يا خراطين الخشب
تقرير: مروان أحمد
بأيادٍ مصرية ماهرة وبخبرة متوارثة تتحول كتل من الخشب إلى قطعة فنية تزين بيوت وموائد طعام المصريين، ومن هذه القطع الفنية الأطباق والهون وأدوات مائدة الطعام وهذه المهنة تتمتع بتاريخ طويل لكنها تواجه خطر الاندثار، إلا أن هناك عائلات ما زالت تواصل إبداعها فى هذه المهنة الشاقة والتى يقوم بها صانعوها بطريقة احترافية، ذلك أنهم تربوا ونشأوا فى كنف هذه المهن منذ الصغر وتعلموها على يد أهاليهم.
وفى شارع تحت الربع الذى يقع بجوار باب زويلة ذلك المكان الذى يضم الكثير من المعالم الأثرية والتراثية، من السهل أن تجد الكثير من المهن غير المألوفة، ومن تلك الحرف صناعة الأوانى الخشبية من أنواع كثيرة من الأخشاب، ومن أهمها خشب (السرسوع) وتشكيلها على هيئة تحف وأطباق وغيرهما من الأشكال التى تعتبر واحدة من أصعب المهن، غير أنها تعد من أهم الحرف التراثية التى توارثتها الأجيال.
خريف الزمن
الحاج محمد يونس صاحب أقدم ورشة خراطة الأخشاب فى مصر الذى يزيد عمرها عن 120 عامًا، واحد من أهم فنانى خراطة الخشب بمنطقة تحت الربع ببوابة المتولى، فهو ورثها عن والده وأجداده.
بداية من بدر صاحب الورشة وأول من أدخل هذه الصناعة والحرفة اليدوية فى العهد الملكى ثم تطورت أكثر فأكثر وانتعشت فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى.
الورشة تعمل بتقطيع الخشب بالشجر مثل خشب الصمت والسرسوع واللبخ والكية والفيكس. تصلح لعمل كل شيء على حسب الطلب اللى هو يعمله، مثل الأطباق الخشب والسلاطين، والكاسات، وعمل كبايات من الخشب.
وذكر أنه رغم أن هذه الحرفة قديمة؛ فإنها تحيا حتى الآن بسبب حبنا لهذه المهنة وبسبب هذا الحب وتطورنا المستمر مع الشغل، يتوافد الكثير من السياح ويبدون إعجابهم الشديد بهذا الفن ويشترون سلاطين صغيرة وأطباقًا كبيرة ومنهم العرب يشترون العديد ويطلبونها «مخصوص» بكميات كبيرة، ومضيفا إن هذه الورشة كانت تعمل مع الاتحاد الأوروبى من فترة وتم تكريمنا بشهادة عالمية بذلك والعمل مع العديد من المهندسين المصريين والأجانب.
فى أكتوبر عام 2014 وفبراير 2015 حازت الورشة على جائزة من الاتحاد الأوروبى تكريمية على الإبداع الذى لن تراه فى حياتك إلا فى أمنا الغالية مصر، وأشرفت على هذه الجائزة السفارات الإنجليزية والسويدية والبولندية وأكاديمية الفنون العالمية فى بولندا فعملك بحب يوصلك للعالمية بسهولة.
تحف فنية
نخرط الأخشاب بطريقة فنية من طبقة الطق من شجر شمس كما هى بالأرياف «ومن هنا يدخل على المنشار، بتقطع المقاسات على حسب الحاجة فمثلا طبق 30 سم، قطع حتة الخشب 30 سم. بعد كده تذهب وتقيس على المقاس على المنشور، وبعد هذا تأتى وظيفة مخرج المخرطة هو الذى يشكل قطعة الخشب على حسب الحاجة أكواب مثلا أو صينية أو طقم شمسية، الطبق ده بعد كده بتشكل فيه حاجة بيتضهر، أول حاجة اسمها تضهير، بعد كده تفضيل بعد كده يدخل مرحلة يأخذ مادة عازلة وسنفرة».
وأضاف أحد أقدم العاملين فى المجال أيضا المعلم عربى تاجر أخشاب الأشجار بمنطقة رملة بولاق الذى ورث المهنة من والده، إن أساس عمله هو تقطيع خشب الشجر، وتقطيعه وتزيينه ليناسب استخدامه فى المنازل وإنتاج الفحم منه، عملت الورشة من سنة 1950 ووالدى كان تاجر لم يكن موجودا المنشار كهربائى وكان عمله كله يدويًا وبدائيًا للغاية، وعندما توفى إلى رحمة الله استمررت أنا فى هذه المهنة وطورت بها قليلًا استخدمت المنشار الكهربائى والمخرطة الآلية وما لم يتدخل شغل فى الخشب والتصنيع والشغل الديكورات وكده. بس بفضل الله بدأنا المجال شجر كبير جدا غير موجود فى مصر فكان نوع الأخشاب غير موجود فى الصناعة المصرية وكنا نأتى به عن طريق الاستيراد من الخارج من غابات البرازيل وأمريكا وأوروبا.
وتمنى المعلم محمود حراز أحد أهم التجار بورشة عربى الذين يستوردون الأخشاب بمختلف الأنواع من خارج مصر بدول أوروبا والبرازيل فى إعادة السماح باستيراد الدولة لأخشاب من الخارج وفتح سوق الاستيراد فى هذا المجال بعد جائحة كورونا مع تقليل سعر الجمارك للتجار فى هذا المجال من أستراليا وغيرها من الدول التى تمتلك كمية غابات رهيبة وخشبًا بأنواع جميلة غير موجودة فى مصر.
فكان قبل الجائحة نستورد خشب البامبو من الهند وأستراليا ومع تطور الصناعات المصرية وتطور الدولة قدرنا ننتج خشب بامبو مصرى ينافس دول العالم وتحول الأمر من دفع أموال الدولة للاستيراد إلى توفيره وتوريدها فى الوطن العربى.