الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
حلا والـ«يويو» ونحن!

حلا والـ«يويو» ونحن!

بعد التحية والسلام، أقول إن السطور التالية ليست سطوراً دينية بقدر ما هى سطور اجتماعية ثقافية، وذلك اتقاء لشرور السهام المارقة للنيل من كل من يدعو إلى نقاش لا يعتريه هسهس المؤامرة على الدين ومحاربة المتدينين. عشرات المرات التى تأرجحت فيها الفنانة المعتزلة العائدة المتأرجحة «حلا شيحة» جذبت ملايين المتابعات وأطناناً من الاهتمام. فهى رغم قلة أدوارها وقصر مشوارها الفنى فى مقابل طول مشوارها الجدلى بين «الفن حرام» و«الفن حلال» و«الفن بدون مشاهد رومانسية حلال لكن مكروه» و«الفن بين بينين» وما استتبع ذلك من ملابس عادية ثم حجاب ثم خمار ثم نقاب ثم حجاب ثم ملابس عادية ثم حجاب كده وكده.. إلخ، لكنها كانت بالنسبة لى على الأقل من الفنانات الخفيفات على القلب. وأستخدم الفعل الماضى هنا لأن حلا شيحة بالنسبة لى انتهت كفنانة مع احتجابها، ولا أقول حجابها، قبل نحو عقد ونصف، وتحديداً منذ اختفت عن الأنظار والكاميرات. حلا حرة فى قرارتها. تتزوج من تشاء، وترتدى ما يحلو لها، وتحتجب وتنكشف وقتما تود، لكن حريتها تتوقف عند هذه الحدود. وليس لها الحق فى أن تصدر أحكاماً على الفن وأهله، والإبداع وأصحابه، والممثلين والمنتجين وأعمالهم، والمشاهدين واختياراتهم، والدين وأحكامه، والعيشة واللى عايشينها. كمواطنة لها مطلق الحرية أن تفعل ذلك فى قعداتها الاجتماعية والعائلية، لكن أن تتعامل مع الحياة العامة والناس تعامل «اليويو»، فهذا مرفوض من ألفه إلى يائه. تحجبت اليوم، فعلى الجميع التصفيق والثناء على الورع والحشمة. تنقبت غداً، على الكل أن يبكى تأثراً ويدعو نساء العالم لاقتفاء التزامها الرهيب.



خلعت النقاب والحجاب غداً، علينا جميعاً أن نحترم حريتها ورغبتها دون أن نفتح أفواهنا تساؤلاً عن تأرجحها وثباتها النفسى واتزانها الفكرى. تضع طرحة على منتصف رأسها، علينا أن نحبس أنفاسنا وننتظر هل تنزلق الطرحة إلى الوراء فنبكى كمداً أم تتسلل إلى المقدمة فنبكى فرحاً. تتزوج، تتطلق، ترتبط بداعية أرشيف زيجاته حافل بشابات فنانات ومؤثرات، فعلينا أن نحترم قرارها وما اختاره قلبها. تغير رأيها فى مشاهد قدمتها فى الفترة بين خلع الحجاب والارتباط بالداعية فتقرر أنها حرام وعلى القائمين على الفيلم حذفها، نصفق لها وندعو بها بالثبات. غاية القول أن حلا شيحة وغيرها من سكان الأرض أحرار فيما يفعلون ويختارون، لكن أن يتعاملوا معنا من منطلق الـ«يويو»، ويصدرون أحكامهم علينا بحسب أهوائهم الإيمانية وأيديولوجياتهم العقائدية وهباتهم العاطفية وما يمليه عليه مشايخهم يوماً بالتحريم وآخر بالتحليل وثالث بالتجريم، فكفى، لقد هرمنا. أنا ومن عاصر مصر فى الستينيات وحتى أواخر السبعينيات وبالطبع قبلها، رأينا مصر بهية ومشرقة لا يصدر أحدهم حكماً على أحد بناء على حجاب أو خمار أو نقاب أو جلباب أو لحية. ولم يتلاعب دعاة أو أدعياء بنا، ولم يخبرنا أحد أن جداتنا وأمهاتنا مصيرهن نار جهنم لأنهن لم يتبعن مقاييس أيزو تدين السبعينيات التى نبذها واضعوها اليوم وتركونا فى بالوعة الـ«يويو».