الأحد 29 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

إيه الفرق: بنت لبسته وخلعته.. والثانية لم ترتد الحجاب؟

إيه الفرق: بنت لبسته وخلعته..  والثانية لم ترتد الحجاب؟
إيه الفرق: بنت لبسته وخلعته.. والثانية لم ترتد الحجاب؟


«أنا قلت لها فكرى كويس قبل ما تلبسيه، عشان لو لبستيه مش هتقلعيه».
هذه الجملة أصبحت تتردد فى الكثير من الجلسات العائلية، وفى داخل غرفة الإخصائى النفسى والاجتماعى بالمدارس، وبعض جلسات الأصدقاء، على لسان الأب أو الأم، والمناسبة فى كل مرة «البنت عايزة تقلع الحجاب».
قبل عامين أعلنت الابنة «مى» لوالدها المحاسب القانونى فى إحدى الوزارات الحكومية، ولأمها المحجبة سيدة المنزل، أنها تريد ارتداء الحجاب مثل ابنة خالها، الطالبة معها فى المدرسة فى نفس الصف الأول الإعدادى فى المدرسة التجريبية بالسادس من أكتوبر.
وكان رد الأب وقتها، «لو لبستيه مش هتقلعيه، أنا مش غاصبك على الحجاب ولا مستعجل إنك تلبسيه فى السن ده، وأختك أكبر منك بسنة ومش لابساه»، لكن مى أصرت على رأيها، مؤكدة أنها لن تخلعه وأنها مقتنعة بارتدائه.
الآن مى وابنة خالتها قررتا خلع الحجاب، لكن والد مى غير موافق، ومصر على موقفه، وبأن عليها أن تتحمل نتيجة اختيارها وتمسكها بارتدائه، وأنه لم يأمر أختها بارتدائه، وأنها لازالت لا ترتديه.
والد  مى،  يشجعهما على ممارسة السباحة ولا يمنعهما من الذهاب مع الصديقات والأصدقاء للاحتفال بأعياد الميلاد أو الخروجات فى النادى أو فى أى مكان للاحتفال، ويسمح لهما بممارسة مايريدانه من أنشطة ثقافية أو غيرها، ولذلك يتعجب الأقارب من موقفه الصارم هذا من مى،  صاحبة الخمسة عشر عاما، ابنته المدللة التى لا يرفض لها طلبًا فى العادة.
«دى فى سن مراهقة، وفى السن ده الواحد بيغير رأيه كذا مرة فى حاجات كتير، عادى،  لازم نتقبل ده من ولادنا.. خليها تحس إنك معاها ومش ضدها، وخليك قريب منها فى المرحلة اللى كلنا مرينا بيها وعارفين إنها صعبة» جمل تكررت على مسامع الأب من الأقارب لكنه أصر على موقفه.
بنات الأمهات الموظفات
تلاحظ أبلة إيمان حسين، مدرسة العلوم والأحياء بإدارة عابدين التعليمية، أن هذا الموقف يتكرر كثيرا بين طالبات الإعدادى والثانوى،  خاصة بنات السيدات العاملات، فالبنات القادمات من مناطق شعبية، لمدرسة قد لا تكون فى نفس المنطقة، يرتدين الحجاب، باعتبار أنهن «ماينفعش واحدة تنزل من غير حجاب»، خاصة إذا كانت الأم لا تعمل أو ست بيت حتى إن كانت متعلمة.
لكن الأمهات العاملات يحرصن على تأجيل خطوة الحجاب لبناتهن، «زى ما كانت أمهاتنا فى الثمانينيات واحنا فى المدرسة الإعدادى،  يقولوا لنا، أبقى اتحجبى لما تتجوزى أو لما تدخلى الجامعة» تكمل إيمان، معللة ذلك بحرص الأمهات على أن ترتدى الابنة الحجاب وهى مقتنعة تمامًا حتى لا تعود بعد فترة قصيرة فتخلعه.
ومع هذا ترى إيمان التى ارتدت الحجاب وعمرها 38 سنة، أن مشكلة الآباء مع خلع الابنة للحجاب، قد قلت هذه الأيام بالمقارنة بسنوات قليلة مضت، خاصة بعد أن كان الفصل الذى ترتدى ما يقترب من 100% من طالباته الحجاب، تراجعت نسبة المرتديات إلى 60% أو 50% فقط، والكثير من الآباء بحسب إيمان أصبحوا أكثر تساهلا مع خلع الابنة للحجاب.
