السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الإيحاء والمعجزات والجهد المعكوس

الإيحاء والمعجزات والجهد المعكوس
الإيحاء والمعجزات والجهد المعكوس


هل للإيحاء قوة بناءة كامنة رهيبة، أم أنه وسيلة سريعة للهدم؟!  هل نعلم ما هى أسباب فشلنا فى تحقيق أهدافنا وأحلامنا؟ كيف نحصل على النتائج التى نريدها؟.. أسئلة كثيرة وقضايا حياتية متعددة يجيب عنها كتاب جوزيف ميرفى (قوة عقلك الباطن) فى السطور المقبلة.
إليكم هذا المثال الذى يوضح القوة الرهيبة للإيحاء لنفترض الآن أن أحد طاقم سفينة ما اقترب من أحد الركاب الذى يبدو عليه القلق والهلع، وقال له: «إنك تبدو مريضاً، وجهك يبدو عليه الشحوب، إننى أشعر بأنك ستصاب بدوار البحر، دعنى أساعدك فى الوصول إلى كابينتك»، بالطبع سيتحول لون وجه الراكب إلى الاصفرار، فهل تعلمون لماذا؟.. لأن إيحاء فرد الطاقم للراكب بأنه سيصاب بدوار البحر ارتبط بمخاوف الراكب ذاته وهواجسه، وقد قبل الراكب مساعدته له للوصول إلى كابينته وبالتالى أصبح إيحاؤه له أمراً واقعيا.
كثيرًا ما نصادف فى حياتنا إيحاءات من قبل الآخرين وهذه الإيحاءات تسمى بالإيحاءات المتغايرة أى الإيحاءات التى تأتى من شخص آخر، وقد تكون بناءة وقد تكون هادمة.
فكثيرا منا- فى مراحل حياته المختلفة-  قابل إيحاءات سلبية من قبل الآخرين أو حتى من قبل أنفسنا وقد نقبلها بدون وعي، ومن هذه الإيحاءات «أنت لا تستطيع»، «إنك لن تبلغ أو تصل إلى أى شيء»، «إنك سوف تفشل»، «ما الفائدة لا أحد يهتم»، «إن الأمور تزداد سوءا»، «إنك لن تستطيع أن تحقق النجاح»، «ستصبح قريبا مفلساً».. وغيرها من الإيحاءات السلبية التى تهدم الإنسان وتحطمه، والمطلوب أن تحذروا فلا تطلقوا هذه العبارات على أنفسكم، فكل إنسان لديه قوة وطاقة وموهبة يستطيع بها أن يصل إلى ما يريد، ويمكنكم رفض الإيحاءات السلبية التى يطلقها الآخرون تجاهكم، فأنتم لستم مضطرين بأن تتأثروا بإيحاءات هدامة من الغير.
قدرة العقل الباطن
عليكم أن تدركوا أن عقلكم الباطن وعقلكم الواعى يتداخلان بين بعضهما البعض ويعملان معاً باتفاق وانسجام، ومع الوقت سوف تحصلون على السعادة والسلام والبهجة ولن يكون هناك مرض أو اضطراب عندما يعمل عقلكم الباطن والواعى بانسجام وهدوء، فلذلك اجعلوا أفكاركم بناءة، إيجابية، صادقة لتحققوا هذا الهدوء والانسجام.
إن العقل الباطن يسيطر على كل الوظائف الحيوية فى الجسم، فمثلا عندما يحدث اضطراب ذهنى  قلق، خوف، ضيق.. إلخ، فإن دقات القلب قد تتسارع، الجلد قد يفرز كميات من العرق، الرئتان قد يصعب عليها التنفس وهكذا، وأفضل إجراء لمواجهة ذلك هو الاسترخاء والتحدث للعقل الباطن وإخباره بأن يضطلع بمسئولية التنظيم بطريقة هادئة بها انسجام.. وفى تلك الحالة ستجدون أن جميع وظائف جسمكم تعود لطبيعتها، تأكدوا أنكم تتحدثون لعقلكم الباطن بصيغة المسئول وبالإقناع وسوف يستجيب لأوامركم.
هل تعلمون أن كلاً منكم لدى عقله الباطن قوة شفاء، ولكن يحتاج لإطلاق كوامن هذه القوة ليحقق النتيجة التى يريدها، فالشفاء الذاتى يظل أكبر دليل على قوة الشفاء لدى العقل الباطن.
فعملية الشفاء تتم بقوة الإيمان والثقة التامة بقدرة هذا العقل الباطن.. إذاً عملية الشفاء التى تمثل المعجزات ترجع للإيمان الصادق والثقة التى تعمل فى عقلكم الباطن وتطلق العنان لقوة الشفاء، كما يمكن أيضا استخدام عقلك الباطن فى المساعدة على شفاء الآخرين، وهذا ما يسمى بالعلاج الغائب اللاموجود.
فعندما تدعون لمريض وتفكرون به، ابعثوا بأفكاركم الإيجابية عن الصحة والحيوية فى عقلكم الباطن إلى العقل الباطن لمرضاكم.
إن عقلكم لديه طريقة فى إدارة  وتوجيه حياتكم، وعليكم أن تدركوا أن تلك الطرق والوسائل هى أمور أولية أساسية، فهناك طرق ووسائل تتحقق من خلال آمالكم ورغباتكم، إذا تحققت فهناك وسيلة قد استخدمت لتحقيقها، وهذه الوسيلة المستخدمة هى وسيلة علمية.
