الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

جولة خاصة بالصور والأرقام: البحث عن لحمة العيد بتسعيرة الحكومة!

جولة خاصة بالصور والأرقام: البحث عن لحمة العيد بتسعيرة الحكومة!
جولة خاصة بالصور والأرقام: البحث عن لحمة العيد بتسعيرة الحكومة!


يبدو أن البحث عن لحمة عيد الأضحى بتسعيرة الحكومة، مهمة شاقة لكن لابد منها لمعرفة السر وراء الارتفاع الجنونى فى أسعار بيع لحوم الأضاحى، وأسباب خلو الأسواق من مشترين للحوم، وجدوى حملات مقاطعة اللحوم فى ظل تقاعس حكومى واضح تجاه ضبط أسعار الأعلاف والسيطرة على أسواق الأضاحى التى يديرها مافيا تجار اللحوم.

• السادات وأسعار اللحوم!
«صباح الخير» بدأت المهمة بالتوجه إلى محطة تجارب كلية الزراعة - جامعة القاهرة - بمنطقة بولاق الدكرور، التى بدت منذ الوهلة الأولى أنها تعانى إهمالا بسبب عدم وجود عُمال زراعة وتربية مواشى وأغنام مقيمين بالمحطة، فأغلبهم يتم استئجارهم من الخارج بمقابل مادى دون أدنى مسئولية فى حال نفوق أى ماشية أو أغنام أو دواجن أو أرانب أو طيور أو تدمير زراعات بالمحطة، ناهيك عن إمكانية تعرضها للنهب والسرقة والسطو المسلح من قبل المجرمين والخارجين عن القانون بسبب عدم ارتفاع أسوار المحطة بالقدر المطلوب.
فى البداية، رفض أحد العاملين بالمحطة الإدلاء بأى تصريحات بدعوى أنه لا يملك أى معلومات مفيدة سوى أن هذه المحطة special أى أن أغلب الماشية والأغنام التى يتم تربيتها فيها تذهب إلى أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة - على حد تعبيره - وبمجرد استخدام الموقع الإلكترونى لجامعة القاهرة لمعرفة أى معلومات خاصة بـ «محطة تجارب كلية الزراعة جامعة القاهرة»، فإنك ستفاجأ بخبر يعود تاريخ نشره إلى الأول من أكتوبر عام 2013 أى قبل ثلاثة أعوام، تعلن من خلاله المحطة عن توافر الأضحيات الآتية: خروف برقى سعر الكيلو قائم بـ40 جنيها، عجول سعر الكيلو القائم 30 جنيها، ووزن الخروف: من 40 إلى 60 كجم وقد يزيد، ووزن العجل: من 350 إلى 500 كجم وقد يزيد، وأثناء الحجز يتم دفع مبلغ 3000 جنيها مقدمة حجز للعجل، ودفع 500 جنيه مقدمة حجز للخروف.
ولما وجدنى العامل بالمحطة غير مصدق لحديثه، بدأ يسرد ما لديه من تفاصيل مشترطا عدم ذكر اسمه، قائلاً: «إن المحطة بها مدارج لتربية الحيوانات والدواجن والطيور، لافتًا الانتباه إلى أن المواشى - ما بين أبقار وجاموس - تستحوذ على فدانين بالمحطة التى يوجد بها أيضا وحدة للأغنام والماعز ومخزن لأعلاف التثمين المجففة».
وأفاد بأن سعر كيلو الخروف الحى القائم يصل إلى 46 جنيهًا، أما الأبقار التى تزن 300 كيلو فيبلغ سعرها 14 ألف جنيه، والأبقار التى تزن 250 كيلو يصل سعرها 12 ألف جنيه، والجاموس الذى يزن 500 كيلو يصل سعره 16 ألف جنيه.
