السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

أشرف السرخوجلى ملحن بنكهة بحر إسكندرية أحببت المدرسة من غرفة الموسيقى!

أشرف السرخوجلى ملحن بنكهة بحر إسكندرية أحببت المدرسة من غرفة الموسيقى!
أشرف السرخوجلى ملحن بنكهة بحر إسكندرية أحببت المدرسة من غرفة الموسيقى!


من الإسكندرية، حيث شواطئها وجوها وعبيرها الذى يقطر بالفن والإحساس، من عروس البحر المتوسط ودرته وطفلته الشقية التى تتراقص على نغم الموج وتترنح فوق رمال الشاطئ، ولد الملحن أشرف السرخوجلى من أب سودانى وأم مصرية، والده خريج الكلية الحربية بالسودان وخدم بالقوات المسلحة المصرية حتى وصل لرتبة رئيس أركان مرسى الحدود المصرى، ولم يكن يعلم أن ولده مولع بالموسيقى إلى الحد الذى يجعل منه يوما ملحنا ومؤلفا موسيقيا معروفا.


هاتفت الملحن أشرف السرخوجلى عضو مجلس إدارة جمعية المؤلفين والملحنين، وطلبت منه عمل حوار لـ «صباح الخير»: وبالطبع رحب كثيرا وعلى الفور ذهبت له وكان لى هذا الحوار:
• منذ متى اكتشفت شغفك وولعك بالموسيقى؟ وكيف أثرت عليك الإسكندرية بسحرها وجمالها وعلى موسيقاك؟
- بدأت حكايتى مع الموسيقى منذ أن كنت فى المرحلة الابتدائية، حيث غرفة الموسيقى ومدرسوها الذين كانوا يحبوننى جدا، ليس هذا فقط ولكن أيضا حتى الناظر والمدير كانوا يتركون مفتاح غرفة الموسيقى معى نظرا لرؤيتهم شغفى وعشقى لها، قديما كان هناك اهتمام بالأنشطة والمهارات ليس اهتماما فقط، وإنما العمل أيضا على تطويرها والارتقاء بها، أما الآن فليس هناك أية أنشطة أو مهارات، ومرت الأيام بى ووصلت المرحلة الثانوية، حيث بدأت بعض المحاولات لإخراج لحن، ولكنها كانت جميعها محاولات ساذجة وغير ناجحة، ولكن يكفينى ويشبعنى وقتها أننى حاولت، وطوال هذه الفترة من المرحلة الابتدائية وحتى المرحلة الثانوية، كل علاقتى بالموسيقى كانت من خلال حجرة التربية الموسيقية بالمدرسة، ومن خلال أساتذة الموسيقى فقط لا غير، وكنت أفوز فى مسابقات المدرسة كل عام.
وفى المرحلة الثانوية كانت قد انتشرت ظاهرة الفرق الصغيرة وبدأت أنضم لإحدى هذه الفرق، وفى بداية مرحلتى الجامعية كانت قد بدأت مرحلة ظهور محمد منير وعلى الحجار ومدحت صالح، وكلنا كنا متأثرين بهم، وعلى الأكثر محمد منير الذى كان يجذبنا أكثر أنا ومصطفى قمر، حيث كان صديقى بنفس المرحلة، ونفس الكلية، وكنا نذهب لحفلات منير ونتابعها جيدا، وبدأت محاولات مصطفى قمر فى التلحين والغناء وأنا أيضا، ولكن على استحياء شديد دون أن يصرح كل منا للآخر.
