الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

لمـاذا يكـره السلفيـون المرأة؟

دأب حزب النور السلفى على تبنى القضايا التى تهين المرأة ويرفض رفضًا مطلقًا أى قانون ينصفها أو يتعامل معها بما تستحق. مواقف حزب النور متعددة فلا يعلو صوته إلا فى القضايا التى تنتهك جسد وروح المرأة.



فمنذ ظهور النور فى المشهد السياسى عام 2011 وآراؤه كلها تتركز على النصف الأسفل من المرأة، واعتبارها رمزا للغواية والشهوة.

لم تتغير مواقفه وإن كان يحاول ارتداء عباءة الديمقراطية ويتشدق بالمساواة بين المرأة والرجل. فلا فارق بين حزب النور الذى وضع وردة مكان صور مرشحاته من النساء طمعًا بمقعد فى مجلس النواب بعد 30 يونيو 2013، وبين حزب النور حاليًا الذى يعتبر المرأة عورة وغير معترف بوجودها أو حقوقها.

وكان آخر القضايا التى أثارت الرأى العام ضده هى موقفه المناهض من تغليظ العقوبات على ختان الإناث؛ تلك الجريمة الوحشية التى تنتهك جسد ونفسية المرأة، فى الوقت الذى وافق مجلس النواب برئاسة المستشار حنفى الجبالى على تشديد عقوبة ختان الإناث. الحزب السلفى الممثل بسبعة أعضاء فى مجلس النواب الحالى رفض تغليظ العقوبة، مطالبًا بإباحة الختان بدعوى أن أمة الإسلام هى أمة الختان وأن هناك أحاديث نبوية أشارت إلى وجوب ختان الإناث.

كما لم يعترف أعضاؤه بنص كلمة الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية الأسبق ورئيس اللجنة الدينية بالبرلمان والتى أنهت الجدل المثار حول صحة هذه الأحاديث وما يحمله الختان من ضرر جسيم، واستند «النور» فى مغالطاته لآراء فتاوى سابقة كرأى شيخ الأزهر الأسبق جاد الحق على جاد الحق، فى عام 1994، وأحاديث نبوية وصفها الدكتور على جمعة خلال الجلسة العامة للبرلمان بأنها أحاديث ضعيفة كحديث أم عطية: اخفضى ولا تنهكى والحديث الآخر(إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل).

حيث أكد جمعة أن أطباء العالم أجمعوا على أن الختان يضر ولا يسر، والنبى لم يختن بناته ولم يقر ذلك.

النائب السلفى أحمد حمدى خلال الجلسة العامة التى ناقشت تغليظ عقوبة الختان قال: إن حزب النور مع ختان الإناث وادعى أن أمة الإسلام هى أمة الختان وأن الدين الإسلامى هو دين الختان، وزاد أن هناك 8 أنواع من الختان منها 7 أنواع مرفوضة ونوعًا واحدًا متوافق عليه، وأن النبى «ص»، أقر الختان، وهو لا يقر شيئًا فيه ضرر للمرأة التى أوصى بها خيرًا.

عاهة مستديمة

سألنا النائب السلفى عبدالمنعم عبدالعليم عن سبب موقف الحزب المؤيد لختان الإناث الجريمة التى يرفضها الدين والمجتمع فقال: إن اعتراض حزب النور كان فى نقطتين فقط؛  النقطة الأولى كلمة (العاهة المستديمة)، حيث نصت المادة أن مجرد الإجراء نفسه يعتبر عاهة مستديمة ونحن رفضنا ذلك، لأن من يحدد ذلك هو الطبيب الشرعى وتمت الموافقة على ما اقترحناه. 

