الأربعاء 25 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

شجرة عيد الميلاد

أسباب كثيرة وتاريخ ربط بين شجرة الكريسماس، وعيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية فى التقويمين الجريجورى واليوليانى، غير أنه وبنتيجة اختلاف التقويمين ثلاثة عشر يومًا يعتمد العيد لدى الكنائس التى تتبع التقويم اليوليانى عشية 6 ونهار 7 يناير.



والشجرة تقليد قديم جدًا تضرب جذورها فى عمق التاريخ وسط روايات مختلفة، فيعتقد الكثيرون أن تقليد الشجرة بدأ فى بريطانيا فى العهد الفيكتورى، بعد إعلاء الملكة فيكتوريا العرش عام 1837.

شجرة الميلاد انتشرت فى بداية القرن العشرين
شجرة الميلاد انتشرت فى بداية القرن العشرين

 

 

 

ولكنْ الكثيرون يرجعونها إلى القرون الوسطى بألمانيا الغنية بالغابات الصنوبرية وكانت العادة لدى بعض  القبائل القديمة هناك التى تعبد «ثور» إله الغابات والرعد أن تزين أشجار الصنوبر قبل تقديم شخصية بشرية على المذبح.

وحسب الرواية فإن قبائل الجرمان القدماء، قبل دخول المسيحية كانوا يعتقدون أن الخضرة الدائمة تطرد الأشباح وتقى من الأرواح الشريرة ومن قوى الطبيعة؛ خصوصًا فى مرحلة الانتقال من سنة إلى سنة جديدة.

رواية أخرى تقول إن الشموع المشتعلة تضىء الدرب للأموات وترشدهم إلى الطريق لكى يلاقوا الذين سبقوهم، ثم جاءت المسيحية لتؤكد أن الشموع المشتعلة رمزٌ لوصول السيد المسيح.

 

الحضارة المصرية القديمة عرفت الشجرة ورسمتها
الحضارة المصرية القديمة عرفت الشجرة ورسمتها

 

وأقدم إشارة لاعتماد الشجرة رمزًا للعام الجديد كانت صفيحة نحاسية تعود إلى عام 1509 مرسومًا عليها شجرة التنوب عليها أضواء ونجوم وجدت فى إحدى ضواحى ألمانيا.

وفى مصر القديمة عبد المصريون رع «برأس الصقر» مرتديًا الشمس فى تاجه، واعتقد المصريون القدماء أن الانقلاب الشمسى بداية تعافى رع من مرضه، فكانوا ينصبون نخيلاً أخضر فى بيوتهم رمزًا لانتصار الحياة على الموت.

واستبدل المصرى القديم الصنوبر الألمانى بالجميز المصرى؛ حيث اعتقد القدماء أنها ترمز للحياة، لذلك رسموها على جدران المقابر الفرعونية، وبداخلها الإلهة الأم «نوت» ترضع صاحب المقبرة فى مرحلة ولادته والأخرى فى العالم الآخر، ولاحظ المصرى القديم عند قطف ثمار الجميز تفرز الشجرة سائلاً أبيض اللون اعتبره إكسيرًا للحياة.

 

شهد تزيين الشجرة طفرة بمرور السنوات
شهد تزيين الشجرة طفرة بمرور السنوات

 

وفى محاكاة لنفس الفكرة عرف التاريخ الفرعونى شجرة أوزوريس التى رمزت إلى عودة الحياة وبعث الرب أوزوريس مرة أخرى بعد مقتله على يد «ست».

ويعود أوزوريس للحياة مندمجًا شجرة خضراء احتوت تابوته بعد وصوله إلى بيبلوس بـ«بيروت» دون أن تعلم أحدًا بهذا السر سوى زوجته الربة «إيزيس» التى اتخذت قرارها بإرجاعه إلى مصر ملتصقًا بالشجرة.

ربما لذلك عرفت شجرة الكريسماس بـ«شجرة السرو» أى شجرة الأسرار التى حفظت سر الرب أوزوريس؛ إذ أن لفظ «سرو» فى اللغة المصرية القديمة يعنى الأسرار.

مع بدايات سنة 275 ميلادية، غيّر الإمبراطور الرومانى هادريان شجرة أوزوريس وأعاد تسميتها بشجرة «هادريان» وهو نفس ما فعله الإمبراطور دقلديانوس الذى كتب اسمه على «شجرة الحياة».

