الأربعاء 18 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
الحوار الوطنى.. وحقوق الإنسان

الحوار الوطنى.. وحقوق الإنسان

أنهى الحوار الوطنى معضلة الحبس الاحتياطى.. واستجاب رئيس الجمهورية إلى توصيات الحوار.



 24 توصية بعد مناقشات مستفيضة وسجال وجدل.. فى الحوار الوطنى وداخله يكثر الجدل لاختلاف الآراء، واختلاف التوجهات واختلاف المشارب السياسية.. لكن الأصل أن الجميع يعمل على هدف مزيد من التوافق والإصلاح فى جمهورية جديدة. 

كان الحبس الاحتياطى منذ بداية الحوار من القضايا الأولية التى تبنتها التوجهات المختلفة للإنجاز.

كان واحدًا من أولى القضايا على مائدة الجلسات التحضيرية، وكان من أهم القضايا خلال المناقشات فيما بعد.

(1)

أنهى الحوار جدل الحبس الاحتياطى، بعد مناقشات استغرقت 12 ساعة، شارك فيها 120 من مختلف الانتماءات الحزبية، وأعقبها 75 ساعة عمل لمجلس الأمناء، و180 ساعة عمل للأمانة الفنية. 

النتيجة إنجاز جديد للحوار الوطنى يضاف إلى سوابق إنجازات فى مجالات عدة. 

ملف الحبس الاحتياطى كان من الملفات التى يصفها البعض بالشائكة. حملت تلك القضية أكثر من علامة استفهام من قبل، كما حملت كثيرًا من الجدل لدى قانونيين وحقوقيين بدعوى تعنت القانون القديم. 

استجابة الرئيس لتوصيات الحوار أحدثت انفراجة على كل المستويات فيما يتعلق بقضية شغلت الجميع سنوات طوال، بظن من بعضهم استحالة التوافق على حلول بخصوصها. 

مرة أخرى هو إنجاز جديد للحوار الوطنى، ولمنظومة اسمها الحوار الوطنى. 

حملت تلك المنظومة منذ الدعوة إلى إطلاقها رغبة حقيقية فى تحسين الأوضاع وإعلان استراتيجيات عدة فى أوجه عدة لتسهيل وتحسين حياة المصريين.

حملت المنظومة رغبة حقيقية من الدولة فيما يتعلق بحقوق الإنسان.. بداية من قرارات تحسين أوضاع مراكز الاحتجاز والتأهيل.. مرورًا بالإفراج عن عدد هائل من المحبوسين والمحتجزين احتياطيًا، وفق توصيات لجنة العفو الرئاسى التى تم تدشينها عام 2017، ثم تفعيل تلك اللجنة بشكل أوسع عقب دعوة الرئيس السيسى للحوار الوطنى فى أبريل 2022. 

قبل يوم واحد من بدء مناقشة الحوار الوطنى لمسألة الحبس الاحتياطى، تم الإعلان عن الإفراج عن عدد من المحبوسين فى استجابة كانت سريعة للقوى السياسية واستجابة أيضًا لمناشدة مجلس أمناء الحوار.

وتوالى الإفراج عن أعداد من المحبوسين.. فى مبادرات كانت - للإنصاف - قد أضافت مزيدًا من الأجواء الإيجابية لنجاح الحوار الوطنى، ونجاح مناقشاته وسجالاته داخل لجانه النوعية والعامة، ومنحت مزيدًا من مساحات الثقة لمسار الإصلاح السياسى الذى اعتزمته الدولة.. ونادت به.. وعملت عليه.. وحققته. 

(2)

شهد ملف التوافق السياسى والعمل على إنهاء المشكلات الخلافية وفق رؤى توافقية تطورًا فريدًا وإنجازات على جميع الأصعدة. 

دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى لمنظومة الحوار الوطنى، على أن يكون أداة رئيسية لجمع القوى السياسية للوصول إلى حلول لجميع الأزمات التى تواجه المجتمع. 

داخل جلسات الحوار امتدت المناقشات، وتفتحت الموضوعات، وكانت الآراء كلها بلا خطوط حمراء.

المساحات المشتركة، رغم الخلاف فى الرأى أحيانًا، جعلت التوقعات مجدية، والآفاق واضح أنها مناسبة لتغيرات كبيرة فى التعديلات التشريعية التى ستكون مع بداية الدورة التشريعية الجديدة أمام الجلسة العامة فى مجلس النواب، فى تطور حقيقى لملف حقوق الإنسان، يضاف إلى تطورات سابقة. 

تعزيز حقوق الإنسان عملية مستمرة وتراكمية.. لا تظهر نتائج تلك العملية إلا بشكل تدريجى تراكمى.

حقوق الإنسان لا تتلخص فى قضية الحبس الاحتياطى وحدها.. إنما إجراء مع إجراء، وتشريع مع تشريع، وقرار مع قرار تتكامل وحدة حقوق الإنسان المصرى.. كما يجب أن تكون.

بالمناسبة.. حقوق الإنسان ليست هى السماح بالتجاوزات من على فيس بوك، ولا الكلام الفارغ من على تويتر. 

حقوق الإنسان.. ليست مرادفًا لبث الشائعات، ولا هى محاولة تأليب الرأى العام بالباطل، ولا هى نغمات التشكيك.. والخروج عن مقضيات الأدب على السوشيال ميديا. 

حقوق الإنسان هى أولًا وأخيرًا حق المواطن فى استقرار.. وحقه فى أولويات تدعم المعيشة.. وحياة تليق. 

