نرجع واحد.. ليه لأ

أماني زيان وريشة نسرين بهاء
ممكن نرجع واحد ؟ ليه لأ.. ربما تكون الكلمات السابقة سؤالا يدور فى ذهن كل مصرى.. وربما تكون أمنية يتمناها الكثيرون منا.. أن نذوب فى كيان واحد فنعيد تشكيل ما بداخلنا من مشاعر سلبية أو حتى إيجابية ونُجبر على التواؤم.. نعم نُجبر.. فهل من بديل؟!! هل يمكن ان يصل العناد بأى مصرى يحب هذا الوطن أن يرفض الخضوع للسلام حتى ولو على حساب فكر تربى ونشأ عليه وتجرعه سنوات طويلة..
أعلم علم اليقين أننا جميعا كمصريين نتمتع بقلوب طيبة وذاكرة لا تتحمل أن تحمل بداخلها السوء لفترة طويلةح كما أعلم أننا كارهون للعنف رافضون له جميعا حتى القاتل منا لتجد بعينه دموع الندم بعد فعلته الشنيعة.. لكنا رأينا مؤخرًا أشخاصًا وأفرادًا من الجماعات والتيارات التى تدعى أنها إسلامية.. وعلى رأسها الإخوان يحملون السلاح فى وجه العُزل وفى وجوه جيش مصر مبررين ذلك بدفاعهم عن الشرعية والإسلام.. قُتل من قُتل وأُصيب من أصيب من الطرفين ونعرف أن عقارب الساعة لن تعود للخلف وأن الإخوان ونظامهم ذهب بلا رجعة وسقطت الأقنعة عن كل تجار الدين ومدعى الطهر ورفع راية الاسلام بلا منازع.. لكنهم مصريون حتى لو كان ما فعلوه ومازالوا يفعلونه يشير إلى غير ذلك إلا أنهم منا.. منتمون لهذا الشعب وهذا البلد الذى لم يخذل يوما غريبا أو مستنجدا.. فما بال هؤلاء.. معادلة صعبة.. تحتاج لتفسير ودليل لنستطيع أن نسير فى طريق يجمع الشمل.. طريق يساعد من ضل أن يراجع خطواته السابقة ويغير مسار خطواته القادمة.. يساعدنا نحن لتقبل من هددنا بالقتل وروع امننا وأبكى عيوننا.. هل ممكن؟ وكيف؟ تجيبنا على هذا الدكتورة منال عمر استشارى الطب النفسى والدكتور سعيد صادق استشارى علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية.
تبدأ الدكتورة منال بالرد على السؤال الأول بقولها: ليس ممكنا ولكنه إلزام.. يجب أن يحدث هذا وهو أن يندمج هذا التيار سواء الإخوان أو غيرهم ولكن الإخوان خصوصا.. لأننا لسنا مستعدين أنهم يصبحون من المنبوذين ثم المضطهدين ثم ينمو أبناؤهم ويغذون أنفسهم بأن أى شىء سيئ يحدث له يكون تبريره أنه مضطهد!! ولأن هذا الدور لعبوه سنين طويلة فهو دور متأصل بهم جدا وكأنهم استعذبوه وتعودوا عليه.. لذا واجبنا الآن أن نكسر هذا الدور الذى تقمصوه عشرات السنوات غصبا عنهم حتى لو قاوموا.. وإلا فستنمو أجيال تمثل نفس الدور جيلا بعد جيل، خاصة أن الضغينة لم تعد تورث ضد السلطة كما كانت فى الماضى بل أصبحت تورث ضد الشعب.. وضد الجيش.. هنا أصبحت القصة أخطر.. فثأره أوهموه أنه أصبح مع جيش بلاده!!
لذا يجب استمالتهم واذابتهم داخل النسيج المصرى الوطنى مرة أخرى خاصة أن سيدات الإخوان اللاتى نراهن اليوم متعصبات ومتطرفات فى تعاملهن مع الأمر سيكون سهلا استمالتهمن للنقيض لأن المرأة المتطرفة عموما تكون دائما سهلة فى استمالتها للجانب الآخر وبتطرف أيضا.. فلو تغيرت الدنيا من حولها ستتغير هى وأفكارها وربما أسرع من الرجال..