• التحقت بكلية التجارة ولم تلتحق بمعهد الموسيقى العربية أو كلية التربية الموسيقية أو ما شابه ذلك.. فلماذا؟
- كانت هناك معارضة شديدة جدا من العائلة، فكثيرا ما حاولت أن أناقشهم فى هذا الموضوع وأوضح لهم عشقى للموسيقي، ولكنهم رفضوا بشدة خصوصا والدى، بينما أمى هى التى كانت تشجعنى وتقف بجانبى وتعشق الموسيقى، رغم أنها لم تدرس موسيقى، إنما تعشق الغناء وتغنى بطريقة سليمة جدا دون خروج عن المقام أو النغمة، فهى سبب عشقى الأول والأخير للموسيقى، ويجوز أنه لولا تشجيعها ودعمها لى ما كنت قد أصبحت يوما ملحنا معروفا ولى أعمال وعشقت الموسيقى إلى هذا الحد، بالإضافة إلى أن الإسكندرية بلد يعشق الغناء والموسيقى ومعروف بتاريخه الفنى الطويل، حيث أتذكر أننى كنت طفلا عندما كنت أسمع موسيقى يونانية، إيطالية، وغيرهما الكثير حيث كنا مجتمعا متنوعا ويحتضن العديد من الجنسيات.
• المحطة الاولى
• وكيف كانت البداية فى التلحين والمحطة الأولى؟
- فى الجامعة كان أقرب الأشخاص لقلبى مصطفى قمر والشاعر صلاح العجمى ومصطفى زايد، وكنا نجلس طوال اليوم نفكر كيف نصنع لحنا أو كيف نبدع فى جملة موسيقية وكنا نعزف على آلة الجيتار أنا ومصطفى وكذا صديقانا الشاعران صلاح العجمى ومصطفى زايد كل منهما يتبارز فى كتابة أغنية أجمل من الآخر وأنا ومصطفى نلحن، إلى أن جاء أول عمل لمصطفى قمر وهو أغنية «زينة» وكان معها غنوة أيضا لإيهاب توفيق وانتشرت انتشارا واسعا جدا، ثم حدثت بعض المشاكل بين مصطفى قمر وشركة سونار، فتوقفنا عن العمل لمدة سنة ونصف السنة، ولكن بالنسبة لى ومصطفى هناك شخص يعتبر السبب الرئيسى فى دخولنا هذا المجال كمحترفين، حيث كنا فى الصيف نذهب إلى شاطئ المعمورة ونغنى بعضا من الأغانى الخاصة بنا مع أغنية أو اثنتين لمنير وكان يأتى لنا جمهور غفير، وفى مرة من المرات كان حميد الشاعرى من ضمن الجمهور وسمعنا، وانتظر حتى انتهينا ثم نصحنا بالذهاب إلى القاهرة ودعانا عنده بالمنزل، وبالفعل ذهبنا له وبدأنا معه، وكان صاحب الفضـل الأول فى دخولنا المجال، وعملت مع مصطفى قمر بعدها فى أول ألبوم له أغنية حبيبى كلمات سامح العجمى ثم عملت مع حميد الشاعرى دويتو «ليلى» مع أميرة كلمات مصطفى زكى محمود، وأغنية لحظة لقا لحميد الشاعرى وداليا أيضا كلمات رضا زايد، ولايلو لإدوار كلمات أمير طعيمة، وعملت أغانى بعدها مع لطيفة وداليا وعمرو زكريا وسحر ناجى ومنى عبدالغنى وهشام نور والعديد من الأغانى لمصطفى قمر وعملت مع هشام عباس أول ألبوم له أغنية حالة والعديد من الأغانى ولكن أغنية وينك لحميد الشاعرى كلمات رضا زايد وأغنية أرزاق الخلق على الخالق كلمات عبدالرحمن أبوسنة، هما محطتا انطلاقى الأولى، حيث ألبوم جواهر لحميد الشاعري.
• رأى حلمى بكر
• فترة التسعينيات كانت محاولة للتغيير فى شكل الغناء المصرى شكلا وموضوعا.. فكيف صمدت أمام هذا التحدي؟
- أتذكر جيدا أستاذى العزيز حلمى بكر عندما كان يظهر فى كل البرامج غاضبا وماقتا على جيلنا الذى أفسد الذوق العام كما كان يقول فى كل مكان، ولكن صمدنا لأننا كان لدينا هدف واضح فى تغيير شكل الغناء المصرى والموضوعات التى كانت تتحدث عنها الأغنية وشكل الجملة الموسيقية الكلاسيكية أيضا إلى أن نجحنا فى هذا بالفعل وأصبح حميد الشاعرى يعبر عن جيل بأكمله بما يحمل من لون جديد فى الغناء واللحن.
