الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

لجنة الخمسين مهددة بالطعون.. والاقتصاد فى نفق مظلم

لجنة الخمسين مهددة بالطعون.. والاقتصاد فى نفق مظلم
لجنة الخمسين مهددة بالطعون.. والاقتصاد فى نفق مظلم


 
«لجنة الخمسين» تفقد بريقها يوما بعد يوم لأنها تواجه أحلام المواطن البسيط فى الوصول إلى حياة كريمة ولقمة العيش التى هى أساس وجوده.. واخترقت القوانين والأعراف بتطبيق الضريبة التصاعدية مع العلم أن ذلك ليس من اختصاصها فقد قامت بوضع نصوص فى الدستور تمس حياة المواطن المطحون دون أخذ رأيه أو معرفة هذا يتماشى مع الحالة الاقتصادية التى نعيشها وسط ارتفاع الأسعار واختفاء أنابيب البوتاجاز ومن هنا شهدت الأوساط الاقتصادية حالة من الجدل منذ إعلان لجنة الخمسين الموافقة على المادة المتعلقة بالضرائب وفرض ضريبة تصاعدية، وخلال الفترة الأخيرة علت أصوات المتخصصين وبعض الأحزاب السياسية، للمطالبة بتطبيق الضرائب التصاعدية، ولمساعدة الحكومة في مواجهة عجز الموازنة العامة للدولة، وجانب آخر يرى أن الضريبة التصاعدية كارثة بكل المقاييس.. فبيقى السؤال هل الضريبة الخطوة الأولى لتطبيق العدالة الاجتماعية أم هى النفق المظلم الذى ينتظر المواطنين وهذا ما سنتعرف عليه خلال السطور القادمة.
 
جدل وهجوم شديد بين خبراء الاقتصاد بسبب إقرار لجنة الخمسين مادة تنص على أن يكون النظام الضريبى فى مصر تصاعديًا.
 
وجاء نص المادة التى أقرتها لجنة الخمسين: «يهدف النظام الضريبى بمصادره المختلفة وغيره من التكاليف العامة إلى تنمية موارد الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية ويكون النظام الضريبى تصاعديا متعدد الأوعية بما يحقق العدالة بتوازن وشفافية وكل ذلك ينظمه القانون، وتلتزم الدولة بالارتقاء بمصلحة الضرائب لتبنى النظم الحديثة»، ومن هنا لم تهدأ الاوساط الاقتصادية فى الوقت التى تناست فيه اللجنة أن حكومة قنديل قد أقرت قبل أحداث 30 يونيو قانونًا برفع حد الإعفاء من الضرائب إلى 12 ألف جنيه سنويًا، مع وجود 5 شرائح للدخل، تختلف نسبة الضريبة طبقًا لهم.
 
وقام مجلس الشورى السابق بإقرار شرائح ضريبة الدخل لتصبح 5 شرائح، تبدأ بعد خصم أول سبعة آلاف جنيه من الدخل السنوى، مقابل الأعباء العائلية، بالإضافة إلى الشريحة الأولى المعفاة تماماً من الضريبة حتى 5 آلاف جنيه ليصل إجمالي الدخل المعفى من ضريبة المرتبات إلى 12 ألف جنيه.
 
ويدفع أصحاب الشريحة الثانية من أصحاب الدخل أكثر من 5 آلاف جنيه وحتى 30 ألف جنيه ضريبة بنسبة 10٪، والشريحة الثالثة التى تتراوح بين أكثر من 30 ألفا وحتى 45 ألفاً تدفع 15٪، والشريحة الرابعة أكثر من 54 ألفاً وحتى 250 ألف جنيه تدفع 20٪، ثم الشريحة الخامسة والأخيرة أكثر من 250 ألف جنيه تدفع 25٪.
 
∎ الطعن!
 
