الأربعاء 25 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

توعية أطفالنا من التحرش.. مسئوليتنا جميعًا

توعية أطفالنا من التحرش.. مسئوليتنا جميعًا
توعية أطفالنا من التحرش.. مسئوليتنا جميعًا


ظواهر غريبة تنتشر كالطاعون فى مجتمعنا بلا رادع تجعلنا نقف عاجزين مرتبكين.. فقد خرج علينا تقرير المركز المصرى لحقوق المرأة ليؤكد أن مصر تحتل المركز الثانى فى مستوى انتشار التحرش الجنسى على مستوى العالم بعد أفغانستان.. وفى دراسات نوقشت بمائدة مستديرة بالمجلس القومى للطفولة والأمومة أعلن عن نسبة تقريبية تصل إلى 18٪ من الأطفال تعرضوا لـ«تحرشات جنسية»، و أن 35٪ من الحوادث «يكون الجانى له صلة قرابة بالطفل، رغم أنه المسئول عن حمايته» رغم صعوبة الرصد الدقيق للأعداد الفعلية.
 
مما يدق ناقوس إنذار لكل أب وأم اعتقدا فى سياسة دفن الرأس فى الرمال لأنها لم يعد لها مكان، بل يجب المواجهة بكل حسم.. وفى المقابل فتحت طاقة نور للتوعية والإرشاد على يد شباب متحمس ومتخصص أدرك فداحة المشكلة وقرر محاربتها بالوعى للأهل ولأطفالهم حيث يوجد معالجون نفسيون بمستشفى حلوان التابع للأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة، فقاموا بتنظيم ورش عمل للأهالى لتوجيههم بكيفية حماية أولادهم وفى الوقت نفسه التعامل مع المشكلة لو تمت وعلى جانب موازٍ ورش للأطفال تعتمد على التلوين ومسرح عرائس لإيصال المعلومات والتثقيف الجنسى بما يتناسب مع أعمارهم.
 
بداية الفكرة
 
تتحدث الدكتورة إيمان جابر - مدير الصحة النفسية للأطفال والمراهقين التابعة للأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة عن حجم المشكلة فتقول: «وجدنا نسبة كبيرة فى عيادات الأطفال والمراهقين تعرضوا لإساءات جنسية وتحرش نتيجة لغياب رقابة الأم والأب خاصة فى منطقة حلوان نتيجة ترك الآباء لأولادهم فترات طويلة لبعد المسافة عن أماكن عملهم أو نتيجة عمل الأولاد، وفوجئنا بنسب عالية من حالات عرضت على زملائنا فى مستشفى الحوض المرصود للأمراض الجلدية لأطفال صغار تعرضوا لأمراض جلدية لا تنتقل إلا عن طريق الاتصال الجنسى بالطبع تعاملوا معهم طبيا على مستوى عضوى، ولكن يظل العلاج النفسى هو الأهم خاصة أن منهم أهالى لا يعلمون أو أهالى يعلمون ولا يريدون الإفصاح خوفاً من الفضيحة فى ظل قوانين لحقوق الطفل غير مفعلة.. كذلك وجدنا العديد من حالات الاكتئاب والقلق التى يعانى منه أطفال يترددون على عيادات الصحة النفسية مصدرها تعرضهم للتحرش أو يقومون بالتحرش هم أنفسهم بزملائهم أو إخوتهم، لذا كانت الفكرة بعمل الورش التثقيفية للأهل للتعامل مع تعرض أولادهم للتحرش وكذلك ورش للتوعية والوقاية قبل الدخول فى هذه المشكلة، وبالفعل وجدنا إقبالا من الأهالى واستفادة كبيرة وورشا للأطفال بتوعيتهم بحقوقهم وبالحرص من التحرش، وكيف أن جسده لا يمكن لأحد المساس به بأسلوب بسيط يناسب سنه بأنشطة ترفيهية تحوى المعلومة البسيطة، وبدأنا بمستشفى حلوان وسوف ننشرها فى باقى المستشفيات التابعة للأمانة العامة للصحة النفسية».
بازل تيم وحلم بتربية أفضل!
 
الفريق المعالج فى مستشفى العباسية يضم المعالجة النفسية هاجر سعيد والمعالج النفسى بهاء شرف الدين واللذين قاما بتكوين فريق أسمياه «بازل تيم» ليمتد نشاطهما التوعوى والتثقيفى والوقائى للأطفال لخارج المستشفى فى المدارس دون أى مقابل ولا يزالان على أول السلم فى رحلة توعية أكبر عدد من الأهالى والأطفال، فتقول هاجر مؤسسة الفريق: «هدفنا عمل تغيير لكل الأخطاء التى نرتكبها فى حق أنفسنا وأولادنا ونوعى الوالدين وكل مربٍ والمدرسين بمشاكل وطرق الحماية من الإساءة الجنسية وكيفية اكتشاف الإساءة دون إحراج الطفل عن طريق أسئلة بسيطة وألعاب خفيفة، وبدأنا بالمحاضرات بمستشفى العباسية ووجدت صدى عند الأهل وبدأنا بمدرسة رواد المستقبل بمدينة 15 مايو مع المدرسين الذين هم أيضا أولياء أمور وتحدثنا عن علامات التعرف على الاعتداء على الطفل وكيفية التعامل معه والأهم حماية الطفل وتوعيته. ونضع ستة أسئلة كلعبة مع الطفل لمعرفة كل ما يمر به من مشاكل أو أزمات يصعب عليه اللجوء لنا فيها بشكل مباشر ولنا صفحتنا على الفيس بوك لحل المشكلة وإجابات أسئلة الأهالى وشعارنا «عيش .. حرية.. تربية مية مية».
وعى الأمهات
 
