.. اديهم فرصة واصبر
بقلم: د.محمد محمود العطار ـ أستاذ رياض الأطفال المساعد
الأطفال الموهوبون كاللآلئ المدفونة فى أعماق البحار، والتى تحتاج إلى غواص ماهر ينتشلها من بين الأعشاب والأحجار.
ونمو الموهبة لدى الطفل وخاصة فى عصر المعلوماتية والتقنية العالية الحالى مرهون بقدر ما يستطيع الآباء والأمهات غرسه فى طفلهم من ثقافة علمية تحفزه على تنمية واستغلال موهبته بالشكل الأجدى علميًا والأنفع اجتماعيًا والأفضل نفسيًا.
فعلى الآباء والأمهات مراعاة الاهتمام بالمعايير الثقافية العلمية التى يجب أن تغرس فى الطفل الموهوب والتى من أهمها فهم وتقدير دور العلم فى حياتنا اليومية، واتخاذ قراراتنا الشخصية على أسس علمية والاطلاع المستمر على المستجدات العلمية المبسطة والانشغال بالقضايا العلمية وما يترتب عليها من تأثيرات فى حياتنا والمشاركة فى المناقشة العلمية بموضوع يومى شاغل.

التربية.. والموهبة
تهدف التربية السليمة إلى تنمية مواهب الطفل وقدراته ثم إعداده ليكون عضوًا نافعًا فى المجتمع انطلاقًا من رغبته وهوايته ليبدع فى مجال عمله، ويمكن اكتشاف موهبة الطفل وقدراته من خلال اللعب والأعمال الأخرى. وهذا الاكتشاف المبكر يساعد فى توجيهه نحو البرامج التى تصقل قدراته، ويجب على المربى أن يمد الطفل بالأدوات والمواد اللازمة ويشجعه لكى يكتشف مواهبه الكامنة، والموهبة لها أشكال كثيرة ومتعددة سواء كانت رياضية أو فنية مثل الرسم- الموسيقى- التمثيل.. مع توظيف الوسائط البصرية المحببة للأطفال مثل: القصص المصورة وصور الألغاز والعرائس والخامات الفنية المتنوعة كأدوات لتنمية قدراتهم فى أداء المهام أو حل المشكلات، بالإضافة إلى تنمية مهاراتهم الوجدانية والشخصية والاجتماعية فى ظل وجودهم مع الأطفال العاديين داخل دور الحضانة ورياض الأطفال.
وأهم أشكال الموهبة لدى الطفل اليوم هى الموهبة العلمية، فكثيرًا ما نجد أطفالًا عندهم استعداد فطرى عالٍ جدًا للتعامل مع التقنية الحديثة، وهو ما ينبئ بإمكانية نبوغ هؤلاء فى هذه التخصصات الحديثة والمهمة لمجتمعاتنا، وهنا يجب أن يعى المعلم أن الطفل الموهوب علميًا هو الأولى بالرعاية وأن تنمية موهبة الطفل هى الضمان لنجاح وتطور هذه الموهبة وخاصة الموهبة العلمية.
وهناك العديد من المهارات العملية التى يلزم إكسابها للأطفال الموهوبين لتنمية موهبتهم بشكل علمى ومساعدتهم على اكتساب كل المعلومات والحقائق والمبادئ العلمية الصحيحة المرتبطة ببيئتهم بطريقة وظيفية وملائمة لعمرهم ومرحلة نموهم النفسى وبالذات العقلى وتوعيتهم بالأخطار التى يمكن أن يتعرضوا لها عند تعاملهم غير الواعى مع ما يرغبون فى اقتنائه من أجهزة تنمى موهبتهم. وقبل هذا تنمية وتدريب واستثارة حواس الأطفال المختلفة وتدريبهم على استخدام العمليات العلمية المختلفة وتطبيقها فى ملاحظة الأشياء وتداولها والتعرف عليها وإدراك العلاقات بين مكوناتها وزيادة قدرتهم على إجراء بعض التجارب البسيطة والتوصل إليها.
البيت أولًا
الأسرة بالنسبة لأطفالها الصغار كل العالم المحيط بهم، والأسرة هى التى تحول الطفل من مجرد كائن بيولوجى إلى كائن اجتماعى يشعر بذاته وأنه مستقل عن ذوات الآخرين، كما تعتبر اللبنة الأساسية فى بناء أى مجتمع، والأساسى فى تعليم الطفل العادات والقيم والتقاليد الاجتماعية.
والأسرة أول مكتشف لقدرات وميول الطفل وبالتالى يقع على عاتقها مسئولية اكتشاف ورعاية وتنمية طفلها الموهوب، كما أن مسئولية الأب والأم حول موهبة طفلهما متسع جدًا، فهما إما أن يسمحا لهذه الموهبة أن تقوى وتحيا أو يهملانها فتذبل وتموت، والخطوة الأولى فى تحمل هذه المسئولية تأتى فى أهمية الالتفات إلى موهبة الطفل لأن هذه الخطوة هى اللبنة الأولى فى إنماء هذه الموهبة وجعل طفلهما أسعد، والموهبة تعنى طاقة لحب الحياة ووقتًا يمكن استغلاله فيما يفيد الطفل ذهنيًا وحركيًا ونفسيًا، وهذا الإيمان يجعل الوالدين قادرين على ترجمة إيمانهما إلى اهتمام ورعاية حقيقية.

والأطفال فى مرحلة الطفولة يميلون إلى إرضاء الآباء والمعلمين بأن يكونوا أطفالًا جيدين، وتلعب الأسرة الدور الأهم فى تشكيل الموهبة لدى الطفل، حيث إذا لم تقم الأسرة بتشجيع الطفل وتقديره وتوفير المناخ المناسب له فى البيت فإن الموهبة قد تبقى كامنة، فتوفير بيئة تدفع الطفل وتحفزه على البحث عن أماكن تثير اهتمامه ويرغب فى زيارتها، وأشياء يرغب فى عملها، ومهمات يرغب فى إنجازها، ودروس يرغب فى تعلمها، من الأمور التى يجب على الأسرة تفعيلها والاهتمام بها، فامنحوهم الفرصة وانتظروا إبداعاتهم وانطلاق مواهبهم.
كلما بذل الآباء مجهودًا فى الرعاية والاعتناء بأطفالهم بطريقة سليمة وعلمية كانوا أفضل وأكثر ذكاء، ولذلك يجب على الأسرة أن تتعاون مع مؤسسات تربية الطفل بدءًا من الروضة ثم مع المدرسة، وذلك عن طريق عقد اللقاءات مع معلمة الطفل لإعطائها المعلومات الكافية عن موهبة الطفل، لأن المعلمة لن تكون لديها الوقت الكافى لاكتشاف الموهبة لدى جميع الأطفال.
كما يجب الحوار مع الطفل والاستماع إلى آراء الطفل ووجهات نظره ومشاركته فى معالجة موضوعات تحظى باهتمام خاص لديه، مع مراعاة أن الحوار يحتاج إلى فن قائم على الحب والحنان والتفاهم، كما ينبغى أن يدرك الآباء والمربون أن الأطفال أصبحوا أصعب فى زماننا لأن ذكاءهم سابق لسنهم ومصادر المعلومات المتوافرة لديهم كثيرة وغزيرة وخطيرة.



