احذروا: جامع «محمد علىٍ» على وشك الانهيـــار

صباح الخير
الأثريون من الأكاديميين لا يجدون غضاضة ويجدون أن الأمر يمكن التعامل معه، لكن الأثريين من المهندسين المعماريين يجدون أن الأمر فى منتهى الخطورة ولا يمكن التساهل معه، إلا أن الحقيقة تبقى ثابتة وهى أننا سنصحو ذات يوم لنجد أن جامع محمد على بالقلعة قد انهار حطاما وركاما. وهذا هو الخلاف حول التصدعات والشروخ التى تملأ جدران وقباب القاعات المملوكية السبعة المتواجدة أسفل جامع محمد على بالقلعة والتى فى حال إهمالها سوف تسقط وتأخذ معها الجامع أهم أثر إسلامى فى مصر.
البداية جاءت مع تحذير البرلمانى عماد المهدى وكيل لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بمجلس الشورى من انهيار قلعة صلاح الدين والمساجد التاريخية القريبة منها فى حال استمرار العزوف عن التدخل السريع فقال لى: «أعد الآن تقريراً عن التجاوزات التى رصدتها خلال زيارتى للقلعة تمهيدا لرفعه إلى رئيس الجمهورية، وقدمت طلب مناقشة للمجلس لإثبات وجود شروخ كبيرة فى أعمدة القلعة، وخاصة أنه قد حدثت انهيارات لأجزاء من المساجد القديمة والعتيقة المجاورة لها، بالإضافة إلى التصدعات الكبيرة فى قاعات المماليك السبعة أسفل جامع محمد على والتى تمثل خطورة كبيرة عليه وتهدد المسجد نفسه بالسقوط. وكنت قدمت هذا الطلب من قبل للوزير السابق وكان من المفترض البدء فى ترميم هذه القاعات لكن لم يبال أحد رغم القيمة التاريخية الكبيرة جدا لهذا الأثر، فهل ينتظرون أن نبكى على اللبن المسكوب!!. وفى هذا السياق طالبت بتشكيل لجنة علمية من المجلس الأعلى للآثار متخصصة فى الآثار الإسلامية والقبطية لتقديم تقرير شامل عن المشكلة لاتخاذ اللازم. وأناشد الرئيس د.محمد مرسى بزيارة مفاجئة للقلعة ليرى الإهمال الجسيم الذى لحق بها وأؤكد أنه لا تزال هناك فرصة للترميم والإنقاذ، كما أشدد على أهمية التحرك السريع لمواجهة هذا الخطر فالمسألة لا تتعلق فقط بتنشيط السياحة بالقلعة ولكن تتعلق بالحفاظ على أثر مصرى شهير. وهذا الحرص نابع من خوفى على آثارنا وتاريخنا ولا أفرق بين آثار إسلامية أو قبطية والحفاظ عليها هو ما عاهدنا أنفسنا عليه مع دخولنا للمجلس، لذلك أبذل كل جهدى فى الزيارات الميدانية وكتابة الملاحظات لأن ذلك صميم عملى».
علما بأنه كان أحد المواقع الإلكترونية كتب خبراً حذر فيه البرلمانى عماد المهدى من نفس هذا الكلام فما كان من وزارة الآثار إلا أن نفت هذا الكلام تماما مؤكدة عدم وجود ركام أو مشاكل إنشائية فى هذه القاعات السبع.وعلى الفور توجهت للقلعة ودخلت المساجد المهدمة والقاعات المغلقة المهملة ورأيت بعينى كم المخلفات المترامية خلف المساجد وفى طرقاتها وتعجبت من منظر باب القلعة المطل على ميدان صلاح الدين الغارق فى المجارى!! فضلا عن أن القلعة رغم مساحتها الكبيرة وكثرة ما تحتويه من مبان أثرية عظيمة إلا أن معظمها مغلق لسوء حالته ولا يتم إلا زيارة مسجد محمد على والمتحف الحربى، لذلك لم أتعجب عندما لاحظت الإقبال السياحى الضعيف جدا جدا على القلعة رغم كل هذه القيمة الأثرية.
فى صحبة مرشدى، توجهت للباب المؤدى للقاعات المملوكية تحت الجامع فسجلت أولى الملاحظات فى أن الصدأ قد أغلقه تماما دلالة على قلة استخدامه دخولا وخروجا وبعد عدة محاولات وبصعوبة شديدة تم فتح الباب لأجد أمامى سلما دائريا صغيرا ومظلما جدا.. وبعد محاولات فاشلة لإضاءته أخرجت هاتفى مستخدما إضاءته لأرى موضع قدمى.. بمجرد دخولى للقاعات هاجمتنى الرائحة الكريهة التى غطت المكان وقبل أن أسأل عن مصدرها أفزعنى صوت كان لخفافيش بدأت تتخبط بفعل حركتها المضطربة فوق رؤسنا بأعدادها الكبيرة، فهى انزعجت منا كما أزعجتنا، فزائروها قليلون والمكان مهجور ومظلم ومغلق طول الوقت. حينها عرفت مصدر الرائحة وأصبت بالهلع وبحركة لا شعورية وجدتنى أحمى وجهى بيدى، واضطربت حركتى ومع الظلمة كدت أسقط فى إحدى الحفر.. وعندما سألت عن هذه الحفر قيل إنها هبوط أرضى!
وأخذت أتجول فى القاعات وقدمى غائرة فى الركام وهو طبقة التراب الكثيفة جدا جدا التى تغطى أرضيتها وامتلأت أنفى بالتراب، ومع ذلك صمدت حتى أسجل بكاميرتى كم التصدعات فى الحوائط والقبب والتى حتما تمثل خطرا كبيراً خاصة أنها تصدعات وشروح كبيرة وغائرة والمدهش أنه لم يتم ترميمها إلى الآن ولا يوجد ما يدل على ذلك سوى بعض الحلول المؤقتة مثل «السندات الخشبية رغم أن المكان مليئ بها، وفى بعض القاعات تملأ هذه التصدعات من أسفل الحائط حتى نهايته مرورا بالقبة ووصولا للحائط المقابل!! ولا يوجد حتى ما يدل على وجود أجهزة لمتابعة تطور التصدع رغم أن حالته سيئة، فالمكان خال من كل شىء إلا من الشروخ والركام والحفر!!!