الخميس 16 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

خلاف حاد بين موسى وعاشور بسبب الشورى

خلاف حاد بين موسى وعاشور بسبب الشورى
خلاف حاد بين موسى وعاشور بسبب الشورى


عدد من المشاكل تواجه لجنة الخمسين فعلى الرغم من البدايات الهادئة لعمل اللجنة وحسن التوافق فإن الخلافات بدأت تطفو على السطح بشكل يهدد ببطلان لجنة الخمسين.
 
أكثر من مشكلة أهمها من وجهة نظرنا ما يتعلق بمواد الهوية فى الدستور وإصرار حزب النور على تمرير المادة 219 وتخبط لجنة الدستور ما بين حذفها أو الإبقاء عليها أو دمجها مع المادة الثانية.
على الرغم من أننا توقعنا فى بداية عمل لجنة الخمسين توافق الأعضاء والاعتدال فى مناقشة مواد الهوية لوجود بعض الشخصيات المثقفة الليبرالية التى تنتمى لفكرة فصل الدين عن الدولة بلا مداهنة أو أيدٍ مرتعشة، فإنه يبدو أن اللجنة تتعرض لضغوط من قبل السلفيين وتخشى ما روجه البعض من فكرة الحشد السلبى للتصويت بـ «لا» على الاستفتاء.
 
مما جعل الأنبا بولا ممثل الكنيسة الأرثوذكسية بلجنة الخمسين لتعديل الدستور يهدد بالانسحاب من اللجنة إذا تم وضع نص تفسير كلمة مبادئ الشريعة الإسلامية فى ديباجة الدستور. واصفا الباب الأول من الدستور بأنه باب سلفى.
 
وقال بولا فى تصريحات صحفية: إنهم لم يكونوا جزءا من الاتفاق الذى تم بين ممثلى الأزهر وممثلى حزب النور حول مواد الهوية، كما أنهم لن يوافقوا على وضع تفسير لكلمة مبادئ الشريعة فى ديباجة الدستور، وأضاف: إنه قد فرض عليهم هذا التوافق دون مناقشتهم.
 
كما أكد عمرو موسى رئيس اللجنة فى مؤتمر صحفى أنه جارى النقاش للوصول إلى توافق حول تفسير كلمة مبادئ الشريعة الإسلامية استنادا إلى التعريف الذى أقرته المحكمة الدستورية وليس المادة 219 المحذوفة من مسودة الخبراء «العشرة».
 
وقد حذر الدكتور محمد نور فرحات - الفقيه الدستورى - من المفاوضات بين أعضاء لجنة الخمسين لتعديل الدستور، حول بقاء المادة 219 فى الدستور من خلال دمجها مع المادة الثانية، أو الإيجاز لها بالديباجة أو تركها كما هى، لافتاً إلى أن بقاء هذه المادة بأى شكل يجعلنا بصدد إصدار دستور مشوه.
 
وأضاف فرحات: إن المادة 219 ترسخ فكرة الدولة الدينية والتى تستلزم اللجوء إلى رجال الدين للاحتكام فى مدى تطابق مواد القانون بنصوص الشريعة.
 
 ∎ مواد الجيش
 
مشكلة أخرى لا تقل أهمية عن مواد الهوية وهى المواد الخاصة بالجيش واستمرار الخلاف حولها فيما يخص المحاكمات العسكرية وتعيين وزير الدفاع.
 
حيث رأى البعض أن أمر المحاكمات العسكرية مرفوض رفضا مطلقا، بينما اقترح فريق آخر المرونة فى المادة الخاصة بتعيين وزير الدفاع ولتكن خلال سنوات انتقالية يتم بعدها تغيير المواد.
 
مشكلة أخرى قد تكون مفتعلة وقد تهدد بالفعل ببطلان اللجنة وهى مدة الستين يوما المنصوص عليها فى الإعلان الدستورى، حيث قد أقرت اللجنة فى أول اجتماع لها الاتفاق على أن تكون المدة 60 يوم عمل وليس ستين يوما متصلة، حيث جنبت اللجنة أيام الإجازات والعطلات الرسمية من جدول أعمالها الأمر الذى يهدد الآن ببطلانها، بعد أن انتهت مدة الستين يوما المنصوص وطالب أساتذة القانون بإصدار إعلان دستورى ينقذ الموقف.
 
عصام الإسلامبولى، الفقيه الدستورى، أكد أن «تفسير البعض للستين يوماً، الذى ذكره الإعلان الدستورى حول توقيت عمل اللجنة، بأنه يتضمن أيام العمل فقط، يعد تحايلا على القانون»، مؤكداً أن التوقيت الذى ذكره الإعلان الدستورى إلزامى وليس تنظيميا ويضم الإجازات بأيام عمل اللجنة.
 
