الدوم حقق حلمى وهذه تفاصيل حياتنا فى حلايب وشلاتين
حـكـاية «الشوالى بتاع حلايب»

محمد القمحاوى
من أقصى الجنوب, مدينة حلايب وشلاتين، بدأ أحمد عثمان الشوالى مشواره الفنى لينجح فى المشاركة ببرنامج الدوم، ويصبح أول مطرب فى مدينة حلايب يصل بفنه إلى مصر كلها.
فما هى قصته وما هى الثقافة التى يسعى لتعريف العالم بها؟

تحدثنا معه حول أشياء كثيرة، منها عن الحياة فى حلايب وشلاتين، أفراحهم وأشهر الأكلات وطرق الترفيه وبماذا يشتهر أهل حلايب وشلاتين.
التقت مجلة «صباح الخير» بالشوالى وكان الحوار التالى.
فى البداية قال أحمد: أنا أحمد ابن من أبناء مدينة حلايب، إنسان بسيط جدًا، نشأت فى أسرة متوسطة، دخلت المدرسة والجامعة، بدأت مسيرتى الفنية بالمشاركة فى مهرجانات وفى الأفراح فى مدينة حلايب وشلاتين.
يكمل: «أنا من قبيلة «البشارية» وشاركت فى برنامج الدوم، واكتسبت ثقافة ومهارة فى أشياء وأضافت لى محطات من حياتى كثيرة، وأوصلتنى للشارع، وبقى اسمى مسموع ومتشاف أكثر وأكثر، يعنى الدوم قدم لى أشياء كثيرة».

أضاف: «اهتمامى بالغناء ظهر من الإعدادى، كنت أغنى فى احتفالات المدرسة، ولما وصلت للثانوى بدأ تشجيع الناس لى.
كنت بغنى دايمًا فى الجلسات فقاموا أصحابى قالوا لى أنت بدل ما تغنى من غير هدف حاول تحترف المجال ده وتبقى واحد من ولاد البلد المعروفين، واقتنعت بكلامهم.
بدأت الاحتراف والغناء فى المناسبات إلى أن تعرف علىّ الجمهور».
قال: «الوقفة على المسرح وإنك تكسر حاجز الخوف كانت بالنسبة المخاوف الأساسية وتجاوزتها، وعملت لى اسم مع الجمهور، وبدأت أستلم حفلات فى حلايب».
أكمل: «بعد الثانوية دخلت كلية التربية الرياضية وحاولت أظهر تراث حلايب وأغانيها وثقافتها، وكونت فرقة «ايه تانينا» للفنون الشعبية وهى تعنى مرحبًا باللغة البيجاوية وبدأنا نغنى تراث حلايب وشلاتين فى حفلات الجامعة، وشاركنا فى منافسات مختلفة مثل مهرجان الإسماعيلية الدولى، وملتقى جامعات مصر وحصلنا على المركز الثانى، وبعد التخرج ركزت أكثر وبدأت أتطور حتى وصل صيتى لمحافظة أسوان وقنا وأصبحت أحيى الحفلات والأفراح هناك».

يوضح الشوالى: «أنا مش أول مطرب من حلايب لكن فى مطربين ليهم كل التقدير والاحترام، لكن من خلال توسعاتى ومشاركتى اتشهرت على مستوى الجمهورية».
وعن مشاركته فى برنامج الدوم قال: الدوم هو من البرامج العظيمة التى أتاحت للشباب إنه يظهر ويقدم موهبته، الموسم الأول أنا كنت معجب بالفكرة بس ما كنتش متشجع عشان كنت منشغل بأشياء تانية، بعدها بفترة نزل إعلان الموسم الثانى، قلت دى فرصة يعنى ما حبتش تضيع منّى، قدمت وعملت الإنترفيو الأول باختبار فى الأقصر».
يكمل: «ما كنتش متوقع إن أنا هتقبل فى البرنامج، بس قلت تجربة وكان فى خمسين ألف متقدم على مستوى الجمهورية يعنى أعداد هائلة، قدمت الأغانى بتاعتى أمام لجنة التحكيم وكنت متوتر فى بداية الأمر، ورجعت حلايب وبعدها بشهرين اتصلوا بى وقالولى عايزين نيجى نصور عندك عملوا التقرير وسط الأهل وأصحابنا كنا سعداء ومبسوطين بهم جدًا فريق عمل الدوم».
أضاف: «قالوا لى فى البداية بعد ما عملنا اللقاء فى الشلاتين أنت هتبقى منافس، ما كنتش مصدق نفسى رُحت القاهرة وخضت التجربة، وكان ضمن لجنة التحكيم النجمة الكبيرة أنوشكا والنجم الكبير حميد الشاعرى، كنت سعيد جدًا إنى اتسمعت والجمهور عرفنى فى برنامج يشاهده كل الوطن العربى وعن أحمد الشوالى ابن حلايب الذى أظهر تراث وأغانى مدينته، وأنا بشكر الشركة المتحدة لأنهم يسعون بزيارة الأقاليم لاكتشاف المواهب الفنية».