لكن هذا لا يمنع أن بعض الآباء لازال يتحفظ على فكرة خلع الابنة للحجاب، «الأب بيخاف إن بنته اللى قلعت الحجاب، تبقى دى بداية لخطوات تانية، وإن سهل عليها تتأثر بأى حاجة، يعنى كلمة خليتها تلبس الحجاب، وكلمة خليتها تخلعه، وممكن كلمة تانية تخليها تسيب الدين خالص، خصوصا إن فى نسبة من الشباب دلوقتى بيعلنوا على فيس بوك أنهم تركوا الدين.. أى دين.. يعنى بقوا ملحدين».
هذا رأى أبلة إيمان، التى لمست قصص الكثير من البنات، اللاتى أرغمتهن الأسرة على ارتداء الحجاب أو النقاب، وخلق هذا بداخلهن تمزقا كبيرا، وأدخلهن فى مشاكل نفسية كبيرة.
«البنت اللى لم تلبس الحجاب»
الاختصاصية النفسية وكاتبة الأطفال، رانيا حسين أمين، التى اقتربت من الكثير من فتيات الإعدادى والثانوى،  خلال عملها كإخصائية نفسية فى العديد من المدارس، ترى أن كثيرا من البنات تمر بمرحلة الرغبة فى ارتداء الحجاب، فى سن المراهقة لأسباب متعددة، وهى نفسها مرت بهذه المشاعر، رغم أنها لم ترتد الحجاب، «حالات ضعف كتير بتمر بها البنت بتخليها عايزة تلبس الحجاب، زى التقليد أو الاكتئاب أو إحساس بالذنب من خطأ ما».
تكمل رانيا: «المفروض يبقى طبيعى لو البنت اتحجبت وبعد سنة أو شهور أو سنين خلعت الحجاب، لأن المفروض طبيعى إن الإنسان يغير رأيه فى أى حاجة، لكن الأهل والمحيطين بيفكروا بطريقة تانية».
رأى الأهل والناس إلى البنت التى لم ترتد الحجاب أنها لازالت مترددة فى ارتدائه، وقد ترتديه قريبًا أو فى يوم من الأيام، خاصة أنها لم تعلن رفضها له وتعمدها عدم ارتدائه، بحسب رانيا، أم تلك التى ارتدته وخلعته فيرونها قد أخذت قرارًا بأنها ترفض الحجاب، وقد يصل الأمر عند بعضهم لاعتبارها خارجة عن الدين، رغم أن بعضا ممكن يخلعن الحجاب يعدن لارتدائه بعد شهور أو سنوات، والأمثلة كثيرة فى المجتمع.
«لو البنت خلعت تبقى بقت كول زينا..
لكن لو أمها يبقى مش هتدخل الجنة  «
فى مدارس اللغات فى الأحياء الراقية، التى عملت بها رانيا، حيث نسبة المحجبات فى المرحلتين الإعدادية والثانوية ليست كبيرة فى السنوات الأخيرة، فإذا ارتدت البنت الحجاب، تبتعد عنها مجموعة من البنات، لأنهن يعتبرنها معقدة، لكن لما تخلع الحجاب، يقتربن منها أكثر ويقلن «دى بقت كول زينا أهلا بيها»، فى المقابل فى مدارس أخرى من تخلع الحجاب تصبح منبوذةّ!!
فى نفس مدرسة الحى الراقى وداخل باص المدرسة الذى لا ترتدى أى من مشتركيه الحجاب، لم يتركن زميلتهن ذات الـ13 سنة، إلا عندما أجهشت بالبكاء، بسبب أن أمها خلعت الحجاب، وكل أمهاتهن محجبات، وقلن لها «مامتك مش هتدخل الجنة.. طبعا بعدما سمعنه من أمهاتهن».
تنصح رانيا أهل البنت التى تعلن عن رغبتها فى ارتداء الحجاب وهى فى المرحلة الإعدادية أو الثانوية، أن ينصحنها بالتروى قليلا، «انتظرى  6 أشهر مثلا  عشان تتأكدى إنك مغيرتيش رأيك، والأهل عادة أدرى بحال ابنتهم، يعنى أن كانت طالعة من علاقة فاشلة أو متضايقة من حاجة، ينصحوها بالتروى فى ارتداء الحجاب، الأفضل أن تأخذ هذا القرار وهى مستريحة».•