وفى الحضارة السومرية والبابلية، اعتبرت شجرة السرو رمزًا للولادة والمعرفة، التى كثيرًا ما بحث عنها «جالجامش» فى أسطورته الشهيرة، فغاص فى بحار العالم، فى محاولة لإيجاد الشجرة التى يخلد من يجدها ولا يموت.

العصور الأولى للاحتفال
العصور الأولى للاحتفال

 

 

واحتفل الرومان بالانقلاب الشمسى بطقوس عرفت بـ«الساتورناليا» تكريمًا لساتورن إله الزراعة، وابتهاجًا بالمناسبة كانوا يزينون بيوتهم ومعابدهم بأشجار دائمة الخضرة.

وبعد اعتراف قسطنطين بالمسيحية بدأت دلالات الشجرة فى التحول لتصبح رمزًا لميلاد المسيح، بينما استمرت القبائل البربرية التى لم تكن قد وصلت لها المسيحية بعد فى ألمانيا فى عبادة إله الغابات والرعد يزينون أشجار الصنوبر.

وانتقل إلى بريطانيا فى عهد چورچ الثالث.

وبعد ميلاد الأمير ألبرت زوج الملكة فيكتوريا، دخلت شجرة الكريسماس مرحلة جديدة، وقيل إن فيكتوريا وألبرت هما أول من صنع شعبية شجرة الكريسماس على مستوى العامّة.

وتعود لوحة مرسومة إلى عام 1846 تظهر فيها الملكة فيكتوريا- النصف ألمانية- تحظى بشعبية كبيرة بين الشعب الإنجليزى،فتم اعتماد الشجرة رمزًا للاحتفال برأس السنة فى مجمل الساحل الغربى لأوروبا.

تقول روايات أخرى إن عادة تزيين شجر الصنوبر انتشرت فى منطقة الـ«إلزاس» فى عموم ألمانيا فى القرن الثامن عشر، وفى القرن التاسع عشر حظيت الشجرة بشعبية متزايدة، ومع علمنة الطبقة الأوروبية الوسطى شهدت احتفالات عيد الميلاد وأشجارها المزينة طفرة وازدهارًا كبيرين.

كان تحولاً اجتماعيًا مضادًا لسلطة الكنيسة؛ حيث أصبحت الشجرة بالنسبة للكثير من العائلات المسيحية واليهودية بديلاً عن المضامين الدينية.

لكن الكنيسة الكاثوليكية رفضت شجرة عيد الميلاد لفترة طويلة، واعتبرتها عادة وثنية وظل الرفض فى القرون الوسطى حتى عام 1982 حيث وضعت أول شجرة ميلاد فى ساحة القديس بطرس أمام كاتدرائية بطرس فى الفاتيكان فى روما.

بدأت عادة تزيين شجرة الميلاد فى العصر الفيكتورى بالمأكولات والشيكولاتة والتفاح والمكسرات وفى القرن الـ18 بدأت إضاءة الشموع قبل أن تحل محلها أضواء الكهرباء.

وزينت الشجرة بمجموعة من الحلى والأكاليل والقصب قبل أن تظهر فى أعلى الشجرة النجمة رمزًا لصوت جبرائيل رمزًا بيت لحم موطن ميلاد المسيح. وتحولت الشجرة إلى عادة بين النبلاء قبل أن تنتشر فى أنحاء أوروبا أوائل القرن الـ19، ومنها إلى الولايات المتحدة.

ولما شاعت عادة الاحتفال بأشجار الكريسماس فى الولايات المتحدة بداية القرن العشرين، تضررت شركات التأمين الأمريكية من كثرة الحرائق التى سببتها الشموع، مما دفع شركات التأمين إلى حظر استخدام الشموع على أشجار الميلاد.

ولما أعلن مخترع المصباح الكهربائى «أديسون» عام 1900م عن توفير خدمة أضواء الميلاد، كانت التكلفة نحو 300 دولار لكل شجرة، أى ما يعادل أكثر من 2000 دولار فى أيامنا هذه، وبعدها بـ3 أعوام، أعلنت الشركة ذاتها عن أول سلسلة كهربائية تجارية يمكن أن يتحمل الكثير من الناس كلفتها 12 دولارًا كما أعلنت عن إتاحة استئجار أضواء لمدة ليلة واحدة هى ليلة الاحتفال بعيد الميلاد.