الأربعاء 14 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

أحببنا المطبخ بالصدفة

أحببنا المطبخ بالصدفة
أحببنا المطبخ بالصدفة


المطبخ هو مملكة المرأة، تبدع فيه عندما تطأ قدماها بداخله.. فنفسها فى الأكل ليس له مثيل.. ورائحته تجذب كل غريب.. فهى طباخة ماهرة بفطرتها.. لكن هناك من يشاركها فى مملكتها، بل يهدد عرشها عندما يدخل بلمساته البسيطة، ليضع فنياته المبدعة بمنتهى البساطة والسلاسة، وبأقل مجهود يخرج ليفاجئنا به هى المأكولات التى صنعها فى أقل من دقائق.. بل يبهرنا بمذاقها.. فهم ليسوا شيفات ولا حتى طباخين ماهرين، بل هو حب لكشف الذات..

فحبهم للأكل دفعهم إلى دخول المطبخ ليضعوا تتشاتهم التى تغير من المذاق الروتينى الذى اعتدنا عليه فى الأكل.. هؤلاء هم الشباب الذين لم يكن لهم تجارب داخل المطبخ من قبل!!.. فدخولهم كان محل إعجاب وتقدير لهم على ما يقدمونه من أكلات لذيذة وشهية سواء كانت هذه الأكلات حلويات أو «طبيخ».
• أبدع عند دخولى المطبخ
محمد «مهندس» لم يكن له فى المطبخ بالمرة فأقصى ما يفعله هى كوباية شاى، وإن ظبطط معه.. حتى ساندوتش جبنة بيضا كان يطلبه من والدته أو أخته.. فلا يوجد بينه وبين المطبخ عمار.. ولكن يشاء القدر أن تسافر والدته ومعها أخته إلى أسيوط لزيارة أقاربهما، وتتركه لمدة شهر مع والده فى القاهرة، حيث يكمل محمد قائلا: بصراحة استسهلت وقلت نقضيها وجبات سريعة، لكن اكتشفت إنها خربت جيبى وتعبت معدة والدى.. فقلت لا مفر من دخول المطبخ فدخلته يوم إجازتى، وأنا لا أفقه شيئا عنه، وقلت أنا وحظى يا صابت الأكلة ياخابت!!.. وطبعا وقوفى فى المطبخ كان بالنسبة لوالدى حدثًا تاريخيًا يجب أن يسجل كان متفائلاً خيرًا بوقوفى، رغم تشاؤمى وقتها.. فتحت الفريزر وأخذت كيس لحمة وغسلتها جيدا وقمت بتتبيلها ثم وضعتها فى طاجن فى الفرن، وضعت حلة بها مياه على النار وسلقت بها المكرونة وقمت بعمل السلطة الخضراء وشوربة لسان عصفور.. وعملت كل هذا خلال ساعة واحدة.. وهذه كانت أولى وجباتى داخل المطبخ.. ونالت إعجاب والدى لدرجة أنه اعترف أن نفسى فى الأكل أطعم بكثير من أكل والدتى.. ومن بعدها بدأت أبدع عند دخولى المطبخ.. فى البداية لم تصدق والدتى ما قاله والدى إلا بعد أن تذوقت إحدى طبخاتى.. ومن بعدها تغيرت نظرتى تماما عن الوقوف فى المطبخ بل بدأت أتعجب كثيرا من السيدات اللاتى يكرهن الوقوف فى المطبخ بل يرونه ذنبًا.. فالوقوف داخل المطبخ أصبح إحدى متعى، لذلك أرى أن الوقوف فى المطبخ يتطلب الفن والمهارة والإبداع، كى ينتج وجبة صحية، شهية ولذيذة.. والسيدة التى لا تملك هذا، بل تقضى ساعات طويلة بداخله تفتقر الكثير من الإبداع.. لأن الطبيخ لا يحتاج سوى بضع دقائق ليكون جاهزا للأكل.. وهذا ما توصلت له من خلال وقوفى بداخله.
• حبى للحلويات سبب دخولى المطبخ