وكنا نعترض على جملة من دعا أو روّج للختان حتى ولم يترتب على فعلته أثر لأنه ساوى بين من دعا أو شجع كمن أقبل على الفعل، مما يفتح مجالاً واسعًا ليس له ضابط، وأضاف: فلو نفترض أن أحدًا قام بنشر منشور على موقع تواصل اجتماعى لشيخ أو فقيه يؤيد الختان فمن نشر هذا المنشور يعتبر مشجعًا للفعل. وأوضح عبدالمنعم أن الختان أقر كجريمة منذ 2008 وتم تغليظ العقوبات فى 2016 نحن نعلم ذلك، أما مسألة شرعيته أو عدم شرعيته فلم تكن مطروحة للمناقشة من الأساس فى الجلسة التى اختصت تغليظ العقوبات.

تقليل من المرأة

ختان الإناث ليس هو الجريمة الوحيدة التى يعلو فيها صوت حزب النور مدافعًا عنها. فى عام 2013 رفض حزب النور (المادة 11) التى أقرتها لجنة الخمسين لتعديل الدستور، وهى المادة التى تلزم الدولة بتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، واعتبرها الحزب مخالفة للشريعة، كما رفض أى اقتراح أو تعديل بإقرار كوتة للمرأة فى المجالس النيابية.

الحزب دائمًا يردد أنه ليس ضد ترشيح المرأة فى البرلمان، لكن ضد مساواتها بالرجل فى جميع الحقوق والواجبات.

فقد هدَّد حزب النور خلال الجلسة الإجرائية للفصل التشريعى الأول وقتها بعدم الحضور عندما تردد أن الدكتورة آمنة نصير هى من سترأس جلسة الإجراءات باعتبارها أكبر الأعضاء سنًا وترأس الجلسة بعد ذلك المستشار بهاء الدين أبوشقة.

 فى السياق ذاته، وخلال الفصل التشريعى الأول وخلال مناقشة قانون الأحوال الشخصية الذى قدمه الأزهر فى اللجنة التشريعية والدستورية وقف حزب النور ضد منع زواج الأطفال قبل سن الـ18 عامًا، حيث اعتبر النائب السلفى محمد صلاح خليفة أن سن بلوغ الفتاة 15 عامًا ولا يجوز أن نحرم الحلال ونحلل الحرام.

فى المقابل، تجاهل حزب النور كل القضايا المهمة فى قانون الأحوال الشخصية ومعاناة المرأة فى إثبات دخل طليقها وعدم حصولها على النفقة والمعاناة فى المحاكم وطول أمد التقاضى ولم يشغله فى المناقشات إلا سن زواج الفتيات!

وفى التعديلات الدستورية الأخيرة وخلال جلسات الحوار المجتمعى التى عقدها البرلمان برئاسة الدكتور على عبدالعال رئيس المجلس السابق فى مارس 2019 اعترض أعضاء حزب النور على كوتة المرأة المحددة بـ 25% وطالبوا بتعديلها، وأيضًا تولى المرأة للمناصب التنفيذية والقيادية من القضايا التى تثير غضب مشايخ السلفيين، فبعدما تم تعيين محافظ امرأة فى عام 2017، خرجت بعض الأصوات السلفية تنتقد الأمر مردده جملة: (لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة).

نظرة دونية

النائبة أميرة العادلى عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين قالت: إن حزب النور داخل المجلس غير مؤثر لأن عدد نوابه قليل، لكن الفكرة ليست فى القوانين أو التمثيل البرلمانى؛ حيث إنهم متواجدون فى بعض الزوايا والمساجد بخلاف أن حجم تأثيرهم فى الخطاب الدينى مؤثر فى كثير من المناطق خاصة المناطق الريفية البعيدة عن الحضر.

وأضافت أن ما قالوه فى موضوع ختان الإناث أو فى الزواج المبكر بهذه اللغة والآراء موجودة فى ريف وصعيد مصر نظرًا لتأثرهما بهذه الآراء، فهو جزء من خطابهم الدينى يستغل عقلية البسطاء، وهذا فى رأيى أقوى بكثير من تأثير الخطاب الثقافى والإعلامى وتطبيق القانون.