عبير أحمد - ربة منزل - من الأمهات اللاتى حضرن ورشة التوعية بمستشفى حلوان الخاصة بأولياء الأمور وعن مقدار استفادتها تقول: «كانت العديد من المعلومات حول الأسلوب الأمثل للتعامل مع الأطفال وحمايتهم تنقصنى وعلمت عن طريق البوسترات ومن صديقاتى عن هذه الورش التثقيفية بمستشفى حلوان وحضرت بالفعل لثلاثة أسابيع وولداى حبيبة عشر سنوات وعبدالله تسع سنوات حضرا الورش الخاصة بهما كأطفال وذهبت من باب التوعية لأننا فى صغرنا لم نجد هذه الفرصة للتوعية، وأكثر ما استفدت منه أننى علمت أن أكبر نسبة للتحرش بالأطفال تواجههم من الأقارب، وهنا علمت من ابنتى عن موقف حدث معها ولم أدرِ به أن أحد أقاربنا ويسكن معنا فى العمارة أخذها ليفرجها على أثاث بيته الجديد دون علم منى، وهنا استطعت توجيهها أنه لا يمكنها المغادرة أو الصعود لشقة أحد دون إذنى ودون علمى الحمد لله لم يحدث أى شىء لابنتى، ولكن الموقف نفسه هو الذى يجب الحرص فيه، كذلك اكتشفت خطئى فى دخول ابنتى للمول بمفردها أو نزولها للسوبر ماركت فى أى وقت بمفردها فأصبحت أنزل وراءها أو أذهب معها لكل مكان، وتعلمت كذلك اللياقة فى الكلام مع الأولاد بما يتناسب مع أعمارهم ودون إحراجهم كذلك عرفت أن الأطفال يشعرون ويتضايقون من أى نظرة أو إشارة مسيئة ومن المواقف التى تواجه معظم الأمهات الأسئلة المحرجة، وعندما اتصلت بالأستاذ بهاء شرف الدين الإخصائى النفسى بالمستشفى علمنى كيفية الإجابة عن أسئلتهم الصعبة بما يتوافق مع عقولهم ودون الكذب.. أما الأطفال فعن طريق العرائس والكارتون تعلموا أن يفرقوا بين النظرة الخبيثة والنظرة الطيبة وكيف يطلبون المساعدة ويرفضون الذهاب مع الغرباء وأرى أنها ثقافة مهمة جداً ويجب انتشارها أكثر لمواجهة ظاهرة التحرش بالأطفال التى جدت على مجتمعنا وتعلم الأسلوب الأمثل لتوعية أطفالنا والتصرف فى المواقف المختلفة».
 
أما نجلاء - ربة منزل - فتقول: فوجئت بابنى الذى لم يتجاوز السادسة يقوم بفعل مشين مع فتاة قريبتنا ووقتها خرجت عن شعورى» أعطيته علقة موت، وعندما علمت من جاراتى وأصحابى عن الورش التعليمية التى يقوم بها مستشفى حلوان للصحة النفسية من تعليم الأهل كيفية التعامل مع تعرض أولادهم لأى من هذه المواقف سارعت باللجوء لها مع أن حماتى قالت: «دى قلة تربية وكتمى على الموضوع»، لكنى صممت أن ألجأ للاستشارة من المتخصصين فى مستشفى حلوان وتعلمت أننى يجب ألا أتضايق من هذا الموقف وأنه طبيعى أن يحدث فضول لدى الطفل ناحية جسده، أهم شىء تعاملى معه وأخطأت عند ضربه، بل أتكلم معه بما يناسب عقله وأحتويه وعلمت أن ما حدث مع فتاة، فذلك أفضل مما لو كان مع ولد، وهذا هدأنى فهو لا يحتاج لعلاج نفسى وإنما توجيه منى وحوار معه».
 
رانيا - ربة منزل - أيضاً من الأمهات اللاتى لجأن لورش التوعية بالمستشفى وعن سبب ذلك تقول: «قرأت على الفيس بوك عن حادثة تعرض طفلة فى الخامسة فى عمر ابنتى لتحرش من شاب أثناء صعودها العمارة وتذكرت كيف حكت لى ابنتى عن خوفها من شاب أثناء صعودها أيضا لعمارتنا، وهنا شعرت بالرعب من إمكانية تعرض ابنتى لموقف مشابه فلجأت للاستشارة عن طريق ورشة توعية حول التحرش بالأطفال وكيفية الوقاية والتعامل مع الطفل وتوعيته واستفدت منها كثيراً، وعلمت ابنتى كيف تفرق بين الناس ونظراتهم وكيف تطلب المساعدة وفى رأيى فإن كل أم محتاجة هذا النوع من التثقيف ويجب أن تزيد وتنتشر مثل هذه الورش التثقيفية والندوات التوعوية».