ويضيف: «هنا فى حلايب وشلاتين الناس كانت سعيدة، إن ابن من أبناء الجنوب يوصل للمرحلة دى، الناس كانت فى فرحة كبيرة وكانت فى قمة السعادة، ودعمونى كل الدعم النفسى والمعنوى».
قال الشوالى: «لما رجعت استقبلونى استقبال حاشد، وسموا الدورة الرمضانية باسمى، والناس يقولون لى أنى أول واحد من البشارية يصل بفننا للعالمية، مش للمشاركة فى برنامج الدوم فقط، ولكن لأننى شاركت فى حفلة العاصمة الإدارية بحضور فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وكان حلم لى أنا أقف أمام سيادته وأغنى».

ويستكمل أحمد: «بعد ما خلصت برنامج الدوم كانت علامة مميزة فى حياتى وأوصلنى لمرحلة حلوة وصلنا لقاعدة جمهور وبفضل الله اتعرفت أكثر وبدأوا يدعمونى بالنسبة الأفراح فى حلايب ودايمًا نكون عند حُسن ظنهم ونبسطهم وإن شاء الله نوصل بفننا للعالمية وتكون انطلاقة أكبر الفترة».
عن البيجاوية
استكملنا الحديث مع أحمد عن قبيلته وعاداتهم وأفراحهم فقال: «البشارية من القبائل التى تعيش فى حلايب وشلاتين وأبو رماد، ولهجتنا اسمها البيجاوية، والبيجاوية لهجة مثل الأمازيغ فى سيوة، والفيجيكى والكنزى لغات فى النوبة، والبيجاوية تكتب وتقرأ فى نفس الوقت، ومختلفة تمامًا عن العربى».
أضاف: «يعنى مثلاً أيام الأسبوع عندنا لها أسماء مختلفة عن الأسماء العربى، فيوم السبت اسمه «سلفدى»، والأحد «الأيفدى»، والاثنين «مورى»، كبار السّن عندنا يتكلمون البيجاوية أما نحن الجيل الجديد فنتكلم العربية بطلاقة».

قال: «البشارية قبيلة عريقة وتعتبر حراس البوابة الجنوبية لمصر، ولها امتداد كبير فى جنوب مصر، والبشارية عندهم تراث خاص سواء فى تقاليد الأفراح أو الفنون والرقصات مثل رقصة الهوسيت بالسيف، ورقصة البى بوب والسيرة، وغيرها من الفنون التراثية، والشباب هنا كلهم متعاونون فى كل حاجة ويقفون خلف قيادتهم ويتمنون لبلدهم الخير، عندنا عقليات نابغة فى الشعر والإعلام والكتابة والرياضة، حلايب وشلاتين وأبو رماد فيها مواهب فى كل المجالات تستحق أن تظهر للنور».
وبالنسبة لطرق الترفيه يقول الشوالى: «عندنا البحر والسواحل يعنى جنة الله فى أرضه، وبنعمل حفلاتنا على البحر كتير خاصة فى موسم الشتاء وسقوط الأمطار عندنا الطبيعة خلابة ومناظر رائعة ونذهب إلى محمية جبل علبة التى تتميز بالجمال والصفاء والنقاء، وتعتبر من أجمل المحميات على مستوى العالم ، فجبل علبة هو مصدر تسليتنا الأولى، وكمان عندنا قرية أدلديب ودى تعتبر مالديف مصر».
يقول: «أجمل بحر فى مصر كلها عندنا وأشجار المنجروف وشاطئ كاتلاناى من أجمل الشواطئ بيفصل بين مدينة حلايب وأدلديب فكل تسليتنا مرتبطة بالطبيعة، وأيضًا جبل ايلبا هو واحد من أشهر معالم منطقة حلايب، ومكان له قيمة تاريخية عند سكان المنطقة وأهلها».