وكشف النقاب عن السبب وراء هذه الأسعار المرتفعة، بقوله: «إن غذاء العجل فى اليوم الواحد يكلّف ما بين 80 إلى 100 جنيه بما يعادل 3000 جنيه فى الشهر، وكذلك الحال بالنسبة للخراف التى يكلّف غذاؤها فى اليوم الواحد نحو 10جنيهات».. وأوضح: «أنه من يريد من أعضاء هيئة التدريس شراء أى مواشى بالمحطة يقوم بتوريد مبلغ 3000 جنيه ثم يأتى يوم وقفة عيد الأضحى ليزن الماشية التى اختارها ثم يقوم بدفع فارق سعرها بعد الوزن أما فى حالة الأغنام فيتم شراؤها بالأسعار المحددة بعد الحصول على موافقة مباشرة من مدير المحطة».
وفى ختام حديثه طرح عددا من الأسئلة التى لها وجاهتها، وترك الإجابة للحكومة - على حد قوله - منها «لماذا تقف الحكومة مكتوفة الأيدى أمام حل أزمة الأعلاف؟ وماذا عن تجربة السادات فى مواجهة ارتفاع أسعار اللحوم؟ وهل حرّمت الحكومة ذبح إناث المواشى بالفعل؟ وهل وفرت الحكومة أطباء بيطريين وخبرة المربين فى المزارع التى تتولى تربية الماشية والأغنام؟ ولماذا لا يتم الاستماع إلى المربين وحل مشاكلهم؟ وما سبب عدم استيراد اللحوم من الدول الأفريقية المجاورة بأسعار مناسبة؟».
• اللحم البرازيلى ينافس البلدى
بعدها توجهنا إلى منفذ بيع الشركة القابضة للصناعات الغذائية التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية، فالتقيت مدير منفذ البيع بالجيزة جمال حنفى، الذى كشف عن عدم وجود لحوم مجمدة بالمنفذ منذ فترة وحتى الآن، رغم زيادة الطلب عليها وخاصة البرازيلى المجمد، وقلة الإقبال على مثيلاتها السودانية المجمدة، فى موسم عيد الأضحى.. وأبان حنفى أنه ظل قرابة 55 عامًا لا يتناول اللحوم المجمدة إلا أن ارتفاع أسعارها غير المسبوق العام الماضى دفعه إلى شراء 10 كيلو لحوم برازيلية مجمدة بـ 320 جنيها بواقع 32 جنيها للكيلو الواحد الذى ارتفع سعره هذا العام ليصل إلى 40 جنيها، مُرجعا الإقبال على هذه النوعية من اللحوم المجمدة إلى رخص ثمنها مقارنة باللحوم البلدى التى قارب ثمن الكيلو الواحد نحو 100 جنيه إضافة إلى ميزة اقتراب مذاق اللحوم البرازيلية المجمدة من مذاق اللحوم البلدية.
• أسعار الأعلاف ناااار!
وجاءت وجهتنا التالية إلى منصور الصعيدى - أحد الجزارين بمنطقة العشرين بحى فيصل، الذى كشف عن أسباب الارتفاع الجنونى لأسعار لحوم الأضاحى هذا العام مقارنة بالعام الماضى، قائلا: «إن ارتفاع الأسعار وراءه العديد من الأسباب، أهمها ارتفاع أسعار الأعلاف، حيث وصل سعر شيكارة علف الذرة التى تزن 55 كيلو إلى 190جنيها رغم أن سعرها فى السابق لم يزد على 45 جنيها أى بفارق 145 جنيها فى الشيكارة الواحدة، كما وصل سعر شيكارة الردة إلى 120 جنيها بعدما كانت بـ 60 جنيها فيما وصل سعر شيكارة التبن إلى 320 جنيهاً بعدما كانت بـ 170 جنيها.. وأضاف: «أن غذاء الماعز فى اليوم الواحد يكلّف ما بين 1٫5 كيلو إلى 2 كيلو علف إضافة إلى وجبات البرسيم الإضافية على مدار اليوم، علمًا بأن قيراط البرسيم وصل سعره إلى 1000 جنيه بعدما كان 350 جنيها قبل فترة ليست بالبعيدة».