وفى هذا الإطار أكد سامى خلاف - المستشار القانونى لوزير المالية - أن إقرار لجنة الخمسين للنظام الضريبى مخالف للقانون لأن مثل هذه الأمور تخضع للقوانين وليس الدساتير فى مثل هذه الأمور التى قد تعرض الدستور لاحقا لشبهة الطعن عليه، مؤكدا أن النص على نظام الضريبة التصاعدية بالدستور يتعارض مع تغير الأوضاع الاقتصادية، والاستثمار والمستثمرين، إن الدستور يجب ألا ينص على نوعية الضريبة، مشيرًا إلى أنه كان يجب أن تتم صياغة المادة «وضع نظام ضريبى متكامل يحافظ على ملكيات المواطنين والدولة ويقام على العدالة الاجتماعية»، مشيرا إلى أن المادة التى تمت الموافقة عليها صياغتها تشتمل على فرض ضريبة تصاعدية، واللجنة وافقت على المادة بناء على أن زيادة الشرائح الضريبية سوف تحقق العدالة الاجتماعية، فضلاً عن زيادة الحصيلة الضريبية، وهذا خطأ فادح وقعت فيه اللجنة.
 
وأكد أن الضريبة التصاعدية يتم تطبيقها فى مصر على الأفراد، ولكن لا تطبق على الشركات، وأضاف: 99٪ من دول العالم تطبق الضريبة النسبية على الشركات وليست التصاعدية، وفلسفة ذلك أن الشركات تتكون من مجموعة من المساهمين غير المشاركين فى العملية الإنتاجية للشركة وربحهم يكون سلبيًا، كما أنه يتم تطبيق ضريبة تصاعدية على دخول الأفراد، مشيرًا إلى أن النص على الضرائب يكون من خلال القوانين، حتى يمكن إجراء تعديلات عليها بسهولة، تتناسب مع التغيرات التى تمر بها الدولة، عكس الدساتير.
 
∎ الفخ!
 
ومن جانبه حذر باسل رحمى - الرئيس التنفيذى لقطاع التجزئة المصرفية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ببنك الإسكندرية - من زيادة الأعباء الضريبية على الكيانات المصرفية، بسبب تطبيق الضريبة التصاعدية الجديدة على أرباحها، لترتفع النسبة المقررة عليها إلى 25٪ بدلاً من 20٪.
 
حيث إن زيادة الأعباء الضريبية على البنوك ستتسبب فى إعاقتها عن التوسع ونشر الفروع، ومما يعيق تحسين خدمات البنوك المصرفية المقدمة لعملائها. وأشار رحمى إلى أن خضوع البنوك وشركاتها التابعة لشريحة الضرائب الجديدة، التى أقرتها الحكومة وتقضى برفع نسبة الضرائب على من تزيد أرباحهم على 10 ملايين جنيه بواقع 5٪، لتصبح 25٪ بدلاً من 20٪ فى السابق.
 
وأضاف: إن هناك ازدواجاً ضريبياً فى تطبيق قوانين الضرائب على أنشطة البنوك، مشيرا إلى أن الضريبة التصاعدية فخ يقع فيه الاقتصاد المصرى يؤدى إلى هروب المستثمرين مما يؤثر على عمل القطاع المصرفى.
 
∎ الفشل!
 
واعترضت الدكتورة هالة السعيد - عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة - على هذا القانون خاصة أن نظام الضريبة التصاعدية أثبت فشله فى مصر ولا يجب تطبيقه مرة أخرى، حيث كان يطبق على مدار 04 عاما بنظام الشرائح الضريبية التصاعدية حتى سقف محدد هو 46٪، من الدخل حتى إصدار القانون الجديد عام 2004، مبررة فشل الأنظمة السابقة فى نجاح هذا القانون نظرا لخضوع الدخل للتقدير الجزافى الذى كان يخضع له الممول، لأن تواجد شرائح متصاعدة بالضريبة يجعل المجتمع الضريبى يحاول دائما إثبات ارتباطه بالشريحة الأقل حتى لا يدفع أكثر.
 