والكتاب يقدم طرقًا علمية تنمى وتغذى حياتكم، ويمكنك استخدامها للوصول إلى النتيجة المطلوبة، ولنبدأ بطريقة سريعة لتلقيح عقلكم الباطن، والتى تكمن فى حث العقل الباطن على تبنى وتلقى طلبكم كما هو مرسل من عقلكم الواعي، وتتحقق هذه الطريقة على أحسن وجه من خلال حالة حلم اليقظة والاستغراق فى التفكير بالحلم.
ولعل أسهل وأوضح طريقة لصياغة فكرة ما وتشكيلها فى عقلكم هى أن تتخيلوا هذه الفكرة، وأن تروها بشكل نشط فى حياتكم كما لو كانت شيئا محسوسا، وفى يوم ما ستظهر هذه الفكرة فى عالمكم المحسوس (الخارجي) إذا كنتم مؤمنين بصورتها الذهنية فى عقلكم، لأن هذه الطريقة فى التفكير تشكل انطباعات فى عقلكم وهذه الانطباعات تظهر للعيان كحقائق فى حياتكم.. وهناك طريقة الشكر، فبالشكر تدوم النعم، والقلب الشاكر دائما قريب من الله، فعندما يأتى الإنسان مرض ما، ومن خلال تكراره (شكرا لك يا رب) عدة مرات، ليصل عقله وقلبه إلى نقطة الرضا، ليس فى المرض وحده يشكر الإنسان ربه وإنما فى جميع الأوقات يتسلل الرضا إلى قلبه، فيشعر بالسعادة.
اشكروا الله فى جميع الأوقات، وجربوا ألا تفارقكم هذه العبارة (شكرا لك يا رب على نعمك عليً)، وصدقونى ستشعرون بالراحة والرضا، سيتغلغل كل هذا إلى داخل أعماقكم وعقلكم وقلبكم، وستكونون من أسعد الناس.
إن عقلكم الباطن هو الذى يجعلكم تحققون الكثير من الأمانى التى تحلمون بالوصول إليها.
ولكن كيف يتداخل الإنسان مع مبدأ الانسجام الداخلى؟
إن الذى تؤكدونه بعقلكم الواعى وتشعرون به كحقيقة، يعرض فى عقلكم وجسدكم وعلاقاتكم، لذا دائما أكدوا الخير وادخلوا فى سعادة الحياة، ولكى تفكروا تفكيرًا صحيحًا وعلميًا، يجب أن تعرفوا الحقيقة (التى تؤكدونها فى عقلكم الواعى وتشعرون بها)، ولكى تعرفوا الحقيقة عليكم أن تكونوا منسجمين مع قوة عقلكم الباطن التى تتحرك دائما فى اتجاه الحياة.
ولكن هل نعلم ما هى أسباب الفشل؟ وكيف نحصل على النتائج التى نريدها؟
لعلها نقص الثقة ، فكثير من الناس يفشل بسبب أفكاره، وهناك من يفشل ويضع اللوم على حظه، وآخر يشك بقدراته.. إذا الإنسان وحده هو المسئول عن فشله.
وأيضًا هناك من يستخدم عقله الباطن، ولكنه يفشل فى الحصول على النتائج التى يريدها، والسبب أنه استخدم الإكراه العقلي، فالعقل الباطن لا يستجيب للإكراه، فربما تفشلون فى الحصول على النتائج التى تريدونها، نتيجة استخدام عبارات مثل: (أننى لن أحصل على نتيجة أبدا)، (إن الأمر ميئوس منه)، (الأمور تزداد سوءا)، (حظى سيئ دائما).. لأن هذه العبارات التى تستخدم ستأتى بنتيجة عكسية، فعندما تستخدمونها لن تحصلوا على رد أو تعاون من جانب عقلكم الباطن.
إن الطريقة العجيبة للحصول على استجابة من عقلكم الباطن هى من خلال الخيال المنظم.. عليكم أن تسترخوا وتتخيلوا أنكم وصلتم لأمنيتكم، أو حل لمشكلة تواجهكم، عليكم أن تستمروا بهذا التخيل، مقتنعين بوصولكم إليه، وأفضل وقت لحث عقلكم الباطن قبل النوم والسبب فى ذلك أن أعلى درجة إنتاج العقل الباطن تحدث قبل النوم وبعد الاستيقاظ من النوم، ففى هذه الحالة لا توجد أفكار سلبية تجعل رغباتكم حيادية، وبالتالى تمنع قبول العقل الباطن لها.
• الجهد المعكوس
يعرف هذا القانون بأنه عندما تكون رغباتكم وخيالكم متعارضين، فإن خيالكم يكسب دون شك.
وهناك تجربة شائعة يمر بها أغلب الطلبة، فعندما يأتى الاختبار ويدخل الطلبة قاعات الامتحان، ويبدأون بالإجابة.. فجأة تهجرهم المعلومات تمامًا، ولا يستطيعون استرجاع معلومة واحدة متصلة بموضوع الامتحان، وكلما حاولوا استدعاء إرادتهم كلما زاد هروب الإجابة منهم، ولكن عندما يهدءون تتدفق الإجابات إلى عقلهم.. فمحاولة التذكر كانت هى سبب الفشل، وهذا مثال على قانون الجهد المعكوس، حيث تحصلون على عكس ما تريدونه.
ومن هنا نوجه نصيحة للطلبة: لا تجبروا أنفسكم على التذكر، فقط استرخوا وابدءوا بحل أسئلة أخرى تعرفون إجاباتها، ثم عودوا للأسئلة المستعصية، وحتمًا ستتذكرون إجابة السؤال الذى لم تعرفوه.
.. وفى الحلقة المقبلة والأخيرة يحاول المؤلف أن يضع روشته عملية للاستقرار المالى والثراء وصولاً إلى السعادة الحقيقية. •