وتابع قائلاً: «إن علف الخراف أو الماعز يكلّف التاجر فى اليوم الواحد قرابة 10 جنيهات مقسمة ما بين 5 جنيهات ذرة و3 جنيهات برسيم إضافة إلى الخدمة والتوصيل».
وأكد منصور أن عدم توفير الأعلاف بأسعار منخفضة، وتدهور الثروة الحيوانية، وقلة المعروض أدى إلى ارتفاع أسعار بيع أضاحى العيد هذا العام بشكل واضح وبالتالى قلة الإقبال على شراء لحوم الأضاحى، موضحًا أن سعر الكيلو فى العجل الحى القائم وصل إلى 40 جنيها بارتفاع تعدى الستة جنيهات مقارنة بالعام الماضى، فيما يتراوح سعر الكيلو فى الماعز الحى القائم ما بين 35 إلى 45 جنيها أما سعر الكيلو الضانى فى الخراف البلدى الحى القائم فيتراوح ما بين 40 و45جنيها.. ونوّه إلى نقطة مهمة، قائلاً: إن ارتفاع الأسعار أجبر بعض الأهالى إلى الاتجاه للأضحية بالخروف بدلاً من العجل أو الاتجاه للأضحية بالماعز بدلاً من الخروف، حيث يتراوح سعر الخروف الواحد الحى القائم ما بين 2000 و3000 جنيه مقارنة بالماعز الذى يتراوح سعر الواحد الحى القائم ما بين 1100 إلى 1300 جنيه.
ولفت منصور الانتباه أيضًا إلى اكتفاء الكثيرين هذه الأيام بشراء 2 كيلو لحم فقط لأسرته بدلاً من 3 كيلو أو 4 كيلو فى ظل ارتفاع سعر الكيلو الواحد الذى يتراوح سعره ما بين 100 و110جنيهات.
وعن اتجاه البعض إلى الاستغناء عن شراء اللحوم البلدى والاتجاه إلى اللحوم البرازيلية أو السودانية، شدد منصور على أنه لا يمكن استبدال اللحوم البلدية بأى لحوم أخرى، مبررًا ذلك بقوله: إنه لا يضمن هذه النوعية من اللحوم التى لا يعرف مصدرها، ونوعية العلف الذى يقدم لها، وطريقة ذبحها، وغيرها من الأمور التى تجعل التفكير فى شرائها أمرًا يحمل قدرًا من المجازفة بالصحة والمال.
وأعرب عن اعتقاده بوجود تقصير حكومى فى التعامل مع أزمة ارتفاع أسعار الأعلاف التى أدت بالتبعية إلى ارتفاع أسعار اللحوم باختلاف أنواعها، مطالبًا بالتدخل الفورى لإنهاء هذه الأزمة التى باتت تؤرق البائع والمستهلك على حد السواء، وكذلك إلزام الجزارين بعدم ذبح إناث العجول وفرض غرامات كبيرة على المخالفين.
وردًا على السؤال: «كم يصرف المصريون على خروف العيد؟»، أجاب منصور قائلاً: إذا اشترينا خروفا بـ 1000 جنيه سوف يكلّفنا علفا 10جنيهات فى اليوم الواحد بتكلفة إجمالية فى السنة تصل إلى 3600 وإذا فكرت فى بيعه لن يصل سعره بأى حال 4000 جنيه، وبالتالى فإنك سوف تتكبد خسارة فردية أنت فى غِنى عنها، وبالتالى إذا أردت تجنب الخسارة فما عليك سوى شراء خروف جاهز بـ3000 جنيه.
• تسعيرة الحكومة للحوم الأضاحى
وبشأن تسعيرة الحكومة للحوم الأضاحى هذا العام، كشف عن ارتفاع أسعار لحوم الأضاحى حيث إن أسعار اللحوم البلدية زادت من 10% إلى 12%، كما ارتفعت المستوردة بنحو 25%.