وهو ما أكده أيضا الدكتور شوقى السيد، الفقيه القانونى والدستورى، مشيرا إلى أن مد لجنة الخمسين للمدة التى أقرها الإعلان الدستورى لإنهاء عملها، غير قانونى وليس من اختصاصها ويعرضها للطعن والبطلان، فكلما زاد الوقت، زاد التخبط والصراعات والخلافات والتصريحات المتناقضة، مما يؤثر فى قوة اللجنة أمام من سيستفتون على الدستور.
 
محمد سلماوى، المتحدث باسم لجنة الخمسين لتعديل الدستور أكد أن ما يثار حول بطلان عمل اللجنة لعدم التزامها بالتوقيت الذى أقره الإعلان الدستورى غير صحيح، ويعد أزمة مفتعلة، مشيراً إلى أن الستين يوماً، بحسب اللائحة، تمثل أيام عمل اللجنة عدا الإجازات، وإن آخرها سيكون فى الثالث من ديسمبر، وهو أقصى توقيت يمكن أن تنهى اللجنة عملها خلاله.
 
وأكد «سلماوى»، أن مجلس الدولة أقر ما ذكرته اللائحة، وتم نشره فى الجريدة الرسمية فى شهر سبتمبر الماضى، مشدداً على ضرورة النظر إلى الدستور نفسه، وما يتم إنجازه بعيداً عن الخلافات والصراعات التى تصدر للرأى العام.
 
∎ منافسة حامية
 
يبدو أن المنافسة بين عمرو موسى ونقيب المحامين سامح عاشور لم تنته بعد انتهاء الجلسة الأولى من الإجراءات، والتى حسمت الموقف لصالح عمرو موسى وفوزه برئاسة اللجنة بفارق كبير فى الأصوات.
 
فالمنافسة لا تزال حامية الوطيس بينهما فى أغلب الأحيان وهى غير معلنة.
 
عمرو موسى شخصية متفق عليها من الجميع، لكن يبدو أن رئاسته للجنة قد شابها بعض الأخطاء وأثار حوله الكثير من الانتقادات، فقد تكهن العديد من الشخصيات العامة من خلال بعض تصريحاتهم ومقالاتهم الصحفية أن عمرو موسى يريد أن يُبقى على مجلس الشورى لنيته فى رئاسته.
 
وعلى الرغم من إلغاء مجلس الشيوخ فى الدستور الجديد فإن جهود عمرو موسى فى الاحتفاظ به كانت مضنية، حيث حرص على الاجتماع بالأعضاء المعترضين على وجود الشورى قبل جلسة التصويت النهائية، لكنهم فشلوا فى الوصول لتوافق الأمر الذى جعل من إلغائه ضرورة حتمية، خاصة أنه كان مطلبا من قبل الكثير من شباب الثورة والأحزاب العاملة فى مصر.
 
فى المقابل غرد سامح عاشور على حسابه على «تويتر» قائلا: إن نضاله لإلغاء مجلس الشورى كان أساسه ظهيرا شعبيا متمثلا فى جميع جلسات الحوار التى أجرتها اللجنة. وغير ذلك يعتبر تحديا للإرادة الشعبية، وسير عكس الاتجاه.
 
الخلافات بين عمرو موسى وسامح عاشور تجلت فى إحدى الجلسات والتى استمر فيها عاشور بطلب الكلمة مع استمرار تجاهل عمرو موسى له مما دفع عاشور لأن يقول لموسى (إنت ازى تعمل معايا كده وتتجاهلنى مش سامح عاشور اللى يحصل معاه كده).
 
وقد كشف بعض أعضاء الخمسين عن وجود حالة من التخبط والارتباك داخل لجنة الخمسين لتعديل الدستور، بسبب قرار اللجنة بإلغاء مجلس الشورى، والذى تم التصويت عليه وفقًا لتعديل فى اللائحة الداخلية للجنة، وتم فى نفس الجلسة، وبموجبه يكون للجنة الحق فى التصويت على الموضوعات التى تتعلق بهيكل الدستور «لنظام السياسى للدولة» بأغلبية أعضائها، إلا أن التعديل تم سحبه يوم السبت بناءً على اقتراح من مقرر لجنة المقومات، الذى وصف مثل هذا التعديل بأنه انحراف تشريعى.
 
ومن الواضح أن هناك تشكيكًا فى صحة التصويت على إلغاء الشورى، وأن هناك احتمال إعادة التصويت على الشورى مرة أخرى.
 
ربما كل هذه المشاكل قد تفتح الباب لإعادة الجدل من جديد حول دستور 71، حيث أصبح الدستور الذى لم ير النور مهددا بالبطلان كونه تجاوز مدة عمل اللجنة من ناحية ومن ناحية أخرى كونه تعديلا لدستور 2012 والذى أسقطته ثورة 30 يونيو.
 
دستور 71 هو الأكثر توافقا، ففى استفتاء مارس 2011 حاز على أغلبية ثلثى الشعب، بينما دستور 2012 لم يحصل على قبول شعبى من الأساس.