وأكدت أن هذا النظام يزيد من العبء على مفتش الضرائب ويوسع نطاق التهرب الضريبى، كما يؤدى لتأخر تحصيل الحصيلة الضريبية وضياع حقوق الدولة نتيجة الطعن المتكرر والمستمر من قبل الممول فى الضريبة الجزافية.وترى د. هالة أن قانون الضريبة «الموحدة» يعد من أفضل السياسات الضريبية التى يتم اتباعها على مستوى العالم، لأنه يحقق مبدأ العدالة الضريبية والاجتماعية بين الممولين ، مضيفة: إن تطبيق نظام الضريبة «التصاعدية» غير مشجع إطلاقا على الاستثمار، وتوقعت أنها ستعمل فى حالة تطبيقها على هروب الشركات العالمية ومتعددة الجنسيات والاستثمارات العربية والأجنبية الحالية والمتوقعة من القطاع الوطنى إلى دول أخرى مشجعة للاستثمار.
 
وأوضحت أنه يجب البحث عن بديل لهذه الضريبة لكى تقوم بتحسين نمط توزيع الدخل والمرتبات على الأفراد وتقلل الفوارق بين أبناء الشعب باختلاف مستوياتهم المادية والمعيشية، خاصة أن الفقراء و«الغلابة» ومحدودى ومعدومى الدخل يعانون حتى الآن بسبب عدم وصول الدعم إليهم.
 
∎ الإيجابية!
 
وفى نفس التوقيت هناك آراء أخرى مؤيدة للضريبة التصاعدية فقد أكد الخبير الاقتصادى الدكتور سعيد عبد الخالق أن فكرة تطبيق الضريبة التصاعدية كأداة من أدوات العدالة الاجتماعية تعتبر أمرا إيجابيا من هذا المنظور إلا أن هناك محاذير فى التطبيق والإجراءات حتى لا تؤثر على تشجيع الاستثمار.. ويرى أن المشكلة الحقيقية لضعف الحصيلة الضريبية تكمن فى مصلحة الضرائب نفسها فهناك ضرورة لإصلاح المؤسسة نفسها وحسن إدارتها قادر على تحقيق هذا الفارق الذى يتعدى قيمة العجز فى الموازنة الذى نسعى إلى سده حاليا.
 
وأضاف: إن الضرائب بشكل عام لا تتدخل بطريقة مباشرة فى التوزيع الأولي للدخل القومى. ولكنها تشكل أداة مالية مهمة من أدوات إعادة توزيع هذا الدخل، فهى تمارس أثرها هذا عن طريق التأثير فى الدخول النقدية وفى الدخول الحقيقية، أى عن طريق خفض أثمان عوامل الإنتاج (الدخول النقدية) وعن طريق رفع أثمان السلع (الدخول الحقيقية) وحتى يمكننا أن نستوعب الآثار التوزيعية للضرائب يجب أن نفرق بين الضرائب المباشرة وغير المباشرة. فالضرائب المباشرة هى التى تفرض على الدخول والثروات ويمكن أن تكون ثابتة أو تصاعدية أو تناقصية (حسب الحاجة الاقتصادية)، أما الضرائب غير المباشرة فهى التى تفرض على استخدام الدخول والثروات، أى على السلع والخدمات (وغالبا ما تكون ثابتة وإن اختلفت معدلاتها من استخدام إلي آخر حسب نوع السلعة والقطاع).
 
وأشار الي أن الضرائب تؤثر فى الدخول بشكل عام (نقدية كانت أو حقيقية)، وأن الأمر فى ذلك يستوى بالنسبة للضرائب المباشرة وغير المباشرة، إذا لم يتمكنوا من نقل عبئها إلى غيرهم (أى تحويلها من المنتج إلى المستهلك). ويمكن القول فى هذا الصدد إن زيادة الضرائب (أقصد الضرائب التصاعدية) تؤدى بدرجة ما تستتبع من انخفاض فى الدخول، إلي انخفاض المستوى العام للأثمان وبالتالي ارتفاع القوى الشرائية للنقود، وإلي انخفاض الإنتاج، وبالتالى يرتفع معدلات البطالة، وهو ما إذا أفرط فى تطبيقها ستفضى إلي ركود اقتصادى ثم كساد، ونحن أبعد ما نكون فى حاجة له فى مصر الآن فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد مرحليا.