يجب ان يعلموا أنهم مقبولون فى المجتمع وأنهم ليسوا مكروهين.. ويجب أن نراعى حساسيتهم فمثلا إذا كان هناك طابور على بقالة وقرر صاحبها فجأة إغلاقها وعدم البيع ورأى أو شعر أن أحدًا إخوانيا فيه فيجب أن يبيع له ويضغط على نفسه لأن «الإخوانى» سيعتقد أنه مقصود بهذا التصرف برغم وقوف عشرات غيره.. وسيعتقد أنه تصرف اضطهادى هو المقصود به.. وهذا واجب علينا جميعًا فى الفترة القادمة..
يجب أن نطمئنه وهذه بالمناسبة المعاملة المُثلى للأقليات.. أن تشعره بالأمان..وتحول قلقه لطمأنينة.. إذا كنت تعامل الناس بالرأفة قيراط عامل الاخوانى بالرأفة قيراطين..
وبالنسبة لما يسمى بالـ«cult » أى النظام الدينى او العقائدى من ينشق عنه وينضبط يكون هذا نتيجة أنه سمع آراء أخرى بتفسيرات دينية مختلفة.. ولذلك من هم فى رابعة لا يصلهم غير صوت منصتهم، لذا هم مريدون لهذه المنصة منفذون لأوامرها حتى ولو كانت تعرضهم للقتل.. لذا يجب علينا أن نجعلهم يسمعون أحاديث أخرى عقلانية تخاطب الضمير والعقل والقلب.. ولابد لكى يتحرر الشخص من فكرة انتمائه لأى جماعة يجب أن يكون له ملجأ آخر يدخل إليه وينضم له ليشعر بالأمان.. يجب أن يتأكد أن هناك من سيمد له يد العون وانه مرحب به وليس منبوذا.. وأيضا يجب أن يتأكد انك ستحميه من الجماعة الأصلية لأنه يعلم أنها لن تتركه بسهولة وستعاقبه.. لذا يجب توفير الأمان والحماية والترحيب بهم ضمن المجموعة.. خاصة ان قياداتهم أوهمتهم أنهم محتكرون الإسلام والعلم وأن من يريد أو يطلب المعرفة فلا مكان لها الا عندهم وبالتالى فلم يتعود على المناقشة.. فيراهم كيانا كبيرا يخطط لشىء مهم سيفيده لذا يظل ملتصقا بهم ليشعر بأنه مهم.. لذا يجب تعويضه عما سيفقده..
أما دكتور سعيد صادق (استشارى الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية) فيقول.. أزمة الاخوان تتلخص فى مكتب الإرشاد الذى أضاع «مرسى» بعد حكمه مصر بواجهة مرسى.. لذا يجب الغاء هذا المكتب وترك الفرصة للشباب وأفكار جديدة تحترم الاقليات الدينية.. تحترم المرأة وتعطيها وضعها.. تنظر للديمقراطية على أنها غاية وليست وسيلة لتمكينهم تنفيذ مخططاتهم.. يتم التركيز فى عقولهم على الدين والتنمية.. بمعنى «أن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه» و«النظافة من الإيمان» وليس فقط استخدام الدين فيما هو سلبى كمهاجمة المرأة والأقباط والشيعة وغيره يجب أن يتوقفوا عن خطاب الكراهية وبث العنف.. يعرفون معنى قبول الآخر..وهذا ليس للإخوان فقط بل كل التنظيمات الدينية كالسلفيين وغيرهم، فإذا لم تغير أفكارها فليس لها مكان بين المصريين فى القرن الواحد والعشرين.. فيعودون للقرون الوسطى لأنه لن يصبح عندهم القدرة على التعايش.. ونحن نساعدهم عن طريق الإعلام والتعليم.. فهى عملية تعليمية ولن تكون فى يوم وليلة فهذه فئة تربت على رفض الآخر والعنف والتحريض على القتل والتفرقة.. لذا سيأخذ إدماجهم بعض الوقت.. أيضا يجب فرض قوانين صارمة وتطبيقها لردع الرافضين للتعايش.. يجب أن نعلم أيضا أن الصراع الدينى فى مصر هو صراع طبقى يستتر بالدين.. لذا انظرى لطبقاتهم وأصولهم ستجدينهم من طبقات معينة يحاول أن يدارى نقصه بمعرفته للدين ويؤكد أنه أعلم منك فيه.. لذا العلم والتنوير هو الحل..