• منذ عام 2002 بدأت تقل فى تلحين الأغنية واتجهت لعمل ألحان فى مجالات أخرى.. حدثنا عن هذه المرحلة بالتفصيل؟
- منذ عام 2002 بالفعل اتجهت لعمل الإعلانات والأفلام الوثائقية أكثر من الأغانى ومشروعات التخرج فى معهد السينما ولم أشتغل بالدراما سوى أغنية مع مصطفى قمر فى فيلمه وربما لو قلت لك إن مصطفى قمر هو الأقرب لقلبى كصوت غنائى على الساحة لا يوافقنى البعض، ولكن لعل هذا الإحساس نابع من علاقتى الإنسانية العريضة، فأنا بالفعل أعشق صوت مصطفى قمر وأحب أن أعمل معه باستمرار.
ونتعاون معاً حاليا فى عمل جديد أعتقد أنه سينال الإعجاب لأنه حاجة جديدة ومختلفة وأيضا المطربة داليا أجهز لها عملاً جديدًا وأيضا أعمل مع مطربة صاعدة وصوت شبابى جديد اسمها سارة وستفاجئون بها، فدائما أحب خوض مغامرات الأصوات الجديدة والوجوه الشابة.
• ما العلاقة بين التراث والحركتين الفنية والأدبية فى تكوين التراثين الموسيقى والغنائي؟
- الحركة الفنية والأدبية فى المجتمع تشكل تعبيرا صادقا عن ضمير هذا المجتمع، وتسعى إلى الأفضل وهى المؤرخ الحقيقى لحكاية الشعب من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ولهذا فعلى القائمين على الحركة الفنية والأدبية العمل على إحياء التراث وتطوير أدواته لنقل صورة حقيقية عن هذا الشعب بفرحه وحزنه ومقاومته وتقاليده وعاداته ولننتبه ألانغفل المضمون الوجدانى لهذا التراث. فهل يكفى أن نغنى للبارودة مثلا من دون إيضاح القضية التى خدمتها هذه البارودة؟! وهل نغنى للبارودة كونها زينة فى الأعراس. أم وسيلة دفاع عن الأرض والوطن؟! لهذا فالتراث أمانة يجب الحفاظ عليها وتطويرها من خلال حركة ثقافية فنية شاملة تجتمع فيها خبرات وقدرات الجميع.
• الموسيقى العربية وثوب الغربة
• ماذا أضافت الموسيقى العربية للحضارة الإنسانية؟ وهل شراع الموسيقى العربية مع اتجاه الريح أو عكسه؟
- أعتقد أن الموسيقى العربية تتشح بثوب الغربة. ومركب بلا شراع وليس لها تأثير فى الحضارة الإنسانية، وذلك لأسباب كثيرة أهمها أن الموسيقى العربية لم تكن جزءا من المكونين الثقافى والحضارى فى تاريخ الإنسانية، ولم يكن لها مشروعها إنما هى جزء من الموسيقى الشرقية، ويقع عليها التأثير الخارجى وحسب الموقع الجغرافي. فهناك من تأثر بالموسيقى التركية ومناطق تأثرت بالموسيقى والإيقاعات الأفريقية والهندية، ومنهم من تأثر بالموسيقى الغربية وموجات الروك والراب. وهذا بدوره أفقد الموسيقى العربية شخصيتها. ربما يقول أحدهم: لماذا نسيت سيد درويش والأخوين رحبانى وعبدالوهاب وفيروز: أقول هنا يجب أن نفرق بين الموسيقيين العرب والموسيقى العربية.