أحمد «محاسب» كان يتعامل فى بيت أهله معاملة سى السيد، كل ما يطلبه يجده أمامه.. لا يضع يده فى شىء، حتى لو عاد من عمله ولم يجد أحدا فى البيت، كان ينتظر والدته أو إحدى أخواته لتحضر له الطعام.. لا يدخل المطبخ ولا حتى يقف فيه.. ولكن بعد أن تزوج أصبح شيفا ماهرا فى عمل الحلويات وهذا على حد قول زوجته، فتقول: فى يوم فوجئت بأحمد يقول لى تعال نقوم نعمل حاجة حلوة.. فى البداية اعتقدت أنه يمزح معى، لكن إصراره أكد لى إنه لم يمزح بالمرة.. وكنت أول مرة فى حياتى أراه يقف فى المطبخ..لأن هذا المكان ليس من الأماكن المفضلة لديه منذ أن كان فى بيت أهله.. فوجدته يتصل بالسوبر ماركت ويطلب منه المكونات التى سيستخدمها فى عمل «كرات الشوكولاتة» أصابنى الذهول عندما سمعت هذا.. ولكن سرعان ما جاء السوبر ماركت ليأخذ أحمد منه الأشياء ويدخل بها المطبخ وأنا أدخل وراءه لأشاهده وهو يقوم بعمل كرات الشوكولاتة.. وكنت متوقعة فشله فيها، وإهدار محتوياتها التى اشتراها.. لكنه فاجأنى بمذاقها، فقد صنعها مثلما يقول الكتاب.. وكسب الرهان الذى كنا متراهنين عليه.
ثم يقاطعها أحمد ضاحكا ليقول: وخصصت بعدها يومين فى الأسبوع أو ثلاثة أدخل فيها المطبخ لعمل الحلويات.. فقد قمت بعمل الـ«التشيزكيك»، و«تارت التفاح» و«الوافيل» و«المولتن كيك».. وجميعها نالت إعجاب الكل.
ثم تضيف زوجته: عرف أحمد المحلات التى تباع فيها كل مستلزمات الحلويات، كالفاكهة المجففة وصوص الفراولة والكراميل التى يلجأ إليها فى عمل الحلويات أو تزيينها.. فكل مرة يدخل فيها المطبخ يبهرنى أكثر وأكثر.
ويضيف أحمد أيضا: تعجب أهلى كثيرا عندما علموا بوقوفى فى المطبخ، لأنهم يعرفون جيدا أن بينى وبينه عداوة.. ولكنى فى الحقيقة وجدته عكس ذلك فهو يعتبر مكانًا للتسلية أخرج فيه موهبتى.. فعندما تزورنى عائلتى أجدهم يقولون لى «هناكل إيه من إيدك حلو النهاردة».. وبالتالى أشعر بسعادة كبيرة عندما ينال طعامى إعجاب الكل.
• أحببت المطبخ بعد تعب والدتى..
عادل «طالب جامعى»، عندما سألته عن أكثر شىء يكرهه فى البيت، أجابنى على الفور دون تفكير قائلا: المطبخ.. قاطعته قائلة: لماذا؟.. أجابنى «بصراحة مكان مش بفهمه»!!.. ولكن كل هذا قبل أن تتغير نظرتى عنه.. سألته: «وكيف تغيرت نظرتك عنه».. فأجابنى قائلا: أنا وحيد أمى و أبويا، يعنى بصراحة عيل مدلل من يومى.. وبداية دخولى المطبخ كان صدفة، كنت وقتها فى رمضان، وكان عندنا عزومة فى البيت كل أقارب أمى.. وفجأة تعبت أمى ووقعت فى المطبخ  وكان والدى وقتها فى الشغل.. فطلبت الدكتور وقال لا بد من الراحة حتى ميعاد الفطار.. وكان وقتها لا بد وحتما من دخولى المطبخ لإكمال الوليمة التى كانت تجهزها أمى.. فغسلت البطة والفراخ وتبلتهم وقمت بحشوهم.. بالإضافة إلى عمل الملوخية وطاجن البامية باللحمة مع العلم إننى كنت وقتها أول مرة فى حياتى أدخل المطبخ.. لكنى اكتشفت إن الموضوع سهل وممتع.. خصوصا عندما تقوم بعمل شىء ينال استحسان الجميع.. فقد اندهش والدى كثيرا على ما فعلته من أكلات لذيذة وشهية.. فقد شرفتهم أمام الضيوف.. لدرجة أنهم بدأوا يضربون بى المثل أمام الناس فى أكلاتى.. لدرجة أن والدتى تخبرهم قائلة «ابنى لما بيدخل المطبخ بيخترع أكلات عجيبة، بس طعمها بيكون «تحفة».. وهذا حقيقى فأنا لا أتبع أى وصفات فى أكلاتى سواء مقادير أو مكونات.. فأكلاتى كلها من تلقاء نفسى.. لدرجة أننى عندما أشعر بملل أدخل المطبخ وأخترع أى أكلة تنسينى روتين الحياة الملل.. فقد أصبح المطبخ من الأماكن المحببة لدَّى، لأننى أجد فيه راحتى وسعادتى. •