إذا كان رئيس الدولة قد أقر توصيات الحوار الوطنى فيما يتعلق بالحبس الاحتياطى، فالإشارة هنا واجبة إلى أن هناك مسارات أخرى لحقوق الإنسان.. يجب ضمها إلى باقى السياقات كى تتكامل الرؤى وتتكامل النظرة إلى المنظومة ككل.

قبل سنوات قليلة كان حوالى 70 % من سكان مصر خارج معادلة الحياة الكريمة والمعيشة اللائقة. الحياة خارج إطار «المعادلة اللائقة لحياة كريمة» معناه كبير.. وتفاصيله كانت فى قطاعات كثيرة «تقطع القلب».

جهود دعم المواطن.. وحماية البسطاء كانت فى حاجة إلى عمل.. لا إلى شعارات وكلام مزوق.. ولافتات مرفوعة فى الشوارع.

(3)

السنوات القليلة الماضية تحققت معادلة حقوق الإنسان الحقيقية. شهدت قرى ونجوع مصر بمختلف المحافظات تطورًا كبيرًا على مستويات مختلفة. صعد المواطن المصرى الذى كان منسيًا إلى سطح الحياة من جديد.

تغيرت المحافظات.. بدءًا من مشروعات حديثة لإعادة البنية التحتية.. انتهاء بمشروعات تنموية دعمت الجميع.. دعمت الأرض.. ودعمت اللى عايش على الأرض.

يعرف المواطن جيدًا ما الذى فعلته الدولة لأجله فى السنوات العشر الماضية. يشعر المواطن بما أراده عبدالفتاح السيسى للبلد.

لا تبنى الدول بالكلام. الكلام لا يبنى ولا يضيف.. ولا يدفع للإمام.. لا يصل أصحاب الكلام عادة إلى ما يريده المواطن.. لأنهم لا يعرفونه.. ولا يعرفون ما يريد بالفعل.. ولا يعرفون كيف يصلون بالجهود إلى ما يريد.

سبق وأثبتت التجربة أن سياسيين وكتابًا وأصحاب شعارات لا يعرفون شيئًا عن الشعب المصرى.. ولا يحوزون أدنى معلومات عن حياة الناس فى القرى والعزب والنجوع.. لذلك لا يملكون حلولًا حقيقية لقضايا حقوق الإنسان.

سبق وأثبت لنا الزمن أن بعضًا من الجماعة السياسية، وبعضًا ممن يقدمون أنفسهم باعتبارهم المعارضة صدعونا بالكلام عما يريده الناس.. بينما هم سقطوا عند أول اختبار، لأن أصحاب الكلام غالبًا ما يسقطون فى الاختبارات. 

تعرف الدولة ما هى حقوق المواطن.

حقوق الإنسان تبدأ من دعم المواطن فى الأزمات، كما تبدأ من خدمات صحة حقيقية، وسكن لائق، وبنية تحتية ممهدة للاستثمار فى سياق جهود تنمية غير مسبوقة، وفى إطار خريطة تتغير من يوم للثانى.. على مسارات مختلفة.. واتجاهات هى الأخرى مختلفة. 

حقوق المواطن تبدأ من اقتصاد قادر على جذب الاستثمار، تمامًا كما هو قادر على امتصاص الأزمات العالمية.. والتعامل معها بحماية المواطن بأنواع مختلفة من الإجراءات. 

حق التنمية والتطوير من حقوق الإنسان الأصيلة والأصلية.

بعد 2011 كانت مصر على شفا حفرة. فى 2013 كنا قد اقتربنا من الهاوية. استعادة الدولة، كانت فى وقت ما، فى فترات ما، بعد 2011 أشبه بحلم. استعادة الاستقرار كانت فى وقت ما أصعب من الصعب نفسه. 

استعاد عبدالفتاح السيسى الدولة، واستعاد المواطن، وبدأ مسار التنمية. 

 مرة ثانية التنمية ليست بالكلام. 

ومرة ثالثة التنمية هى إجراءات ملموسة على الأرض، وتغييرات شاملة فى شكل الوطن وتمهيد الطريق لانطلاقة المستقبل. 

تكفى معركة الإرهاب انتصارًا للدولة. تكفى معركة التنمية انتصارًا آخر مضافًا. تكفى تطبيقات عملية على الأرض لمقتضيات حقوق الناس.. والبسطاء. تكفى مسارات تنمية.. غير مسبوقة.. على طريق السباق مع الزمن.

الحوار الوطنى واحدة من علامات تنمية اجتماعية وسياسية توافقية غير مسبوقة. فهو ليس مجرد حدث عابر، إنما الحوار كمنظومة شكل عملية مستمرة تهدف إلى صياغة رؤية وطنية مشتركة من خلال بناء توافق وطنى حول القضايا الجوهرية المتعلقة بالإنسان المصرى. 

الإنجازات فى الشكل وفى المضمون. عمل الحوار على تعزيز المشاركة الشعبية. اختلق آليات مختلفة لإشراك مختلف الأيديولوجيات والتوجهات السياسية فى صنع القرار. 

أضافت مؤسسة الحوار الوطنى مزيدًا من تفعيل دور المجتمع المدنى والأحزاب، أضاف الحوار تحديثات فى عدد من التشريعات والقوانين، بعد مراجعة القوانين القائمة والتشريعات السارية. 

التطوير جاء ليتوافق مع مستجدات العصر.. ومقتضيات الظروف والزمن، فى ظل جمهورية جديدة .. الوطن فيها للجميع.