• كيف تبدو مرآة فن الأغانى فى هذه الأيام؟
- فى هذه الأيام أو غيرها هناك أعمال فنية جيدة وأعمال رديئة تحط من الذوق العام. وقد أصبح الغناء على ما يبدو ملجأ للعاطلين عن العمل وسبب ذلك غياب الجد فى التعاطى الفنى وغياب مؤسسات تشرف على ذلك. وزاد فى السوء وجود محطات تليفزيونية وشركات إنتاج همها الكسب المادى تعمل على تسويق متعة التفاهة واللهو الرخيص حتى ضاعت المعايير الفنية. والمشكلة الحقيقية هى أين المؤسسات والشركات التى تهتم بالأعمال الفنية الجيدة وتتبناها؟ وكيف ترعى الأعمال الفنية؟ هناك من يقول نريد أغنية حديثة أو أغنية طربية. طبعا هبوط مستوى الأغنية لا علاقة له باللون الغنائى إن كان طربيا أو شعبيا أو قصيدة أو.. صباح فخرى وفيروز وديع الصافى وباقى الكبار غنوا كل هذه الألوان. لكنهم حققوا التكامل بين الصوت والكلام واللحن والأداء الغنائى والموسيقي.. بالإضافة إلى المضمون الفكرى الجيد وهذا التكامل هو السبيل للارتقاء بالذوق العام وبدونه لا شيء ينفع.
• كيف ترى برامج اكتشاف المواهب؟
- اقتصرت سابقا برامج اكتشاف المواهب على عدد محدود من البرامج وإذا صح التعبير على برنامج «ستوديو الفن»، الذى كان الأبرز فى إطلاق العديد من النجوم اللبنانيين إلى ساحة الغناء العربى منذ ثمانينيات القرن الماضي.
أما اليوم، فقد كثرت تلك البرامج التى تخرج نجوما وهميين تنقضى فترة نجوميتهم مع انتهاء الحلقة الأخيرة من البرنامج، ليتخبطوا وحدهم فى ساحة تغص بالكثيرين، فتقع عندها البطالة الفنية، أو نجد أن العديد منهم يلجأ للغناء فى الملاهى الليلية أو المقاهى أمام عجزهم عن الوصول إلى المهرجانات المهمة والدولية التى يسيطر عليها نجوم الصف الأول الذين سبقوهم.
ومن نجح فى الوصول إلى مصاف هؤلاء النجوم قليلون جدا، وتتخبط الساحة بالكثير من خريجى «ستار أكاديمي»، و«آراب أيدول» و«آراب جوت تالنت» و«ستوديو الفن»، بنسخته الجديدة، فى حين نتحضر لاستقبال خريجين جدد من «ذا فويس» و«صوت الحياة».
والنتيجة هى تمكن أسماء معدودة على أصابع اليد الواحدة من الوصول إلى مكانة جيدة وتحقيق ألبوماتهم وسهراتهم المبيعات والنجاحات، فى حين يغرق الباقون فى سبات عميق ومازالوا حائزين لمعرفة الخط الذى يجب أن يتبعوه، لكن لا يتحمل هؤلاء وحدهم مسئولية النجومية الباطلة والهالة المزيفة التى وضعوا بها أثناء عرض البرامج ومتابعة الملايين فى العالم العربى لهم، خصوصا أن هذه البرامج لا تتابعهم ولا تتبنى إدارة أعمالهم وتأمين حفلات لهم، كما كان يحصل مع مكتب ستوديو الفن، فهل هى ضحية هذه البرامج التى بات معلومًا أن الهدف الأساسى من إنتاجها هو الربح المادى المتأتى من اتصالات ورسائل المصوتين من مختلف العالم العربى الذين يجيشون لتشجيع مواهب جميلة؟
ومن هنا نطرح العديد من التساؤلات أولا عن البطالة الفنية المتأتية من كثرة تخريج فنانين جدد؟ ثانيا عن مسئولية تلك البرامج فى تردى مستوى الأعمال والأغانى المطروحة، التى تكون نتيجة إنتاج ضعيف ومعتمدة على كلمات ركيكة تزعج وتخدش السمع أكثر مما تهذبه؟ ثالثا عن الأثر السلبى الذى يترك فى نفس هؤلاء الذين أوهموا بنجومية زائفة؟ رابعا معرفة الهدف من تلك البرامج إذا كان تخريج مواهب جديدة أو استغلال الشباب المندفعين الباحثين عن الشهرة لأهداف تجارية؟ .•