنانة التشكيلية إيمان حكيم، بعنوان «الجوار» بمقر قاعة أرت كورنر بالزمالك، وذلك بعد مشاركتها الخارجية فى الاحتفال الكبير لهيئة «فنانون من أجل السلام» الصينية فى دولة طاجيكستان بمناسبة العيد القومى، وبالاشتراك مع أكاديمية الفنون التشكيلية هناك فى الفترة من 10-14 نوفمبر الماضى.
وتعود إيمان حكيم إلى نشاطها الأساسى فى مصر من خلال إقامة معرضها الفردى التاسع عشر «الجوار» والذى افتتحه الفنان الكبير الأستاذ الدكتور محسن عطية، وضم عشرات الأعمال بأسلوبها المعروف الذى رسخته خلال تجربتها الإبداعية، ويستمر المعرض حتى 10 ديسمبر 2016.
• 15 لوحة
استضاف جاليرى النيل بالزمالك معرضاً فنياً للفنان التشكيلى «ماتى سيرفيو» بحضور عدد كبير من الفنانين من بينهم الفنان وجيه يسى ود.عقيلة رياض والفنان خالد أبو الدهب ود.رشا العجرودى، وذلك فى محطة فنية مهمة للفنان العالمى، وضم المعرض نحو 15 لوحة تنتمى إلى المدرسة التجريدية التعبيرية، وكان لافتاً تأثره وتفاعله بقضايا الشرق الأوسط وواقعه الآنى، كما عكست الأعمال براعته فى استخدام الألوان واعتماده اللون كأساس فى اللوحة للتعبير عن هواجسه وأفكاره.
• صالون الشباب
بقصر الفنون بساحة دار الأوبرا المصرية تم افتتاح صالون الشباب الدورة 27، ويشارك فيه«171» فنانا بإجمالى 186 عملا يتنافسون على 24 جائزة، ولأول مرة يتم اختيار 2 قوميسير لصالون الشباب هما الفنان إسلام عبدالله والفنان أحمد عبدالكريم للتأكيد على جماعية الأداء، حيث استطاعوا على مدار عشر سنوات بالصالون تقديم أعمال فنية مشتركة كانت دائماً منافسة وبقوة على جوائز الصالون لما تحمله من أفكار وتقنية وبصمة خاصة بكل منهم.
وقد صرح كل من الفنان إسلام عبدالله والفنان أحمد عبدالكريم أنه قد تم استحداث عدد من المسابقات فى هذه الدورة مثل مسابقة الورش الفنية وكذلك مسابقة العمل الجماعى مع تخصيص جوائز خاصة بكل منهم كذلك تم استحداث جائزة العرض الخارجى واختيار عدد من الأعمال الفنية تتم طباعتها وعرضها فى أماكن عامة طوال فترة الصالون بهدف وصول الفن إلى الشارع والخروج به لتجاوز قاعات العرض.
بأسلوب فنى حديث
أسطح شيحا الزمنية
إذا أردت الوقوف بين ثنايا الزمان والمكان.. ورؤية أعمال مصرية خالصة بأسلوب فنى حديث تتعدد فيه الأزمنة بسطوح عتيقة غنية بالحركة الكامنة والطاقة الروحية.. فعليك بالذهاب إلى معرض «أسطح زمنية» للفنان الكبير المتميز جدا «أحمد شيحا» فى معرضه المقام حالياً بقاعة «جاليرى مصر»- الزمالك.
يأخذنا شيحا فى معرضه إلى أفاق جديدة رحبة، سحبنا معها إلى عالمه العتيق رغم حداثة أسلوبه الفنى وتجديده المعهود, فهو يمتلك شجاعة الانطلاق لعالم فسيح يبحث فيه دائما عن الابتكار وتخطى مرحلته الفنية إلى مرحلة فنية جديدة، فنراه متجددا ومتنوعا فى لوحاته لأنه يدرك جيدا أن الابتكار هو ابتداع رؤية جديدة لم يسبقه إليها أحد ثم التمرد عليها والقفز عليها لابتكار عمل أكثر حداثة. فهو دائما يبحث فيها عن النهضة بأعماله المركبة فى معالجات رصينة تسحبك من الطابع البصرى إلى طابع آخر وجدانى.
يضم المعرض لوحات تنوعت مساحاتها وأساليبها الفنية وتراوحت خاماتها بين الجداريات، التلوين الزيتى، التلوين بالنقش والنقش البارز. فجاءت ذات طابع متعدد الأزمنة مليئة بالابتكار والدلالات جمع فيها «شيحا» بين الماضى والحاضر عندما نظر بعمق فى جوهر الحضارة المصرية القديمة وترجم ذلك بأسلوبه الفنى الحديث فى جداريات ذات ملمس صخري, فجاء سطح اللوحات عنده غنى وكأنه جدار قديم عتيق يحمل معه الزمن استخدم فيه مواد مختلطة لصقها فى طبقات فوق بعضها لإعطاء بعد ثالث مجسم ثم النقش والتلوين عليه لإعطاء مساحات ذات طابع نحتى، وبرز فيها بشكل خاص اهتمامه بتقاطعات الغائر والبارز.
جاءت بعض اللوحات بمساحات متوسطة يتوسطها عنصر واحد بارز نفذ بأسلوب مجرد يؤكد بشكل أكثر على رسوخه فى فراغ اللوحة، أما اللوحات ذات المساحات الكبيرة فظهر فيها تأثر شيحا بجده الفنان المصرى القديم حين قسم اللوحة إلى قطاعات أفقية يضم كل قطاع منها عناصر متشابهة ويتوسط اللوحة عنصر آخر كبير يملؤها بشكل طولى، وبعضها الآخر يضم عناصر متراصة فوق بعضها بشكل هرمى، والآخر مزج فيها بين التركيب المعمارى الصارم وبين الأشكال والعناصر التى توحى برموز وأطياف إنسانية تعلوها دائرة منيرة فى دلالة رمزية تشير إلى أن الشمس منارة و مركز الكون, نفذت فيها العناصر بأسلوب تجريدى رمزى اتسم بالتلخيص والتبسيط تذكرنا برسوم الجداريات من الصرحيات المصرية القديمة فى حلل جديدة.. فظهرت أعماله الزيتية بتكوينات بسيطة للغاية وعناصر مجردة استخدم فيها لغة التشكيل وثراء التلوين، حيث لعب اللون فى أعماله بشكل عام دورا مهمًا عندما تنقل فيها بين بالتة ألوان باردة وأخرى دافئة على خلفيات داكنة فجاءت العناصر بألوان نارية كأنها مضيئة متوهجة تتسم بالسكون الذى يفيض بالمعانى. •