وأشارت العادلى إلى أن السلفيين يرون المرأة عورة صوتها ووجهها ووجودها مرفوض أساسًا فى الحياة السياسية، فلا يحق لها المنافسة ولا تولى المناصب القيادة ولا يعترفون بها وزيرة أو محافظة هم يرون المرأة ناقصة عقل ودين ويفسرون القرآن بتفسيرهم الخاص ويستخدمون الأحاديث الضعيفة لإثبات وجهة نظرهم فالمواطن البسيط لا يستطيع أن يعرف أن هذا الحديث ضعيف أو غير ضعيف.

وهذه أزمة كبيرة لأننا نتحدث عن نظرة دونية للمرأة يستحيل معها التمكين الذى تريده الدولة للمرأة المصرية.

ولفتت إلى أنه لا يزال أمام البرلمان معركة أخرى وهى قانون الأحوال الشخصية وأنا متأكدة بأن الآراء السلفية ستكون عائقًا لصدور هذا القانون فيما يخص سن زواج المرأة، فهم لن يكونوا فى صف المرأة، هم يرون المرأة جسديًا فقط فمادام بلغت جسديًا فإنهم يزوجونها دون النظر للناحية الطبية والنفسية والحقوقية التى تمنع زواج الأطفال.

وتابعت: هذا التصور الذى ينتهجونه تكمن خطورته فى عرقلة خطوات نجاح المجتمع وتمكين المرأة والمساواة الحقيقية مع الرجل فى الحقوق والواجبات.

فهم يرون وجود المرأة فى العمل والحياة السياسية خاطئًا ومكانها الطبيعى البيت، وفى آخر انتخابات لم يدفعوا بالقوائم لأنهم يرفضون ترشح النساء ويرفضون الاعتراف بدورهم التشريعى أو النيابى! 

للمتعة فقط 

سألنا الدكتورة رحاب العوضى أستاذ علم النفس السلوكى عن موقف حزب النور المناهض دائمًا للمرأة فقالت: السلفيون تفكيرهم جنسى بحت لا يمثل الدين الإسلامى هو فكر دينى تجارى، فالرجل المؤمن فى نظرهم يتزوج «أربعة» ويمارس الجنس يوميًا. والمرأة المؤمنة (التى يكون ربنا راضيًا عنها) هى التى ترضى زوجها ولا ترفض الجنس معه ولا ترفض تزويجه بأخرى. هم ينظرون للمرأة كمتاع فقط خلقها الله لإمتاعهم!

 وأوضحت العوضى أن كلامهم عن ختان الإناث وأن الفتاة التى لم تختن تكون طالبة للجنس الحرام فأين هو الدين وأين هى الاخلاق والتربية؟!

والدليل أن فتيات الدعارة أغلبهن مختتنات والزوجات الخائنات اللاتى يقتلن أزواجهن من أجل عشاقهن معظمهن من مناطق شعبية وريفية الختان منتشر بها.

وأشارت العوضى إلى أن حزب النور لم يشغله فقط سوى الختان ولم يدافع عن قضايا المرأة، فهو لا يرى أن المجتمع به نسب طلاق كبيرة ومطلقات حائرات يعلن أطفالهن.

وتتساءل العوضى: ألا يرى أعضاء النواب السلفيون أن النساء فى الصعيد والريف يحرمن من ميراثهن ومع ذلك لم نسمع صوتًا سلفيًا واحدًا يندد بهذا الجرم؟!

وأضافت: لديهم عقلية متأخرة ودور النساء الوحيد فى حياتهن هو الجنس، وهذا أمر غير طبيعى، فهم سلخوا المرأة من دورها الأساسى وهو بناء الأسرة والمجتمع واقتصر حديث شيوخهم على آداب الجماع والعلاقة الزوجية والغسل ونشر فكرة تعدد الزوجات!

مؤكدة أن الدين الإسلامى لم يفرق بين المرأة والرجل، لكن الفكر السلفى قلل من شأن المرأة فأنا على المستوى الشخصى وكامرأة عندما أرى اختزال الأخلاق فى الختان فإن هذا الأمر يؤذينى نفسيًا فكيف نرضى أن نصيب بناتنا بالاكتئاب والحزن والانكسار؟!