الخُروجُ منْ أجْرَامِ الجَسَدِ

كنتُ أدورُ بحلقاتِ الذكرِ

وأرقبُ مَا تُحدثُهُ الأجسَادُ

إذَا مَا ارتَطمَتْ بفراغٍ،

لمْ ألمَسْهُ

إلاَّ لحظةَ أنْ زادَت فِى ميلتِهَا

فشعرتُ بأنَّ الأرضَ تميدُ بنَا

وأكادُ أحسُّ

بأنَّ الأجسادَ النائمةَ ببَاطِنِها،

تُشَاركنَا الذكرَ

فيرتجفُ القلبُ

مخافةَ ألا أصفُوَ

فيُحركنِى مَا يُربكنِى 

حتَّى خلتُ بأنِّى 

أسمُو بسماءٍ صافيةٍ

لا يقربُها إلاَّ

مَنْ جاءَ بقلبٍ مُغتسِلٍ

منْ كلِّ شرورِ الأرضْ

. . . .

وجلستُ علىَ مقرُبةٍ من شيخٍ

كان يرتّلُ

فإذا ما انتبهَ لدمعٍ،

يتقاطرَ من عينيَّ

ارتسمَتْ بملامِحِهِ

مَا أمسَكنِى 

 حتَّى كِدتُ أعَانقُ أحرفَهُ

فأكاد أذوبُ بدفءِ الكلماتِ

وأشعرُ أنِّى 

قد غادرتُ بصحبتِهِ،

جِلسَتنا، وانطلقَ بنَا

أمسكَ بقليلٍ

من أحرفِ كلماتٍ فرَّتْ

حَاولتُ بأن أُنطقَها القولَ

نهايةَ رحلتِنَا: 

لا تغلق عينَكَ خوفاً،

مِن أن تسقطَ،

واعلمْ أنَّكَ فى حضرةِ خالقِنا،

حاولْ أنْ تتعلمَ،

أمسكْ ما علقَ بعينيكَ،

وغادرْ شهوتَكَ،

فما إن تبدأ حضرَتُنا،

حتَّى تبدأَ رحلتُكَ؛ فخفتُ

وأمْسَكنِى خوفِى 

حتَّى كِدتُ بأنْ أختَنِقَ

ومَا إن ألقَاهُ بعيداً

وهو يردّدُ

لا خوفَ بحضرَتِنَا

إلاَّ مِنْ خَالِقِنَا

بدأتُ أحُسُّ بنورٍ يدخُلنِى

  ودوائرَ

تُشعرنِى أنَّ الأجسَادَ تطيرُ

ويخرجُ منهَا مَا عَلقَ بأبدانٍ

غرقَتْ فِى الشَّهواتْ

فيكاد القلبُ يطيرُ من الفرْحِ

وخلت بأنّى أخرجُ من عينيَّ

وأدخل فى فيضٍ من نورٍ

والشيخ يزيدُ ويُكثرُ

حتىٰ ما إن بدأت رجفتُهُ

كدتُ بأن أنتفضَ وأرتعدَ

فأمسكنى الشيخُ ونَاولنِى جرعَةَ ماءٍ

فانتفضَ الجَسَدُ

وعدتُ إلىٰ جِلسَتِنَا

ولمْ يتركْنِى الشيخُ

مخافةَ ألا أقدرَ أنْ أنهضَ

وما إنْ بدأتْ رُوُحِى ترجعُ مِنْ رحلتِهَا

حتَّى قمتُ وعدتُ إلىَ بيتِى