سعر كيلو اللحوم البلدية التى تتنوع ما بين الكندوز والضان والجاموسى والبقرى والجملى ما بين 80 و100 جنيه، وسعر كيلو لحم العجل ما بين 80 و85 جنيهًا، وسعر كيلو اللحم الجملى ما بين 65 و70 جنيهًا مقارنة بـ 50 و55 جنيهًا العام الماضى.. سعر اللحوم السودانية الحية وصل إلى 60 جنيها للكيلو مقارنة بـ 50 جنيها للكيلو العام الماضى، فيما بلغ سعر اللحوم البرازيلية المجمدة 49 جنيهًا مقارنة بـ 39 جنيهًا للكيلو العام الماضى.. فيما أرجع نقيب عام الجزارين عادل أحمد، ارتفاع اللحوم البلدية والمستوردة إلى انخفاض نسبة الإنتاج الحيوانى التى لا تتعدي20% من الاستهلاك واستيراد 80% لسد العجز، بالإضافة إلى عدم دعم الفلاح المربى، ناهيك عن ارتفاع سعر الدولار فى السوق الموازية الذى أثر على أسعار الأعلاف والردة والذرة.
وأفاد أحمد أن طن الذرة وصل إلى 3400جنيه، وطن الردة وصل إلى 3050 جنيهًا، وطن فول الصويا وصل إلى 5400 جنيه، منوهًا بأن كل هذه التكلفة أدت إلى رفع الأسعار على المربى الأساسى فارتفعت على المستهلك.. وطالب نقيب عام الجزارين الحكومة بحلول جذرية للنهوض بالثروة الحيوانية، وتفعيل قوانين تحريم ذبح الإناث، وتسمين البتلو.
• موسم مضروب
واختتمنا الجولة، بزيارة سريعة إلى المحل الوحيد فى شارع السوق بالقرب من مركز شباب خارطة عاصم بفيصل، والمخصص لبيع السكاكين والسواطير التى لا غنى عنها لدى الجزارين خاصة فى أوقات ذبح الأضاحى.
استقبلنا محمد حسن - صاحب المحل - بابتسامة ظاهرة اعترضتها سحابة من الحزن، قائلاً: «ارتفاع سعر الدولار أثر بالسلب على كل شىء لدرجة أننى لم أستطع شراء أى بضاعة للمحل»، مضيفًا: «ورغم أننا فى موسم شراء وبيع الأضاحى إلا أن حركتى البيع والشراء ضعيفة، وبالتالى يؤثر ذلك بالسلب أيضًا على أصحاب محال بيع السكاكين والسواطير، لكن الحمد الله على كل حال».
ولما سألته عن أنواع وأسعار السكاكين والسواطير التى يستخدمها الجزارون فى عملية ذبح الأضاحى، أجاب: «سكينة الدبح سعرها 40 جنياًه، سكينة خنصر أو سكينة قشرة 20 جنيها، سكينة كاذيلك تشفية سعرها 45 جنيها، سكينة لتكسير الخروف بعضمة سعرها 60 جنيها، سكينة بياعة سعرها 120 والساطور أنوع يتراوح سعره ما بين 30 و80 جنيها، والجراب بـ 20 جنيها».
وعبّر عن استيائه بسبب حالة الركود فى موسم شراء وبيع الأضاحى هذا العام «المضروب» على حد تعبيره، قائلاً: «لم يتبق سوى أيام معدودة على عيد الأضحى ولم أتحصل على 500 جنيه طوال هذا الموسم، علمًا بأننى فى المواسم السابقة كانت حصيلة البيع تصل إلى 2000 جنيه وفى أوقات أخرى 3000 جنيه».. وخلص إلى القول: «للأسف لا أستطيع تغيير مهنتى التى لا أجيد سواها، مطالبًا الحكومة ببذل المزيد من الجهود للقضاء على الركود فى الأسواق وعودة حركتى البيع والشراء لطبيعتها».•