يستكمل كلامه عن أشهر أكلاتهم فيقول: «نأخذ الخروف وندبحه فى جبل علبة ونعمل بعض الأكلات منها السلات ودى من أشهر المأكولات فى حلايب وشلاتين، والعصيدة ومن الأكلات الشعبية المشهورة، وهى عبارة عن خليط من الدقيق واللبن وسمن الأغنام، أمّا عن المشروب الرسمى فهو الجبنة وهو نوع من القهوة مضاف عليه الجنزبيل أو قرنفل أو حبهان».
وحسب أحمد الأفراح عند البجا والعبابدة تستمر لأكثر من سبعة أيام، ويقول: «الأفراح والمناسبات عندنا مرتبطة بثقافتنا بالأشهُر العربية، هناك مواعيد محددة للزواج، وشهور يختارها الرجل لتحديد موعد زواجه، وأخرى يتجنبها، وليالى الفرح لنا فيها حكايات جميلة، الناس تنتقل لبيت الفرح، تساعد أهله، تفرح معهم، وتقيم عندهم طوال مدة الفرح، ويسافرون إليهم من مسافات بعيدة، تلبية للدعوة، وحرصًا منهم على الحضور».
عن أغرب العادات عندهم قال: «يوافق عندنا يوم عاشوراء مناسبة كبيرة عند قبائل البجا، ونسميها «كمتيت سليلت»، وهى كلمة بجاوية، وتعنى الصلاة من أجل الإبل، وتبدأ طقوس هذه المناسبة، من خلال جمع صاحب الإبل لها من شتى الوديان والجبال والشعاب، بحيث تتجمع فى مرعى مخصص فى هذا اليوم تحديدًا، ولا يبقى فيها ناقة أو جمل خارج هذا المكان، ثم يقوم بذبح كبش أو شاة تقربًا إلى الله من أجل أن يحفظ له الله المال الذى وهبه، وهى عادة تشبه فى معناها، شكر الإنسان وتذكير نفسه بفضل الله عليه وعلى هذا المال الذى أعطاه الله».
يقول: هناك اتفاق غير معلن بين أفراد القبائل، يتم طباعة أماكن من أجساد الإبل بشىء من الدم بكف اليد، لتنال من بركة الكرامة، ويبدأ صاحب الإبل بإطعام الحضور على شرط أن يمنح أطيب جزء فى الشاة للضيوف من خارج قبيلته، وهو يسمى عندنا «قدب».
ويقول أحمد: «تمتلك البجا قدرة عجيبة فى تقفى الأثر وتحديده، ولهم فى هذا الأمر قصص وحكايات يعرف فيها الرجل إبله من إبل غيره بمجرد رؤية آثارها على الأرض، ولو كان الأثر لشخص، نعرفه من أى بلد وحتى نعرف نسبه وقبيلته».
وعن أهمية التعليم عندهم قال: «عندنا مهندسين ودكاترة ومستشارين ومحاسبين كله بفضل ربنا وبفضل القيادة الرشيدة لمصر، والأغلبية عندنا موظفين فى الهيئات الحكومية ونسبة التعليم عالية».
ويشير أحمد إلى أشهَر الألعاب الشعبية: لعبتنا الأشهَر الـ «هوسييت» التى تتمحور فكرتها على وجود شخصين يحمل كل طرف فيهما السيف والدرقة، نختبر قوتهم وسط دائرة والرجال تصفق وتشعل الحماس.
وهناك أيضًا لعبة أخرى، تسمى «الـبيبوب» تقوم فكرتها، على وجود شخصين وسط دائرة من الرجال، ويتنافس كل رجل منهما على قدرة القفز للأعلى، والفائز هو الأكثر رشاقة وخفة فى الحركة. ونحرص على ممارسة هذه الألعاب حفاظا على ثقافتنا، ونمارس هذه الألعاب فى المناسبات والأفراح وأوقات التسلية».
فى النهاية يقول: «مثلث حلايب واحد من أهم المراكز الثقافية التى حافظ السكان فيها على تراثهم دون تغيير، غالبية سكانه من قبيلة البجا، وهم أول من استقروا فى الصحراء المصرية، هنا يعشق الناس ثقافتهم، لغتهم وتراثهم والموسيقى والرقصات الشعبية والحكايات القديمة، حتى المهن التى مارسها أجدادهم يرفضون التخلى عنها».
«رعى الإبل والأغنام وهى من أكثر العادات انتشارًا فى هذا المثلث، ولا تزال الأحكام العرفية وتقاليد القبيلة هى المسيطرة على حياة الناس».